القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:36 am

۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Images?q=tbn:ANd9GcSUYoK76M5heZ-f_PMJcipKRPea76AXQXqThxvzuDQF03CY4vZ9
  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 309

.سورة مَرْيَم :


.تفسير الآية رقم (52):

{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)}
قوله تعالى: {مِن جَانِبِ الطور الأيمن} [مريم: 52] أيمن الطور، أَمْ أيمن موسى؟ أيّ مكان لا يُقال له أيمن ولا أيسر، إنما الأيمن والأيسر بالنسبة لك أو لغيرك، فالذي تعتبره أنت يميناً يعتبره غيرُك يساراً، ولا يُقال للمكان أيمن ولا أيسر إلا إذا قِسْته إلى شيء ثابت كالقِبْلة مثلاً فتقول: أيمن القبلة، وأيسر القبلة، وخلف القِبْلة، وأمام القِبْلة.
إذن: فقوله: {مِن جَانِبِ الطور الأيمن} [مريم: 52] أي: أيمن موسى، وهو مُقبل على الجبل، وهذه لقطة مختصرة من القصة جاءت مُفصَّلة في قوله تعالى: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً} [القصص: 29].
وقوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [مريم: 52] أي: قرَّبْناه لِنُنَاجيه بكلام. والنجيّ: هو المنَاجِي الذي يُسِرُّ القول إلى صاحبه، كما جاء في الحديث الشريف: (إذا كنتم ثلاثة فلا ينتاجَ اثنان دون الآخر، فإن ذلك يُحزِنه).
وقد قرَّب الله تعالى موسى ليناجيه؛ لأن هذه خصوصية لموسى عليه السلام، فكلام الله لموسى خاصٌّ به وحده لا يسمعه أحد غيره، فإنْ قلتَ: فكيف يكلّمه الله بكلام، ويسمى مناجاة؟ قالوا: لأنه تعالى أسمعه موسى، وأخفاه عن غيره، فصار مناجاة كما يتناجى اثنان سِراً. وهذا من طلاقة قدرته تعالى أن يُسمع هذا، ولا يُسمع ذاك.
وبعض المفسرين يرى أن(الأيمن) ليس من اليمين، ولكن من اليُمْن والبركة. و{وَقَرَّبْنَاهُ} [مريم: 52] أي: من حضرة الحق تبارك وتعالى. لكن هل حضرة الحق قُرْب منه، أم موسى هو الذي قَرُب من حضرة الحق سبحانه؟ كيف نقول إن الله قرب منه وهو سبحانه أقرب إليه من حبل الوريد، فالتقريب إذن لموسى عليه السلام.
وهكذا جمع الحق تبارك وتعالى لموسى عدةٍ خصال، حيث جعله مخلَصاً ورسولاً ونبياً، وخَصَّه بالكلام والمناجاة، ثم يزيده هِبةً أخرى في قوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:37 am


.تفسير الآية رقم (53):

{وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)}
وهب الله لموسى أخاه هارون رحمةً بموسى؛ لأن هارون كان مُعيناً لأخيه ومسانداً له في مسألة الدعوة، وهذه لم تحدث مع نبي آخر أن يجعل الله له معيناً في حمل هذه المهمة؛ لذلك قال موسى عليه السلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} [القصص: 34].
والرِّدْء: هو المعين. وهكذا أعطانا الحق تبارك وتعالى لقطة سريعة من موكب النبوة في قصة موسى، ولمحة مُوجَزة هنا أتى تفصيلها في موضع آخر.
ثم يقول الحق سبحانه: {واذكر فِي الكتاب}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:37 am



.تفسير الآية رقم (54):

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)}
قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوعد} [مريم: 54] ما الميزة هنا وكل الرسل كانوا صادقي الوعد؟ قالوا: لأن هناك صفة تبرز في شخص ويتميز بها، وإن كانت موجودة في غيره، فالذي يصدُق في وعد أعطاه، أو كلمة قالها صدق في أمر يملكه ويتعلق به.
أما إسماعيل عليه السلام فكان صادق الوعد في أمر حياة أو موت، أمر يتعلق بنفسه، حين قال لأبيه: {ياأبت افعل مَا تُؤمَرُ ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين} [الصافات: 102].
وليت الأمر جاء مباشرة، إنما رآه غيره، وربما كانت المسألة أيسَر لو أن الولد هو الذي رأى أباه يذبحه، لكنها رُؤْيا رآها الأب، والرؤيا لا يثبت بها حكم إلا عند الأنبياء. فكان إسماعيل دقيقاً في إجابته حينما أخبره أبوه كأنه يأخذ رأيه في هذا الأمر: {إني أرى فِي المنام أَنِّي أَذْبَحُكَ فانظر مَاذَا ترى} [الصافات: 102].
فخاف إبراهيم عليه السلام أن يُقبل على ذَبْح ولده دون أن يخبره حتى لا تأتي عليه فترة يمتلئ غيظاً من أبيه إذا كان لا يعرف السبب، فأحبَّ إبراهيم أن يكون استسلامُ ولده للذبح قُرْبَى منه لله، له أجْرُها وثوابها.
قال إسماعيل عليه السلام لأبيه إبراهيم: {ياأبت افعل مَا تُؤمَرُ} [الصافات: 102].
والوعد الذي صدق فيه قوله: {ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين} [الصافات: 102] وصدق إسماعيل في وعده، واستسلم للذبح، ولم يتردد ولم يتراجع؛ لذلك استحق أنْ يميزه ربه بهذه الصفة {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوعد} [مريم: 54].
فلما رأى الحق تبارك وتعالى استسلام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لقضاء الله رفع عنه قضاءه وناداه: {وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين إِنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 104- 107] فكانت نتيجة الصبر على هذا الابتلاء أنْ فدى الله الذبيح، وخلَّصه من الذبح، ثم أكرم إبراهيم فوق الولد بولد آخر: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} [الأنعام: 84].
وهذه لقطة قرآنية تُعلِّمنا أن المسلم إذا استسلم لقضاء الله، ورَضِي بقدره فسوف يجني ثمار هذا الاستسلام، والذي يطيل أمد القضاء على الناس أنهم لا يرضون به، والحق تبارك وتعالى لا يجبره أحد، فالقضاء نافذ نافذ، رضيتَ به أم لم تَرْضَ.
وحين تسلم لله وترضى بقضائه يرفعه عنك، أو يُبيّن لك وجه الخير فيه. إذن: عليك أن تحترم القدر وترضى به؛ لأنه من ربك الخالق الحكيم، ولا يُرفع قضاء الله عن الخلق حتى يرضوا به.
وكثيراً ما نرى اعتراض الناس على قضاء الله خاصة عند موت الطفل الصغير، فنراهم يُكثِرون عليه البكاء والعويل، يقول أحدهم: إنه لم يتمتع بشبابه.
ونعجب من مثل هذه الجهالات: أيّ شباب؟ وأيَّة متعة هذه؟ وقد فارق في صِغَره دنيا باطلة زائلة، ومتعة موقوتة إلى دار باقية ومتعة دائمة؟ كيف وقد فارق العيش مع المخلوق، وذهب إلى رحاب الخالق سبحانه؟
إنه في نعيم لو عرفتَه لتمنيتَ أن تكون مكانه، ويكفي أن هؤلاء الأطفال لا يُسألون ولا يُحاسبون، وليس لهم مسكن خاص في الجنة؛ لأنهم طلقاء فيها يمرحون كما يشاؤون؛ لذلك يسمونهم(دعاميص الجنة).
وآخر يعترض لأن زميله في العمل رُقِّي حتى صار رئيساً له، فإذا به يحقد عليه ويحقره، وتشتعل نفسه عليه غضباً، وكان عليه أن يتساءل قبل هذا كله: أأخذ زميله شيئاً من مُلْك الله دون قضائه وقدره، إذن: فعليك إذا لم تحترم هذا الزميل أن تحترم قدر الله فيه، فما أخذَ شيئاً غصباً عن الله.
لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اسمعوا وأطيعوا، ولو وُلِّى عليكم عبد حبشيّ، كأنّ رأسَه زبيبة».
ثم يقول الحق سبحانه: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:37 am


.تفسير الآية رقم (55):

{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)}
أي: من خصال إسماعيل العظيمة التي ذكرها الله تعالى له: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة والزكاة} [مريم: 55] أي: زوجته. والحق تبارك وتعالى لا يهتم بخَصْلة ولا يذكرها إلا إنْ كانت كبيرة عنده، تساوي كونه صادقَ الوعد وكونه رسولاً ونبياً، فمَنْ أراد أنْ يتصفَ بصفة من صفات النبوة، فعليه أنْ يأمرَ أهله بالصلاة والزكاة.
لكن، لماذا اختص أهله بالذات؟ اختص أهله لأنهم البيئة المباشرة التي إنْ صَلُحتْ للرجل صَلُحَ له بيته، وصَلُحَتْ له ذريته، إذا كان الرجل يلفت أهله إلى ذكر الله والصلاة خمس مرات في اليوم والليلة فإنه بذلك يسدُّ الطريق على الشيطان، فليس له مجال في بيت يصلي أهله الخمس صلوات.
لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «رحم الله امرأ استيقظ من الليل، فصلَّى ركعتين ثم أيقظ أهله فإن امتنعتْ نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّتْ ركعتين، ثم أيقظتْ زوجها، فإنِ امتنع نضحتْ في وجهه الماء».
إذن: فكل رجل وكل امراة يستطيع في كل ليلة أن يكون رسولاً لأهله ولبيئته يقوم فيها بمهمة الرسول؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل، فليس بعد تشريعه تشريع، وليس بعد كتابه كتاب؛ لأن أمته ستحمل رسالته من بعده، وكل مؤمن منهم يعلم من الإسلام حُكْماً فهو خليفة لرسول الله في تبليغه.
كما قال تعالى: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143] فالرسول يشهد أنه بلَّغكم، وعليكم أنْ تشهدوا أنكم بلّغتُم الناس، وما دُمْتم بلَّغتم الناس مَنْطِقاً ولفظاً فلابد أنْ يكون سلوكاً أيضاً، لأن لكم في رسول الله أسوة حسنة.
ودائماً ما يقرن الحق تبارك وتعالى بين الصلاة والزكاة، والصلاة تأخذ بعض الوقت، والزكاة تأخذ المال الذي هو فرع العمل الذي هو فرع الوقت، فإنْ كانت الزكاة تأخذ نتيجة الوقت، فالصلاة تأخذ الوقت نفسه. إذن: ففي الصلاة زكاة أبلغ من الزكاة.
وإنْ كان في الزكاة نماء المال وبركته وإنْ كانت في ظاهرها نقصاً ففي الصلاة نماء الوقت وبركته، فإياك أنْ تقول: أنا مشغول، ولا أجد وقتاً للصلاة؛ لأن الدقائق التي ستصلي فيها فَرْض ربك هي التي ستُشِيع البركة في وقتك كله.
كما أنك حين تقف بين يَدَيْ ربك في الصلاة تأخذ شحنة إيمانية نوارنية تُعينك على أداء مهمتك في الحياة، وتعرض نفسك على ربِّك وخالقك وصانعك، ولن تُعدم خيراً ينالك من هذا اللقاء.
ولك أنْ تتصوّر صنعةً تُعرَض على صانعها خمس مرات كل يوم، هل يصيبها عُطْل أو عَطَب؟! وإنْ كان المهندس الصانع يعالج بأشياء مادية فلأنه حِسِّيٌّ مشهود، أما الخالق سبحانه فهو غَيْب يصلحك من حيث لا تدري.
وإنْ كان إسماعيل عليه السلام يأمر أهله بالصلاة والزكاة فهو حريص عليها من باب أَوْلَى.
وقوله تعالى: {وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم: 55] أي: رضي الله عنه، ليس لخصال الخير التي وصفه بها، بل من بدايته، فقد رضي عنه فاختاره رسولاً ونبياً.
ثم يقول الحق سبحانه: {واذكر فِي الكتاب إِدْرِيسَ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:38 am


.تفسير الآية رقم (56):

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)}
ما زال القرآن يعطينا لقطاتٍ من موكب الرسالات والنبوات. وإدريس عليه السلام أوّل نبي بعد آدم عليه السلام، فهو إدريس بن شيث بن آدم. وبعد إدريس جاء نوح ثم إبراهيم، ومنه جاءت سلسلة النبوات المختلفة.
وقوله: {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً} [مريم: 56].
تحدثنا عن معنى الصِّدِّيق في الكلام عن إبراهيم عليه السلام، والصِّدِّيق هو الذي يبالغ في تصديق ما جاءه من الحق، فيجعل الله له بذلك فُرْقاناً وإشراقاً يُميّز به الحق فلا يتصادم معه شيطان؛ لأن الشيطان قد ينفذ إلى عقلي وعقلك.
أما الوارد من الحق سبحانه وتعالى فلا يستطيع الشيطان أن يعارضه أو يدخل فيه، لذلك فالصِّدِّيق وإن لم يكُنْ نبياً فهو مُلْحقِ بالأنبياء والشهداء، كما قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً} [النساء: 69].
وكذلك كان إدريس عليه السلام(نبياً) ولم يقُلْ: رسولاً نبياً، لأن بينه وبين آدم عليه السلام جيلين، فكانت الرسالة لآدم ما زالت قائمة.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:38 am


.تفسير الآية رقم (57):

{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}
مكاناً عالياً في السماء، رِفْعه معنوية، أو رِفْعة حِسّية، خُذْها كما شئتَ، لكن إياك أنْ تجادل: كيف رفعه؟ لأن الرِّفْعة من الله تعالى، والذي خلقه هو الذي رفعه.
ثم يقول الحق سبحانه: {أولئك الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:38 am


.تفسير الآية رقم (58):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)}
قوله تعالى: {أولئك} [مريم: 58] أي: الذين تقدَّموا وسبق الحديث عنهم من الأنبياء والرسل {مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ} [مريم: 58] أي: مباشرة مثل إدريس عليه السلام {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [مريم: 58] الذين جاءوا بعد إدريس مباشرة {وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ} [مريم: 58] أي: الذين جاءوا بعد نوح.
وقد انقسموا إلى فرعين من ذرية إبراهيم.
الأول: فرع إسحق الذي جاء منه جمهرة النبوة، بداية من يعقوب، ثم يوسف، ثم موسى وهارون، ثم داود وسليمان، ثم زكريا ويحيى، ثم ذو الكفل، ثم أيوب، ثم النون.
والفرع الآخر: فرع إسماعيل عليه السلام الذي جاء منه جماع جواهر النبوة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
{وَإِسْرَائِيلَ} [مريم: 58] هو نبيّ الله يعقوب {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا واجتبينآ} [مريم: 58] الذي هديناهم واجتبيناهم. أي: اخترناهم واصطفيناهم للنبوة {إِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرحمن خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58].
لماذا قال {آيَاتُ الرحمن} [مريم: 58] ولم يقُلْ: آيات الله؟ قالوا: لأن آيات الله تحمل منهجاً وتكليفاً، وهذا يشقُّ على الناس، فكأنه يقول لنا: إياكم أنْ تفهموا أن الله يُكلّفكم بالمشقة، وإنما يُكلّفكم بما يُسعِد حركة حياتكم وتتساندون، ثم يسعدكم به في الآخرة؛ لذلك اختار هنا صفة الرحمانية.
وقوله: {خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58] لم يقُل: سجدوا، بل سقطوا بوجوههم سريعاً إلى الأرض. وهذا انفعال قَسْري طبيعي، لا دَخْلَ للعقل فيه ولا للتفكير، فالساجد يستطيع أنْ يسجدَ بهدوء ونظام، أما الذي يخرُّ فلا يفكر في ذلك، وهذا أشبه بقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ} [النحل: 26] أي: سقط عليهم فجأة.
وهذا الانفعال يُسمُّونه (انفعال نزوعي) ناتج عن الوجدان، والوجدان ناتج عن الإدراك، وهذه مظاهر الشعور الثلاثة: الإدراك، ثم الوجدان، ثم النزوع. والإنسان له حواس يُدرِك بها: العين والأذن والأنف واللسان.. إلخ.
فهذه وسائل إدراك المحسّات، فإذا أدركتَ شيئاً بحواسِّك تجد له تأثيراً في نفسك، إما حُباً وإماً بُغْضاً، إما إعجاباً وإما انصرافاً، وهذا الأثر في نفسك هو الوجدان، ثم يصدر عن هذا الوجدان حركة هي «النزوع».
فمثلاً، لو رأيتَ وردة جميلة فهذه الرؤيا (إدراك)، فإنْ أُعجبْتَ بها وسُ رِرْتَ فهذا (وجدان)، فإنْ مددْتَ يدك لتقطفها فهذا (نزوع). والشرع لا يحاسبك على الإدراك ولا على الوجدان، لكن حين تمد يدك لقطف هذه الوردة نقول لك: قفْ فهذه ليست لك، ولا يمنعك الشارع ويتركك، إنما يمنعك ويوحي لك بالحلِّ المناسب لنزوعك، فعليك أنْ تزرع مثلها، فتكون مِلْكاً لك أو على الأقل تستأذن صاحبها.
كذلك الحال فيمن تسمّع لكلام الله وقرآنه يدرك القرآن بسمعه فينشأ عنه حلاوة ومواجيد في نفسه، وهذا هو الوجدان الذي ينشأ عنه انفعال نُزوعي، فلا يجد إلا أنْ يخر ساجداً لله تعالى.
والنزوع هنا لم يُكنْ نزوعاً ظاهرياً بل وأيضاً داخلياً، ففاضت أعينهم بالدمع {سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58].
وقد عُولج هذا المعنى في عِدّة مواضع أُخَر، كما في قوله تعالى: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً} [الإسراء: 107].
ومعنى: للأذقان: مبالغة في الخضوع والخشوع واستيفاء السجود؛ لأن السجود يكون أولاً على الجبهة ثم الأنف لكن على الأذقان، فهذا سجود على حَقٍّ، وليس كنقْر الديكَة كما يقولون.
إذن: فأهل الكتاب كانوا على علم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه سيأتي بالقرآن على فَتْرة من الرسل، وها هم الآن يسمعون القرآن؛ لذلك يقولون: {سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} [الإسراء: 108].
ومن النزوع الانفعالي أيضاً قوله تعالى عن أهل الكتاب: {وَإِذَا سَمِعُواْ ما أُنزِلَ إِلَى الرسول ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق} [المائدة: 83].
وقوله تعالى: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله} [الزمر: 23].
فلماذا يُؤثِّر الانفعال بالقرآن في كُلِّ هذه الحواس والأعضاء من جسم الإنسان؟ قالوا: لأن الذي خلق التكوين الإنساني هو الذي يتكلم، والخالق سبحانه حينما يتكلم وحينما تفهم عنه وتعي، فإنه سبحانه لا يخاطب عقلك فقط، بل يخاطب كل ذرة من ذَرّات تكوينك؛ لذلك تخِرُّ الأعضاء ساجدة، وتدمع العيون، وتقشعر الجلود، وتلين القلوب، كيف لا والمتكلم هو الله؟
ثم يقول الحق سبحانه: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:39 am



.تفسير الآية رقم (59):

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [مريم: 59] أي: أن المسائل لم تستمر على ما هي عليه من الكلام السابق ذِكْره، بل خَلفَ هؤلاء القوم(خَلْفٌ) والخَلْف: هم القوم الذين يخلُفون الإنسان: أي: يأتون بعده أو من ورائهم.
وهناك فَرْق بين خَلْف وخَلَف: الأولى: بسكون اللام ويُراد بها الأشرار من عَقِب الإنسان وأولاده، والأخرى: بفتح اللام ويُراد بها الأخيار. لذل، فالشاعر حينما أراد أنْ يتحسَّر على أهل الخير الذي مَضَوْا قال:
ذَهَبَ الذِينَ يُعاشُ فِي أكنَافِهمْ ** وبَقِيتُ في خَلْف كجِلْدِ الأجْرَبِ

فماذا تنتظر من هؤلاء الأشرار؟ لابد أنْ يأتي بعدهم صفات سوء {أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات} [مريم: 59] إذن: هم خَلْف فاسد، فأول ما أضاعوا أضاعوا الصلاة التي هي عماد الدين، وأَوْلَى أركانه بالأداء.
صحيح أن الإسلام بُني على عِدّة أركان، لكن بعض هذه الأركان قد يسقط عن المسلم، ولا يُطْلب منه كالزكاة والحج والصيام، فيبقى ركنان أساسيان لا يسقطان عن المسلم بحال من الأحوال، هما: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة.
وسُئِلْنَا مرة من بعض إخواننا في الجزائر: لماذا نقول لمن يؤدي فريضة الحج: الحاج فلان، ولا نقول للمصلى: المصلى فلان، أو المزكَّى فلان، أو الصائم فلان؟
فقلت للسائل: لأن الحج تتم نعمة الله على العبد، وحين نقول: الحاج فلان. فهذا إشعار وإعلام أن الله أتمَّ له النعمة، واستوفى كل أركان الإسلام، فمعنى أنه أدَّى فريضة الحج أنه مستطيع مالاً وصحة، وما دام عنده مال فهو يُزكِّي، وما دام عنده صحة فهو يصوم، وهو بالطبع يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويؤدي الصلاة، وهكذا تمَّتْ له بالحج جميع أركان الإسلام.
ثم يقول تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً} [مريم: 59] هذه العبارة أخذها المتمحّكون الذين يريدون أنْ يدخلوا على القرآن بنقد، فقالوا: الغَيُّ هو الشر والضلال والعقائد الفاسدة، وهذه حدثتْ منهم بالفعل في الدنيا فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فكيف يقول: فسوف يلقوْنه في المستقبل؟
لكن المراد بالغيّ هنا أي: جزاء الغي وعاقبته. كما لو قُلْت: أمْطرتْ السماء نباتاً، فالسماء لم تُمطر النبات، وإنما الماء الذي يُخرِج النبات، كذلك غيّهم وفسادهم في الدنيا هو الذي جَرَّ عليهم العذاب في الآخرة.
إذن: المعنى: فسوفَ يلقْونَ عذاباً وهلاكاً في الآخرة.
ومع ذلك، فالحق تبارك وتعالى لرحمته بخَلْقه شرع لهم التوبة، وفتح لهم بابها، ويفرح بهم إنْ تابوا؛ لذلك فالذين اتصفُوا بهذه الصفات السيئة فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات لا ييأسون من رحمة الله، مادام بابُ التوبة مفتوحاً.
وفَتْح باب التوبة أمام العاصين رحمة يرحم الله بها المجتمع كله من أصحاب الشهوات والانحرافات، وإلاَّ لو أغقلنا الباب في وجوههم لَشقِيَ بهم المجتمع، حيث سيتمادَوْن في باطلهم وغَيِّهم، فليس أمامهم ما يستقيمون من أجله.
والتوبة تكون من العبد، وتكون من الرب تبارك وتعالى، فتشريع التوبة وقبولها من الله وإحداث التوبة من العبد؛ لذلك قال تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ليتوبوا} [التوبة: 118] أي: شرعها لهم ليتوبوا فيقبل توبتهم، فهي من الله أولاً وأخيراً؛ لذلك يأتي هذا الاستثناء. {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:39 am


.تفسير الآية رقم (60):

{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
وللتوبة شروط يجب مراعاتها، وهي: أن تُقلِع عن الذنب الذي تقع فيه، وأن تندم على ما بدر منك، وإنْ تنوي وتعزم عدم العودة إليه مرة أخرى. وليس معنى ذلك أنك إنْ عُدْتَ فلن تُقْبلَ منك التوبة، فقد تتعرض لظروف تُوقِعك في الذنب مرة أخرى.
لكن المراد أنْ تعزم صادقاً عند التوبة عدم العَوْد، فإنْ وقعت فيه مرة أخرى تكون عن غير قَصْد ودون إصرار. وإلاّ لو دبرتَ لهذه المسألة فقُلْت: أذنب ثم أتوب، فمن يُدرِيك أن الله تعالى سيمهلك إلى أن تتوبَ؟ إذن: فبادر بها قبل فَوات أوانها.
هذه إذن شروط التوبة إنْ كانت في أمر بين العبد وربه، فإنْ كانت تتعلق بالعباد فلابد أنْ يتوفّر لها شرط آخر وهو رَدُّ المظالم إلى أهلها إنْ كانت ترد، أو التبرع بها في وجوه الخير على أنْ ينويَ ثوابها لأصحابها، إنْ كانت مظالم لا تُردُّ.
ثم يقول تعالى بعدها: {وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} [مريم: 60] معنى: وآمن بعد أنْ تاب، تعني أن ما أحدثه من معصية خدش إيمانه، فيحتاج إلى تجديده. وهذا واضح في الحديث الشريف: (لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن).
فساعةَ مباشرة هذه المعاصي تنتنفي عن الإنسان صفة الإيمان؛ لأن إيمانه غاب في هذه اللحظة؛ لأنه لو استحضر الإيمان وما يلزمه من عقوبات الدنيا والآخرة ما وقع في هذه المعاصي.
لذلك قالSadوَآمَنَ) أي: جدَّد إيمانه، وأعاده بعد توبته، ثم {وَعَمِلَ صَالِحاً} [مريم: 60] ليصلح به ما أفسده بفعل المعاصي.
والنتيجة: {فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم: 60] وفي موضع آخر، كان جزاء مَنْ تاب وآمن وعمل صالحاً: {فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70].
فلماذا كُلُّ هذا الكرم من الله تعالى لأهل المعاصي الذين تابوا؟ قالوا: لأن الذي أَلِفَ الشهوة واعتاد المعصية، وأدرك لذَّته فيها يحتاج إلى مجهود كبير في مجاهدة نفسه وكَبْحها، على خلاف مَنْ لم يتعوّد عليها، لذلك احتاج العاصون إلى حافز يدفعهم ليعودوا إلى ساحة ربهم.
لذلك قال سبحانه: {فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة} [مريم: 60] دون أنْ يُعيَّروا بما فعلوه؛ لأنهم صَدَقُوا التوبة إلى الله {وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم: 60] وبقدر ما تكون التوبة صادقة، والندم عليها عظيماً، وبقدر ما تلوم نفسَك، وتسكب الدمْع على معصيتك بقدر ما يكون لك من الأجر والثواب، وبقدر ما تُبدَّل سيئاتك حسناتٍ. وكُلُّ هذا بفضل الله وبرحمته.
ثم يقول الحق سبحانه: {جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدَ الرحمن}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:39 am


.تفسير الآية رقم (61):

{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}
قوله: {جَنَّاتِ عَدْنٍ} [مريم: 61] أي: إقامة دائمة؛ لانك قد تجد في الدنيا جنات، وتجد أسباب النعيم، لكنه نعيم زائل، إمّا أنْ تتركه أو يتركك. إذن: فكُلُّ نعيم الدنيا لا ضامنَ له.
وجنات عَدْن ليست هي مساكن أهل الجنة، بل هي بساتين عمومية يتمتع بها الجميع، بدليل أن الله تعالى عطف عليها في آية أخرى(وَمَسَاكِنَ طَيِّبةً) في قوله تعالى: {وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72].
وقوله: {التي وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب} [مريم: 61] والوعْد: إخبار بخير قبل أوانه؛ ليشجع الموعود على العمل لينالَ هذا الخير، وضِدّه الوعيد: إخبار بشَرٍّ قبل أوانه ليحذره المتوعد، ويتفادى الوقوع في أسبابه.
واختبار هنا اسم الرحمن ليُطمئِنَ الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي أن ربهم رحمن رحيم، إنْ تابوا إليه قبلهم، وإنْ وعدهم وَعْداً وَفَى. وقد وعدنا الله تعالى في قرآن فآمنّا بوعده غيْباً {وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب} [مريم: 61].
وحجة الإيمان بالغيب فيما لم يوجد بعد المشهد الذي نراه الآن، فالكون الذي نشاهده قد خُلِق على هيئة مُهندسةٍ هندسةً لا يوجد أبدعُ منها، فالذي خلق لنا هذا الكون العجيب المتناسق إذا أخبرنا عن نعيم آخر دائم في الآخرة، فلابد أن نُصدِّق، ونأخذ من المشاهدَ لنا دليلاً على ما غاب عَنَّا؛ لذلك نؤمن بالآخرة إيماناً غيبياً ثقةً مِنَّا في قدرته تعالى التي رأينا طَرَفاً منها في الدنيا.
ثم يقول تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم: 61] فما دام الرحمن تبارك وتعالى هو الذي وعد، فلابد أن يكون وعدُه(مَأْتِياً) أي: مُحقّقاً وواقعاً لا شَكَّ فيه، ووعْده تعالى لا يتخلَّف و(مَأْتِياً) أى نأتيه نحن، فهي اسم مفعول.
وبعض العلماء يرى أن(مَأتِياً) بمعنى آتياً، فجاء باسم المفعول، وأراد اسم الفاعل، لكن المعنى هنا واضح لا يحتاج إلى هذا التأويل؛ لأن وعد الله تعالى مُحقَّق، والموعود به ثابت في مكانه، والماهر هو الذي يسعى إليه ويسلك طريقه بالعمل الصالح حتى يصل إليه.
ثم يقول الحق سبحانه عن أهل الجنة في الجنة: {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:39 am


.تفسير الآية رقم (62):

{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}
اللغو: هو الكلام الفُضولي الذي لا فائدة منه، فهو يضيع الوقت ويُهْدِر طاقة المتكلم وطاقة المستمع، وبعد ذلك لا طائلَ من ورائه ولا معنى له.
والكلام هنا عن الآخرة {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً} [مريم: 62] فإن كانوا قد سمعوا لَغْواً كثيراً في الدنيا فلا مجالَ للغو في الآخرة. ثم يستثني من عدم السماع {إِلاَّ سَلاَماً} [مريم: 62] والسلام ليس من اللغو، وهو تحية أهل الجنة وتحية الملائكة: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} [يونس: 10].
وقد يُرَادُ بالسلام السلامة من الآفات التي عاينوها في الدنيا، وهم في الآخرة سالمون منها، فلا عاهة ولا مرضَ ولا كَدَّ ولا نصبَ. لكن نرجح هنا المعنى الأول أي: التحية؛ لأن السلام في الآية مما يُسْمَع.
فإنْ قُلْتَ: فكيف يستثنى السلام من اللَّغْو؟ نقول: من أساليب اللغة: تأكيد المدح بما يشبه الذم، كأن نقول: لا عيبَ في فلان إلا أنه شجاع، وكنت تنتظر أنْ نستثني من العيب عَيْباً، لكن المعنى هنا: إنْ عددتَ الشجاعة عيباً، ففي هذا الشخص عَيْب، فقد نظرنا في هذا الشخص فلم نجد به عَيْباً، إلا إذا ارتكبنا مُحَالاً وعددنا الشجاعة عيباً. وهكذا نؤكد مدحه بما يشبه الذم.
ومن ذلك قول الشاعر:
ولاَ عَيْبَ فِيهِم غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ** بِهنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاع الكَتَائِبِ

ثم يقول تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [مريم: 62] لم يقُل الحق سبحانه وتعالى: وعلينا رزقهم، بل: ولهم زرقهم: أي أنه أمر قد تقرّر له وخُصِّص لهم، فهو أمر مفروغ منه. والرزق: كُلُّ ما يُنتفع به، وهو في الآخرة على قَدْر عمل صاحبه من خير في الدنيا.
ومن رحمة الله تعالى بعباده من أهل الجنة أنْ نزعَ ما في صدورهم من غِلٍّ ومن حسد ومن حقد، فلا يحقد أحدٌ على أحد أفضل مرتبة منه، ولا يشتهي من نعيم الجنة إلا على قَدْر عمله ودرجته، فإنْ رأى مَنْ هو أفضل منه درجةً لا يجد في نفسه غِلاً منه، أو حِقْداً عليه؛ لأن موجب الغِلِّ في الدنيا أنْ ترى مَنْ هو أفضل منك.
أما في الآخرة فسوف ترى هذه المسألة بمنظار آخر، منظار النفس الصافية التي لا تعرف الغلَّ، قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].
فإنْ رأيت مَنْ هو أعلى منك درجةً فسوف تقول: إنه يستحق ما نال من الخير والنعيم، فقد كان يجاهد نفسه وهواه في الدنيا. ويكفي في وَصْف ما في الجنة من الرزق والنعيم قوله تعالى: {فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين} [الزخرف: 71].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فيها ما لا عَيْن رأت، ولا إذن سمعتْ، ولا خطر على قلب بشر».
إذن: ففي الجنة أشياء لا تقع تحت إدراكنا؛ لذلك ليس في لغتنا ألفاظ تُعبِّر عن هذا النعيم؛ لأنك تضع في اللغة اللفظ الذي أدركتَ معناه، وفي الجنة أشياء لا تدركها ولا عِلْمَ لك بها؛ لذلك حينما يريد الحق تبارك وتعالى أن يصِفَ لنا نعيم الجنة بصفة بما نعرف من نعيم الدينا: نخل وفاكهة ورمان ولحم طير وريحان.
ويقول: {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} [محمد: 15].
مع الفارق بين هذه الأشياء في الدنيا والآخرة. ويكفي أن تعرف الفرق بين خمر الدنيا وما فيها من سوء في طعمها ورائحتها واغتيالها للعقل، وبين خمر الآخرة التي نفى الله عنها السوء، فقال: {لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ} [الصافات: 47].
وقوله: {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [مريم: 62] فكيف يأتيهم رزقهم بُكْرة وعشياً، وليس في الجنة وقت لا بُكْرة ولا عَشِياً، لا لَيْل ولا نهار؟ نقول: إن الحق تبارك وتعالى يخاطبنا على قَدْر عقولنا، وما نعرف نحن من مقاييس في الدنيا، وإلاّ فنعيم الجنة دائم لا يرتبط بوقت، كما قال سبحانه: {أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} [الرعد: 35].
وفي آية أخرى قال تعالى: {أولئك هُمُ الوارثون الذين يَرِثُونَ الفردوس هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10- 11].
ثم يقول الحق سبحانه: {تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:39 am



.تفسير الآية رقم (63):

{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قوله: {تِلْكَ الجنة} [مريم: 63] أي: التي يعطينا صور لها هي: {التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} [مريم: 63] أ ي: يرثونها، فهل كان في الجنة أحد قبل هؤلاء، فَهُم يرثونه؟
الحق تبارك وتعالى قبل أن يخلق الخَلْق عرف منهم مَنْ سيؤمن باختياره، ومَنْ سيكفر باختياره، علم مَنْ سيطيع ومَنْ سيعصي، فلم يُرغِم سبحانه عباده على شيء، إنما علم ما سيكون منهم بطلاقة علمه تعالى، إلا أنه تعالى أعدَّ الجنة لتسع جميع الخَلْق إنْ أطاعوا، وأعدَّ النار لتسع جميع الخَلْق إنْ عَصَوْا، فلن يكون هناك إذن زحام ولا أزمة إسكان، إنْ دخل الناس جميعاً الجنة، أو دخلوا جميعاً النار.
إذن: حينما يدخل أهلُ النارِ النارَ، أين تذهب أماكنهم التي أُعِدَّتْ لهم في الجنة؟ تذهب إلى أهل الجنة، فيرثونها بعد أنْ حُرم منها هؤلاء.
ثم يقول رب العزة سبحانه: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:40 am


.تفسير الآية رقم (64):

{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)}
هنا ينتقل السياق إلى موضوع آخر، فبعد أنْ تحدَّث عن الجنة وأهلها عرض لأمر حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يحدث له حين ينزل عليه الوحي، وقلنا: إن الوحي ينزل بواسطة جبريل عليه السلام، وهو مَلَكٌ، على محمد صلى الله عليه وسلم وهو بشر.
ولقاء جبريل بقانون ملكيته بمحمد صلى الله عليه وسلم بقانون بشريته لا يمكن أن يتم إلاَّ بتقارب هذيْن الجنسين وعملية تغيير لابد أنْ تطرأ على أحدهما، إما أَنْ ينزل الملَكُ على صورة بشرية، وإما أن يرتفع ببشرية الرسول إلى درجة تقرب من المَلك ليأخذ عنه، وذلك ما كان يحدث لرسول الله حين يأتيه الوحي.
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذا التغيير فقال: (... فغطَّني حتى بلغ مني الجهْد...) وكان صلى الله عليه وسلم يتفصَّد جبينه عرقاً لما يحدث في جسمه من تفاعل وعمليات كيماوية، ثم حينما يُسرِّي عنه تذهب هذه الأعراض.
وقد أخبر بعض الصحابة، وكان يجلس بجوار رسول الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يضع رُكْبته على رُكْبته، فلما نزل على رسول الله الوحي قال الصحابي: شعرتُ برُكْبة رسول الله وكأنها جبل.
وإذا أتاه الوحي وهودابة كانت الدابة تئط أي: تنخ من ثِقَل الوحي، وقد قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 5].
إذن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعب بعد هذا اللقاء ويشقُّ عليه، حتى يذهب إلى السيدة خديجة رضي الله عنها يقول: (زَمِّلوني زَمِّلوني) أو (دَثِّروني دَثِّروني) كأن به حمى مما لاقى من لقاء الملَك ومباشرة الوحي أولاً.
ثم أراد الحق سبحانه وتعالى أن يجعل الوحي يفتر عن رسوله ليرتاح من تعبه ومشقته، فإذا ما ارتاح وذهب عنه التعب بقيتْ له حلاوة ما نزل من الوحي، فيتشوق إليه من جديد، كما يشتاق الإنسان لمكانٍ يحبه دونه الأشواك ومصاعب الطريق، فالحب للشيء يحدث علمية كالتخدير، فلا تشعر في سبيله بالتعب.
وقلنا: لما فتر الوحي عن رسول الله شمت فيه الكفار وقالوا: إن رَبَّ محمد قد قلاه يعني: أبغضه وتركه.
وهذا القول دليل على غبائهم وحماقتهم، كيف وقد كانوا بالأمس يقولون عنه: ساحر وكذاب؟ ففي البغض يتذكرون أنه له رباً منع عنه الوحي، وحين دعاهم إلى الإيمان بهذا الرب قالوا: من أين جاء بهذا الكلام؟
لذلك، فالحق تبارك وتعالى يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 14] إذن: كانت مسألة الوحي شاقة على رسول الله.
فأراد الحق سبحانه أن يعطي هؤلاء درساً من خلال درس كونيّ مشاهد يشهد به المؤمن والكافر، هذا الأمر الكونيّ هو الزمن، وهو ينقسم إلى ليل ونهار، ولكل منهما مهمته التي خلقه الله من أجلها، كما قال سبحانه: {والليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى} [الليل: 12].
فإياك أنْ تُغيّر مهمة الليل إلى النهار، أو مهمة النهار إلى الليل.
ثم يرد عليهم قائلاً: {والضحى والليل إِذَا سجى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} [الضحى: 14].
والمعنى: إنْ كان النهار لحركة الحياة واستبقائها، والليل للراحة والسكون، فهما آيتان متكاملتان لا مُتضادتان، وليس معنى أن يأتي الليل بسكونه أن النهار لن يأتي من بعد، بل سيأتي نهار آخر، وستستمر حركة الحياة.
وكذلك الأمر إنْ فترَ الوحي عن رسول الله، فلا تظنوا أنه انقطع إلىغير رَجْعة، بل هي فترة ليرتاح فيها رسول الله، كالليل الذي ترتاحون فيه من عناء العمل في النهار، ومن هنا كانت الحكمة في أنْ يُقسم سبحانه وتعالى بالضحى والليل إذا سجى على {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى} [الضحى: 3].
ونلحظ في هذا التعبير دِقّة الإعجاز في أداء القرآن، حيث قال: {مَا وَدَّعَكَ} [ضحى: 3] بكاف الخطاب؛ لأن التوديع يكون لمَنْ تحب ولمَنْ تكره، أما في القِلَى فلم يقُلْ: قَلاَك. لأن القِلَى لا يكون إلا لمَنْ تكره.
ومعنى: {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} [الضحى: 4] الآخرة أي: الفترة الأخيرة من نزول الوحي خَيْر لك من الفترة الأولى؛ لأنها ستكون أوسع، وستأتيك بلا تَعَب ولا مشقة، وفعلاً نزلت جمهرة القرآن بعد ذلك في يُسْر على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كان الأمر في الآية التي نحن بصددها: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] فيقال: إنها نزلت حينما قال الكفار: إن ربَّ محمد قد قلاه، أو أنها نزلت بعد أن سأل كفار مكة الأسئلة الثلاثة التي تحدثنا عنها في سورة الكهف. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: (سأخبركم غداً) لكن الوحي لم يأته مدة خمسة عشر يوماً، فشقَّ ذلك عليه وحزِنَ له فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] أي: الملائكة لا تنزل إلا بأمر، ولا تغيب إلا بأمر.
ثم يقول الحق سبحانه تعالى: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلك} [مريم: 64].
قوله تعالى: {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} [مريم: 64] أي: الذي أمامنا {وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] أي: في الخلف {وَمَا بَيْنَ ذلك} [مريم: 64] أي: ما بين الأمام والخلف، فماذا بين الأمام والخلف؟ ليس بين الأمام والخلف إلا أنت. فسبحانه وتعالى المالك، الذي له الملك والمملوك، وله المكان والمكين، وله الزمان والزمين.
وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم: 64] هل يرسل الحق تبارك وتعالى رسولاً، ثم ينساه هكذا دون إمداد وتأييد؟ فسبحانه تنزَّه عن الغفلة وعن النيسان.
ثم يقول الحق سبحانه: {رَّبُّ السماوات والأرض}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين مارس 19, 2018 5:40 am


♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞  اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء  
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
تفسير سورة مَرْيَم صفحة 309 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 305 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 306 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 307 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 308 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة مَرْيَم صفحة 310 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام القرآن الكريم ))♥ :: القرآن الكريم وعلم التفسير-
انتقل الى: