القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:44 am

۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 %D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81_%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1
  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 286
.سورة الإسراء:


.تفسير الآية رقم (39):

{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)}
{ذَلِكَ} أي: ما تقدّم من الوصايا.
{الحكمة} هي: وَضعْ الشيء في مَوْضِعه المؤدّي للغاية منه، لِتظلَّ الحكمة سائدة في المجتمع تحفظه من الخلل والحمْق والسَّفَه والفساد.
وقوله: {وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها آخَرَ..} [الإسراء: 39].
لسائل أنْ يسأل: لماذا كرَّر هذا النهي، وقد سبق أنْ ذُكِر في استهلال المجموعة السابقة من الوصايا؟
الحق سبحانه وتعالى وضع لنا المنهج السليم الذي يُنظِّم حياة المجتمع، وقد بدأه بأن الإله واحد لا شريكَ له، ثم عدّل نظام المجتمع كله بطبقاته وطوائفه وأَرْسى قواعد الطُّهْر والعِفّة ليحفظ سلامة النسل، ودعا إلى تواضع الكُلِّ للكُلِّ.
فالحصيلة النهائية لهذه الوصايا أنْ يستقيم المجتمع، ويسعد أفراده بفضل هذا المنهج الإلهي.
إذن: فإياك أنْ تجعلَ معه إلهاً آخر، وكرَّر الحق سبحانه هذا النهي: {وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها آخَرَ..} [الإسراء: 39].
لأنه قد يأتي على الناس وقتٌ يُحْسنون الظن بعقول بعض المفكرين، فيأخذون بأقوالهم ويسيرون على مناهجهم، ويُفضّلونها على منهج الحق تبارك وتعالى، فيفتنون الناس عن قضايا دينهم الحق إلى قضايا أخرى يُوهِمون الناس أنها أفضل مما جاء به الدين.
إذن: لا يكفي أن تؤمن أولاً، ولكن احذر أنْ يُزحزك أحد عن دينك فلا تجعل مع الله إلهاً آخر يفتنك عن دينك، فتكون النتيجة: {فتلقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً} [الإسراء: 39] {مَلُوماً}: لأنك أتيتَ بما تُلاَم عليه، {مَّدْحُوراً}: أي: مطرود مُبْعَداً من رحمة الله، وهذا الجزاء في الآخرة.
أما الذي لا يؤمن بها، فلابد لكي نستطيع العيش معه في الدنيا، أن يُذيقه الله بعض العذاب، ويُعجِّله له في الدنيا قبل عذاب الآخرة، كما قال تعالى: {فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً..} [طه: 123-124] أي: في الدنيا.
وقد ذكر الحق سبحانه وتعالى في قصة ذي القرنين: {حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا ياذا القرنين إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} [الكهف: 86-87].
فقوله: {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ..} [الكهف: 87] لأنه مُمكَّن في الأرض، ومَنُوط به حِفْظ ميزان الحياة واستقامتها، حتى عند الذين لا يُؤمنون بالآخرة، وإلا فلو أخَّرْنا العذاب عن هؤلاء إلى الآخرة لأفسدوا على الناس حياتهم، وعاثوا في الأرض يُعربِدون ويُفسِدون.
ولذلك لا يموت ظلوم في الكون حتى ينتقمَ الله منه، ويذيقه عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، ولابد أنْ يراه المظلوم ليعلم أن عاقبة الظلم وخيمة، في حين أن المظلوم في رعاية الله وتأييده ينصره بما يشاء من نعمه وفضله، حتى أن الظالم لو علم بما أعدَّه الله للمظلوم لَضَنَّ عليه بالظلم.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بالبنين واتخذ مِنَ الملائكة إِنَاثاً...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:44 am


.تفسير الآية رقم (40):

{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)}
لما جعل بعض المشركين لله ولداً، فمنهم مَنْ قالوا: المسيح ابن الله، ومنهم مَنْ قالوا: عزير ابن الله، ومنهم مَنْ قالوا: الملائكة بنات الله، فوبَّخهم الله تعالى: كيف تجعلون للخالق سبحانه البنات ولكم البنين، إنها قسمة جائرة، كما قال الحق سبحانه في آية أخرى: {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} [النجم: 21-22].
أي: قسمة جائرة ظالمة.
قوله: {أَفَأَصْفَاكُمْ..} [الإسراء: 40] أي: اصطفاكم واختار لكم البنين، وأخذ لنفسه البنات؟
ويقول في آية أخرى: {وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا..} [الزخرف: 15].
لذلك قال تعالى بعدها: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً} [الإسراء: 40] فوصف قولهم بأنه عظيم في القُبْح والافتراء على الله، كما قال في آية أخرى: {وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} [مريم: 88-89].
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:45 am


.تفسير الآية رقم (41):

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41)}
{صَرَّفْنَا} أي: حَوَّلْنا الشيء من حال إلى حال، ومنها قوله تعالى: {وَتَصْرِيفِ الرياح..} [البقرة: 164].
يعني تغييرها من حال إلى حال، فمرة: تراها سَكْسكَاً عليلة هادئة، ومرّة تجدها رُخَاءً أي: قوية، ومرة: تجدها إعصاراً مدمراً. والرياح قد تكون لواقح تأتي بالخير والنماء، وقد تكون عقيماً لا خير فيها. هذا هو المراد بالتصريف.
فمعنى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن} [الإسراء: 41].
أي: صرف مسألة ادعاء اتخاذ الله الأبناء في القرآن، وعالجها في كثير من المسائل؛ لأنه أمر مهم عالجه القرآن علاجاتٍ متعددة في مقامات مختلفة من سُوره، فتكرر ذِكْر هذه المسألة. والتكرار قد يكون في ذات الشيء، وقد يكون باللَّف بالشيء، كما في قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ..} [الرحمن: 13].
وقوله: {وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً} [الإسراء: 41].
أي: بدلَ أنْ يذكروا ويعودوا إلى جَادّة الصواب ازدادوا إعراضاً ونفوراً. ولنا أن نسأل: لماذا الإعراض والنفور منهم؟
لأنهم أرادوا الاحتفاظ بالسلطة الزمنية التي كانت لهم قبل الإسلام، ولكي نوضح المقصود بالسلطة الزمنية نقول: لو درسنا تواريخ القوانين في العالم نجد أن القانون الوضعيّ الذي وضعه البشر لم يَأْتِ أول الأمر، بل جاء نتيجة تسلُّط الكهنة، وكانوا هم أصحاب القانون يضعونَه باسم الدين، ويلزمون الناس به، ولكن لُوحِظ عليهم أنهم يحكمون في قضية ما بحكم، ثم بعد فترة يحكمون في نفس القضية بحكم مخالف للأول، فانصرف الناس عن أحكام الكهنة، ووضعوا لأنفسهم هذه القوانين الوضعية، وبذلك أصبح لهؤلاء ما يُسمَّى بالسلطة الزمنية.
وهذه السُّلْطة الزمنية هي التي منعتْ يهود المدينة من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا على علم ومعرفة بأوصافه وبرسالته ومن زمن بعثته، وكانوا حينما يروْنَ عُبّاد الأصنام في مكة يقولون لهم: سيأتي زمان يُبعث فيه نبي في هذا البلد، وسوف نتبعه، ونقتلكم به قتل عاد وإرم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وقد كانوا من قبل يستفتحون به على الذين كفروا.
وعن هذا يقول الحق سبحانه في حق يهود المدينة: {وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين} [البقرة: 89].
لقد تنكَّر اليهود لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنهم على يقين من صِدْقه؛ لأن هذه الرسالة ستحرمهم هذه السلطة الزمنية، وستقضي على السيادة العلمية والسيادة الاقتصادية والسيادة الحربية التي كانت لهم قبل الإسلام.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِي العرش سَبِيلاً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:45 am


.تفسير الآية رقم (42):

{قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42)}
أي: لو كان مع الله آلهة أخرى لَطلبتْ هذه الآلهةُ طريقاً إلى ذي العرش.
وقد عالج الحق تبارك وتعالى هذه القضية في قوله: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18].
وهذه قضية: إما أنْ تكونَ صادقة، وإما أن تكون غير ذلك. فإنْ كانت صادقة فقد انتهتْ المسألة، وإنْ كانت غير صادقة، وهناك إله ثانٍ، فأين هو؟ لماذا لم نسمع به؟ فإنْ كان موجوداً، ولا يدري أو كان يدري بهذه القضية ولكنه تقاعس عن المواجهة ولم يعارض، ففي كل الأحوال لا يستحق أن يكون إلهاً.
إذن: ما دام أن الله تعالى شهد لنفسه بالوحدانية، ولم يَقُمْ له معارض فقد سَلِمتْ له هذه الدعوى.
وكلمة {ذِي العرش} لا تُقَال إلا لمَنْ استتبَّ له الأمر بعد عِرَاك وقتال، فيُصنع له كرسي أو سرير يجلس عليه.
ابتغاء الطريق إلى ذي العرش، إما ليواجهوه ويوقفوه عند حده ويبطلوا دعوته، فإن غلبوا فقد انتهت المسألة، وإن غُلبوا فعلى الأقل يذهب كل إله بما خلق كما قال تعالى: {مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} [المؤمنون: 91].
أو: يبتغون إليه سبيلاً، ليكونوا من خَلْقه ومن عبيده؛ لذلك يقول الحق سبحانه في موضع آخر: {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون..} [النساء: 172].
ويقول: {أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57].
فهؤلاء الذين أشركتموهم مع الله فقُلْتم: المسيح ابن الله، وعزيز ابن الله، والملائكة بنات الله، كُلُّ هؤلاء فقراء إلى الله يبتغون إليه الوسيلة، حتى أقربهم إلى الله وهم الملائكة يبتغون إلى الله الوسيلة فغيرهم إذن أَوْلَى.
وينزِّه الحق سبحانه نفسه، فيقول: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:46 am


.تفسير الآية رقم (43):

{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)}
وقوله {سُبْحَانَهُ} يعني تنزيهاً مطلقاً له تعالى في ذاته، وفي صفاته، وفي أفعاله، فلله تعالى ذات ليست كذاتك، وله صفات ليست كصفاتك، وله أفعال ليست كأفعالك؛ لأن الأشياء تختلف في الوجود بحَسْب المُوجِد لها.
فمثلاً: لو بني كُلٌّ من العمدة، ومأمور المركز، والمحافظ بيتاً، فسوف يتفاوت هذا البناء من واحد للآخر، بحسب قدرته ومكانته. وكذلك لابد من وجود هذا التفاوت بين إله ومألوه، وبين رَبٍّ ومربوب، وبين عابد ومعبود.
إذن: كُلُّ الأشياء في المتساوي تتفاوت بتفاوت الناس.
وقوله: {عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء: 43] أي: تعالى الله وتنزَّه عَمَّا يقول هؤلاء علواً كبيراً؛ لأن الناس تتفاوت في العلو.
ونلاحظ أن الحق سبحانه اختار(كبيراً) ولم يَقُلْ: أكبر. وهذا من قبيل استعمال اللفظ في موضعه المناسب؛ لأن كبيراً تعني: أن كل ما سواه صغير، لكن أكبر تعني أن ما دونه كبير أي: مُشَارِك له في الكِبَر.
لذلك نقول في نداء الصلاة: الله اكبر وهي صفة له سبحانه وليست من أسمائه؛ ذلك لأن من أعمال الحياة اليومية ما يمكن أن يُوصَف بأنه كبير، كأعمال الخير والسعي على الأرزاق، فهذه كبيرة، ولكن: الله اكبر.
ثم يقول تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:46 am


.تفسير الآية رقم (44):

{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)}
التسبيح: هو حيثية الإيمان بالله؛ لأنك لا تؤمن بشيء في شيء إلاَّ أنْ تثق أن مَنْ آمنت به فوقك في ذلك الشيء، فأنت لا تُوكِّل أحداً بعمل إلا إذا أيقنتَ أنه أقدر منك وأحكم وأعلم.
فإذا كنت قد آمنت بإله واحد، فحيثية ذلك الإيمان أن هذا الإله الواحد فوق كل المألوهين جميعاً، وليس لأحد شبه به، وإن اشترك معه في مُطْلَق الصفات، فالله غنيّ وأنت غِنَي، لكن غنى الله ذاتيّ وغِنَاك موهوب، يمكن أنْ يُسلب منك في أي وقت.
وكذلك في صفة الوجود، فالله تعالى موجود وأنت موجود، لكن وجوده تعالى لا عن عدم، بل هو وجود ذاتي ووجودك موهوب سينتهي في أي وقت.
إذن: فتسبيح الله هو حيثية الإيمان به كإله، وإلا لو أشبهناه في شيء أو أشبهنا في شيء ما استحق أن يكون إلهاً.
والتسبيح: هو التنزيه، وهذا ثابت لله تعالى قبل أن يوجد منْ خَلْقه مَنْ يُنزِّهه، والحق سبحانه مُنزَّه بذاته والصفة كائنة له قبل أن يخلق الخلق؛ لأنه خالق قبل أن يخلق، كما نقول: فلان شاعر، أهو شاعر لأنه قال قصيدة؟ أم شاعر بذاته قبل أن يقول شعراً؟
الواقع أن الشعر موهبة، وملَكة عنده، ولولاها ما قال شعراً، إذن: هو شاعر قبل أن يقول.
كذلك فصفات الكمال في الله تعالى موجودة قبل أن يوجد الخَلْق.
لذلك فإن المتتبع لهذه المادة في القرآن الكريم مادة(سبح) يجدها بلفظ(سُبْحان) في أول الإسراء: {سُبْحَانَ الذي أسرى..} [الإسراء: 1].
ومعناها أن التنزيه ثابت لله تعالى قبل أن يخلق من ينزهه.
ثم بلفظ: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض..} [الحديد: 1].
بصيغة الماضي، والتسبيح لا يكون من الإنسان فقط، بل من السماوات والأرض، وهي خَلْق سابق للإنسان.
ثم يأتي بلفظ: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض..} [الجمعة: 1].
بصيغة المضارع؛ ليدل على أن تسبيح الله ليس في الماضي، بل ومستمر في المستقبل لا ينقطع. إذن: ما دام التسبيح والتنزيه ثابتاً لله تعالى قبل أن يخلق مَنْ يُنزِّهه، وثابتاً لله من جميع مخلوقاته في السماوات والأرض، فلا تكُنْ أيها الإنسان نشازاً في منظومة الكون، ولا تخرج عن هذا النشيد الكوني: {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى} [الأعلى: 1].
وقوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ..} [الإسراء: 44].
أي: ما من شيء، كل ما يُقال له شيء. والشيء هو جنس الأجناس، فالمعنى أن كل ما في الوجود يُسبِّح بحمده تعالى.
وقد وقف العلماء أمام هذه الآية، وقالوا: أي تسبيح دلالة على عظمة التكوين، وهندسة البناء، وحكمة الخلق، وهذا يلفتنا إلى أن الله تعالى مُنزَّه ومُتعَالٍ وقادر، ولكنهم فهموا التسبيح على أنه تسبيح دلالة فقط؛ لأنهم لم يسمعوا هذا التسبيح ولم يفهموه.
وقد أخرجنا الحق سبحانه وتعالى من هذه المسألة بقوله: {ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..} [الإسراء: 44].
إذن: يوجد تسبيح دلالة فعلاً، لكنه ليس هو المقصود، المقصود هنا التسبيح الحقيقي كُلّ بِلُغتِه.
فقوله تعالى: {ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..} [الإسراء: 44].
يدل على أنه تسبيح فوق تسبيح الدلالة الذين آمن بمقتضاه المؤمنون، إنه تسبيح حقيقيّ ذاتيّ ينشأ بلغة كل جنس من الأجناس، وإذا كنا لا نفقه هذا التسبيح، فقد قال تعالى: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ..} [النور: 41].
إذن: كل شيء في الوجود عَلِم كيف يُصلّي لله، وكيف يُسبِّح لله، وفي القرآن آياتٌ تدل بمقالها ورمزيتها على أن كل عَالَم في الوجود له لغة يتفاهم بها في ذاته، وقد يتسامى الجنس الأعلى ليفهم عن الجنس الأدنى لُغته، فكيف نستبعد وجود هذه اللغة لمجرد أننا لا نفهمها؟

وها هم الناس أنفسهم ولهم في الأداء القوليّ لغة يتفاهمون بها، ومع ذلك تختلف بينهم اللغات، ولا يفهم بعضهم بعضاً، فإذا ما تكلم الإنجليزي مع أنه يتكلم بألفاظ العربي ومع ذلك لا يفهمه؛ لأنه ما تعلَّم هذه اللغة.
واللغة ظاهرة اجتماعية، بمعنى أن الإنسان يحتاج للغة؛ لأنه في مجتمع يريد أن يتفاهم معه ليعطيه ما عنده من أفكار، ويسمع ما عنده من أفكار فلابد من اللغة لنقل هذه الأفكار، ولو أن الإنسان وحده ما كان في حاجة إلى لغة؛ لأنه سيفعل ما يخطر بباله وتنتهي المسألة.
واللغة لا ترتبط بالدم أو الجنس أو البيئة؛ لأنك لو أتيتَ بطفل إنجليزي مثلاً، ووضعتَه في بيئة عربية سيتكلم العربية؛ لأن اللغة ظاهرة اجتماعية تعتمد على السمع والمحاكاة؛ لذلك إذا لم تسمع الأذن لا تستطيع أن تتكلم، ومن ذلك قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ..} [البقرة: 18].
فهم بُكْم لا يتكلمون؛ لأنهم صُمٌّ لم يسمعوا شيئاً، فإذا لم يسمع الإنسان اللفظ لا يستطيع أن يتحدثَ به؛ لأن ما تسمعه الأذن يحكيه اللسان.
إذن: بالسماع انتقلتْ اللغة، وكُلٌّ سمع من أبيه، ومن البيئة التي يعيش فيها، فإذا ما سلسلْتَ هذه المسألة ستصل إلى آدم عليه السلام وهنا يأتي السؤال: وممَّنْ سمع آدم اللغة التي تكلم بها؟
وقد حلَّ لنا القرآن الكريم هذه القضية في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا} [البقرة: 31].
وأكثر من ذلك، فقد يتكلم العربي بنفس لغتك ولا تفهم عنه ما يقول، واللغة هي اللغة، كما حدث مع أبي علقمة النحوي، وكان يتقعَّر في كلامه ويأتي بألفاظ شاذة غير مشتهرة، وقد أتعب بذلك مَنْ حوله، وخاصة غلامه الذي ضاق به ذَرْعاً لكثرة ما سمع منه من هذا التقعر.
ويُروَي أنه في ذات ليلة قال أبو علقمة لغلامهSadأَصَقَعَتِ العَتَارِيفُ)؟ فردَّ عليه الغلام قائلاًSadزقْفَيْلَم).
وكانت المرة الأولى التي يستفهم فيها أبو علقمة عن كلمة، فقال: يا بني وما(زقْفَيْلَم)؟ قال: وما(صقعت العتاريف)؟ قال: أردتُ: أصاحت الديكة؟ فقال الغلام: وأنا أردتُ لم تَصِحْ.
إذن: فكيف نستبعد أننا لا نعلم لغة المخلوقات الأخرى من حيوان ونبات وجماد؟ ألم يكْفِنا ما أخبرنا الله به من وجود لغة لجميع المخلوقات، وإنْ كنا لا نفهمها؛ لأننا نعتقد أن اللغة هي النطق باللسان فقط، ولكن اللغة أوسع من ذلك.
فهناك مثلاً لغة الإشارة، ولغة النظرات، ولغة التلغراف.
إذن: اللغة ليست اللسان فقط، بل هي استعداد لاصطلاح يُفْهم ويُتعارف عليه، فالخادم مثلاً يكفي أن ينظرَ إليه سيّده نظرة يفهم منها ما يريد، فهذه النظرة لَوْنٌ من ألوان الأداء.
والآن بدأنا نسمع عن قواميس يُسجّل بها لغات بعض الحيوانات لمعرفة ما تقول.
وقد أعطانا الحق تبارك وتعالى إشارات تدل على أن لكل عَالَم لغة يتفاهم بها، كما في قوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجبال يُسَبِّحْنَ..} [الأنبياء: 79].
فالجبال تُسبّح مع داود، وتُسبِح مع غيره، ولكن المراد هنا أنها تُسبّح معه ويوافق تسبيحها تسبيحه، وكأنهما في أنشودة جماعية منسجمة. إذن: فلابد أن داود عليه السلام قد فَهِم عنها وفهمتْ عنه.
وكذلك النملة التي تكلمتْ أمام سليمان عليه السلام ففهم كلامها، وتبسَّم ضاحكاً من قولها. وقد علَّمه الله منطقَ الطير. إذن: لكل جنس من الأجناس منطق يُسبّح الله به، ولكن لا نفقه هذا التسبيح؛ لأنه تسبيح بلغة مُؤدِّية مُعبّرة يتفاهم بها مَنْ عرف التواضع عليها.
وقد جعل الحق سبحانه وتعالى تنزيهه مطلقاً ينقاد له الجميع، حتى الكافر ينقاد لتنزيه الله قَهْراً عنه، مع أن لديه ملكةَ الاختيار بين الكفر أو الإيمان، لكن أراد الحق سبحانه أن يكون تنزيهه مُطْلقاً من الجماد والنبات والحيوان، ومن المؤمن والكافر. كيف ذلك؟
أطلق الحق سبحانه على ذاته لفظ الجلالة(الله) فهو عَلَم على واجب الوجود، ثم تحدّى الكافرين أنْ يُسمُّوا أحداً بهذا الاسم، فقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65].
ومع ما عندهم من إِلْفٍ بالمخالفة وعناد بالإلحاد، مع ذلك لم يجرؤ أحد منهم أنْ يُسمِّي ابناً له بهذا الاسم، ومعلوم أن التسمية أمر اختياريّ يطرأ على الجميع.
إذن: فهذا تنزيه لله تعالى، حتى من الكافر رَغْماً عنه، وهو دليل على عظمته سبحانه وجلاله، هذه العظمة وهذا الجلال الذي لم يجرؤ حتى الكافر على التشبُّه به؛ ذلك لأنهم في كفرهم غير مقتنعين بالكفر، ويخافون بطش الله وانتقامه إنْ أقدموا على هذا العمل، لذلك لا يجرؤ أحد منهم أنْ يُجرِّب في نفسه مثل هذه التسمية.
وفي مجال العبادات، فقد اختار الحق سبحانه لنفسه عبادة لا يشاركه فيها أحد، ولا يقدمها أحد لغيره تعالى؛ لأن الناس كثيرا ما يتقربون لأمثالهم من البشر بأعمال أشبه ما تكون بعبادة الله تعالى، فمنهم مَنْ ينحني خضوعاً لغيره؛ كأنه راكع أو ساجد، ومنهم مَنْ يمدح جباراً بأنه لا مثيلَ له، وتصل به المبالغة إلى جَعْله إلهاً في الأرض، ومنهم مَنْ يسجدُ للشمس كما فعل أهل سبأ وأخبر الهدهد عنهم بقوله: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله} [النمل: 24].
ألسْنَا نرى إنساناً يتقرّب لأحد الحكام، بأن ينفق فيما يحبه هذا الحاكم، وكأنه يُخرِج زكاة ماله؟ ألسْنا نرى أحدهم يذهب كل يوم إلى قصر سيده، ويُوقّع في سجل التشريفات باسمه ليقدم بذلك فروض الولاء والطاعة؟
إذن: فالإيمان بالوحدانية في شيء متميز وارد عند الناس، والخضوع الزائد بالسجود أو بالركوع أو بالكلام وارد عند الناس.
لذلك تفرّد الحق سبحانه بفريضة الصوم، وجعلها خالصة له سبحانه، لا يتقرب بها أحد لأحد، وهل رأيت إنساناً يتقرّب لآخر بصوم؟ فانظر إلى هذه السُّبْحانية وهذا التنزيه في ذاته سبحانه، فلا يجرؤ أحد أنْ يتسمى باسمه.
وفي العبادة لا يُصَام لأحد غيره تعالى، فلو تصوَّرنا أن يقول واحد للآخر: أنا سأتقرّب إليك بصوم هذا اليوم أو هذا الشهر، إذن: أنت تريد منه أن يجلس بجوارك يحرسك ويراعي صومك، فكأنك تريد له العنت والمشقة من حيث تريد أنت أنْ تتقرّب إليه.
لذلك يقول الحق سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
يعني من الممكن أن يتقرب بأيِّ ركن من أركان الإسلام لغيري، إلا الصوم، فلا يجرؤ أحد أنْ يتطوّع به أو يتقرب به لأحد.
إذن: فالسُّبحانية هي الدليل السائد الشامل الجامع لكل الخَلْق؛ لذلك نقول للكافر: أيها الكافر لقد تأبَّيْتَ على الإيمان بالله، وللعاصي: لقد تأبيتَ على أوامر الله، وما دُمْتُم قد تأبيتم على الله، وألفتم هذا التأبِّي وهذا التمرد، فلماذا لا تتأبون على المرض إنْ أصابكم، وعلى الموت إنْ طرق بابكم؟
لماذا لا تتمرد على ملك الموت وتقول له: لن أموت اليوم؟! إنها قاهرية الحق سبحانه وتعالى حتى على الكافر، فلا يستطيع أحد أن يخرج عليها أو يتمرد.
وكذلك العاصي حينما ينحرف عن الجادّة، وتمتد يده إلى مال غيره بالسرقة أو الاختلاس أو التعدِّي على المال العام، فإن الحق سبحانه يفتح عليه أبواباً للإنفاق تبتلع ما جمع من الحرام، وربما أخذت في طريقها الحلال أيضاً، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (من جمع مالاً من مهاوش أذهبه الله في نهابر).
فالتسبيح إذن لغة الكون كله، منه ما نفهمه، ومنه ما لا نفهمه، إلا مَنْ أطلعه الله عليه، فإذا مَنَّ الله على أحد وعلّمه لغة الطير أو الحيوان أو النبات أو الجماد، فهمها وفقه عنها، كما أنعم بهذه النعم على داود وسليمان عليهما السلام.
ويقول سليمان عليه السلام شاكراً هذه النعمة: {رَبِّ أوزعني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ} [النمل: 19].
فقول الحق سبحانه: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ..} [الإسراء: 44].
يجب على العلماء أنْ ينقلوها من خاطر الدلالة إلى خاطر المقالة أيضاً، ولكنها مقالة، ولكنها مقالة بلغة يفهمها أصحابها إذا شاء الله لهم ذلك.
ثم يُذيّل الحق سبحانه هذه الآية بقوله: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً..} [الإسراء: 44].
لأن الإنسانَ كثيراً ما يغفل الاستدلال بظواهر الكون وآياته دلالة الحال، فيقف على قدرة الله وبديع صُنْعه، وكذلك كثيراً ما يغفل عن تسبيح الله تسبيح المقالة؛ لذلك أخبر سبحانه أنه حليمٌ لا يعاجل الغافلين بالعقوبة، وغفور لمن تاب وأناب.
وهذا من رحمته سبحانه بعباده، فلولا أنْ يتداركَ الله العباد بهذه الرحمة لكان الإنسان سيد الكون أقلّ حظاً من الحيوان، ويكفي أن تتدبر قوله تعالى عن تسبيح المخلوقات له سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوآب وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب..} [الحج: 18].
فها هي جميع الأجناس من جماد ونبات وحيوان تسجد لله لا يتخلف منها شيء، فهي تسجد وتُسبّح بالإجماع، ولم ينقسم الأمر إلا في الإنسان السيّد المكرّم، ولكن لماذا الإنسان بالذات هو الذي يشذُّ عن منظومة التسبيح في الكون؟
نقول: لأنه المخلوق الوحيد الذي مَيَّزَهُ الله بالاختيار، وجعل له الحرية في أنْ يفعل أو لا يفعل، أما باقي المخلوقات فهي مُسخّرة مقهورة، فإن قال قائل: لماذا لم يجعل الحق سبحانه وتعالى الإنسان أيضاً مقهوراً كباقي المخلوقات؟
لقد جعل الله تعالى في الإنسان الاختيار لحكمة عالية، فالقهر يُثبتُ للحق سبحانه صفة القدرة على مخلوقه، فإذا قهره على شيء لا يشذ ولا يتخَلف، ولكنه لا يثبت صفة المحبوبية لله تعالى.
أما الاختيار فيثبت المحبوبية لله؛ لأنه خلقك مختاراً تؤمن أو تكفر، ومع ذلك اخترْتَ الإيمان حُباً في الله تعالى، وطاعة وخضوعاً، فأثبتَّ بذلك صفة المحبوبية.
وإياك أن تظن أن مَنْ يَعْصي الله يعصيه قهراً عن الله، بل بما ركَّب فيه من الاختيار، وقد يقول قائل: وما ذنب الإنسان أن يكون مختاراً من بين جميع المخلوقات؟
لو حققتَ هذه القضية منطقياً وفلسفياً لوجدتَ الكون كله كان مختاراً، وليس الإنسان فقط، لكن اختارت جميع المخلوقات أنْ تُسلِّم الأمر لله، وفضَّلتْ أن تكون مقهورة مسخرة من البداية، أما الإنسان ففضَّل الاختيار، وقال: سأعمل بحرص، وسأحمل الأمانة بإخلاص، وهذا واضح في قول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب: 72].
وفي رَفْض هذه المخلوقات لتحمُّل الأمانة والاختيار دليل على العلم الواسع؛ لأنه يوجد فَرْق كبير بين قبول الأمانة وقت التحمُّل ووقت الأداء. فقد تتحمل الأمانة وأنت واثق من أدائها، لكن يطرأ عليك وقت الأداء مَا يحول بينك وبين أداء الأمانة.
والأمانة كما هو معروف لا تُوثَّق ولا تُكتب، وكثيراً ما يقع فيها التلاعب؛ لأنها لا تثبتُ إلا بذمّّة الآخذ الذي قد يضعف عن الأداء وتُلجِئه الأحداث إلى هذا التلاعب أو الإنكار، والأحداث قد تكون أقوى من الرجال.
فالإنسان إذن لا يضمن نفسه وقت الأداء، وإنْ كان يضمنها وقت التحمُّل، ولهذا اختارت جميع المخلوقات أن تكون مقهورة مُسيَّرة، أما الإنسان فقال: لي عقل وأستطيع التصرُّف والترجيح بين البدائل، فكان بذلك ظالماً لنفسه؛ لأنه لا يضمنها وقت الأداء، وجهولاً بما يكون من تغيُّر أحواله.
فالكون إذن ليس مقهوراً رَغْماً عنه، بل بإرادته واختياره، وكذلك الإنسان ليس مختاراً رَغْماً عنه، بل بإرادته واختياره.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مَّسْتُوراً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:47 am


.تفسير الآية رقم (45):

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}
الحق سبحانه وتعالى يعدل الأشياء تنفيذاً لأشياء أخرى، ويصنع أحداثاً أوّلية لتكون بمثابة المقدمة والتمهيد لأحداث أخرى أهم منها. وكفار مكة ما ادَّخروا وُسْعاً، وما تركوا وسيلة من وسائل الإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتنكيل به إلا فعلوها.
ومع ذلك لم يُفَاجأ بها رسول الله، ولم تُثبِّط من عزيمته، لماذا؟ لأنه كان مُتوقِّعاً لكل هذا الإيذاء، ولديه من سوابق الأحداث ما يعطيه الحصانة الكافية لمقابلة كل الشدائد.
فالمسألة لم تُفاجئ رسول الله؛ لأنه عرفها حتى قبل أن يُبعث، فحينما جاءه جبريل للمرة الأولى في الغار، وعاد إلى السيدة خديجة فَزِعاً ذهبتْ به إلى ابن عمها ورقة بن نوف، فطمأنه بأن هذا هو الناموس الإلهي، وأنه صلى الله عليه وسلم سيكون مبعوث السماء إلى الأرض، وأنه نبيُّ هذه الأمة، وقال فيما قال: ليتني أكون حياً حين يُخرِجك قومك، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَمُخرجيّ هم؟».
قال: نعم، لم يأتي رجل بمثل ما جئتَ به إلا عودِي، وإنْ يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً.
إذن: فالحق سبحانه وتعالى حَصَّن رسوله صلى الله عليه وسلم ضد ما سيأتي من أحداث؛ لكي يكون على توقُّع لها، ولا تحدث له المفاجأة التي ربما ولدتْ الانهيار، وأعطاه الطُّعْم المناسب للداء قبل حدوثه؛ لتكون لديه المناعة الكافية عند وقوع الأحداث، واليقين الثابت في نصر الله له مهما ادْلهَمتْ الخطوب، وضاق الخناق عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه.
والحديث عن الذين لا يؤمنون بالآخرة، وما داموا كذلك فليس لهم إلا الدنيا، هي فرصتهم الوحيدة، لذلك يحرصون على استنفاد كل شهواتهم فيها، ولا يؤخرون منها شيئاً، فإنْ أجَّل المؤمن بعض مُتَعِه وشهواته انتظاراً لما في الآخرة فإلامَ يؤجل الكفار مُتعهم؟
إذن: الذي يجعل هؤلاء يتهافتون على شهواتهم في الدنيا أنهم غير مؤمنين بالآخرة.
فإذا جاء رسول بمنهج ليعدل حركة الناس لتنسجم مع الكون، فلابد أن يثور هؤلاء الكفار الحريصون على شهواتهم ومكانتهم، لابد أنْ يصادموا هذه الدعوة، ويقاوموها في ذات الرسول وفي منهجه، في ذاته بالإيذاء، وفي دعوته ومنهجه بصَرْف الناس عنه، ألم يقل الكفار لمن يَرَوْن عنده مَيْلاً للإسلام: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26].
وقولهم: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن..} [فصلت: 26].
شهادة منهم بصدق القرآن الكريم، وأنه ينفذ إلى القلوب ويؤثر فيها، وإلا لما قالوا هذا القول.
وقولهم: {والغوا فِيهِ..} [فصلت: 26].
أي: هرَّجوا وشَوِّشوا عليه حتى لا يصل إلى آذان الناس، إذن: هم واثقون من صدق رسول الله وصدق دعوته، وقد دَلَّتْ تصرفاتهم على ذلك، فحينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب إلى الكعبة، ويجلس بجوارها يُدندِن بآيات القرآن كان صناديد الكفر في مكة يتعمدون سماع القرآن، والتلذُّذ بروعته وبلاغته.
فقوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مَّسْتُوراً} [الإسراء: 45].
يُرْوَى أن أبا جهل، وأبا سفيان، وأبا لهب، وأم جميل كانوا يتابعون رسول الله، ويتنصتون عليه وهو يقرأ القرآن ليروْا ما يقول، وليجدوا فرصة لإيذائه صلى الله عليه وسلم، فكان الحق سبحانه يصمُّ آذانهم عن سماع القرآن، فالرسول يقرأ وهم لا يسمعون شيئاً، فينصرفون عنه بغيظهم.
وكأن الحق سبحانه يريد من هذه الواقعة أن تكون تمهيداً لحدث أهم، وهو ما كان من رسول الله ليلة الهجرة، ليلة أنْ بيَّتوا له القتل بضربة رجل واحد، فتحرسه عناية الله وتقوم له: اخرج عليهم ولا تخف، فإن الذي جعلك تقرأ وجعل بينك وبينهم حجاباً فلا يستمعون إليك، هو الذي سينزل على أعينهم غشاوة فلا يرونك.
ومع إحكام خيوط هذه المؤامرة لم يخرج الرسول من بينهم صامتاً يحبس أنفاسه خَوْفاً، بل خرج وهو يقول (شاهت الوجوه) وهو لا يخشى انتباههم إليه، وأكثر من ذلك: يأخذ حفنة من التراب ويذروها على وجوههم، إنها الثقة واليقين في نصره وتأييده.
وقوله: {حِجَاباً مَّسْتُوراً} [الإسراء: 45].
الحجاب: هو المانع من الإدراك، فإنْ كان للعين فهو مانع للرؤية، وإنْ كان للأذن فهو مانع للسمع.
وكلمة {مَّسْتُوراً} اسم مفعول من الستر، فلم يقل الحق سبحانه وتعالى(ساتراً)، وهذا من قبيل المبالغة في الستر والإخفاء، فالمعنى أن الحجاب الذي يمنعهم من سماعك أو رؤيتك هو نفسه مستور، فإن كان الحجاب نفسه مستوراً، فما بالُكَ بما خلفه؟
ولاشكَّ أن الذِّهْن سينشغل هنا بالحجاب المادي، لكن هذا الحجاب الذي يتحدث عنه الحق سبحانه حجاب معنويّ ولا يراه أحد، كما في قوله تعالى: {رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2].
فلو قال: بغير عَمَد وسكت فقد نفى وجود عمد للسماء وانتهت المسألة، وأدخلناها تحت قوله تعالى: {إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ} [فاطر: 41] فالأمر قائم على قدرة الله دون وجود عَمَدٍ تحمل السماء.
لكن قوله سبحانه: {تَرَوْنَهَا} تجعل المعنى صالحاً لأنْ نقول بغير عَمَد، وأنتم ترونها كذلك، فننظر هنا وهناك فلا نجد للسماء عمداً تحملها، أو نقول: إن لها عمداً لكِنَّا لا نراها، فهي عَمَد معنوية، فلا ينصرف ذهنك إلى ما نقيمه نحن من عَمد المسلح أو الرخام أو الحديد.
وفي هذا ما يدُكُّ الغرور في الإنسان، ليعلم أنه لا يدرك إلا ما أذن الله له في إدراكه، وأن حواسَّ الإدراك لديه قد تتوقف عن هذا الإدراك، فليس معنى أنها مدركة أن تظل مدركة دائماً، فليس لها طلاقة لتفعل ما تشاء، بل الحق سبحانه وتعالى يعطيها هذه القدرة، أو يسلبها إياها.
فالقدرة الإلهية هي التي تُسيِّر هذا الكون، وتأمر كل شيء بأن تُؤدِّي مهمته في الحياة، وإنْ شاء عطّلها عن أداء هذه المهمة؛ لذلك نرفض قول الفلاسفة أن الحق سبحانه وتعالى زاول سلطانه في مُلْكه مرة واحدة، بأن جعل فيه النواميس والقوانين، وهي التي تحكم العالم وتُسيِّره.
ففي قصة موسى عليه السلام أنه سار بجيشه، يطارده فرعون وجنوده حتى وصل إلى شاطئ البحر فأصبح البحر من أمامه، وفرعون من خلفه حتى قال أصحاب موسى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ..} [الشعراء: 61].
فأين المفر، وهاهو البحر من أمامنا، والعدو من خلفنا؟ وهذا كلام منطقي مع واقع الحديث البشري، لكن الأمر يختلف عند موسى عليه السلام فقال بملء فيه: {قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62].
فهل قالها موسى برصيد بشري؟ لا، بل بما عنده من ثقة في ربه، وهكذا انتقلت المسألة إلى ساحة الخالق سبحانه، فقال لنبيه موسى: {فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} [الشعراء: 63].
فخرق الله لموسى قانون سيولة الماء واستطراقه، ويتجمد الماء، ويصير كالجبل ويتحول البحر إلى يابسة، ويعبر موسى وقومه إلى الناحية الأخرى، وتنشرح صدورهم بفرحة النجاة، ويأخذ موسى عليه السلام عصاه ليضرب البحر ليعود إلى طبيعته، وحتى لا يعبره فرعون ويلحق به، لكن الحق سبحانه يأمره، أن يتركه على حاله: {واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} [الدخان: 24].
فعندما نزل فرعون وجنوده البحر واكتمل عددهم في قاعه أطلق الخالق سبحانه للماء قانون سيولته، فأطبق على فرعون وجنوده، وكانت آيةً من آيات الله، شاهدة على قدرته سبحانه، وأنه إنْ شاء أنجى وأهلك بالشيء الواحد، وشاهدة على قيوميته تعالى على خَلْقه، فليس الأمر كما يقولون أمر قانون أو ناموس يعمل، ويدير حركة الكون، فكل المعجزات التي مرَّتْ في تاريخ البشرية جاءت من باب خرق النواميس.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وَقْراً...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:47 am


.تفسير الآية رقم (46):

{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)}
ومعنى {أَكِنَّةً} جمع كِنَان، وهو الغطاء، وقد حكى القرآن اعترافهم بهذه الأكنة وهذه الحجب التي غلَّفَتْ قلوبهم في قوله تعالى: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ..} [فصلت: 5].
الكون كله خَلْق الله، والإنسان سيد هذا الكون، وخليفة الله فيه وهو مربوب للخالق سبحانه لا يخرج عن مربوبيته لربه، حتى وإنْ كان كافراً لا يزال يتقلّب في عطاء الربوبية، فلا يُحرم منها الكافر بكفره ولا عاص بمعصيته، بل كما قال تعالى: {كُلاًّ نُّمِدُّ هؤلاء وهؤلاء مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ..} [الإسراء: 20].
وسبق أنْ فرَّقنا بين عطاء الربوبية المتمثّل في كل نِعَم الحياة وبين عطاء الألوهية، وهو التكليف الذي يقتضي عبداً ومعبوداً، وافعل ولا تفعل.
إذن: عطاء الربوبية عام للجميع ودائم للجميع، فكان على الإنسان أن يقف مع نفسه وقفة تأمُّل في هذه النعم التي تُسَاق إليه دون سَعْي منه أو مجهود، هذه الشمس وهذه الأرض وهذا الهواء، هل له قدرة عليها؟ هل تعمل له بأمره، إنها أوليات النعم التي أجراها الله تعالى من أجله، وسخّرها بقدرته من أجله، ألا تدعوه هذه النعم إلى الإيمان بالمنعم سبحانه وتعالى؟
وسبق أنْ ضربنا مثلاً للاستدلال على الخالق سبحانه بما أودعه في الكون من ظواهر وآيات بالرجل الذي انقطعت به السُّبُل في صحراء، حتى أوشك على الهلاك، وفجأة رأى مائدة عليها ما يشتهي من الطعام والشراب، ألاَ تثير في نفسه تساؤلاً عن مصدرها قبل أن تمتدَّ إليها يده؟

وكذلك الكافر الذي يتقلَّب في نِعَم لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، وقد طرأ على الكون فوجده مُعدّاً لاستقباله مُهَيئاً لمعيشته، فكان عليه أنْ يُجري عملية الاستدلال هذه، ويأخذ من النعمة دليلاً على المنعِم.
والحق تبارك وتعالى لا يمنع عطاء ربوبيته عَمَّنْ كفر، بل إن الكافر حين يتمكَّن الكفر منه ويُغلق عليه قلبه يساعده الله على ما يريد، ويزيده مما يحب، كما قال تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً..} [البقرة: 10].
إذن: فقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً..} [الإسراء: 46] لم تَأْتِ من الله ابتداءً، بل لما أحبُّوا هم الكفر، وقالوا عن أنفسهم: قلوبنا في أكنة، فأجابهم الله إلى ما أرادوا وختم على قلوبهم ليزدادوا كفراً، وطالما أنهم يحبونه فَلْنُزدهم منه.
ثم يقول تعالى: {أَن يَفْقَهُوهُ..} [الإسراء: 46].
أي: كراهية أنْ يفقهوه؛ لأن الله تعالى لا يريد منهم أن يفهموا القرآن رَغْماً عنهم، بل برضاهم وعن طيب خاطر منهم بالإقناع وبالحجة، فالله لا يريد منا قوالبَ تخضع، بل يريد قلوباً تخشع، وإلا لو أرادنا قوالبَ لما استطاع أحد منا أنْ يشذَّ عن أمره، أو يمنع نفسه من الله تعالى، فالجميع خاضع لأمره وتحت مشيئته.
وفي سورة الشعراء يقول الحق تبارك وتعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 3-4].
فالأعناق هي الخاضعة وليست القلوب؛ لأنك تستطيع أن تقهر قالب خصمك فتجبره على فعل أو قول، لكنك لا تستطيع أبداً أن تجبر قلبه وتكرهه على حبك، إذن: فالله تعالى يريد القلوب، يريدها طائعة محبة مختارة، أما هؤلاء فقد اختاروا الأكِنّة على قلوبهم، وأحبُّوها وانشرحت صدورهم بالكفر، فزادهم الله منه.
ثم يقول تعالى: {وفي آذَانِهِمْ وَقْراً..} [الإسراء: 46].
{وَقْراً} أي: صَمم، والمراد أنهم لا يستمعون سماعاً مفيداً؛ لأنه ما فائدة السمع؟ واللغة وسيلة بين متكلم ومخاطب، ومن خلالها تنتقل الأفكار والخواطر لتحقيق غاية، فإذا كان يستمع بدون فائدة فلا جدوى من سمعه وكأنه به صَمماً.
وقوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً..} [الإسراء: 46].
لماذا ولو على أدبارهم نفوراً؟ لأنك أتيتَ لهم بما يُخوِّفهم ويُزعجهم، وبالله لو أن قضيةَ الإيمان ليست فطرية موجودة في الذات وفي ذرّات التكوين، أكان هؤلاء يخافون من ذكر الله؟ فَمِمّا يخافون وهم لا يؤمنون بالله، ولا يعترفون بوجوده تعالى؟
إذن: ما هذا الخوف منهم إلا لانقهار الطبع، وانقهار الفطرة التي يعتريها غفلة، فإذا بهم يُولُّون مدبرين في خَوْفٍ ونُفور.
ثم يقول الحق سبحانه: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نجوى...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:47 am


.تفسير الآية رقم (47):

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47)}
الحق سبحانه وتعالى لا يَخْفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهذه حقيقة كان على الكفار أنْ ينتبهوا إليها ويُراعوها، ويأخذوها سبيلاً إلى الإيمان بالله، فقد أخبر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المصير} [المجادلة: 8].
فكان عليهم أن يتدبروا هذا القول: فهم قالوا في أنفسهم، ولم يقولوا لأحد، فمَنْ أخبر محمداً بهذا القول الذي لم يخرج إلى عالم الواقع، ومَنْ أطلعه عليه؟ أَلاَ يدعوهم هذا الإعلام بما يدور في نفوسهم إلى الإيمان بالله؟
وما دام الحق سبحانه يعلم كل الأحوال، ولا يَخْفَى عليه شيء، فهو أعلم بأحوالهم هذه: الأول: يستمعون إليك. والثاني: وإذ هم نجوى. والثالث: إذ يقول الظالمون. إذن: هم يستمعون ثم يتناجون، ثم يقول بعضهم لبعض.
قالوا: إن سبب نزول هذه الآية ما كان عند العرب من حُبٍّ للغة وشغف بأساليب البيان؛ لذلك كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم من جنس ما نبغ فيه قومه، لتكون أوضح في التحدي، هكذا شأن الحق سبحانه مع كل الرسل.
وكان للعرب أسواق للبيان والبلاغة يجتمع فيها أهل الشعر والبلاغة والفصاحة، وفي مكة تصب كل الألسنة في مواسم الحج، فعرفوا صفوة لغات الجزيرة وأساليبها، ومن هنا انجذبوا لسماع القرآن، وشغفوا ببيانه بما لديهم من أذن مُرْهفة للأسلوب وملَكة عربية أصيلة، إلا أن القرآن له مطلوبات وتكاليف لا يقدرون عليها، ولديه منهج سيُقوِّض مملكة السيادة التي يعيشون فيها.
ومن هنا كابروا وعاندوا، ووقفوا في وجه هذه الدعوة، وإنْ كانوا مُعْجبين بالقرآن إعجاباً بيانياً بلاغياً بما في طباعهم من مَلَكات عربية.
فيُرْوَى أن كباراً مثل: النضر بن الحارث، وأبي سفيان، وأبي لهب كانوا يتسللون بعد أن ينام الناس ممن كانوا يقولون لهم: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ} [فصلت: 26] كانوا يذهبون إلى البيت يتسمَّعون لقراءة القرآن، ولماذا يحرمون أنفسهم من سماع هذا الضرب البديع من القول، وقد حرموا مواجيدهم وقلوبهم منه، فكانوا عند انصرافهم يرى بعضهم بعضاً مُتسلّلاً مُتخفّياً، فكانوا مرة يكذبون على بعضهم بحجج واهية، ومرة يعترفون بما وقعوا فيه من حُبٍّ لسماع القرآن.
فقال تعالى: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ..} [الإسراء: 47].
أي: بالحال الذي يستمعون عليه، إذ يستمعون إليك بحال إعجاب. ثم: {وَإِذْ هُمْ نجوى..} [الإسراء: 47] من التناجي وهو الكلام سِرّاً، أو: أن نَجْوى جمع نجى، كقتيل وقَتْلى، وجريح وجَرْحى.
فالمعنى: نحن أعلم بما يستمعون إليه، وإذ هم متناجون أو نجوى، فكأن كل حالهم تناجٍ.
وقوله: {وَإِذْ هُمْ نجوى..} [الإسراء: 47].
فيه مبالغة، كما تقول: رجل عادل، ورجل عَدْل.
ومِنْ تناجيهم مَا قاله أحدهم بعد سماعه لآيات القرآن: (والله، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسلفه لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعْلَى عليه).
ثم تأتي الحالة الثالثة من أحوالهم: {إِذْ يَقُولُ الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47].
وهذا هو القول المعْلَن عندهم، أن يتهموا رسول الله بالسحر مرة، وبالجنون أخرى، ومرة قالوا: شاعر. وأخرى قالوا: كاهن. وهذا كله إفلاس في الحجة، ودليل على غبائهم العقديّ.
وكلمة {مَّسْحُوراً} اسم مفعول من السحر، وهي تخييل الفِعْل. وليس فعلاً، وتخييل القَوْل وليس قولاً، فهي صَرْف للنظر عن إدراك الحقائق، أما الحقائق فهي ثابتة لا تتغير.
لذلك نقول: إن معجزة موسى عليه السلام من جنس السحر وليست سِحْراً؛ لأن ما جرى فيها كان حقيقة لا سِحْراً، فقد انقلبتْ العصا حَيَّة تبتلع حبال السحرة وعِصيّهم على وَجْه الحقيقة، لكن لما كانت المعجزة في مجال السحر ظنها الناسُ سِحْراً؛ لأن القرآن قال في سحرة فرعون: {سحروا أَعْيُنَ الناس} [الأعراف: 116] وقال في آية أخرى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى} [طه: 66].
إذن: فحقيقة الأشياء ثابتة لا تتغير، فالساحر يرى العصا عصا، أما المسحور فيراها حية، وليست كذلك مسألة موسى عليه السلام وليؤكد لنا الحق سبحانه هذا المعنى، وأن ما حدث من موسى ليس من سحرهم وتغفيلهم أنه حينما قال له: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى} [طه: 17].
فأطال موسى عليه السلام الكلام؛ لأنه أحب الأُنْس بالكلام مع ربه تعالى فأجاب: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي...} [طه: 18] ثم أحس موسى أنه أطال فقال موجزاً: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى} [طه: 18].
فهذا هو مدى عِلْمه عن العصا التي في يده، لكن الله تعالى سيجعلها غير ذلك، فقال له: {قَالَ أَلْقِهَا ياموسى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى} [طه: 19-20].
فهل خُيِّل لموسى أنها حيَّة وهي عصا؟ أم أنها انقلبت حيّة فعلاً؟ إنها حية فعلاً على وجه الحقيقة، بدليل قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً موسى} [طه: 67].
وموسى لم يَخَفْ إلا لأنه وجد العصا حيّة حقيقية، ثم طمأنه ربه: {قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلى} [طه: 68].
لذلك لما رأى السحرة ما تفعله عصا موسى علموا أنها ليست سحراً، بل هي شيء خارج عن نطاق السحر والسحرة، وفوق قدرة موسى عليه السلام، فآمنوا بربِّ موسى القادر وحده على إجراء مثل هذه المعجزة.
وقوله تعالى: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47].
أي: سحره غيره. وهذا قوْل الظالمين الذين يُلفِّقون لرسول الله التهمة بعد الأخرى، وقد قالوا أيضاً: ساحر. قال تعالى: {قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ} [يونس: 2].
فمرّة قُلْتم: ساحر. ومرة قلتم: مسحور. وهذا دليل التخبُّط واللَّجج، فإن كان ساحراً فعندكم من السحرة كثيرون، فلماذا لا يُواجِهونه بسحر مثل سِحْره؟ ولماذا لم يسحركم أنتم كما سحر غيركم وتنتهي المسألة؟ وهل يمكن أن يُسْحر الساحر؟
وإنْ كان مسحوراً سحره غيره، فهل جرَّبْتُم عليه في سحره كلاماً مخالفاً لواقع؟ هل سمعتموه يهذي كما يهذي المسحور؟ إذن: فهذا اتهام بطل وقول كاذب لا أصل له، بدليل أنكم تأبَّيتم عليه، ولم يُصِبْكم منه أذى.
فلما أخفقوا في هذه التهمة ذهبوا إلى ناحية أخرى فقالوا: شاعر، وبالله أَمِثْلُكم أيها العرب، يا أربابَ اللغة والفصاحة والبيان يَخْفي عليه أن يُفرِّق بين الشعر والنثر؟ والقرآن وأسلوب متفرد بذاته، لا هو شعر، ولا هو نثر، ولا هو مسجوع، ولا هو مُرْسل، إنه نسيج وحده.
لذلك نجد أهل الأدب يُقسِّمون الكلام إلى قسمين: كلام الله وكلام البشر، فكلام البشر قسمان: شعر ونثر ويخرج كلام الله تعالى من دائرة التقسيم؛ لأنه متفرد بذاته عن كل كلام.
فلو قرأت مثلاً في كتب الأدب تجد الكاتب يقول: هذا العدل محمود عواقبه، وهذه النَّبْوة غُمّة ثم تنجلي، ولن يريبني من سيدي أن أبطأ سيبه، أو تأخر غير ضنين غناؤه، فأبطأُ الدِّلاَء فَيْضاً أحفلُها، وأثقل السحائب مَشْياً أحفلها، ومع اليوم غد، ولكلِّ أجل كتاب، له الحمد على احتباله، ولا عتب عليه في احتفاله.
فإِنْ يَكن الفِعْلُ الذي سَاءَ وَاحِداً ** فأَفْعالُه الَّلائِي سُرِرْنَ أُلُوفُ

فلا شكَّ أنك ستعرف انتقالك من النثر إلى الشعر، وسوف تُميِّز أذنك بين الأسلوبين، لكن أسلوب القرآن غير ذلك، فأنت تقرأ آياته فتجدها تناسب انسياباً لا تلحظ فيه أنكَ انتقلتَ من نثر إلى شعر، أو من شعر إلى نثر، واقرأ قول الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم} [الحجر: 49].
أَجْرِ عليه ما يُجريه أهل الشعر من الوزن، فسوف تجد بها وزناً شعرياً: مستفعل فاعلات.. وكذلك: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم} [الحجر: 50] تعطيك الشطر الثاني من البيت، لكن هل لاحظتَ ذلك في سياق الآيات؟ وهل لاحظتَ أنك انتقلت من شعر إلى نثر، أو من نثر إلى شعر؟
إذن: فالقرآن نسيج فريد لا يُقال له: شعر ولا نثر، وهذا الأمر لا يَخْفى على العربي الذي تمرَّس في اللغة شعرها ونثرها، ويستطيع تمييز الجيِّد من الرديء.
ثم يقول الحق سبحانه: {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:48 am


.تفسير الآية رقم (48):

{انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)}
أي: تعجَّبْ مما هم فيه من تخبُّط ولَجج، فمرَّة يقولون عن القرآن: سحر ومرة يقولون: شعر، ويصفونك بأنك: شاعر، وكاهن، وساحر.
ومعلوم أن الرسالة لها عناصر ثلاثة: مُرسِل، وهو الحق سبحانه وتعالى، ومُرسَل وهو النبي صلى الله عليه وسلم ومُرْسَلٌ به وهو القرآن الكريم، وقد تخبّط الكفار في هذه الثلاثة ودعاهم الظلم إلى أن يقول فيها قولاً كاذباً افتراءً على الله تعالى وعلى رسوله وعلى كتابه.
وقد سبق أن تحدثنا عن افتراءاتهم في الألوهية وعن موقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك قولهم: {لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
وقولهم عن القضية الإيمانية العامة: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
أهذه دعوة يدعو بها عاقل؟! فبدل أنْ يقولوا: فاهدنا إليه تراهم يُفضّلون الموت على سماع القرآن، وهذا دليل على كِبْرهم وعنادهم وحماقتهم أمام كتاب الله.
لذلك، فالحق سبحانه وتعالى من حبه لرسوله صلى الله عليه وسلم ورِفْعة منزلته حتى عند الكافرين به، يردُّ على الكافرين افتراءهم، ويُطمئِن قلب رسوله، ويتحمل عنه الإيذاء في قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ..} [الأنعام: 33].
أي: قولهم لك: ساحر، وكاهن، وشاعر، ومجنون {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
فليست المسألة عندك يا محمد، فهُمْ مع كفرهم لا يكذبونك ولا يجرؤن على ذلك ولا يتهمونك، إنما المسألة أنهم يجحدون بآياتي، وكُلٌّ تصرفاتهم في مقام الألوهية، وفي مقام النبوة، وفي مقام الكتاب ناشئة عن الظلم.
وقولهم عن رسول الله: مجنون قوْلٌ كاذب بعيد عن الواقع؛ لأن ما هو الجنون؟ الجنون أن تُفسِد في الإنسان آلة التفكير والاختيار بين البدائل، والجنون قد يكون بسبب خَلْقي أي: خلقه الله تعالى هكذا، أو بسبب طارئ كأنْ يُضربَ الإنسان على رأسه مثلاً، فيختلّ عنده مجال التفكير.
ومن رحمة الله تعالى بالعبد أن أخَّرَ له التكليف إلى سِنَّ البلوغ واكتمال العقل، وحتى يكون قادراً على إنجاب مثله؛ لأنه لو كلّفه قبل البلوغ فسوف تطرأ عليه تغييرات غريزية قد يحتج بها، ومع ذلك طلب من الأب أن يأمر ابنه بالصلاة قبل سِنِّ التكليف لِيُعَوِّده الصلاة من الصغير ليكون على إِلْفٍ بها حين يبلغ سِنّ التكليف، وليألف صيغة الأمر من الآمر.
والإنسان لا يشك في حُبّ أبيه وحِرْصه على مصلحته، فهو الذي يُربّيه ويُوفّر له كل ما يحتاج، فله ثقة بالأب المحس، فالحق سبحانه يريد أنْ يُربِّبَ فينا الطاعة لمن نعلم خيره علينا، فإذا ما جاء وقت التكليف يسهل علينا ولا يشق؛ لأنها أصبحتْ عادة.
والذي أعطى للأب حَقَّ الأمر أعطاه حَقّ العقاب على ترْكه ليكون التكليف من الرب الصغير، والعقوبة من الرب الصغير لِتُعوِّده بالأُبُوة المحسَّة والرحمة الظاهرة على طاعة الحق سبحانه الذي أنعم عليَّ وعليك.
فالعقل إذن شرْط أساسي في التكليف، وهو العقل الناضج الحرّ غير المكْره، فإنْ حدث إكراه فلا تكليف.
فقوله: {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال..} [الإسراء: 48].
أي: قالوا مجنون، والمجنون ليس عنده اختيار بين البدائل، وقد رَدَّ الحق سبحانه عليهم بقوله: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ ما أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 1-4].
فنفى الحق سبحانه عن رسوله هذه الصفة، وأثبت له صفة الخُلق العظيم، والمجنون لا خُلقَ له، ولا يُحاسَب على تصرفاته، فهو يشتم هذا ويضرب هذا ويبصق في وجه هذا، ولا نملك إلا أنْ نبتسم في وجهه ونُشفِق عليه.
ولقائل أنْ يقول: كيف يسلبه الخالق سبحانه وتعالى نعمة العقل، وهو الإنسان الذي كرّمه الله؟ وكيف يعيش هكذا مجرد نسخة لإنسان؟
ولنعلم الحكمة من هذه القضية علينا أنْ نُقارن بين حال العقلاء وحال المجنون، لنعرف عدالة السماء وحكمة الخالق سبحانه، فالعاقل نحاسبه على كل كبيرة وصغيرة ومقتضى ما تطلبه من عظمة في الكون، ومن جاه وسلطان ألاَ يُعقّب على كلامك أحد، وأنْ تفعلَ ما تريد.
أَلاَ ترى أن المجنون كذلك يقول ويفعل ما يريد، ثم يمتاز عنك أن لا يسأل في الدنيا ولا في الآخرة؟ أليست هذه كافية لتُعوِّضه عن فقد العقل؟ فلا تنظر إلى ما سلب منه، ولكن إلى ما أعطاه من مَيْزات في الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: {فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} [الإسراء: 48].
أي: لم يستطيعوا أنْ يأتُوا بمثَلٍ يكون صَاداً وصارفاً لمن يؤمن بك أنْ يؤمن، فقالوا: مجنون وكذبوا. وقالوا: ساحر وكذبوا وقالوا: شاعر وكذبوا. وقالوا: كاهن وكذبوا. فَسُدّتْ الطرق في وجوههم، ولم يجدوا مَنْفَذاً لِصَدِّ الناس عن رسول الله.
فلما عجزوا عن إيجاد وَصْف يصدُّ مَنْ يريد الإيمان برسول الله، قالوا: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
ومنهم من قال: {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
فلم يستطيعوا إيجاد سبيل يُعَوقون به دعوتك، بدليل أنه رغم ضَعْف الدعوة في بدايتها، ورغم اضطهادهم لها تراها تزداد يوماً بعد يوم، وتتسع رُقْعة الإيمان، أما كَيْدهم وتدبيرهم فيتجمّد أو يقلّ.
كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا..} [الرعد: 41].
فكل يوم تزداد أرض الإيمان، وتِقلُّ أرض الكفر.
والحق سبحانه وتعالى في قضية استماع القرآن وقولهم: قلوبنا في أكنة، وقلوبنا غلف يريد أن يُلفِتَ أنظارنا إلى قضية هامة في الوجود ومنتظمة في كل الكائنات، وهي أن الأفعال تقتضي فاعلاً للحدث وقابلاً لفعل الحدث، ومثال ذلك: الفلاح الذي يُقلِّب التربة بفأسه، فتقبل التربة منه هذا الفعل، وتنفعل هي معه، فتعطيه ما ينتظره من محصول.
أما لو فعل هذا الفعل في صخرة فلن تقبل منه هذا الفعل. إذن: فثمرة الحدث تتوقف على طرفين: فاعل، وقابل للفعل.
لذلك أتعجب من هؤلاء الذين يقولون: إن الغرب يفتن المسلمين عن دينهم، ويأتي إلينا بالمغْريات وأسباب الانحراف، ويُصدّر إلينا المبادئ الهدامة ويُشككنا في ديننا.. إلخ.
ونقول لهؤلاء: مَا يضركم أنتم إنْ فعل هو ولم تقبلوا أنتم منه هذا الفعل؟! دَعُوه يفعل ما يريد، المهم ألاَّ نقبلَ وألاَّ نتفاعلَ مع مقولاته ومبادئه. فالخيبة ليست في فعل الغرب بنا، ولكن في تقبُّلنا نحن ولَهْثنا وراء كُلِّ ما يأتينا من ناحيته، وما ذلك إلا لِقلّة الخميرة الإيمانية في نفوسنا، فالغرب يريد أنْ يُثبِّت نفوذه، ويثبت مبادئه، وما عليك إلاّ أنْ تتأبّى على قبول مثل هذه الضلالات.
وعلى نظرية الفاعل والقابل هذه تُبنَى الحضارات في العالم كله؛ لأن الخالق سبحانه حينما استدعانا إلى الوجود جعل لنا فيه مُقوِّمات الحياة الأساسية من: شمس، وقمر، ونجوم، وأرض، وسماء، وماء، وهواء. ومن هذه المقوّمات ما يعطيك ويخدمك دون أنْ تتفاعَل معه أو تطلبَ منه، كالشمس والماء والهواء، ومنها ما لا يعطيك إلاَّإذا تفاعلتَ معه مثل الأرض لا تعطيك إلا إذا تعهدتها بالحرث والسَّقْي والبَذْر.
والمتأمل في الكون يجد أن جميع ارتقاءات البشر من هذا النوع الثاني الذي لا يعطيك إلا إذا تفاعلتَ معه، وقد ترتقي الطموحات البشرية إلى أن تجعلَ من النوع الأول الذي يعطيك دون أن تتفاعلَ معه ومن غير سلطان لك عليه، تجعل منه مُنْفَعِلاً بعملك فيه، كما يحدث الآن في استعمال الطاقة الشمسية في مجالات جديدة لم تكُنْ من قبل. إذن: فهذه ارتقاءاتٌ لا يُحْرَم منها مَنْ أخذ بالأسباب وسَعَى إلى الرُّقيّ والتقدم.
إذن: إنْ جاء يُشكِّك في دينك نَدَعْهُ، وما يقول فليس بملوم، إنما الملوم أنت إنْ قبلْتَ منه؛ ولذلك يجب علينا وعلى كُلّ قائم على تربية النشء أنْ نُحصِّن أولادنا ضد هجمات الإلحاد والتنصير والتغريب، ونُعلِّمهم من أساسيات الدين ما يُمكِّنهم من الدفاع والردِّ بالحجة والإقناع حتى لا يقعوا فريسة سَهْلة في أيدي هؤلاء.
وهذه هي المناعة المطلوبة وما أشبهها بما نستخدمه في الماديات من التطعيم ضد المرض، حتى إذا طرأ على الجسم لا يؤثر فيه. ألاَ ترى الحق سبحانه في قرآنه الكريم يَعْرِض لِشُبَه الكافرين والملاحدة ويُفصِّلها ويُناقشها، ثم يبين زَيْفها، فيقول: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} [الكهف: 5].
فلماذا يعرضها القرآن، هل لنأخذ بها ونتعلمها؟ لا بل لكي لا نُفَاجأ بها، فإذا أَتَتْ يكون لدينا المناعة الكافية ضِدّها، ولكي تتربّى فينا الحصانة المانعة من الانزلاق أو الانحراف.
إذن: فأصول الحياة فاعل وقابل، وسبق أنْ ضربنا مثلاً فقلنا: في الشتاء ينفخ الإنسان في يده ليدفئها، وكذلك ينفخ في كوب الشاي ليبرده، فالفعل واحد ولكن القابل مختلف. وكذلك حال الناس في سماع القرآن واستقبال كلمات الله، فقد استقبله أحد الكفار في حال هدوء وانسجام، فقال: (والله إنَّ له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغْدق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه يعلو ولا يُعْلَى عليه) لقد استمعه بملكَة العربي الشَّغُوف بكل ما هو جميل من القَوْل، لا بملَكِة العناد والكِبْر والغطرسة.
وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه له حالان في سماع القرآن: حال كفر وشدة وغلظة عند سماع القرآن، وحال إيمان ورقَّة قلب حينما بلغه نبأ إسلام أخته، فأسرع إليها وهي تقرأ القرآن فصفَعها بقسْوة حتى أَدْمَى وجهها، فأخذتْه عاطفة الرحم، وتغلبت على عاطفة الكفر عنده، فلما سمع القرآنَ بهذه العاطفة الحانية تأثَّر به، فآمن مِنْ فَوْره؛ لأن القرآن صادف منه قَلْباً صافياً، فلابد أَنْ يُؤثِّر فيه.
فالمسألة إذن تحتاج أن يكون لدى القابل استعداد لِتقبُّل الشيء والانفعال به.
وقد لخَّص لنا الحق سبحانه هذه القضية في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم مَاذَا قَالَ آنِفاً..} [محمد: 16].
فيأتي الرد عليهم: {أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أَهْوَآءَهُمْ} [محمد: 16].
وفي آية أخرى يقول سبحانه: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى..} [فصلت: 44].
فالقرآن واحد، ولكن المستقبل مختلف، إذن: فإياك أنْ تلوم مَنْ يريد أن يلويَ الناس إلى طريق الضلال، بل دَعْه في ضلاله، ورَبِّ في الآخرين مناعة حتى لا يتأثروا ولا يستجيبوا له.
بعد أن تكلمنا عن موقف الكفار من الألوهية ومن النبوة نتكلم من موقفهم من المنهج الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا المنهج يتضمن قضايا كثيرة وأموراً متعددة، لكن أم هذا المنهج وأساسه أن نؤمن بالآخرة، وما دُمْنَا نؤمن بالآخرة فسوف تنسجم حركتنا في الحياة. فالإيمان بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب هو الحافز لنا على العمل والاستقامة في الدنيا، وما أشبه ذلك بالتلميذ الذي يجتهد ويجدّ؛ لأنه يؤمن بالامتحان آخر العام، وما ينتج عنه من توفيق أو إخفاق.
غبيّ مَنْ يظن أن الدنيا هي نهاية المطاف، وأنها الغاية التي ليس بعدها غاية؛ لأن الجميع عبيدٌ لله تعالى متساوون.. ومع ذلك نرى مَنْ يموت في بطن أمه، ومَنْ يموت بعد عدة شهور، وآخر بعد عدة أعوام، فلو أن الدنيا هي الغاية لاستوى الجميع في المكْث فيها، فاختلاف الأعمار في الدنيا دليل على أنها ليست غاية.
وعجيب في أمر الموت أن نرى الناس يحزنون كثيراً على مَنْ مات صغيراً ويقولون: أُخِذ في شبابه ويُكثِرون عليه العويل، لماذا؟ يقولون: لأنه لم يتمتع بالدنيا، سبحان الله أي دنيا هذه التي تتحدثون عنها، وقد اختاره الله قبل أنْ تُلوّثه آثامها وتُلطّخه ذنوبها، لماذا تحزنون كل هذا الحزن ولو رأيتم ما هو فيه لحسدتموه عليه؟
والناس كثيراً ما يُخطِئون في تقدير الغايات؛ لأن كل حَدَث يُحدِثه الإنسان له غاية من هذا الحدث، هذه الغاية مرحلية وليست نهائية، فالغاية النهائية والحقيقية ما ليس بعدها غاية أخرى، فالتلميذ يذاكر بالمرحلة الابتدائية لينتقل إلى المرحلة الإعدادية، ويذاكر الإعدادية لينتقلَ إلى الثانوية.
وهكذا تتوالى الغايات في الدنيا إلى أنْ يصل إلى غاية الدنيا الأخيرة، وهي أن يبني بيتاً ويتزوج ويعيش حياة سعيدة يرتاح فيها بما تحت يديه من خدم، يقضون له ما يريد، هذا على فرض أنه سيعيش حتى يكمل هذه المراحل، ولكن ربما مات قبل أنْ يصلَ إلى هذه الغاية.
إذن: فلابد للإنسان أنْ يتعبَ أولاً، ويبذل المجهود ليصبح مخدوماً، وهذه المخدومية تتناسب مع مجهودك الأول، فَمن اكتفى بالإعدادية مثلاً ليس كمن تخرّج من الجامعة، فلكُلٍّ مرتبته ومكانته؛ لأنك تعيش في الدنيا بالأسباب وعلى قَدْر ما تعطي تأخذ.
إذن: فغايتك في الدنيا أن تكون مخدوماً، مع أن خادمك قد يتمرَّد عليك وقد يتركك، أما غاية الآخرة فسوف تُوفّر عليك هذا كله، وليس لأحد علاقة بك إلا ذاتك أنت، فبمجرد أنْ يخطر الشيء على بالك تجده أمامك؛ ذلك لأنك في الدنيا تعيش بالأسباب، وفي الآخرة تعيش بمُسبِّب الأسباب سبحانه وتعالى.
وكذلك لو أجريتَ مقارنة اقتصادية بين متعة الدنيا ومتعة الآخرة لرجحَتْ كِفّة الآخرة؛ لأن الدنيا بالنسبة لك هي عمرك فيها فقط، وليس عمر الدنيا كله، كما يحلو للبعض أنْ يُحدِّد عمر الدنيا بعدة ملايين من السنين، فما دَخْلك أنت بكل هذه الملايين؟!
فالدنيا إذن هي عمري فيها، وهذا العمر مظنون غير مُتيقّن، وعلى فرض أنه مُتيقّن فهو خاضع لمتوسط الأعمار، وسوف ينتهي حتماً بالموت. أَضِفْ إلى ذلك أن نعيمك في الدنيا على قَدْر سَعْيك وأَخْذِك بأسبابها.
أما الآخرة فهي باقية لا نهاية لها، فلا يعتريها زوال ولا يُنهيها الموت، كما أن مُدتها مُتيقّنة وليس مظنونة، ونعيمك فيها ليس على قَدْر إمكانياتك، ولكن على قدر إمكانيات خالقك سبحانه وتعالى.
فأيّهما أحسن؟ وأيُّهما أَوْلَى بالسَّعْي والعمل؟ ويكفي أنك في الدنيا مهماً توفَّر لك من النعيم، وإنْ كنت في قمة النعيم بين أهلها فإنه يُنغّص عليك هذا النعيمَ أمران: فأنت تخاف أنْ تفوتَ هذا النعيم بالموت، وتخاف أن يفوتك هو بالفقر، فهي نعمة مُكدّرة، أما في الآخرة فلا تخاف أن تفوتها، ولا أن تفوتك، فأيُّ الصفقتين أربح إذن؟
ثم يقول الحق سبحانه عن إنكارهم للبعث بعد الموت: {وقالوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:48 am



.تفسير الآية رقم (49):

{وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49)}
الاستفهام في الآية استفهام للتعجّب والإنكار لموضع البعث يوم القيامة بعد أنْ صاروا رُفَاتاً وعظاماً.
والرفات: هو الفتات ومسحوق الشيء، وهو التراب أو الحُطَام، وكذلك كل ما جاء على وزن(فُعال).
لقد استبعد هؤلاء البعث عن الموت؛ لأنهم غفلوا في بداية الوجود وبداية خَلْق الإنسان، ولو استعملنا علم الإحصاء الذي استحدثه العلماء لوجدناه يخدم هذه القضية الإيمانية، فلو أحصينا تعداد العالم الآن لوجدناه يتزايد في الاستقبال ويقلّ في الماضي، وهكذا إلى أنْ نصل بأصل الإنسان إلى الأصل الأصيل، وهو آدم وحواء، فمن أين أتَيَا إلى الوجود؟ فهذه قضية غيبية كان لابد أن يُفكّروا فيها.
ولأنها قضية غيبية فقد تولَّى الحق سبحانه وتعالى بيانها؛ لأن الناس سوف يتخبّطون فيها، فينبهنا الخالق سبحانه بمناعة إيمانية عقدية في كتابه العزيز، حتى لا ننساق وراء الذين سيتهورون ويَهْرفون بما لا يعلمون، ويقولون بأن أصل الإنسان كان قرداً، وهذه مقولة باطلة يسهُل رَدُّها بأن نقول: ولماذا لم تتحول القرود الباقية إلى إنسان؟ وعلى فرض أن أصل الإنسان قرد، فمن أين أتى؟ إنها نفس القضية تعود بنا من حيث بدأتْ، إنها مجرد شوشرة وتشويه لوجه الحقيقة بدون مبرر.
وكذلك من القضايا التي تخبَّط فيها علماء الجيولوجيا ما ذهبوا إليه من أن السماء والأرض والشمس كانت جميعاً جزءاً واحداً، ثم انفصلت عن بعضها، وهذه أقوال لا يقوم عليها دليل.
لذلك أراد الحق سبحانه أنْ يعطينا طرفاً من هذه القضية، حتى لا نُصغِي إلى أقوال المضلِّلين الذين يخوضون في هذه الأمور على غير هدى، ولتكون لدينا الحصانة من الزَّلَل؛ لأن مثل هذه القضايا لا تخضع للتجارب المعملية، ولا تُؤخَذ إلا عن الخالق سبحانه فهو أعلم بما خلق.
يقول تعالى: {ما أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ..} [الكهف: 51] أي: لم يكن معي أحد حين خلقتُ السماء والأرض، وخلقتُ الإنسان، ما شهدني أحد لِيَصِفَ لكم ما حدث {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً} [الكهف: 51] أي: ما اتخذت من هؤلاء المضللين مُساعِداً أو مُعاوِناً، وكأن الحق سبحانه يقول لنا: احكموا على كل مَنْ يخوض في قضية الخَلْق هذه بأنه مُضلّل فلا تستمعوا إليه.
ولكي تُريحوا أنفسكم من مثل هذه القضايا لا تُحمِّلوا العقل أكثر مما يحتمل، ولا تعطوه فوق مقومات وظائفه، وجَدْوى العقل حينما ينضبط في الماديات المعملية، أما إنْ جنح بنا فلا نجني من ورائه إلا الحُمْق والتخاريف التي لا تُجدي.
وكلمة (العقل) نفسها من العقال الذي يمنع شرود البعير، وكذلك العقل جعله الله ليضبط تفكيرك، ويمنعك من الجموح أو الانحراف في التفكير.
وأيضاً، فالعقل وسيلة الإدراك، مثله مثل العين التي هي وسيلة الرؤية، والأذن التي هي وسيلة السمع.
وما دام العقل آلة من آلات الإدراك فله حدود، كما أن للعين حدوداً في الرؤية، وللأذن حدوداً في السمع، فللعقل حدود في التفكير أيضاً حتى لا يشطح بك، فعليك أنْ تضبط العقل في المجال الذي تُجوِّد فيه فقط، ولا تُطلق له العنان في كُلِّ القضايا.
ومن هنا تعب الفلاسفة وأتعبوا الدنيا معهم؛ لأنهم خاضوا في قضايا فوق نطاق العقل، وأنا أتحدى أي مدرسة من مدارس الفلسفة من أول فلاسفة اليونان أن يكونوا متفقين على قضية إلا قضية واحدة، وهي أن يبحثوا فيما وراء المادة، فَمنِ الذي أخبرك أن وراء المادة شيئاً يجب أن يُبحث؟
لقد اهتديتُم بفطرتكم الإيمانية إلى وجود خالق لهذا الكون، فليس الكون وليد صدفة كما يقول البعض، بل له خالق هو الغيبيات التي تبحثون عنها، وتَرْمَحُون بعقولكم خلفها، في حين كان من الواجب عليكم أنْ تقولوا: إن ما وراء المادة هو الذي يُبين لنا نفسه.
لقد ضربنا مثلاً لذلك ولله المثل الأعلى وقلنا: هَبْ أننا في مكان مغلق، وسمعنا طَرْق الباب فكلنا نتفق في التعقُّل أن طارقاً بالباب، ولكن منا مَنْ يتصور أنه رجل، ومنا مَنْ يتصوّر أنه امرأة، وآخر يقول: بل هو طفل صغير، وكذلك منا مَنْ يرى أنه نذير، وآخر يرى أنه بشير. إذن: لقد اتفقنا جميعاً في التعقُّل، ولكن اختلفنا في التصوُّر.
فلو أن الفلاسفة وقفوا عند مرحلة التعقُّل في أن وراء المادة شيئاً، وتركوا لمن وراء المادة أنْ يُظهر لهم عن نفسه لأراحوا واستراحوا، كما أننا لو قُلْنا للطارق: مَنْ؟ لقال: أنا فلان، وجئت لكذا، وانتهتْ المسألة.
ولقد رَدَّ عليهم القرآن إنكارهم للبعث وقولهم: {أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} [الإسراء: 49].
بقوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ فأنى تُؤْفَكُونَ} [يونس: 34].
وبقوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السمآء كَطَيِّ السجل لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104].
وبقوله تعالى: {وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ..} [الروم: 27] فإعادة الشيء أهون من خَلْقه أَوّلاً.
وقف الفلاسفة طويلاً أمام قضية البعث، وأخذوا منها سبيلاً لتشكيك الناس في دين الله، ومن مغالطاتهم في هذه المسألة أنْ قالوا: ما الحل إذا مات إنسان مثلاً ثم تحوَّل جسمه إلى رفات وتراب، ثم زُرِعَتْ فوقه شجرة وتغذَّت على عناصره، فإذا أكل إنسان من ثمار هذه الشجرة فسوف تنتقل إليه بالتالي عناصر من عناصر الميت، وتتكوّن فيه ذرات من ذراته، فهذه الذرات التي تكوّنت في الثاني نقُصَتْ من الأول، فكيف يكون البعث إذن على حَدِّ قَوْلهم؟
والحقيقة أنهم في هذه المسألة لم يفطِنُوا إلى أن مُشخّص الإنسان شيء، وعناصر تكوينه شيء آخر.
كيف؟
هَبْ أن إنساناً زاد وزنه ونصحه الطبيب بإنقاص الوزن فسعى إلى ذلك بالطرق المعروفة لإنقاص الوزن، وهذه العملية سواء زيادة الوزن أو إنقاصه محكومة بأمرين: التغذية والإخراج، فالإنسان ينمو حينما يكون ما يتناوله من غذاء أكثر مما يُخرِجه من فضلات، ويضعف إن كان الأمر بعكس ذلك، فالولد الصغير ينمو لأنه يأكل أكثر مِمّا يُخرِج، والشيخ الكبير يُخرِج أكثر مِمّا يأكل؛ لذلك يضعف.
فلو مرض إنسان مرضاً أَهْزَلَهُ وأنقص من وزنه، فذهب إلى الطبيب فعالجه حتى وصل إلى وزنه الطبيعي، فهل الذرات التي خرجتْ منه حتى صار هزيلاً هي بعينها الذرات التي دخلتْه حين تَمَّ علاجه؟ إن الذرات التي خرجتْ منه لا تزال في(المجاري)، لم يتكون منها شيء أبداً، إنما كميّة الذرّات ومقاديرها هي التي تقوي وتشخص.
وربنا سبحانه وتعالى رحمة منه، قال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق: 4] فالحق سبحانه سيجمع الأجزاء التي تُكوِّن فلاناً المشخّص.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالسبت مارس 10, 2018 2:48 am



♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞  اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء  
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
تفسير سورة الإسراء صفحة 286 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة الإسراء صفحة 282 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة الإسراء صفحة 283 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة الإسراء صفحة 284 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة الإسراء صفحة 285 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة الإسراء صفحة 287 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام القرآن الكريم ))♥ :: القرآن الكريم وعلم التفسير-
انتقل الى: