القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته Empty
مُساهمةموضوع: العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته   العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته Emptyالجمعة مارس 02, 2018 8:07 am

۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞

العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته 1500012372_4415
العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته 1500012377_5438
العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته 1500012392_9747
العقيدة من مفهوم القران والسنة - الدرس ( 19) : العين والحسد ومعالجته
مدخل الدرس :
أيها الأخوة الكرام, مع درس من دروس العقيدة الإسلامية، الموضوع اليوم موضوع العين، لا بد من مقدمة ذلك: أن الإنسان في عصر العلم, جمح به عقله إلى إنكار بعض الحقائق التي وردت في القرآن الكريم إنكاراً لفظياً, وهذا قليل جداً, ولكن الإنكار الواسع هو الإنكار العملي، قضية عين قضية حسد, هذه المعاني التي ورد فيها نص قرآني, وورد فيها أحاديث صحيحة, قلما يعبأ الإنسان بها.
أيها الأخوة, يجب أن نعلم علم اليقين: أن الذي ورد في القرآن الكريم حق بكل ما في هذه الكلمة من معنى، لأن الذي أنزل هذا القرآن؛ هو رب الأكوان, هو خالق الإنسان, هو الخبير, هو العليم, فلمجرد ألا تكترس بقضية, نبه إليها القرآن الكريم, لمجرد أن لا تهتم لقضية حذر منها القرآن الكريم, فهذا ضعف شديد في عقيدة الإنسان.
حقيقة غفل عنها كثير من الناس :
بربكم, لو سألتم ألف إنسان من عامة المسلمين عن قضية العين, لا أحد يعبأ بهذا المعنى، لا أحد يأخذ الحيطة من عين الحاسد.
الآن: في هذا الموضوع المتعلق في العين فقط, لا بد من أن نأتي بالآيات والأحاديث الصحيحة, التي تبين حقيقة غفل عنها الناس كثيراً، مصائب كثيرة تقع أحياناً بسبب العين، لا أقول لكم: إن الذي أصابته العين إنسان مستقيم منيب، لا في خطأ منه، في خطأ أنه أظهر ما عنده, ليعلو في نظر الناس, هذا ذنب كبير، أنت حينما تريد أن تستعلي على الناس, وأن تخطف الأبصار إليك, وإلى بيتك, وإلى مركبتك, وإلى أولادك, وإلى قوامك, وإلى أناقتك, هذا منطلق غير شرعي، المنطلق الشرعي أن تشكر الله، المنطلق الشرعي أن تتواضع لله، المنطلق الشرعي ألا تتوجه إلى إغاظة من حولك، فحينما يتجه الإنسان إلى إظهار ما عنده, إلى الافتخار, إلى الكبر, ويأتي إنسان محروم, وله عين هذه العين, تضع الجمل في القدر, والرجل في القبر.
قضية تثير الانتباه :
أيها الأخوة, نحن في أمور الدين, لا يجرؤ إنسان كائناً من كان أن يدلي بآرائه الشخصية، في أمور الدين توقيفي من عند الخالق، في الدين في نصوص قطعية قرآن وسنة, فالإنسان حينما ينتبه إلى هذا الموضوع الدقيق؛ موضوع العين, آلاف المصائب أو تسعون بالمئة من المصائب, سببها عين حاسد, وسببها الآخر إنسان غافل، عين حاسد والمحسود غافل، غافل عن الله, فافتخر بما عنده, وحاسد محروم, نظر إلى هذه النعمة, فكأن شعاعاً مؤذياً خرج من عينه إلى المحسود.
من ضعف الإيمان :
موضوع العين موضوع دقيق, لمجرد أن يرد في القرآن الكريم, لمجرد أن يرد في السنة النبوية الشريفة, فهو موضوع حق, ولا بد من أن نأخذ منه موقفاً، أما أن تدعي أنك ذو تفكير علمي, وأن هذه الأشياء التي وردت في القرآن والسنة, دون أن تشعر بعقلك الباطن, لا تعبأ بها, خرافات, خزعبلات، حينما تنظر إلى قضية عالجها القرآن الكريم, ونبه إليها, ولم تأخذ منها الحيطة والحذر, فهناك ضعف شديد في إيمانك.
إليكم هذه الآيات الثلاثة التي تؤكد أن العين لها فعل خطير :
1-الآية الأولى: (وقال يا بني ...... وعليه فليتوكل المتوكلون) :
أيها الأخوة الكرام, إلى الآيات, ثم إلى الأحاديث، الله عز وجل يقول:
﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾
[سورة يوسف الآية: 67]
يعني إنسان حرمه الله الأولاد, أنت عندك أولاد, في وسامة, وفي أناقة, وفي جمال, وفي تفوق مدرسي, تأخذهم إلى هذا الإنسان, وتبين لهذا الإنسان هذا الأولي كان، وهذا الثاني, وهذا نال الدرجة الأولى, وهذا أخذ جائزة, ما هذا الكلام؟ هذا تحجيم له, هو يتألم لما أعطاه, ولم يعطن هنا الخطأ, المنطلق حينما تنطلق إلى أن تتباهى بما عندك, اجعل هذه الآية منهجاً لك, قال تعالى:
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾
[سورة القصص الآية: 81]
الإنسان قد ينعم الله عليه, يزداد بهذه النعمة تواضعاً, يزداد بهذه النعمة محبة لله, يزداد بهذه النعمة خدمةً للآخرين, والإنسان إذا تواضع مع النعمة, كان في أعلى درجات الكمال.
دعوة لقاء :
أيها الأخوة الكرام, أحياناً ألتقي بأناس أغنياء, والله قد يشتهي كل إنسان أن يكون غنياً مثلهم, من تواضعهم, ومن أدبهم مع الفقراء, ومن نفسهم الطيبة, يلبون أية دعوة, يتواضعون, لا يكسرون قلوب الآخرين، فلذلك هذه الآية الأولى:
﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾
[سورة يوسف الآية: 67]
من المؤلم :
تعلمون قبل سنوات عدة, أن ثمانية وثلاثين ضابطاً كبيراً, درسوا في دولة بعيدة أعلى الاختصاصات العسكرية, وعادوا إلى بلدهم في طائرة واحدة, هذه الطائرة أسقطت، هذا توجيه قرآني؛ ثمانية وثلاثون ضابطاً كبيراً باختصاصات عالية, كلفوا أمتهم ملايين الدولارات, يعودون في رحلة واحدة, صيد ثمين, والأرجح أن هذه الطائرة أسقطت من الأرض، والآن في تقنية عالية جداً, أنه يمكن أن توجه الطائرة بخلاف توجيه ربانها من الأرض.
إنسان محاولة إظهار ما عنده, أو الحديث عن دخله الكبير أمام أناس مؤمنين, أصحاب دخل محدود, أو الحديث عن بيته ....
عملية موازنة :
مرة دخلت إلى بيت, جلست في غرفة الضيوف, فقال لي صاحب البيت: هذا البيت مساحته أربعمئة متر مربع، في أرقى أحياء دمشق, وقال لي: هذا البلاط أتيت به من إيطاليا بالشحن الجوي، وقال لي: هذا الأثاث مستورد, وهذه اللوحة كذا مئة ألف ثمنها, وهذه الثريا أتيت بها من إيطاليا، غريب أنا ما سألته ولا سؤال، لا يزال يحدثني عن هذا البيت, وعن مساحة البيت, وعن نوع البلاط, وعن الأثاث, وعن اللوحات الثمينة, إلى أن ضقت به ذرعاً, فقلت له: ما قولك ببيت في حي فقير جداً من أحياء دمشق, واحد ساكن في حي فقير, وسئل: أين تسكن؟ قال: في Black Stone city –منطقة فقيرة تدعى بالحجر الأسود-, فإنسان يسكن في حي فقير, بيت شمالي, المياه المالحة مكشوفة, البيت من دون كسوة, من دون طلاء, قلت له: وازن بين هذا البيت الذي تحدثني عنه, وبين ذلك البيت، قال لي: مسافة كبيرة جداً.
ما موضع الشاهد في هذا الحوار؟ :
أيام تجد في بعض البلاد قصر, مكلف مئة مليون إلى جانبه خيمة بدو، في حالات رأيتها بعيني خيمة إلى جانب قصر، خيمة لا يوجد فيها شيء، قلت له: الفرق بين دكتور في الجامعة وبين أستاذ معلم ابتدائي, يعني لا يكاد راتبه يكفيه أيام عدة, وبقرية, وعليه أن يمشي مسافة طويلة مشياً على قدميه, كم هي المسافة بين أستاذ في الجامعة, دخله كبير, وله مكتب فخم, وعنده ساعتان, ثلاثة, وهو أستاذ ذو كرسي, وبين معلم ابتدائي؟ قال لي: مسافة كبيرة جداً، قلت له: رئيس غرفة التجارة, وبائع متجول في أسواق دمشق, كلما رأى شرطياً ولى هارباً، هذا كهذا, ممرض ينظف المرضى من أوساخهم, وجراح قلب كبير, كل عملية بخمسمئة ألف ، أتيت له بأسئلة، مجند في خط أمامي في الشتاء بحفرة ممتلئة بالماء, عليه أن يقف فيها ليرقب العدو, وقائد الجيش في غرف فخمة جداً, وفي تدفئة, وفي ..، وازنت بين رئيس الأركان وبين مجند, وبين طبيب قلب وبين ممرض, وبين أستاذ جامعي وبين معلم, وبين رئيس غرفة تجارة وبين بائع متجول, وبيت في أرقى أحياء دمشق بثمانين مليون، في بالقاهرة ثمنه ألف مليون ليرة سوري, عشرين مليون دولار، وازنت بين هذه البيوت وبين تلك البيوت, ثم قلت له: تهيأ لهذه الآية:
﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾
[سورة الإسراء الآية: 21]
أكبر درجات وأكبر تفضيلا، مراتب الدنيا لا تعني شيئاً, وقد تعني العكس, قال تعالى:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾
[سورة الأنعام الآية: 44]
لكن مراتب الآخرة أبدية لا تزول, وتعني كل شيء.
هذه هي البطولة :
البطولة: أن تبحث عن مرتبة في الدنيا تنتهي عند الموت, وقد يكون الموت قريباً, أم تبحث عن مرتبة عند الله, في مقعد صدق عند مليك مقتدر؟ كم هي المسافة بين من يسعى لمقعد صدق عند مليك مقتدر, وبين من يسعى لمرتبة في الدنيا لا تعني شيئاً, وقد تكون سبب شقاء الإنسان وهلاكه؟.
الله عز وجل أعطى الدنيا لمن لا يحب ولمن يحب, أعطاها لقارون وهو لا يحبه, وأعطاها لعبد الرحمن بن عوف وهو يحبه، إذاً ليست مقياساً, أعطى الملك لفرعون, وهو لا يحبه, وأعطاه لسليمان الحكيم وهو يحبه, إذاً ليست مقياساً.
قال عليه الصلاة والسلام:
((ابتغوا الرفعة عند الله))
خطأ شرعي :
قضية أن تظهر ما عندك لإنسان محروم أو لغير محروم, هذا المنطلق في خطأ شرعي, الإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة الصحة, ورأى مبتلى, لا ينبغي أن يقول له: والله أنا الحمد لله, عملت تخطيط وفحوص وكله درجة أولى، هذا كلام فيه سوء أدب مع إنسان مريض، إن رأيت مبتلى, فيجب أن لا تشعره بهذا المصاب, وأن تشكر الله فيما بينك وبينه, على أنه عافاك من هذا البلاء.
ورد في بعض الأحاديث:
((أن الذنب شؤم على غير صاحبه, إن عيره ابتلي به, وإن رضيه شاركه بالإثم, وإن ذكره فقد اغتابه))
هذا الذي لم يفعل ذنباً, فكيف الذي فعل الذنب؟ هذه الآية الأولى.
2-الآية الثانية: (ولما دخلوا ....... قضاها) :
الآية الثانية:
﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾
[سورة يوسف الآية: 68]
الحاجة هي الحكمة, وهي معرفة طبيعة النفوس:
﴿إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾
[سورة يوسف الآية: 68]
يعني خاف عليهم أن تصيبهم العين.
من الطرائف :
يعني من الطرائف: أن في بلاد حولنا ذاقت الحروب الأهلية, وقد عافنا الله منها, ذاقت الحروب الأهلية ردحاً من الزمن, وأحرقت الأخضر واليابس, فبالتحليل لهذه الحروب: أنه صراع عربي, أو صراع دولي, أو صراع طائفي, وفي تحليل نسائي قالوا: أن حكمتها عين هذه البلاد, وفي تحليل قرآني:
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
[سورة النحل الآية: 112]
3-الآية الثالثة: (وإن يكاد الذين كفروا ........... للعالمين) :
الآية الثالثة, قال تعالى:
﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ﴾
[سورة القلم الآية: 51]
ينظرون إليك, وقد منحك الله صحةً, وكمالاً, وجمالاً, وفصاحةً, وانطلاقاً:
﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾
[سورة القلم الآية: 51-52]
آيات ثلاث تؤكد العين، أن العين أحياناً تفعل فعلاً خطيراً, لكن بالمناسبة ليس معنى هذا أن العين تفعل وحدها من دون إذن إله عظيم، ليس معنى هذا أن العين يمكن أن تحدث شيئاً من دون إذن الله عز وجل، لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه شيء لا يريده، فالأمر بيد الله, لكن أحياناً الله يقدر لهذه العين أن تؤذي, لأن الذي آذته العين, كان غافلاً عن الله عز وجل، وفي حركته كان مخطئاً، غفلة مع خطأ سببت عين تصيبه وتهلكه.
إليكم الأدلة من السنة التي تؤكد على أثر العين في المحسود :
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ, فَقَالَ:
((اسْتَرْقُوا لَهَا, فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ))
[أخرجه الحاكم في مستدركه]
يعني أصابتها العين، استرقوا لها؛ أي اقرؤوا لها القرآن فإن بها النظرة، هذا حديث في البخاري, يشير إلى أن العين لها أثر في إيقاع الأذى بالذي أصابته العين.
حديث آخر: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ, سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ))
[أخرجه مسلم في الصحيح، والترمذي في سننه]
يعني هناك من ينظر بعينه وهو محروم إلى ذي نعمة غافل عن الله عز وجل, هذه العين يخرج منها شعاع يؤذي الإنسان .
وفي حديث ثالث: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
((دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَسَمِعَ صَوْتَ صَبِيٍّ يَبْكِي, فَقَالَ: مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي, فَهَلَّا اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ!؟))
ثلاثة أحاديث تؤكد أثر العين في المحسود .
وفي حديث رابع: عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنْ الْعَيْنِ ُ.
أن تقرأ القرآن.
وأخرج البخاري وأحمد: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((الْعَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنْ الْوَشْمِ))
[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح]
من السذاجة :
الآن: الناس بسذاجة مضحكة, يضع حدوة فرس على مركبته, أو حذاء صغير, أو خرزة، هذه الأشياء لا تقدم ولا تؤخر, وما أنزل الله بها من سلطان, الذي يقدم ويؤخر أن تكون متصلاً بالله, أن تكون مقبلاً عليه, أن تكون منيباً إليه, أن تكون مستقيماً على أمره.
هذا شعر:
وإذا المنية أنشبت أظفارها  ألفيت كل تميمة لا تنفع
التميمة حلقة توضع في رجل الطفل, يعني على رغبة ألا يموت وهو صغير.
قف عند هذه الأدلة من السنة أيضاً التي تؤكد على أثر العين في المحسود :
وفي حديث سادس: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ تعالى من العين, فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ))
[أخرجه الحاكم في مستدركه]
ويروى عن أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ قَالَتْ:
((يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ, تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ الْعَيْنُ, أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ, فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ, لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ))
[أخرجه الترمذي في سننه]
ويروي الإمام أحمد, عَنْ أَبِي ذَرٍّ, قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجُلِ بِإِذْنِ اللَّهِ, حَتَّى يَصْعَدَ حَالِقًا, ثُمَّ يَتَرَدَّى مِنْهُ))
[أخرجه البزار في مسنده, والإمام أحمد في مسنده]
أي جبلاً عالياً, ثم يتردى منه، تولع, تعلق، إن العين لتعلق الرجل بإذن الله, حتى يصعد حالقاً, أي جبلاً عالياً, ثم يتردى منه .
الحديث الثامن والتاسع: العين تدخل الرجل القبر, والجمل القدر .
قصة :
حدثني أخ, يعمل في الهندسة, يكسو بيت, ففي مركبة من أيام, خرجت من الوكالة -إن صح التعبير- جميلة جداً, يبدو أن أحد العمال, مس الضوء الخلفي, جرح فقط, فقال له: أقدم لك ثمن ضوء جديد, قال: لا، أريد مبلغاً كبيراً, يوجد عطل, والثمن بخس، وتعنت تعنتاً غير معقول، في اليوم التالي وجد مركبة سحقتها سحقاً, نصفها الخلفي حطم، أحياناً الإنسان يتباهى بشيء يتعنت من أجله, فيؤدبه الله عز وجل.
من الأدلة أيضاً التي تؤكد على أثر العين في المحسود :
الحديث العاشر: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجُلِ بِإِذْنِ اللَّهِ, حَتَّى يَصْعَدَ حَالِقًا, ثُمَّ يَتَرَدَّى مِنْهُ))
[أخرجه أحمد في مسنده]
والحديث الحادي عشر:
((أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين))
والحديث الثاني عشر: عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ, أَوْ حُمَةٍ, أَوْ دَمٍ لا يَرْقَأُ))
[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]
الحمى السم، السم والعين والدم الذي لا يرقأ.
والحديث الثالث عشر: حَدَّثَنِي حَيَّةُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ, أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ, أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((لَا شَيْءَ فِي الْهَامِ, وَالْعَيْنُ حَقٌّ, وَأَصْدَقُ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ))
[أخرجه البزار في مسنده]
من الموضوعات التي عالجها النبي :
بالمناسبة: في عندنا موضوع الطيرة، إنسان أيام يتشاءم أو يتفاءل, هذا الموضوع عالجه النبي عليه الصلاة والسلام.
فقال: سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الطيرة -يعني التشاؤم- فقال:
((أصدقها الفأل ولا يرد مسلماً))
يعني إنسان شعر بانقباض, والعمل مشروع وفيه خير, لا ينبغي أن يعتد بهذا الانقباض، يعني أسست جمعية خيرية لإطعام الفقراء أو لرعاية الأيتام, يا أخي متضايق, هذا الكلام ليس له معنى, قد تشعر بضيق أحياناً، هذه تصير بالمتزوجين, يوم يوافق على الزواج من واحدة, يدخل بوساوس، ترى في انقباض, هذا أحياناً من الشيطان، البنت جيدة ومناسبة, ولا يوجد فيها عيب, وأخلاقها عالية, ودينة, ومطواعة, يقول لك: متضايق، هذا الضيق ليس له معنى إطلاقاً، فالإنسان عليه ألا يأخذ بهذه المشاعر الغير منضبطة.
لهذا قال عليه الصلاة والسلام:
((وَأَصْدَقُ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ))
كان عليه الصلاة والسلام يحب الفأل.
واقعة :
حدثني أخ, مستوى المياه في استانبول, هبط إلى الثلاثين بالمئة في السدود, وفي مشكلة كبيرة جداً, وهناك تحذير من الجفاف, في ليلة واحدة في شهر آب الماضي، نزل من الأمطار ما يساوي معدل سنة بأكملها، الذي نزل في عام بأكمله نزل في ليلة واحدة, فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب الفأل، في شخص سوداوي إن شاء الله في أمل, يقول: لا ما في أمل أبداً، كلما تعطيه بصيص نور أمل, الله ينصرنا, انتهينا.
هذا إنسان سوداوي المزاج, واليأس والقنوط من الكفر، الله عز وجل عنده خير كبير, وبلحظة تتبدل الأحوال.
قف هنا :
من كان يظن أن هذه الكتلة الشرقية المرعبة التي تملك أسلحة نووية, بإمكانها أن تدمر القارات الخمس خمس مرات؟ كلام دقيق, عندها من الأسلحة النووية, ما يمكن أن تدمر بها القارات الخمس خمس مرات، من يصدق أن هذا العملاق الجبار, يتداعى من داخله من دون حرب؟ وكما أظهر الله لنا جبروته وقدرته في المشرق, قد يظهر الله لنا أيضاً إن شاء الله جبروته في المغرب، فلذلك كان عليه الصلاة والسلام يحب الفأل ما كان يحب التشاؤم، والتشاؤم يأس واليأس كفر، والقنوط يأس والقنوط كفر.
كان عليه الصلاة والسلام يقول:
((أصدقها الفأل ولا يرد مسلماً))
إذا الأمر واضح, هدف واضح, والوسائل واضحة, والحكم الشرعي واضح, وشعرت بانقباض, لا تعبأ بهذا الانقباض, هذا حال يحول.
ما المراد بهذا الحديث؟ :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:
((أَحْمَدُ الْقُرَشِيُّ قَالَ: ذُكِرَتْ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا, فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ, فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ, وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ, وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ))
[أخرجه أبو داود في سننه]
الإنسان قد ينقبض إذا أقدم على عمل جيد العمل؛ أقدم على سفر والسفر مشروع، أقدم على دراسة والدراسة مشروعة، أقدم على زواج والزواج مشروع، انتقل من بيت إلى بيت, في أيام يصيب الإنسان حالة اسمها التكلس العقلي, يعني لا يغير ما هو عليه, مهما كلف الأمر, بلا سبب، يعني الإنسان أيام ينقبض, ولا يشعر أنه ارتكب ذنباً, ليس مؤاخذاً على هذا الانقباض, ولكن ما دام الهدف واضح, والوسائل مشروعة, ينبغي ألا يصرفه انقباضه عن أن يفعل هذا الشيء .
محور الدرس :
الحقيقة: القصص التي تتحدث عن مصيبة نزلت بإنسان, بسبب مباهاته, وبسبب عين الحسود, قصص كثيرة جداً لا تعد ولا تحصى، ولكن هناك أناس يعني لا يعبؤون بهذه الموضوعات إطلاقاً, وهي حق, وهناك ثلاثة عشر حديثاً صحيحاً في البخاري, أو مسلم, أو في الصحاح, تؤكد العين, وهناك آيات ثلاثة.
أنا موقفي من هذا الدرس: أنني أتواضع لله عز وجل, ولا أفكر أبداً أن أظهر ما عندي, بغية أن أستعلي, وأن أزهو على الناس, هذا الموقف العملي من هذا الموضوع.
سؤال ورد :
جاءني سؤالان: ما معنى قوله تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث؟.
أيها الأخوة, مليون نعمة نحن جميعاً مشتركون بها, حدث الناس بنعم الله المشتركة؛ أن الله عز وجل أعطانا نعمة البصر, أعطانا ذاكرة، أعطانا مياه, في أمطار كثيرة تحدث عن هذه الأمطار, واشكر الله عليها, من قال لك: أن هذه الآية تعني أن تحدثنا عن نعمك أنت؟ في نعم لا تعد ولا تحصى بين كل الخلق.
قف عند هذا الكلام :
صدقوني أيها الأخوة الكرام: الإنسان إذا كان مهتدياً إلى الله, ومعافى في جسمه, وعنده قوت يومه, كأنما ملك الدنيا بحذافيرها، كلامي دقيق جداً.
((إذا أصبح أحدكم آمناً في سربه, معافىً في جسمه, عنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))
الباقي مظاهر فقط, دخلت على بيت بزماني, والبيت متواضع جداً, لا يوجد بلاط, يسمونها عدسي, والأثاث من أرخص أنواع الأثاث؛ بساط وطراحة, لا يوجد كنبات، أنا هكذا شعرت أن هذا البيت قطعة من الجنة, صاحب البيت مؤمن, وله زوجة يبدو أنه يحبها وتحبه, وفي أولاد أطهار, قد يكون بيت ثمنه مئة مليون قطعة من النار، لما الله عز وجل يسعد إنسان, المظاهر ليس لها قيمة.
من هو الملك؟ :
يقولون: أن ملك سأل وزيره: من الملك؟ قال له: أنت, قال له: لا, الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا, له بيت يؤويه, وزوجة ترضيه, ورزق يكفيه, إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا, وإن عرفناه جهدنا في إحراجه.
أنا أقول لكم الآن: إن لم تكن طرفاً في مؤامرة قذرة, هدفها إفقار المسلمين, أو إضلالهم, أو إفسادهم, أو إذلالهم, أو إبادتهم, فأنت ملك الآن, قد تكون حاجب بدائرة, إن كنت أعلى, أفضل, ولكن إذا أنت مستقيم، قد تكون ضارب آلة كاتبة، قد تكون أمين مستودع, ما عندك شيء ثان, لكن ما دام تعرف الله وتطيعه, فأنت الملك.
قال عليه الصلاة والسلام: ابتغوا الرفعة عند الله.
إذا أصبح أحدكم آمناً في سربه, معافىً في جسمه, عنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.
الآن: ترى عدداً كبيراً في العالم يخضع للقطب الواحد، يخضع ويرتكب الجرائم من أجل أن يرضي هذا القطب الواحد, ويضحي بالمسلمين, وبثروات المسلمين, وبكرامة المسلمين, إرضاءً لهذا القطب الواحد، فإذا الإنسان ما كان طرفاً في مؤامرة قذرة, هدفها إفقار المسلمين, أو إضلالهم, أو إفسادهم, أو إذلالهم, أو إبادتهم, فأنت والله ملك, لكن لا تعرف قدر هذا الملك إلا يوم القيامة.
===
مقدمة عن الحسد :
أيها الأخوة الكرام، مع درس من دروس العقيدة الإسلامية، الموضوع اليوم حول الحسد، ولكن لا بد من مقدمة في أصل الحسد.
أولاً: لا يعقل ولا يقبل أن يخلق الله الإنسان على صفات ذميمة، لأن الله عز وجل يقول:
﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾
[سورة الروم الآية: 30]
لا يعقل ولا يقبل من خالق عظيم, كماله مطلق، صنعته متقنة، خيريته مطلقة، أن يخلق إنساناً فيه خلل في نفسه.
إذا قلت مثلاً: والحسد من شيم النفوس، فأنت لا تعرف الله، لا يمكن أن تكون صنعة الله ذات خلل، مستحيل، ولكن الإنسان مخير، ولأنه مخير, فكلُّ خصائصه حيادية، ولأن تخييره يثمن عمله، فلا قيمة لعملك إطلاقاً الذي هو ثمن الجنة, إلا إذا كنت مختاراً، قيمة عملك: أنك تعمله وأنت مختار، لذلك: لأنك في الأصل خلقك الله عز وجل ذا اختيار، تختار الخير أو الشر، الحق أو الباطل، أن تستقيم أو أن تنحرف، أن تُصلح أو أن تفسد، لأنك في الأصل مخير، خصائص نفسك حيادية.
ما أصل الحسد؟ :
ما أصل الحسد؟ أن الله سبحانه وتعالى فطرك فطرة, أساسها: أنك تتمنى ما عند الآخرين، تتمنى لنفسك ما عند الآخرين، هذا التمني حيادي, يمكن أن يطبق في أمور الدنيا فيكون حسداً، أو أن يطبق في أمور الآخرة فيكون غبطة؛ إذا طبقته في شؤون الدنيا كان حسداً، وإذا طبقته في شؤون الآخرة كان غبطة، إذاً: تمني ما عند الآخرين خصيصة حيادية، لك أن تستخدمها سلّماً ترقى بها، ولك أن تستخدمها دركات تهوي بها.
قف هنا :
إذا قلت: الحسد, لمَ لا تقول: مليون إنسان تابوا إلى الله, لأنهم تمنوا أن يكونوا كأتراب لهم صالحين؟ كم من إنسان حفظ كتاب الله, لأنه لما رأى من يحفظ كتاب الله هو مكرم جداً؟ كم من امرأةٍ تحجبت, لأنها رأت امرأة محجبة محترمة جداً في المجتمع؟ إذاً: أن تتمنى ما عند الآخرين, حالة أو خصيصة حيادية توظف في الخير في شؤون الآخرة، وتوظف في الشر في شؤون الدنيا.
كيف أن المال حظ حيادي يوظف في الخير، ويوظف في الشر في وقت واحد؟ يمكن أن توظف المال لبلوغ أعلى درجات الآخرة، ويمكن أن توظف المال للوصول إلى أدنى دركات النار بالمال، حب المرأة يمكن أن يقودك إلى زواج طاهر تسعد به، ويسعد أولادك، ويمكن أن يقودك حب المرأة إلى الزنا، وإلى الفجور، وإلى أخفض دركات النار.
الحظوظ البشرية حيادية والخصائص البشرية حيادية توظف كلاً منهما في الخير والشر :
أخواننا الكرام، كل حظوظ النفس حيادية، وكل خصائص النفس حيادية، الحظوظ, المال, الذكاء، يمكن أن يوظف الذكاء لبلوغ أعلى مراتب الجنة، ويمكن أن يكون الذكاء دركات إلى أسفل دركات النار، هؤلاء الذين تفننوا في خلق أفكار تصرف الناس عن الدين وعن الآخرة، هؤلاء الذين فلسفوا الجريمة، وفلسفوا قتل الشعوب، هؤلاء الذين غطوا نهب الثروات، والسيطرة على العالم بكلام مقبول عند السذج، نحن نحارب الإرهاب، واللهِ شيء جميل، لكم أن تأخذوا كل ثروات العالم بهذه الطريقة، ولكم أن تذلوا كل الشعوب، ولكم أن تلغوا كل الثقافات، ولكم أن تحكموا السيطرة على ثروات الأرض تحت غطاء، هذا من إنتاج فكر.
أيها الأخوة, فالذكاء حظ, والمال حظ, والوسامة حظ، وأن تكون قوياً حظ، فالحظوظ حيادية؛ توظف في الخير أو الشر.
خصائص الجسد :
الخصائص حيادية؛ توظف في الخير أو الشر، خصيصة الإنسان: أنه مثلاً يتمنى ما عند الآخرين، هذه خصيصة. الدليل:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾
[سورة الشمس الآية: 7]
كيف سوى الله نفسك؟ كيف سوى جسدك؟ واضحة عندكم تماماً، إنسان له رأس، له عينان، له أذنان، له فم، له لسان، له يد، له أصابع، له سلاميات، يمشي على رجلين، يوجد مفاصل، يوجد جذع، يوجد أحشاء، يوجد جهاز هضم، هذه خصائص الجسم.
خصائص النفس :
ما خصائص النفس؟ قال تعالى:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾
[سورة الشمس الآية: 7-8]
من خصائصها: أنها تتمنى ما عند الآخرين، أي إنسان إن رأى مركبة فاخرة تمنى أن تكون له، وإن رأى قصراً منيفاً تمنى أن يكون له، وإن رأى تجارة رابحة تمنى أن تكون له، وإن رأى امرأة جميلة تمنى أن تكون زوجته مثلاً، إذاً: تمني ما عند الآخرين خصيصة، لكنها حيادية، وإن رأيت عالماً جليلاً تتمنى أن تكون مثله، وإن رأيت إنساناً مستقيماً تتمنى أن تكون مثله، وإن رأيت طالب علم مؤدباً تتمنى أن تكون مثله، وإن رأيت حافظ كتاب الله معززاً مكرماً محترماً تتمنى أن تكون مثله، وإن رأيت مؤمناً صادقاً تتمنى أن تكون مثله.
كيف يوظف المؤمن هذه الخصيصة؟ :
يوجد خصيصة ثابتة في الإنسان: أنك تتمنى أن يكون الذي تظنه خيراً لك، لذلك لما خرج قارون بزينته:
﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾
[سورة القصص الآية: 79]
هذه خصيصة في الإنسان، إلا أن المؤمن يوظف هذه الخصيصة لبلوغ درجات الآخرة، سماها النبي غبطة، وسماها مرة حسداً؛ بمعنى الغبطة.
فعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ, عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ, وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ))
تمنّي ما عند الآخرين إحدى خصائص النفس، لكنها درجات ترقى بها أو دركات تهوي بها، قد توظفها لبلوغ أعلى درجات الآخرة، وقد توظفها للوصول إلى أدنى دركات النار.
وهم خاطىء :
أيها الأخوة, أن تتوهم أن الله عز وجل خلق إنساناً حسوداً، يا أخي الحسد من شيم النفوس، هكذا الإنسان حسود، بالتعبير العامي: أسود رأس حسود، من قال لك ذلك؟ الإنسان صنعة الله، كل مولود يولد على الفطرة:
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾
[سورة النمل الآية: 88]
﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾
[سورة البقرة الآية: 138]
فأنت مخلوق كامل، لكن الأصح من ذلك: أنك تحب الكمال، تكون كاملاً إذا اتصلت برب الأرض والسموات، وتكون محباً للكمال، لأنك من صنعة الله عز وجل، لأن فطرة الله تعني أنك تحب الكمال، لكن اتصالك به يعني أنك كامل، تكمل إذا اتصلت به، وتحب الكمال قبل أن تتصل به، لكنه فرق كبير بين أن تحب الكمال وبين أن تكون كاملاً، بين أن تحب العدل وأن تكون عادلاً، بين أن تحب الكرم وأن تكون كريماً، هذه المقدمة لا بد منها.
قضية الحسد :
لا يذهبن أحدكم إلى أن يتوهم أن الحسد من شيم النفس، لا، من شيم النفس الحيادية التي قد توظف في الخير أو قد توظف في الشر: أن كل نفس بشرية تتمنى ما تظنه خيراً، تتمنى أن يكون عندها، تظنه خيراً عند الآخرين، فإذا كنت من أهل الدنيا, تتمنى أن تكون غنياً مثل أهل الدنيا، وإن كنت من أهل الآخرة, تتمنى أن تكون محسناً كأهل الآخرة، إذاً: قضية الحسد هي توظيف خاطئ لخصيصة حيادية أودعها الله في الإنسان.
قف هنا :
طبعاً كما قلنا سابقاً: حينما يكون الموضوع قد ورد في القرآن الكريم, معنى هذا أن الموضوع مهم جداً، ومركزي في حياة الناس، وقد يكون تسعون في المئة من مشكلات الناس أساسها الحسد، أنا أؤكد ذاتي بإظهار ما عندي للطرف الآخر, فيتضور حقداً، لأن يكون هذا الذي عندي عنده.
ما هي مستويات الحسد؟ :
أيها الأخوة، الحسد له ثلاثة مستويات, أدنى هذه المستويات: أن تتمنى أن يتحول الذي عند أخيك إليك، هو غني, تتمنى أن ينتقل الغنى إليك، هذا مستوى، هو محبوب, تتمنى أن تنتقل هذه الصفة إليك، المستوى الأسوأ من هذا: أن تتمنى أن تزول النعمة عن أخيك دون أن تصل إليك تشفياً، لك أخ متألق، يعمل في مجال أنت لست أهلاً له إطلاقاً، إلا أن بُعد الإنسان عن الله، وانقطاعه عنه, حمله على أن يحسده، ففي المستوى الأسوأ: تتمنى أن تزول النعمة عنه دون أن تصل إليك تشفياً، هل يوجد مستوى أسوأ من هذا؟ المستوى الأسوأ: أن تسعى جاهداً بكتابة أو وشاية أو تحريض أن تزول النعمة عنه.
أدنى مستويات الحسد: أن تتمنى أن تنتقل النعمة من أخيك إليك، أن تزول عنك، وأن تأتي إليك, هذا أو مستوى سيء جداً، إلا أنه انتفعت من الحسد، تمنيت أن يكون المال الذي عند أخيك عندك.
المستوى الثاني يدل على لؤم شديد، تتمنى أن تزول النعمة عنه دون أن تصل إليك، يكفي أن تزول عنه كي تشمت به.
المستوى الأسوأ: أن تكتب تقريراً، أن تحرض إنساناً، أن تسعى لإيقاع الأذى به، هذه مستويات الحسد، ولا يحسدُ مؤمن إطلاقاً.
هل يتناقض الحسد مع أهل الإيمان؟ :
أيها الأخوة, الحسد يتناقض مع أهل الإيمان، المؤمن لا يحسد، إن رأى نعمة على أخيه يتمنى أن تدوم له، لذلك يمكن أن تكون هذه النقطة فيصلاً بين المؤمن والمنافق؛ المنافق :
﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾
[سورة آل عمران الآية: 120]
يمكن أن تمتحن نفسك من دون مواربة، من دون مجاملة، إذا أصابت أخاك نعمة مالية ، أو علمية، أو تجارية، أو اجتماعية، تزوج امرأة صالحة، أنجب أولاداً صالحين، ارتقى إلى منصب رفيع، نال شهادة عليا، اشترى بيتاً جميلاً، يمكن أن تمتحن إيمانك من هذه النقطة، هل تفرح له؟ هل تسرّ؟ هل تقول: واللهِ فرحت له، وكأن هذا البيت لي؟ علامة إيمانك، وعلامة انتمائك لمجموع المؤمنين: أنك تفرح لنعمة أصابت أخاك، علامة النفاق: أنك تتألم إن أصابت أخاك نعمة.
ما محور هذه الآية؟ :
والآية واضحة جداً:
﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾
[سورة آل عمران الآية: 120]
فحينما ترتاح نفسك لملمّة ألّمت بأخيك المؤمن, فاعلم علم اليقين: أنك في خندق المنافقين، لمجرد أن ترتاح نفسك لملمة ألمت بمؤمن, فاحكم على نفسك يقيناً: أنك في خندق المنافقين، ما دام الحسد قد ورد في القرآن الكريم في أربع آيات, معنى ذلك: أن الحسد شيء مركزي في حياة الناس.
إليكم هذه الآيات التي وردت في موضوع الحسد :
إلى الآيات؛ الآية الأولى:
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[سورة البقرة الآية: 109]
حسداً، إعراب حسداً: مفعول لأجله، أي بسبب الحسد, تمنوا لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً.
الآية الثانية في سورة النساء:
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾
[سورة النساء الآية: 54]
بالمناسبة: أنت حينما تحسد, تعترض على الله عز وجل:
قل لمن بات لي حاسداً  أتدري على من أسأت الأدبَ؟
أسأت على الله في فعله  إذا لـم ترض لـي ما وهبَ
الآية الثالثة:
﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً﴾
[سورة الفتح الآية: 15]
الآية الرابعة:
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾
[سورة الفلق الآية: 1-5]
من الذي يتعرض لحسد الحاسدين, ولماذا المؤمن محصن من عين الحاسد؟ :
الآن ندخل في بعض التفاصيل: ذو النعمة الغافل عن الله عز وجل، أو ذو النعمة الذي يظهر ما عنده, ليستعلي بهذه النعمة على الناس، هذا معرّض لأذى الحاسد، ُيحسَد، أما ذو النعمة الشاكر لها، المتواضع، الذي لا يبغي علواً في الأرض ولا فساداً، فهذا محصّن من عين الحاسد.
مرة ثانية: ذو النعمة الذي غفل عن الله، واعتد بهذه النعمة، وأظهرها للناس من أجل أن يؤكد ذاته, هذا معرّض لحسد الحاسدين، ولو كتب: عين الحاسد تبلى بالعمى، لا تكفي هذه ، ولو وضع حدوة حصان، لو رسم عيناً في داخلها سهم، هذا لا يقدم ولا يؤخر، ما دام غافلاً عن الله، معتداً بهذه النعمة، يعلو بها على الآخرين، هو يعرّض نفسه لعين الحاسد، والحسد موجود، والحسد مؤذٍ.
أيها الأخوة, كيف أن العين تضع الجمل في القدر، والرجل في القبر، وكذلك المرأة، مثلاً حينما تفتخر بأولادها أمام امرأة عقيم، ابني الأول يحبونه في المدرسة كثيراً، هو جميل الصورة ومتفوق، كلما التقت بامرأة عقيم تبالغ بما عندها، قالت امرأة لضرتها العقيم: ولد في بطني، وولد على يدي، وولد يمشي, فموتي، الثلاثة ماتوا، أصابتهم عين الحاسد.
ينبغي أن تعلم :
أيها الأخوة الكرام، لا تستغربوا، سلوك الغافل اليومي إظهار ما عنده، يقول لك: كسرت عينه بهذه الوليمة، ثلاثة عشر نوعاً من الطعام وضعت، هذه وليمة؟ وليمة شيطانية، شر الطعام طعام الولائم، القصد الافتخار, إظهار ما في البيت من تحف، يأتي الضيف هو ساكت، البيت مساحته أربعمئة متر، ما شاء الله، الله يجزيك الخير، هنأك الله به، أنت ما هدفك من هذا الكلام؟ هدفك أن تستعلي عليه بهذا البيت، دون أن يشعر الإنسان، أنماط من السلوك كثيرة جداً هدفها الاستعلاء؛ فالذي يتمتع بنعمة، ويظهرها، ويعتد بها، ويعلو بها على الآخرين, هذا يعرّض نفسه لحسد الحاسدين، والذي يتمتع بنعمة يتواضع لله، يشكر الله عليها، يتأدب مع عباد الله، هذا محصّن ضد عين الحاسدين.
ما الذي يناقض الحسد؟ :
إلى السنة النبوية المطهرة: روى الإمام أحمد, عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ؛ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, أَوْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ))
يبدو أن أخطر مرض يدب بين الناس هو الحسد, لذلك التهنئة تتناقض مع الحسد، أخوك اشترى بيتاً, أهنئه، وأقدم له هدية، متعك الله به، وجعله مأوى لك أنت وأهلك، أخوك اقتنى مركبة، جعل الله هذه المركبة في خدمة الحق وأهله، فأنت حينما تهنئ، وتقدم هدية, تعبر عن إيمانك، وعن غبطتك، وعن محبتك لأخيك, هذا يناقض الحسد.
الحسد ينقل إلى البغي والعدوان :
وفي حديث آخر, أخرجه الحاكم بإسناد حسن, عن أبي هريرة -رضي الله عنه-, سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
((سيصيب أمتي داء الأمم؛ الأشر, والبطر, والتكاثر, والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد، حتى يكون البغي))
[أخرجه الحاكم في مستدركه]
البغي؛ أي العدوان، أحياناً الحسد ينقل إلى العدوان، أحياناً يكون الحسد حالا نفسيًّا داخليًّا فقط، متألم من نجاح صديقه، هو لم ينجح، لكن صديقه نجح، ليته لم ينجح، يتمنى ألا ينجح، هذا حال، لكن أحياناً لو فرضنا -ولا أقر ذلك إطلاقاً- أن صديقه نجح بطريقة غير مشروعة، يفشي سرّه كي توقع به أشد العقوبات، أحياناً الحسد ينقل إلى البغي والعدوان.
الحسد حق :
وفي حديث آخر, رواه الإمام أحمد, عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْعَيْنُ حَقٌّ، وَيَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ, وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ))
[أخرجه أحمد في مسنده]
الراوي:أبو هريرة المحدث:الألباني المصدر:ضعيف الجامع الجزء أو الصفحة:3902 حكم المحدث:ضعيف


عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة مارس 02, 2018 8:08 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته Empty
مُساهمةموضوع: رد: العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته   العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته Emptyالجمعة مارس 02, 2018 8:07 am

الحسد حق.

سؤال ورد :
يوجد بعض الأسئلة:
السؤال: يقول أحد الأخوة: إذا تمنى الشخص أن يكون له مثل ما عند الناس, من دون أن يتمنى زوالها عن زيد أو عبيد, فهل هذا حسد؟.
الجواب: لا، أنت –مثلاً- لست متزوجاً, لك صديق تزوج، واستقر، هنّأه الله، تقول: اللهم ارزقني زوجة صالحة مثله، لا يوجد فيها شيء أبداً، لك أخ اشترى بيتاً فرضاً، لك أخ تفوق في العلم, هنأه الله، وارزقنا اللهم ما رزقته، هذا موقف سليم, لا يوجد به مشكلة إطلاقاً، أن تتمنى ما عند أخيك المؤمن من غير دون أن يزول عنه, هذا هو الوجه الإيجابي، كتمني ما عند الآخرين، هذا وجه إيجابي، من خير الدنيا أو الآخرة، لكن له أخ أو صديق غارق في المعاصي إلى قمة رأسه، الله يهنئه، ويرزقك لي مثله، هذه ليست جيدة، أن تتمنى ما عند الآخرين من خير فقط، من خير الدنيا والآخرة.
شبهة :
سؤال: يقول الأخ الكريم:
والظلم من شيم النفوس فإن  تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم
هذه آية أم حديث؟.
الجواب: هذه اركلها بقدمك، هذا كلام الشاعر المتنبّي، قال:
والظلم من شيم النفوس
أي مثلاً: في بعض القرى يكون هناك مجمع ماء آسن، مياه مجاري أحياناً، هؤلاء الأطفال يسبحون، ويلعبون، ويضحكون، إذا وجدت أطفالاً يسبحون، ويمرحون في ماء آسن، هل هذا هو الأصل؟ هذه حالة مرضية، فإذا عاش إنسان بين أناس ظلاّم، عاش مجتمع المادة والقهر، عاش مجتمع التفلت، عاش مجتمع اللؤم، عاش مجتمع الابتزاز، مجتمع القسوة، يا أخي هكذا الله خلق الناس، لا، هذا ليس من خلق الله.
أنت يمكن أن تشاهد سيارة سائقها يشرب الخمر، فنزل في الوادي، فأصبحت معجونة عجناً، وتقول: أيّ معمل صنع هذه السيارة؟ هذه السيارة التي تشوّه منظرها, لا تحتاج إلى معمل يصنعها هكذا، بل تفسير هذا: أن سائقاً مخموراً هوى بها في الوادي، فكانت كذلك، فإذا كنت تعيش في مجتمع ظالم، أو مجتمع قاسٍ، أو مجتمع منافق، أو مجتمع يغلب عليه قلة الذمة والدين, لا تتوهم أن الإنسان هكذا، أنت تعيش في مجتمع منحرف، يوجد أسباب كثيرة جداً دعت إلى انحرافه, ولكن الله عز وجل قال:
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾
[ سورة الروم : الآية 30]
فالظلم من شيم النفوس كلام لا صحة له إطلاقاً، ونحن دائماً وأبداً نقول: هناك نص قرآني قطعي الثبوت، مهمتك مع هذا النص أن تحاول فهمه فقط، وهناك نص نبوي قد يكون ظني الثبوت، وقد يكون قطعي الثبوت، لذلك أنت مع النص النبوي, يضاف إلى محاولة فهمه محاولة التأكد من صحته، مع النص النبوي تأكد من صحته أولاً، ثم افهم معناه ثانياً، مع النص القرآني افهم معناه فقط، لأنه قطعي الثبوت, مع نص آخر من آدم إلى يوم القيامة غير الكتاب والسنة، لك ثلاث مهمات؛ أن تتأكد من صحته أولاً، وأن تحاول فهمه ثانياً، وأن تعرضه على الكتاب والسنة الصحيحة، فإن وافقه فعلى العين والرأس، وإن خالفه فاركله بقدمك، وهذا بيت الشعر اركله بقدمك:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم
لذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما روى في حياته إلا شطر بيت، هذا الشطر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
-باقي البيت-:
وكل نعيم لا محالة زائل
قال ابن مسعود: لا، نعيم أهل الجنة لا يزول، كلام غير صحيح، نعيم أهل الجنة لا يزول، لذلك قال هذا الشطر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
أما:
وكل نعيم لا محالة زائل
كلام لا أصل له، غير صحيح.
يروى أن شاعراً دخل على ملِك، لقاء مقتضب سريع، قال له الشاعر: إن، قال له الملك: وانتهى اللقاء.
ماذا تكلم؟ عندما خرج قيل له: ماذا قال لك الملك؟ أنت في الأساس ماذا قلت له؟ قال: قلت له: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.
قالوا: ماذا قال لك؟.
قال: إنه قال:
﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾
فالأصل أن الكلام أنواع ثلاثة: قرآن وسنة صحيحة وكلام الآخرين؛ القرآن نفهمه، والسنة نتأكد من صحتها ونفهمها، وكلام الآخرين نتأكد من صحته أولاً، ونفهمه ثانياً، ونعرضه على الكتاب والسنة ثالثاً، فإن وافقه فعلى العين والرأس، وإن خالفه نركله بأقدامنا.
===
ما سبب هذه المشكلات والخصومات التي تسود الأسرة الإنسانية؟ :
أيها الأخوة الكرام، مع درس من دروس العقيدة الإسلامية، ولا زلنا في موضوع الحسد، ولكن حينما تجد في القرآن الكريم, الذي هو كلام الله، والذي تعبَّدنا الله بتلاوته، والذي يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار، حينما تجد موضوعاً في القرآن الكريم, فهو من الأهمية بمكان، كتاب يتلى إلى آخر الدوران، وفيه موضوعات، هذه الموضوعات أساسية جداً في حياة الإنسان، لذلك حينما ذكر الله الحسد في أربع آيات في كتاب الله, معنى ذلك: أن الحسد يحتل مساحة كبيرة جداً، العلاقات بين بني البشر، وأن مشكلات لا تنتهي، وأن حروباً لا تنتهي أساسها الحسد، وأن خصومات بين الأسر وبين حالات طلاق, وبين انفصام شركات أساسها الحسد.
ما الذي يفتت عزيمة المجتمع الإسلامي؟ :
أيها الأخوة الكرام، الإنسان حينما يراقب نفسه، وحينما يتعاهد قلبه، وحينما يبلغ درجة الوعي والتأمل لحال قلبه, يكون قد قطع مسافةً جيدة في طريق سلامته وسعادته، أحياناً الإنسان -بالتعبير الحديث- بعقله الباطن يحسد دون أن يشعر، وبسبب حسده ينتقم، وبسبب حسده يقسو، وبسبب حسده يتحرك ليوقع الأذى بأخيه، وحينما يرى الأخ أن أخاه ناله بالأذى تنشأ العداوة والبغضاء، ولا شيء يخدم الشيطان كالعداوة والبغضاء بين المؤمنين، الحسد مع السلوك مع القسوة, يرافقه الغيبة والنميمة, هو الذي يفتت المجتمع.
من صفات الحاسد في القرآن الكريم :
1-الطعن بالآخرين وذلك ببخس أعمالهم والتقليل من شأنهم:
أيها الأخوة الكرام، حينما نبحث عن صفات الحاسد, فهذا البحث مفيد جداً، لأنه مقياس وإنذار مبكر، الله عز وجل يقول:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 118]
إذا تفوقت طُعِنتَ في الظهر، إذا تفوقت هناك من يقول: إخلاصه ليس جيداً، هناك من يقول : لقد حققت مصلحة مادية من عمله، بل إن الناس الذين التقوا بالأنبياء وهم قمم البشر، وهم من الكمال بحيث لا يصدق، قالوا لهم: إن أنتم إلا بشر مثلنا, تريدون أن تتفضلوا علينا, أنتم همّكم الاستعلاء، هذه تهمة اتهم بها الأنبياء، فالحسود لا يفتأ يبخس عمل المتفوق، لا يفتأ يطعن في نيته، لا يفتأ يطعن في إخلاصه, لا يفتأ يقلل من قيمة عمله، هذا شأن الحسود، فالصفة التي ذكرها القرآن الكريم:
﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 118]
صفة أخرى بينها القرآن الكريم من صفات الحاسد، وأنا متأكد أن الإنسان أحياناً يحسد دون أن يشعر، يحسد فيتجه إلى الطعن بالآخرين, إلى بخس عملهم، وإلى التقليل من شأنهم، وإلى إلصاق التهم بهم دون أن يشعر بدافع الحسد.
2-تألمه إن أصاب المؤمن خيراً وفرحه إن جاءته المصيبة :
قال تعالى:
﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾
[سورة آل عمران الآية: 119]
حينما يحسد الإنسان, يأخذ وجهين حفاظاً على مكانته وسمعته، إذا التقى بإنسان تفوق عليه يهنئه، ويقول: نحن نعتز بك، لكن حينما ينطوي على نفسه, يتألم ألماً لا حدود له، وفي غيبته يطعن به، هذه مشكلة المسلمين حينما يضعف إيمانهم، فيفشوا بينهم الحسد والضغينة.
أيها الأخوة, صفة أخرى من صفات الحسود، قال تعالى:
﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾
[سورة آل عمران الآية: 120]
إن جاءكم الخير يتألمون، وإن جاءتكم المصائب تترى يفرحون، إذاً: هم في خندق آخر.
احذر أن تزل قدمك إلى هذا الخندق :
هذه الفكرة شرحتها مرة: هل تجد على وجه الأرض من دون استثناء أُمًّا تفرح بسقوط ابنتها؟ مستحيل، إلا أنك إن رأيت امرأة تفرح بفضيحة ابنتها, فاعلم أنها ليست ابنتها، ولا يمكن أن تجد مؤمناً يفرح بمصيبة نزلت بالمؤمنين، أو يتألم بخير أصاب المؤمنين، فإن فعل هذا, فاعلم أنه ليس مؤمناً، الإنسان حينما يحسد, يضع نفسه في خندق المنافقين، علامة النفاق الحسد، وعلامة الإيمان الغبطة.
صدق أيها الأخ: أن أخاً لك أصابه خير, إن لم تفرح له وكأن الخير أصابك, فأنت لست بمؤمن، إن لم تفرح له بهذا الخير فأنت لست بمؤمن، هذا كلام دقيق جداً أسوقه في هذا الموضوع، إن لم تفرح لخير أصاب أخاك فلست بمؤمن، إن لم تتألم لمصاب أصاب أخاك فلست بمؤمن:
﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾
[سورة آل عمران الآية: 120]
3-تعرفه في لحن القول :
من صفات الحاسدين في القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾
[سورة محمد الآية: 29-30]
تعرفهم في لحن القول، الإنسان حينما يخفي شيئاً, يظهر بفلتات لسانه، أراد رجل أن يمدح إنساناً لمصلحة، لكنه لا يحبه، بل يبغضه، بل يحسده، فقال: أحبُّ الصالحين ولستَ منهم، هي : ولستُ منهم، البيت الذي قاله الشافعي:
أحب الصالحين ولستُ منهـم لـعلّي أن أنال بهم شفاعـة
وأكره من بضاعته المعاصي  ولـو كن سواءً في البضاعة
ماذا قال؟ أحب الصالحين ولستَ منهم، هذه فلتة لسان عبرت عن مكنون هذا الإنسان، إذاً: لحكمة أرادها الله عز وجل, الغيظ والحقد والحسد الذي ينطوي عليه الإنسان, يظهر من فلتات لسانه.
ما معنى (بسيماهم) في هذه الآية؟ :
قال تعالى:
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾
[سورة محمد الآية: 29-30]
بسيماهم؛ أي صفحة الوجه، أيضاً لحكمة بالغة بالغة: جعل الله وجه الإنسان مرآة قلبه، وهناك أناس عندهم خبرة عالية، أنت حينما تغتاظ, يظهر الغيظ على صفحة وجهك، وحينما تتألم, يظهر الألم على صفحة وجهك، وحينما تظهر شيئاً مفرحا, تظهر ابتسامة ساخرة على ملامح وجهك، الوجه مرآة القلب، وما من شيء يضمره الإنسان في قلبه, إلا ويظهر في طريقتين؛ يظهر في صفحة وجهه وعلى لسانه، فلتات اللسان تعبر عن حقيقة القلب، وصفحة الوجه كذلك، لذلك أحياناً: تظهر على وجه, تراه ملائكياً, بريئًا, طاهرًا, لا يحمل حقداً، ولا غلاً، ولا حسداً، ولا شيئاً من هذا القبيل، فالوجه مرآة القلب.
هذه فراسة المؤمن :
مرة سيدنا عثمان -هكذا يروى- دخل على مسجده رجل قد ارتكب الزنا، فقال: أيزني أحدكم ويأتي إلى المسجد؟ فدهش الصحابة، قالوا: أوحي بعد رسول الله؟ قال: لا، ولكنها فراسة صادقة.
ما الثمرة التي يحصل عليها المؤمن حينما يتصل بالله؟ :
ترى الشهواني وجهه أزرق، المؤمن الطاهر وجهه منير مشرق، لكن أنا أتمنى ألاّ يستعملها أحد، قد تكون ضعيف الإحسان، وقد تكون ضعيف الخبرة, فتتهم إنسانًا من دون دليل، هذا شيء لا يمكن أن يتخذ دليل, قضيةِ الفراسة وقضية الإشراق، وأحياناً تجد إنسانًا لونه أبيض، ودائماً يشرب عصيرًا، وينام خمس, ست ساعات كل يوم، ترى وجهه مثل البدر، ما شاء الله على هذا الصلاح، يكون أكبر مجرم، ممكن، وقد تجد إنسانًا ملوّنًا، ولكن الطهر والبراءة في وجهه وكأنه بدر، القضية ليست قضية مادية؛ أن اللون أبيض، وعلى كل خد وردة، وفيه تألق، وعين زئبقية، ليس هذا هو المقياس، المقياس: أن إنسانا حينما يتصل بالله عز وجل, تظهر البراءة على وجهه، والإشراق على وجهه، قال تعالى:
﴿فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾
[سورة محمد الآية: 30]
انظر إلى هذا التطابق بين صفات المنافق وبين صفات الحسود :
أيها الأخوة الكرام، أن المنافق حسود، وأن الحسود منافق، وهناك تطابق بين صفات المنافق وبين صفات الحسود، فحينما تحسد, فهذا الحسد يدل على أنك في خندق المنافقين، لأن المؤمنين بعضهم لبعض نصحة متوادون، ولو ابتعدت منازلهم، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون، ولو اقتربت منازلهم.
ما هي الأوجه التي بارز بها الحاسد ربه في رأي القرطبي :
1- أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره :
أحد كبار المفسرين، الإمام القرطبي يقول: الحاسد بارزَ ربَّه من خمسة أوجه -تطاول على الذات الإلهية من خمسة أوجه-, أحدها: أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره, هناك نماذج بشرية, لا يتحمل أحد أن يكون أحسن منه، وحينما يشعر، وهذا في النساء أكثر، وحينما يشعر أن فلانًا أحسن منه دون أن ينتبه؛ يطعن به، يستصغره، يحتقره، يبحث عن نقائصه، وكأنه قناص، وينسى كل فضائله.
2- أنه ساخط لقسمة ربه :
وثانيها: أنه ساخط لقسمة ربه:
قل لي من بات لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدبا؟
أسأت إلى الله في فعلـه إذ لم ترض لـي ما وهـبا
إنك تطعن بحكمة الله عز وجل.
3- أنه ضاد فعل الله :
ثالثها: أنه ضاد فعل الله؛ أي إن فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو يتمنى ألاّ يؤتى هذا الإنسان فضل الله حسداً من عند أنفسهم.
4- أنه خذل أولياء الله :
رابعها: أنه خذل أولياء الله، الإنسان قد يتفوق، قد يأخذ الله بيده، الذي يحسده لا يريد لهذا الخير أن ينتشر، هو يقطع السبيل إلى الله، مثلاً: اثنان على مقاعد الدراسة، أحدهما تفوق في الدعوة إلى الله، والثاني بقي في مرتبة دنيا اجتماعية، لم يدرس، ولم يهتم، ولم يعتن بقلبه، ولم يعتن بعلمه، ولا بطلب العلم، ولا بحمل هم المسلمين، فلو أن هذا الرفيق الثاني الذي أهمل قلبه، وأهمل علمه، ولم يتحرك لخدمة المسلمين, سمع أن شاباً يحضر دروس هذا الصديق, الذي كان صديقه مباشرةً, يطعن به، مباشرة ينصحه ألاّ يتابع دروسه، لماذا؟ أنت لك أن تحل محله؟ لا، قال تعالى:
﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾
[سورة البقرة الآية: 27]
ترى كلام الناس أحياناً أربعة أخماسه كلام شياطين، يكون الشاب شاردًا، التقى بصديق دله على جامع، التزم، غض بصره، ضبط لسانه، صلى قيام الليل، قرأ القرآن، حفظ كتاب الله، قُلِب مئة وثمانين درجة، يأتي صديق الشيخ الذي هو عنده, فيقول له: الله يصلحك لم تجد غيره, ماذا تريد منه؟ هذا جاهل، بلا دليل، حسداً من عند أنفسهم.
هذه مهمة إبليس :
أيها الأخوة الكرام، الحاسد خذل أولياء الله، أو أراد خذلانهم، وزوال النعمة عنهم، الحاسد أعان عدو الله إبليس على تحقيق مراده، لأن إبليس يقطع ما أمر الله به أن يوصل، مهمة إبليس الأولى: أن يقطع ما أمر الله به أن يوصل.
قيل: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلا جزعاً وغماً، ولا ينال في الآخرة إلا حزناً واحتراقاً، ولا ينال من الله إلا بعداً ومقتاً.
موضوع خطير :
موضوع الحسد خطير جداً، لأن هذا المرض الأول الذي يفشو بين ضعاف الإيمان، ترى المجتمع ممزقًا مشرذمًا، في البيت الواحد حسد، بين الأخوة حسد، بين الزملاء حسد، بين الأقرباء حسد، بين سكان القرية حسد، بين أصحاب الحرفة حسد، شيء لا ينتهي؛ عداوات، ومشاحنات، وطعن، واتهامات، وعدوان.
إليكم هذه البنود التي أحصى العلماء فيها صفات الحاسدين :
أيها الأخوة الكرام، بعض العلماء أحصى صفات الحاسدين في بنود, فقال: الحسود دائم السخط على أقدار الله، أينما جلس يشتكي، أينما جلس يتبرم، أينما جلس هو متشائم، لأن الحسد أكل قلبه، ولأن الحسد قطعه عن الله عز وجل، سخط من فضل الله عز وجل الذي آتاه لزيد أو عبيد.
من جنود إبليس :
أنا تحدثت في درس سابق, أنه من مستويات الحسد: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك لتصل إليك، المستوى الأسوأ: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك دون أن تصل إليك، المستوى الأسوأ: أن تكتب تقريرًا، أو أن توغر صدر فلان من أجل أن تزول هذه النعمة عن أخيك، شيطان يحرك الناس وهم لا يشعرون، إنما تخدم كيد الشيطان، دائماً الحسود أحد جنود إبليس , إذاً: متبرم ساخط.
هذه جلسة المتشائمين :
مرة التقيت بإنسان, من شدة تبرمه, وسخطه, وتشاؤمه, وسوداويته, وانتقاداته, شيء لا يحتمل، تجلس معه فتكاد لا تتحرك من الوهن الذي أصابك، هذا الإنسان عنده بيت خمسمئة متر، عنده مركبة، وتجارة كبيرة.
مرة التقيت بإنسان, أيضاً من شدة تبرمه, لا يحتمل أن يبقى مع الناس، ولا أن يسكن هذه البلدة، فلما لاح له شبح مرض عضال, اختلف اختلافًا كليًّا.
قف هنا :
أيها الأخوة الكرام، الإنسان يتشكى بلا سبب مبرر، أنا أخشى على هذا الإنسان أن يتشكى بعد حين لسبب مبرر، لا يوجد عنده مشكلة، صحته جيدة، زوجته جيدة, أولاده أصحاء، بيته ملكه، دخله جيد، عنده مركبة، يتشكى، وإلى متى؟ لذلك هذا الإنسان علاجه: أن تأتيه مصيبة حقيقية تستدعي أن يتشكى، إذا شكر إنسان الله عز وجل، لك مأوى, وكم ممن لا مأوى له؟ تتمتع بحواسك الخمس، وكم ممن لا يتمتع بحواسه؟ لك زوجة، وكم إنسان محروم من الزواج , ما تمكن أن يتزوج؟ أو امرأة لها زوج، أيّة امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس, لم ترح رائحة الجنة.
رسالة تذكرة :
أخواننا الكرام، أتمنى عليكم أن تعدوا نعم الله، لا أن تتحدثوا عما ينقصكم، أن تتحدثوا عما بين أيديكم، مثلاً: نعمة قد لا ينتبه إليها أحد، أن زوجتك شريفة، تسافر خمسة أيام, لا يخطر ببالك لثانية أن إنسانًا دخل البيت، ولما ألتقي مع إنسان, يشكّ في زوجته أراه كالبركان يكاد ينفجر، أنت عندك نعمة كبيرة، أن زوجة شريفة لا يمكن أن تخونك، ولا بنظرة، ولا بكلمة، هذه نعمة كبيرة جداً، نعمة ثانية أنك تتمتع بصحة، اسأل إنسانًا لاح له شبح مرض خبيث، أو مرض عضال، يتمنى أن يكون دخله محدوداً، يتمنى أن يكون ساكنًا في بيت أجرة، يتمنى أن يفقد كل ميزاته.
من العبر :
صديق صديقي درس في فرنسا، وجاء إلى هنا، واعتلى منصباً رفيعاً جداً في إحدى الوزارات، معاون وزير، وتزوج امرأة تروق له، وعنده مركبة، وبيت، ومكانة، وشأن، فَقدَ بصره، خلال شهر يأتيه الموظف بالبريد، يقرأ له المعاملة، ويعطيه التوجيه، مرة زاره صديقه ، قال له: والله يا فلان، أتمنى أن أقبع على الرصيف أتسول، وليس لي من الدنيا إلا هذا المعطف، وأن يرد الله لي بصري، لا يريد دكتوراه، ولا معاون وزير، ولا بيت بالمالكي، ولا سيارة، يريد بصره أن يرده الله إليه.
إذا كنت بنعمة البصر والسمع، وعندك زوجة وأولاد، وتسكن بمنزل، ولك دخل يغطي حاجاتك الأساسية, فاشكر الله عز وجل، وكلما شكرته زادك نعمة، وكلما شكرك حصنك من ضياع النعمة.
تتمة البنود التي أحصى العلماء فيها صفات الحاسدين :
الحسود دائم التشكي، الحسود قليل الشكر لله عز وجل، ولو ملك الدنيا بأسْرها، الحسود يتتبع العثرات، ويلتمس الأخطاء، ويظهرها في المجالس ويضخمها، قناص لا همّ له إلا الحديث عن أخطاء الناس، الحسود يخفي المحاسن.
اللهم إني أعوذ بك من جار سوء، إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شراً أذاعه، اللهم إني أعوذ بك من إمام سوء؛ إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر.
الآن: الحسود يستخدم المزاح والسخرية للتقليل من قيمة المحسود، كيف يشفي غليله؟ بالسخرية والاستهزاء.
هذا الدليل الذي يتمسك به الحسود :
أيها الأخوة الكرام، في معظم الأحيان الحسود يتهم بلا دليل، الدليل حسده فقط، أو بدليل ضعيف، أو بدليل ظني، أو من دون تحقيق، أو من دون تريث، أو من دون سؤال، تهم لم يتحقق، لم يسأل، لم يتريث، لذلك:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
[سورة الحجرات الآية: 6]
أهم شيء أنه ينتقد، ويوجه التهم من دون دليل.
آخر بند من البنود التي أحصاها العلماء في الحسود :
الآن: الحسود لا يدع فرصة لإيقاع الأذى بمن يحسده إلا وانتهزها، الحسود إنسان مضطرب، توازنه مختل، ويوجد غليان، الحقد والحسد مؤلم جداً، الحقد والحسد يجعلان الإنسان كالمرجل، الحسود غالباً ما يكون كاذباً، يستخدم الكذب للنيل من المحسود.
كيف يعالج الحسد؟ :
1-الإكثار من ذكر الله, والإلحاح في الدعاء :
أيها الأخوة الكرام، كيف يعالج الحسد؟ قال بعض العلماء: يعالج بالإكثار من ذكر الله، والإلحاح في الدعاء، يا رب اشفن من كل مرضٍ نفسيّ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا يرد دعاؤهم؛ الذاكر الله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط.
إذا ذكر الإنسان الله كثيراً, فلعل الله سبحانه وتعالى يشفيه من الحسد.
2- أن تسأل الله من فضله :
أيها الأخوة, أما العلاج العظيم للحسد:
﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾
[سورة النساء الآية: 32]
في نهاية الآية:
﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾
[سورة النساء الآية: 32]
أنت عبد لله، وذاك عبد لله، كما أعطاه يعطيك، وكما رفعه يرفعك، وكما أكرمه يكرمك، وكما وفقه يوفقك، إله موجود، لذلك إذا تمنى أحدكم نعمة على أحد فليكثر، فإنما يسأل ربه، إذا تمنى الإنسان على ربه نعمة, فليسأله بإلحاح وليكثر، وإذا سأل أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا))
أما المؤمنون فيتصرفون على عكس تصرف الحاسد، قال تعالى:
﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
[سورة الحشر الآية: 9]
كان بعض الصحابة الكرام يطوف بالبيت، ويقول: ربي قنِ شح نفسي، ربي قنِ شح نفسي، وقيل: إذا وقيت شح نفسك, فقد وقيت البخل والظلم والقطيعة.
أول علاج: أن تسأل الله من فضله، الذي أعطاه يعطيك، والذي كرمه يكرمك، والذي وفقه يوفقك، والذي أغناه يغنيك، والله رب الجميع، هذا علاج أول.
3-الاهتمام بمعالي الأمور والانصراف عن سفاسفها :
العلاج الثاني: أن تهتم بمعالي الأمور، وأن تنصرف عن سفاسفها، الإنسان الفارغ يحسد، عنده وقت، ليس له هدف، ما عنده رسالة يؤديها، لا يحمل هم المسلمين، التفاهة والفراغ، وعدم الاشتغال بمعال الأمور تدعو إلى الحسد، لذلك لا تجد بين عظماء الناس من يحسد، الوقت عنده ثمين جداً، وهدفه واضح، والوسائل واضحة لهدفه.
لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها))
من اللهو :
قال تعالى:
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 64]
إذا كان الابن عمره أربع أو خمس سنوات، والده اشترى له سيارات صغيرة، فهذا الطفل أمسك هذه السيارة على أثاث البيت، يرافقها صوت من عنده، في الصعود يقوي الصوت، وهو غارق بسعادة لا توصف بهذه السيارة الصغيرة التي اشتراها له أبوه، ويمشيها على أثاث البيت، لو صورناه في الخمس وأربعين سنة, كان يحتل منصبًا رفيعًا جداً، وعنده دور في الحياة كبير، وأطلعناه على هذه الفيلم، هل يليق به أن يمسك سيارة ويمشي بها؟ هذا هو اللهو واللعب.
إذا كان الإنسان بعيدًا عن الأهداف الكبرى, تراه غارقًا في موازنات، فلان اشترى بيتًا، مساحته خمسمئة متر، هذا إسراف يا أخي، ماله همّ إلا أن يرى الناس ماذا اشتروا؟ وماذا أكلوا؟ وماذا أنفقوا؟ هذا الاهتمام إلى ما عند الناس مشكلة كبيرة جداً، فلذلك الله عز وجل يقول :
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 64]
لا تغفل عن هذه اللحظة :
قلت لواحد البارحة: الإنسان تتنامى خبراته، كلما تقدمت به السن, صار ناضجًا, يعرف كيف يتكلم؟ يعرف كيف يتصرف؟ كيف ينفق المال؟ كيف ينجو من متاهات ومن مطبات؟ فإذا بلغ ذروة النجاح والنضج, يأتي ملك الموت: تفضل، بأعلى درجة من النجاح والنضج يأتيه ملك الموت، هذه الحياة هكذا:
لكل شيء إذا ما تم نقصانُ فلا يغرّ بطيب العيش إنسانُ
قصة رمزية :
يروى أن إنساناً أراد أن ينتحر، القصة رمزية، جاءه ملك الموت، قال له: لا تنتحر، أنا أدلك على طريقة تكسب بها المال الوفير، اجعل نفسك طبيباً، فإن رأيتني عند رأس المريض فإياك أن تعالجه، فإنه سيموت، وإن رأيتني عند قدميه فعالجه، ولا تخشَ شيئاً، سوف يشفى، فهذا أعطاه ملك الموت هذه الطريقة, ربح أرباحًا طائلة، إن كان عند رأسه يقول: أعتذر، ليس اختصاصي، وإن كان عند قدميه يعالجه، يعطيه ماء ملونًا، ويتقاضى أجرًا كبيرًا، إلى أن مرضت بنتُ الملك، فقال الملك: من يشفها أزوجه إياها، ويكون ولي العهد، جاءها، فإذا ملك الموت عند قدميها، فعالجها، فشفيت، وأقيم عقد القران، وفي اليوم التالي سيتوج ولياً للعهد، جاءه ملك الموت، قال له: تشرّف، قال له: الآن؟ قال: والله سابقاً كان أهون.
هذه الدنيا إن تفوقت بها بعد النضج، وأن تملك كل شيء، وأن تعرف التصرف, يأتي ملك الموت، لذلك هي أحقر من أن تكون عطاءً لإنسان.
((لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة, ما سقى الكافر منها شربة ماء))
أنت حينما تهتم بمعالي الأمور؛ تحمل رسالة، تسعى لطلب العلم، تسعى لنشر العلم, ليس عندك وقت تحسد أحدًا، لذلك عظماء الناس والناجحون في الحياة, ليس عندهم وقت لهذه السفاسف كلها.
4-العيش مع الصالحين :
العلاج الثالث: أن تعيش مع الصالحين، تعيش مع الصالح سنوات، لا يحسد أحدًا، متواضع ، يشكر الله على نعمه التي أولاه الله إياها، تتعلم من أخلاق الصالحين؛ الأدب, والتواضع, والبعد عن السفاسف، والالتفات إلى معالي الأمور، قال تعالى:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
[سورة الكهف الآية: 28]
وفي الحديث الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
(( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا أخْوَانًا، وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ))
5-الإكثار من ذكر الموت :
آخر علاج: الإكثار من ذكر الموت، وأن هذا الموت ينهي كل شيء، وأن هذا الموت ينهي غنى الغني، وفقر الفقير، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ينهي ذكاء الذكي، ومحدودية المحدود، يلغي وسامة الوسيم، ودمامة الدميم، كله ينتهي عند الموت.
هناك ملاحظة مهمة جداً: أنت حينما تبالغ بإظاهر ما عندك، وحينما تزهو على الناس بما عندك, كأنك تبذر بذور الحسد في المجتمع، لا تحاول أن تخرج على قومك بزينتك، حاول أن تكون متواضعاً، وأن تكون بين الناس.
والحمد لله رب العالمين


منقول من مواقع موسوعة النابلسي
http://www.nabulsi.com/
http://www.nabulsi.com/blue/ar/sss_cat.php?id=55&sid=56&ssid=66&sssid=79
♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞  اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء  
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
العقيدة من مفهوم القران والسنة -العين والحسد ومعالجته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العقيدة من مفهوم القران والسنة - مفهوم الإيمان
» العقيدة من مفهوم القران والسنة - الربوبية
» العقيدة من مفهوم القران والسنة - سوء الظن بالله
» العقيدة من مفهوم القران والسنة -مقتضيات الإيمان
»  العقيدة من مفهوم القران والسنة -توحيد الألوهية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام الفقه والعقيدة الإسلامي ))♥ :: العقيدة الإسلامية واصولها-
انتقل الى: