القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:31 pm


۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 %25D8%25B3%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9%2B%25D9%2587%25D9%2588%25D8%25AF%2B%25D8%25B9%25D9%2584%25D9%258A%25D9%2587%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585
  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 232

.سورة هود:

.تفسير الآية رقم (89):

{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)}
يقول لهم شعيب عليه السلام: أرجو ألا تحملكم عداوتكم لي على أن تُجرموا جُرْماً؛ يكون سبباً في أن ينزل الحق سبحانه بكم عقاباً، مثلما أصاب القوم الذين سبقوكم؛ من الذين خالفوا رسلهم؛ فأنزل الله عز وجل عليهم العذاب كالغرق، والرجفة، والصيحة، والصاعقة، فاحذروا ذلك.
وشعيب عليه السلام ينصحهم هنا حرصاً منه عليهم، على الرغم من علمه أنهم يكنون له العداء؛ لأنه دعاهم إلى ترك عبادة الأصنام التي عبدوها آباءهم؛ ونهاهم عن إنقاص الكيل والميزان، وألا يبخسوا الناس أشياءهم؛ وسبق أن عذَّب الحق سبحانه المخالفين لشرع الله من الأمم السابقة؛ ويذكرهم شعيب عليه السلام بأقرب من عُذِّبوا زماناً ومكاناً؛ وهم قوم لوط.
يقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: {واستغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:31 pm


.تفسير الآية رقم (90):

{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}
وهذه الآية تبين لنا أن الحق سبحانه لا يغلق أمام العاصي حتى المُصِرّ على شيء من المعصية باب التوبة.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة».
ولنا أن نتخيل بماذا يشعر من فقد بعيره؛ وهذا البعير يحمل زاد صاحبه ورَحْله؛ ثم يعثر الرجل على بعيره هذا.
لا بد إذن أن يفرح صاحب البعير بالعثور عليه.
والحق سبحانه يقول هنا ما جاء على لسان شعيب عليه السلام لقومه: {واستغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ} [هود: 90].
وما دمتم ستستغفرونه عن الذنوب الماضية؛ وتتوبون إليه؛ بألا تعودوا إلى ارتكابها مرة أخرى؛ فالحق سبحانه لا يرد مَنْ قصد بابه: {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90] لأن مغفرته تستر العذاب، ورحمته تمنع العذاب.
وجاء الحق سبحانه هنا بأوسع المعاني: المغفرة، والرحمة، ومعهما صفته (الودود)؛ وهي من الود؛ والود هو الحب؛ والحب يقتضي العطف على قدر حاجة المعطوف عليه.
ولله المثل الأعلى: نرى الأم ولها ولدان: أولهما قادر ثري يأتي لها بما تريد؛ وثانيهما ضعيف فقير؛ فنجد قلب الأم دائماً مع هذا الضعيف الفقير؛ وتحنِّن قلب القويِّ القادر على الفقير الضعيف.
ونجد المرأة العربية القديمة تجيب على من سألها: أي أبنائك أحب إليك؟ فتقول: الصغير حتى يكبر؛ والغائب حتى يعود؛ والمريض حتى يشفى.
إذن: فالحب يقتضي العطف على قدر الحاجة.
ويقول الحق سبحانه في الحديث القدسي: (يا بن آدم؛ لا تَخَافنَّ من ذي سلطان؛ ما دام سلطاني باقياً؛ وسلطاني لا ينفد أبداً. يا بن آدم لا تَخْشَ من ضيق رزق؛ وخزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبداً. يا بن آدم خلقتك للعبادة؛ فلا تلعب، وضمنت لك رزقك فلا تتعب، فَوَعِزَّتي وجلالي إن رضيت بما قسمتُه لك أرحتُ قلبك وبدنك؛ وكنتَ عندي محموداً؛ وإن أنت لم ترض بما قسمتُه لك؛ فوعزتي وجلالي لأسلِّطنَّ عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحوش في البرية؛ ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك. يا بن آدم خلقت السموات والأرض ولم أعْيَ بخلقهنَّ؛ أيعييني رغيف عيش أسوقه لك؟ يا بن آدم لا تسألني رزق غد كما أطلب منك عمل غدٍ. يا بن آدم أنا لك مُحِبٌّ؛ فبحقي عليك كنْ لي مُحِبّاً).
وهذا الحديث الكريم يبيِّن مدى مودة الله سبحانه لخلقه؛ تلك المودة التي لا تستوعبها القلوب المشركة.
ويأتي الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك بقول أهل مدين رَدّاً على شعيب عليه السلام: {قَالُواْ ياشعيب مَا نَفْقَهُ كَثِيراً}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:31 pm


.تفسير الآية رقم (91):

{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)}
وهذا يُظاهي قول مشركي قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قالوا: {قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5].
والإيمان يتطلب قلباً غير ممتلئ بالباطل؛ ليُحسن استقباله؛ أما القلوب الممتلئة بالباطل، فهي غير قادرة على استقبال الإيمان؛ إلا إذا أخلت العقولُ تلك القلوبَ من الباطل، وناقشت العقول كُلاً من الحق والباطل، ثم تأذن لما اقتنعت به أن يدخل القلوب.
ولذلك نجد الحق سبحانه وتعالى يطبع ويختم على القلوب الممتلئة بالكفر؛ فلا يخرج منها الكفر ولا يدخل فيها الإيمان.
ولم يكتف أهل مدين بإعلان الكفر؛ بل هددوا شعيباً وقالوا: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91].
وهذا التهديد يحمل تحدِّياً، وكأنهم ظنوا أن بقدرتهم الفتك به؛ لأنهم يبغضون حياته؛ وأعلنوا حجة واهية؛ وهي أن رهطه أي: قومه وأهله؛ لأن الرهط هم الجماعة التي يتراوح عدد أفرادها بين ثلاثة وعشرة أفراد ما زالوا على عبادة الأصنام؛ وأن هذا الرهط سيغضب لأي ضرر يصيب شعيباً؛ وتناسوا أن الذي أرسل شعيباً عليه السلام لابد أن يحميه، وهم بتناسيهم هذا حققوا مشيئة الله عز وجل بأن يُسخِّر الكفر لخدمة الإيمان.
ومثال ذلك: هو بقاء عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي طالب على دين قومه؛ وقد ساهم هذا الأمر في حماية محمد صلى الله عليه وسلم في ظاهر الأسباب.
ثم يأتي الحق سبحانه من بعد ذلك بردِّ شعيب عليه السلام على قومه؛ فيقول: {قَالَ ياقوم أرهطي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ الله}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:32 pm


.تفسير الآية رقم (92):

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)}
وهنا يتساءل شعيب عليه السلام باستنكار: أوضعتم رهطي في كفة؛ ومعزَّة الله تعالى في كفة؟ وغلَّبتم خوفكم من رهطي على خوفكم من الله؟! ولم يأبه شعيب عليه السلام باعتزازهم برهطه أمام اعتزازه بربه؛ لأنه أعلن من قبل توكله على الله؛ ولأنه يعلم أن العزة لله تعالى أولاً وأخيراً.
ولم يكتفوا بذلك الاعتزاز بالرهط عن الاعتزاز بالله؛ بل طرحوا التفكير في الإيمان بالله وراء ظهورهم؛ لأن شعيباً عليه السلام يقول لهم: {واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود: 92].
أي: لم يجعلوا الله سبحانه أمامهم، فلم يأبهوا بعزة الله؛ ولا بحماية الله؛ وجعلوا لبعض خلقه معزَّة فوق معزَّة الله.
ولم يقلSadظِهْرِيًّا) نسبة إلى(الظهر)، فعندما ننسب تحدث تغييرات، فعندما ننسب إلى اليمن نقول: يمنيّ. ونقول: يمانيّ، فالنسب هنا إلى الظهري، وهي المنسي والمتروك، فأنت ساعة تقول: أنت طرحت فلاناً وراء ظهرك، يعني جعلته بعيداً عن الصورة بالنسبة للأحداث، ولم تحسب له حساباً. إذن: فهناك تغييرات تحدث في باب النسب.
ويذكِّرهم شعيب عليه السلام بقوله: {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 92].
أي: أن كل ما تقولونه أو تفعلونه محسوب عليكم؛ لأن الحق سبحانه لا تخفَى عليه خافية، وقد سبق أن عرفنا أن القول يدخل في نطاق العمل؛ فكلُّ حدث يقال لهم: (عمل)؛ وعمل اللسان هو القول؛ وعمل بقية الجوارح هو الأفعال.
وقد شرَّف الحق سبحانه القول لأنه وسيلة الإعلام الأولى عنه سبحانه.
يقول الحق سبحانه من بعد ذلك ما جاء على لسان شعيب عليه السلام: {وياقوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:32 pm


.تفسير الآية رقم (93):

{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93)}
إذن: فشعيب عليه السلام عنده القضية المخالفة؛ لأن الله تعالى عنده أعزُّ من رهطه؛ وباعتزازه بربه قد آوى إلى ركن شديد، وبهذا الإيمان يعلن لهم: افعلوا ما في وُسْعكم، وما في مُكْنتكم هو ما في مُكْنة البشر، وسأعمل ما في مُكْنتي، ولست وحدي، بل معي الله سبحانه وتعالى؛ ولن تتسامى قوتكم الحادثة على قدرة الله المطلقة.
ومهما فعلتم لمعارضة هذا الإصلاح الذي أدعوكم إليه؛ فلن يخذلني الذي أرسلني؛ وما دمتم تريدون الوقوف في نفس موقف الأمم السابقة التي تصدت لموجات الإصلاح السماوية؛ فهزمهم الله سبحانه بالصيحة، وبالرجفة، وبالريح الصرصر، وبالقذف بأي شيء من هذه الأشياء، وقال لهم: اعملوا على مكانتكم، وإياكم أن تتوهموا أني أتودد إليكم؛ فأنا على بينة من ربي، ولكني أحب الخير لكم، وأريد لكم الإصلاح.
ولم يَقُلْ شعيب عليه السلام هذا القول عن ضعف، ولكن قاله ردّاً على قولهم: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91].
وأبرز لهم مكانته المستمدة من قوة مَنْ أرسله سبحانه وتعالى، وقال: {اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} [هود: 93].
وهكذا أوضح لهم: أنا لن أقف مكتوف الأيدي، لأني سأعمل على مكانتي، و{سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هود: 93].
أي: أن المستقبل سوف يبيِّن مَنْ مِنَّا على الحق ومَنْ مِنَّا على الضلال، ولم سيكون النصر والغلبة، ومن الذي يأتيه الخزي؛ أي: أن يشعر باحتقار نفسه وهوانها؛ ويعاني من الفضيحة أمام الخلق؛ ومَنْ مِنَّا الكاذب، ومَنْ على الحق.
وكان لابد أن تأتي الآية التالية: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:32 pm



.تفسير الآية رقم (94):

{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94)}
ونلحظ أن الحق سبحانه قد أورد في هذه السورة: أسلوبين منطوقين أحدهما بالواو، والآخر بالفاء.
الأول: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} [هود: 94]، في قصة اثنين آخرين من الرسل.
الثاني: {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} [هود: 66].
في قصة اثنين من الرسل.
وقصة شعيب هي إحدى القصتين اللتين جاء فيهما {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} ولم يأت ب (الفاء) لأنها كما نعلم تقتضي التعقيب بسرعة، وبدون مسافة زمنية؛ وتسمى في اللغة (فاء التعقيب)، مثل قول الحق سبحانه: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21].
أما (ثم) فتأتي لتعقيب مختلف؛ وهو التعقيب بعد مسافة زمنية؛ مثل قول الحق سبحانه: {ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ} [عبس: 22].
وقد جاءت (الفاء) مرة في قصة قوم لوط؛ لأن الحق سبحانه قد حدد الموعد الذي ينزل فيه العذاب، وقال: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ} [هود: 81].
فكان لابد أن تسبق (الفاء) هذا الحديث عن عذابهم، فقال: {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ} [هود: 82].
أما هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، فقد قال الحق سبحانه: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ} [هود: 94].
ولم يذكر وعداً ولم يحدد موعد العذاب.
والحق سبحانه يقول: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} [هود: 94].
وكل أمر يقتضي آمراً؛ ويقتضي مأموراً؛ ويقتضي مأموراً به.
والآمر هنا هو الله سبحانه؛ وهو القادر على إنفاذ ما يأمر به، ولا يجرؤ مأمور ما على مخالفة ما يأمر به الحق سبحانه؛ فالكون كله يأتمر بأمر خالقه.
إذن: فحين يخبرنا الحق سبحانه وتعالى أن العذاب قد جاء لقوم؛ فمعنى ذلك أن الأمر قد صدر؛ ولم يتخلف العذاب عن المجيء؛ لأن التخلف إنما ينشأ من مجازفة أمر لمأمور قد لا يطيعه، ولا يجرؤ العذاب على المخالفة لأنه مُسخَّر، لا اختيار له.
والقائل هنا هو الله سبحانه صاحب الأمر الكوني والأمر التشريعي؛ فإذا قال الحق سبحانه حكماً من الأحكام وسجله في القرآن؛ فتيقن من أنه حادث لا محالة؛ لأن القضية الكونية هي من الحق سبحانه وتعالى، ولا تتخلف أو تختلف مع مشيئته سبحانه، والحكم التشريعي يسعد به مَنْ يُطِّبقه؛ ويشقى من يخالفه.
والحق سبحانه يعطينا مثالاً لهذا في قصة أم موسى.. يقول جَلَّ شأنه: {وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم} [القصص: 7].
فمنطق البشر يقول: كيف نقول لامرأة: إذا خِفْتِ على ابنك ألقيه في البحر؟ كيف ننجيه من موت مظنون إلى موت محقق؟
هذا وإن كان مخالفاً لسنن العادة إلا أن أم موسى سارعت لتنفيذ أمر الله سبحانه؛ لأن أوامر الله بالإلهام للمقربين، لا يأتي لها معارض في الذهن.
والحق سبحانه كما أمرها بإلقاء وليدها في اليم، فقال: {إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم} [طه: 38- 39].
كذلك أمر الحق سبحانه وتعالى اليمَّ بإلقاء التابوت، وفي داخله موسى للساحل، ولذلك فيقين أم موسى في أن أوامر الله لا تتخلف، جعلها تسارع في تنفيذ ما أمرها الله به.
والحق سبحانه يريد أن يُربِّبَ الإيمان، أي: يزيده في قلوب عباده، فَهَبْ أن الله قضى بقضية أو أمر بأمر، ثم لم يأت الكون على وفق ما أمر الله، فماذا يكون موقف الناس؟
فما دام رب العزة سبحانه قد قال فلابد أن يحدث ما أمر به، فعندما يقول الحق سبحانه: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 173].
فلا بد أن تكون الغلبة لجنود الله، فإذا ما غُلبوا فافهموا أن شرط الجندية لله قد تخلَّف، وأن عنصراً من عناصر الجندية قد تخلف وهو الطاعة.
ومثال هذا: الذين خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقاء على الجبل يوم أحد، إنهم خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فماذا يحدث لو أنهم انتصروا مع هذه المخالفة؟
إذن: فقد انهزم المسلمون الذين اختلت فيهم صفة من صفات جنديتهم لله.
ولا بد أن تلتقي القضيتان: القرآنية والكونية؛ لأن قائل القرآن هو صاحب سنن الكون سبحانه وتعالى.
ولأن أهل مدين هنا قد أعلنوا الكفر؛ فلابد أن يأتيهم العذاب.
وسمَّى الحق سبحانه هنا العذاب بالصيحة؛ وقال: {وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94].
وسمَّى الحق سبحانه في سورة الأعراف العذاب الذي لحق بهم: (الرجفة)؛ فقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 91].
وسماه في قصة قوم عاد: {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6].
وسمَّاه بالخسف في عذاب قارون.
ومن عظمة التوجيه الإلهي أن العذاب كان ينتقي القوم الكافرين فقط؛ ولا يصيب الذين آمنوا، بدليل قول الحق سبحانه: {نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ} [هود: 94].
ولا يقدر على ذلك إلا إله قادر مقتدر؛ يُصرِّف الأمور كما يشاء سبحانه.
وكلمة (نجينا): من النجاة؛ أي: أن يوجد بنجوة؛ وهي المكان العالي، والعرب قد عرفوا مبكراً طغيان الماء؛ فقد كانوا يقيمون في اليمن ثم بعثرهم السيل مصداقاً لقول الحق سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ واشكروا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 15- 16].
هكذا تفرق العرب من اليمن؛ وانتشروا في الجزيرة العربية، وكانوا يخافون من الماء رغم أنه سر الحياة؛ وفضَّلوا التعب في البحث عن الماء للشرب لهم ولأنعامهم؛ بدلاً من الوجود بجانب الماء، ومن عداوة الماء جاءت كلمة (نجا) أي: صعد إلى مكان مرتفع.
واستخدمت كلمة (نجا) في كل موقف ينجو فيه الإنسان من الخطر الداهم، فيقال: (نجا من النار)؛ «ونجا من العدو»؛ «ونجا من الحيوان المفترس»؛ وكلها مأخوذة من النجوة، أي: المكان المرتفع. ويقال في الفعل(نجا): نجا فلان، إذا كانت قوته تسعفه ليخلص نفسه من العذاب.
أما إذا كانت قوته غير قادرة على تخليصه من العذاب، فهو يحتاج إلى مَنْ يُنجيه، ويُقال: (أنجاه)، إذا كانت المسألة تحتاج إلى جهد ومعالجة صعبة ليتحقق الفوز.
ونسب الفعل فيها إلى الله؛ فقال (نجينا).
ويأتي الحق سبحانه في مثل هذا الأمر بضمير الجمع، كقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1].
فكل شيء فيه فعل من الحق سبحانه وتعالى يأتي الله فيه بضمير الجمع: إنَّا.
أما إذا كان الشيء متعلقاً بصفة من صفات الذات الإلهية، فإن الحق سبحانه يأتي بضمير الإفراد(أنا) مثل قوله تعالى: {إنني أَنَا الله} [طه: 14].
وقد أنجى الحق سبحانه شعيباً والذين آمنوا معه؛ لأن شعيباً عليه السلام قال لقومه: {اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} [هود: 93].
وكان عمل شعيب عليه السلام فيه صحة وعزيمة التوكل؛ لذلك أنجاه الله تعالى والذين آمنوا معه، فهو سبحانه لا يريد من عباده إلا التوجه بالنية الخالصة الصادقة إليه، فإذا توجَّه العبد بالنية الصادقة إلى الله، فالحق سبحانه يريح العبد، ويُعينه بالاطمئنان على أداء أي عمل.
ومجرد الإيمان بالله تعالى والاتجاه إليه بصدق وإخلاص؛ يفتح أمام العبد آفاقاً من النجاح والرفعة.. والمفتاح في يد العبد؛ لأن الحق سبحانه قد قال في الحديث القدسي: (من ذكرني في نفسه ذكرته في ملأ خير منه).
إذن: فالمفتاح في يد العبد.
والحق سبحانه هو القائل: (ومن تقرَّب إليَّ شبراً تقرَّبتُ إليه ذراعاً).
وهكذا يترك الحق سبحانه أمر التقرب إليه للعبد، وعندما يتقرب العبد من الله تعالى، فإنه سبحانه يتقرَّب إلى العبد أكثر وأكثر.
ثم يقول الحق سبحانه في حديثه القدسي: (ومن جاءني يمشي أتيته هرولة) لأن المشي قد يُتعب العبد، لكن لا شيء يُتعب الحق سبحانه أبداً؛ لأنه مُنزَّهٌ عن ذلك.
إذن: فالحق سبحانه يريد منا أن نُخلص النية في الالتحام بمعية الله تعالى، ليضفي علينا ربنا سبحانه من صفات جلاله وصفات جماله.
وانظروا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الغار.. يقول الحق سبحانه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا} [التوبة: 40].
أي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى صاحبه عن الحزن بعلة معية الله سبحانه وتعالى، ولابد أن أبا بكر الصديق قد قال كلاماً يفيد الحزن؛ لأن الحزن لم يأت له من تلقاء نفسه، بل من قانونٍ كوني، حين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا» لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكلم عن القانون الكوني، لكنه يتكلم عن طلاقة قدرة المكوِّن سبحانه، فقال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟).
فمعية الله أضفت عليهما شيئاً من جلاله وجماله، والله سبحانه لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار.
وقد أنجى الحق سبحانه شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منه سبحانه، والرحمة ألا يصيبك شيء.
ومثال ذلك: إن الإنسان يعالج فيشفى، ومرة أخرى يحميه الله من الداء.
ولذلك انتبهوا إلى حقيقة أن القرآن قد جاء بأمرين: شفاء، ورحمة، فإذا كان هناك داء وترجعه إلى منهج الله؛ فالحق سبحانه يشفيه، والرحمة ألا يصيبك الداء من البداية.
وأما الذين ظلموا فقد أخذتهم الصيحة، وفي آية أخرى يقول سبحانه: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} [هود: 67].
وفي هذه الآية يقول الحق سبحانه: {وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} [هود: 94].
لأن القرآن على جمهرته جاء على لغة قريش، لا ليُعْلي قريشاً؛ ولكن لأن لغة قريش كانت مُصفَّاة من جميع القبائل العربية، فهي تملك صفوة لغة كل القبائل، ولكن لم يكن ذلك يعني أن نطمس بقية القبائل.
ولذلك جاء في القرآن بعض من لغات القبائل الأخرى، حتى لا يعطي لقريش سيادة في الإسلام كما كان لها سيادة في الجاهلية، لذلك يأتي بلغات القبائل الأخرى، فمرة ياتي بتاء التأنيث ومرة لا يأتي بها.
والتأنيث إما أن يكون حقيقياً أو مجازياً. والتأنيث الحقيقي هو المقابل للمذكر، مثل: المرأة. والتأنيث المجازي مثل: (الصيحة) و(الحجرة). وكانت القبائل العربية تتجاوز في المؤنث المجازي؛ فمرة تأتي «التاء» ومرة لا تأتي.
وإن كان هناك فَصْل بين الفعل والفاعل، فالفاصل قائم مقام التأنيث فيقول سبحانه: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} [هود: 67].
فكأن الصيحة لها مقدرة على أن تأخذ بما أودعه فيها مُرسِل الصيحة من قوة الأخذ، وأخذه أليم شديد.
ويُنهي الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى: {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94].
ونلحظ أن كل عذاب إنما يحدد له الحق سبحانه موعداً هو الصبح، مثل قوله تعالى: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ} [هود: 81].
ومثل قوله الحق: {فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين} [الصافات: 177].
والصبح هو وقت الهجمة على الغافل الذي لم يغادره النوم بعد، مثل زُوَّار الفجر الذين يقبضون على الناس قبيل النهار.
ويقول الحق سبحانه: {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94].
ولم يقل سبحانه: (فأصبحوا في دارهم جاثمين)؛ لأن بعضهم قد لا يكون في بيته، بل في مكان آخر لزيارة أو تجارة.
ومثال ذلك: قصة أبي رغال، وكان في مكة، لكن الحجر الذي قتله بإرادة الله سبحانه نزل عليه في البقاع ولم ينزل عليه الحجر في مكة؛ لأن الله سبحانه قد شاء ألا ينزل عليه الحجر في البيت الحرام، الآمن، وكأن الحجر قد تتَّبعه، مثلما تتبعت الصيحة الكفار من أهل مدين.
ونلحظ في الكلمة الأخيرة من هذه الآية الكريمة وهي «جاثمين» أن حرفي «الجيم» و(الثاء) حين يجتمعان معاً بصرف النظر عن الحرف الثالث، ففيهما شيء من الهلاك، وشيء من الغنائية. ومعنى (جاثمين) أي: مُلقَون على بطونهم بلا حراك.
والحق سبحانه يقول: {وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} [الجاثية: 28].
أي: يركع كل مَنْ فيها على ركبتيه. ويقال عن الميت: (الجثة).
وانظروا إلى عظمة الحق سبحانه حين يجعل الناس تنطق لفظ (الجثة) تعبيراً عن أي «ميت» عظيماً كان أم وضيعاً، ثم توضع جثته في القبر، لتحتضنه أمه الأولى؛ الأرض.
ومن يرغب في تهدئة إنسان ملتاع وغاضب لموت عزيز عليه، فَلْيقُلْ له: هل تتحمل جثمانه أسبوعاً؟ وسوف يجيب: (لا).
إذن: فبمجرد أن ينزع الله سبحانه السر الذي به كان الإنسان إنساناً، وهو الروح، يصبح الإنسان جثة ثم يتخشب، ثم يَرِمُّ.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك وصفاً لمن أخذتهم الصيحة من أهل (مدين): {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:33 pm



.تفسير الآية رقم (95):

{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}
أي: أن من يمر على أهل (مدين) بعد ذلك كأنهم لم يكن لهم وجود.
والحق سبحانه يقول: {حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا} [يونس: 24].
فالإنسان الذي ارتقى حتى وصل إلى الحضارات المتعددة، إلى حد أنه قد يطلب القهوة بالضغط على زر آلة، فإذا شاء الله سبحانه أزال كل ذلك في لمح البصر.
هذه الحياة المرفهة يستمتع فيها الإنسان كمخدوم، وهي غير الجنة التي ينال فيها الإنسان ما يشتهي بمجرد أن يخطر الأمر بباله.
وهنا يقول الحق سبحانه: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ} [هود: 95].
ومادة (الغنى) منها: الغناء بكسر الغين وهو ما يغنيه المطربون، ومنها الغناء بفتح الغين وهو يؤدي إلى الشيء الذي يغنيك عن شيء آخر، فالغنى بالمال يكتفي عما في أيدي الناس.
وهكذا الغناء؛ لأن الأذن تسمع كثيراً، والعين تقرأ كثيراً، لكن الإنسان لا يردد إلا الكلام الذي يعجبه، والملحَّن بطريقة تعجبه؛ فالغناء هو اللحن المستطاب الذي يغنيك عن غيره.
والغَناء، أي: الإقامة في مكان إقامةً تغنيك عن الذهاب إلى مكان آخر، وتتوطن في هذا المكان الذي يغنيك عن بقية الأماكن.
إذن: فقول الحق سبحانه: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ} [هود: 95].
أي: كأنهم لم يقيموا هنا، ويستغنوا بهذا المكان عن أي مكان سواه.
ويقول الحق سبحانه في موضع آخر من القرآن الكريم: {مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ} [هود: 100].
أي: أن الأطلال قائمة بما تحتويه من أحجار ورسوم، مثل معابد قدماء المصريين، وأنت حين تزورها لا تجد المعابد كلها سليمة، بل تجد عموداً منتصباً، وآخر مُلْقىً على الأرض، وباباً غير سليم، ولو كانت كلها حصيداً؛ لاختفت تماماً، ولكنها بقايا قائمة، ومنها ما اندثر.
وهذا يثبت لنا صدق الأداء القرآني بأنه كانت هناك حضارات، لأنها لو ذهبت كلها؛ لما عرفنا أن هناك حضارات قد سبقت.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95].
وكلمة (ألا) كما عرفنا من قبل هي «أداة استفتاح» ليلتفت السامع وينصت، فلا تأخذه غفلة عن الأمر المهم الذي يتكلم به المتكلم، وليستقبل السامع الكلام كله استقبال المستفيد.
وكلمة (بُعْداً) ليست دعاءً على أهل مدين بالبعد؛ لأنها هلكت بالفعل، ومادة كلمة (بُعْداً) هي: (الباء) و(العين) و(الدال) وتستعمل استعمالين: مرة تريد منها الفراق؛ والفراق بينونة إلى لقاء مظنون، إما إذا كانت إلى بينونة متيقنة ألا تكون، ولذلك جاء بعدها: {كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95].
وهي تدل على أنه بعدٌ لا لقاء بعده إلا حين يجمع الحق سبحانه الناس يوم القيامة.
والشاعر يقول:
يَقُولُون لا تبعدْ وهُمْ يَدفِنُونَني ** وأينَ مَكَانُ البُعدِ إلا مَكانِيَا

فهذا هو البعد الذي يذهب إليه الإنسان ولا يعود.
ولما خَصَّ الحق سبحانه ثمود بالذكر هنا، وقد سبق أن قال سبحانه عن أقوام آخرين: (ألا بعداً)؟
لأن الصيحة قد جاءت لثمود، وبذلك اتفقوا في طريقة العذاب.
وتنتهي هنا قصة شعيب عليه السلام مع مدين، ونلحظ أن لها مساساً برسلٍ مثل موسى عليه السلام، مثلما كان لقوم لوط مساس بإبراهيم عليه السلام.
وهكذا نعلم أن هناك رسلاً قد تعاصرت، أي: أن كل واحد منهم أرسل إلى بيئة معينة ومكان معين. ولأن المرسل إليهم هم عبيد الله كلهم؛ لذلك أرسل لكل بيئة رسولاً يناسب منهجه عيوب هذه البيئة.
وإبراهيم عليه السلام هو عم لوط عليه السلام، وموسى عليه السلام هو صهر شعيب عليه السلام. وقد ذهب موسى إلى أهل مدين قبل أن يرسله الله إلى فرعون.
ونحن نعلم أن الأماكن في الأزمنة القديمة كانت منعزلة، ويصعب بينها الاتصال، وكل جماعة تعيش في موقع قد لا يدرون عن بقية المواقع شيئاً، وكل جماعة قد يختلف داؤها عن الأخرى.
لكن حين أراد الحق سبحانه بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كرسولٍ خاتمٍ، فقد علم الحق سبحانه أزلاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميعاد مع ارتقاء البشرية، وقد توحدت الداءات.
فما يحدث الآن في أي مكان في العالم، ينتقل إلينا عبر الأقمار الصناعية في ثوانٍ معدودة، لذلك كان لابد من الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم.
أما تعدد الرسل اللقطات لكل رسول بالقرآن، فليست تكراراً كما يظن السطحيون؛ لأن الأصل في القصص القرآني أن الحق سبحانه قد أنزله لتثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت الآيات تنزل من السماء الدنيا بالوحي لتناسب الموقف الذي يحتاج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تثبيت للفؤاد.
ويبيِّن الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يتذكر إخوانه من الرسل وما حدث لهم مع أقوامهم وانتصار الله لهم في النهاية، وحين أراد الحق سبحانه أن يقص قصة محبوكة جاء بسورة يوسف.
وهكذا فليس في القرآن تكرار، بل كل لقطة إنما جاءت لتناسب موقعها في تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولنا أن نلحظ أن قصة شعيب عليه السلام مع قومه، ما كان يجب أن تنتهي إلا بأن تأتي فيها لقطة من قصة موسى عليه السلام، وهو صهر شعيب عليه السلام.
والملاحظ أن الحق سبحانه قد ذكر هنا من قصة موسى عليه السلام لقطتين:
اللقطة الأولى: هي الإرسال بالآيات إلى فرعون.
واللقطة الثانية: هي خاتمة فرعون لا مع موسى عليه السلام، ولكن مع الحق سبحانه يوم القيامة، يقول تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ النار وَبِئْسَ الورد المورود وَأُتْبِعُواْ فِي هذه لَعْنَةً وَيَوْمَ القيامة بِئْسَ الرفد المرفود} [هود: 98- 99].
وكان لشعيب عليه السلام مهمة تثبيت قلب موسى عليه السلام من الهلع، حين أعلن له أنه خائف من أن يقتله قوم فرعون لأنه قتل رجلاً منهم، فقال له شعيب عليه السلام ما ذكره الحق سبحانه في قوله: {نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين} [القصص: 25].
وهكذا ثبَّته وهيَّأ له حياة يعيش فيها آمناً لمدة ثماني حجج أو أن يتمها عشر حجج، مصداقاً لقول الحق سبحانه: {قَالَ إني أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأجلين قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ والله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 27- 28].
وهكذا باشر شعيب عليه السلام مهمة في قصة موسى عليه السلام.
ومن هذا ومن ذلك يعطينا الحق سبحانه الدرس بأن الفطرة السليمة لها تقنينات قد تلتقي مع قانون السماء؛ لأن الحق سبحانه لا يمنع عقول البشر أن تصل إلى الحقيقة، لكن العقول قد تصل إلى الحقيقة بعد مرارة من التجربة، مثلما قنَّن الحق سبحانه الطلاق في الإسلام، ثم أخذت به بلاد أخرى غير مسلمة بعد أن عانت مُرَّ المعاناة.
ومثلما حرَّم الحق سبحانه الخمر، ثم أثبت العلم مضارها على الصحة، فهل كنا مطالبين بأن نؤجل حكم الله تعالى إلى أن يهتدي العقل إلى تلك النتائج؟
لا؛ لأن الحق سبحانه قد أنزل في القرآن قانون السماء الذي يقي الإنسان شر التجربة؛ لأن الذي أنزل القرآن سبحانه هو الذي خلقنا وهو مأمون علينا، وقد أثبتت الأيام صدق حكم الله تعالى في كل ما قال بدليل أن غير المؤمنين بالقرآن يذهبون إلى ما نزل به القرآن ليطبقوه.
وفي قصة موسى عليه السلام مثل واضح على مشيئة الحق سبحانه، فها هو فرعون الكافر قد قام بتربية موسى بعد أن التقطه لعله يكون قرة عين له، رغم أن فرعون كان يُقتِّل أطفال تلك الطائفة.
ثم تلحظ أخت موسى أخاها، ويرد الحق سبحانه موسى عليه السلام إلى أمه.
وقد صوَّر الشاعر هذا الموقف بقوله:
إذا لَمْ تُصادِفْ في بَنِيكَ عِنَايةً ** مِنَ اللهِ فقدْ كَذبَ الرَّاجِي وخَابَ المأملُ

فَمُوسَى الذي رَبَّاهُ جِبريلُ كافرٌ ** ومُوسَى الذي ربَّاه فِرْعونُ مُرسَلُ

وقد جاءت قصة موسى عليه السلام هنا موجزة، في البداية وفي النهاية؛ ليبيِّن لنا الحق سبحانه أن لشعيب دوراً مع واحد من أولي العزم من الرسل، وهو موسى عليه السلام، وكان مقصود موسى عليه السلام قبل أن يبعث هو ماء مدين، فحدث ما يمكن أن نجد فيه حلاً لمشاكل الجنسين الرجل والمرأة وهي رأس الحربة التي تُوجَّه إلى المجتمعات الإسلامية؛ لأن البعض يريد أن تتبذل المرأة في مفاتنها، لإغواء الشباب في أعز أوقات شراسة المراهقة.
لكن القرآن حَلَّ هذه المسألة في رحلة بسيطة، ولنقرأ قول الحق سبحانه عن موسى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ الناس يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امرأتين تَذُودَانِ} [القصص: 23].
أي: تمنعان الماشية من الاقتراب من المياه، وكان هذا المشهد مُلْفتاً لموسى عليه السلام، وكان من الطبيعي أن يتساءل: ألم تأتيا إلى هنا لتسقيا الماشية؟! وقال القرآن السؤال الطبيعي: {مَا خَطْبُكُمَا} [القصص: 23].
فتأتيه الإجابة من المرأتين: {قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعآء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23].
وهكذا نعلم أن خروج المرأة له علة أن الأب شيخ كبير، وأن خروج المرأتين لم يكن بغرض المزاحمة على الماء، ولكن بسبب الضرورة، وانتظرتا إلى أن يسقي الرعاة، بل ظلَّتا محتجبتين بعيداً؛ لذلك تقدم موسى عليه السلام ليمارس مهمة الرجل: {فسقى لَهُمَا} [القصص: 24].
وهذه خصوصية المجتمع الإيماني العام، لا خصوصية قوم، ولا خصوصية قربى، ولا خصوصية أهل، بل خصوصية المجتمع الإيماني العام.
فساعة يرى الإنسان امرأة قد خرجت إلى العمل، فيعرف أن هناك ضرورة ألجأتها إلى ذلك، فيقضي الرجل المسلم لها حاجتها.
وأذكر حين ذهبت إلى مكة في عام 1950م أن نزل صديقي من سيارته أمام باب منزلٍ، وكان يوجد أمام الباب لوح من الخشب عليه أرغفة من العجين التي لم تخبز بعد، وذهب به إلى المخبز، ثم عاد به بعد خبزه إلى نفس الباب. وقال لي: إن هذه هي عادة أهل مكة، إن وجد إنسان لوحاً من العجين غير المخبوز؛ فعليه أن يفعل ذلك؛ لأن وجود هذا اللوح أمام الباب إنما يعني أن الرجل رب البيت غائب.
وهذا كله مأخوذ من كلمة: {فسقى لَهُمَا} [القصص: 24].
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأمر الجنود أن تدق الأبواب لتسأل أهل البيوت عن حاجاتهم.
والأمر الثالث والمهم هو أن المرأة التي تخرج إلى مهمة عليها ألا تستمرئ ذلك، بل تأخذها على قدر الضرورة، فإذا وجدت منفذاً لهذه الضرورة، فعليها أن تسارع إلى هذا المنفذ، ولذلك قالت الفتاة لأبيها شعيب: {ياأبت استأجره إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوي الأمين} [القصص: 26].
ويُنهي شعيب عليه السلام هذا الموقف إنهاءً إيمانياً حكيماً حازماً، فيقول لموسى: {قَالَ إني أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} [القصص: 27].
وهكذا يعلم موسى عليه السلام أن شعيباً لا يُلقي بابنته هكذا دون مهر، لا.. بل لابد أن يكون لها مهر، وأيضاً تصبح أختها محرمة عليه.
وهذه القصة وضعت لنا مبادئ تحل كل المشكلات التي يتشدق بها خصوم الإسلام.
وهنا نحن نجد في الغرب صيحات معاصرة تطالب بأن تقوم المرأة بالبقاء في المنزل لرعاية الأسرة والأولاد؛ ليس لأن المرأة ناقصة، ولكن لأن كمال المرأة في أداء أسمى مهمة توكل إليها، وهي تربية الأبناء.
ونحن نعلم أن طفولة الإنسان هي أطول أعمار الطفولة في كل الكائنات، والأبناء الذين ينشأون برعاية أم متفرغة يكونون أفضل من غيرهم.
وهكذا نتعلم من قصة شعيب عليه السلام مع موسى عليه السلام.
وهنا يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:33 pm



.تفسير الآية رقم (96):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96)}
ونحن نعلم أن الآيات إذا وردت في القرآن إنما تنصرف إلى ثلاثة أشياء:
آيات كونية تعاصر كل الناس ويراها كل واحد، مثل آيات الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والأرض الخاشعة إذا ما نزل عليها الماء اهتزت وربت، وكلها آيات كونية تلفت العقل إلى النظر في أن وراء هذا الكون الدقيق تكويناً هندسياً أقامه إله قادر.
وهناك آيات تأتي لبيان صدق الرسول في البلاغ عن الله، وهي المعجزات مثل: ناقة ثمود المبصرة، وشفاء عيسى عليه السلام للأكمه والأبرص بإذن الله.
ثم آيات الأحكام التي تبيِّن مطلوبات المنهج ب (افعل) و(لا تفعل).
وهنا قال الحق سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [هود: 96].
فهناك آيات تدل على صدقه، وفوق ذلك سلطان ظاهر، إما أن يكون سلطاناً يقهر الغالب، أو سلطان حجة تقنع العقل.
وسلطان القوة قد يقهر الغالب، لكنه لا يقهر القلب، والله سبحانه يريد قلوباً، لا قوالب؛ لذلك قال سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 34].
إذن: فالحق سبحانه يطلب القلوب لا القوالب، قلوب تأتي إلى الله تعالى طواعية بدون إكراه.
لذلك فالسطان الأهم هو سلطان الحجة؛ لأنه يقنع الإنسان أن يفعل.. ولم يكن لموسى عليه السلام سلطانٌ من القوة ليظهر، بل كان له سلطان الحجة، وهو قول الحق سبحانه: {وَقَالَ موسى يافرعون إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 104- 105].
فيرد عليه فرعون: {قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ} [الأعراف: 106- 108].
وبياض اليد مسألة ذاتية في موسى عليه السلام، وطارئة أيضاً، فلم تكن مرضاً كالبهاق مثلاً، بدليل الاحتياط في قوله تعالى: {واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء} [طه: 22].
أما العصا فهي الحجة التي دفعت فرعون إلى أن يأتي بالسحرة، ليغلبهم موسى أمام فرعون والملأ، فيتبع السحرة موسى ويؤمنوا برب موسى وهارون.
ونحن نعلم أن الحق سبحانه قد أرسل موسى عليه السلام بتسع آيات هي: العصا التي تصير ثعباناً يلقف ما صنع السحرة، واليد البيضاء من غير سوء، ثم أخذ آل فرعون بالسنين، ونقص في الأنفس والثمرات، لأن الجدب يمنع الزرع، ونقص الأموال يحقق المجاعة، وكذلك أرسل الحق سبحانه على قوم فرعون الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع، هذه هي الآيات التسع التي أرسلها الحق سبحانه على آل فرعون، بسبب عدم إيمانهم برسالة موسى عليه السلام.
وهناك آيات آخرى أرسلها الحق سبحانه لقوم موسى بواسطة موسى عليه السلام؛ هي نتق الجبل، وضرب البحر بالعصا، ثم ضرب الحجر بالعصا لتتفجر اثنتا عشرة عيناً، وكذلك نزول التوراة في ألواح.
إذن: فالكلام في الآيات التسع المقصود بها الآيات التي أرسل بها موسى إلى فرعون، أما هذه الآيات فقد كانت بعد الخروج من مصر أو مصاحبة له كضرب البحر بالعصا.
والدليل على أن قصة موسى مع فرعون خاصة، أن موسى كانت له رسالتان: الرسالة الأولى مع فرعون، والرسالة الثانية مع بني إسرائيل.
ولذلك نلحظ أن الحق سبحانه وتعالى يخبرنا في آخر السورة بالخلاف بين موسى عليه السلام وبني إسرائيل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب فاختلف فِيهِ} [هود: 110].
إذن: فقصته مع بني إسرائيل تأتي بعد إيتائه الكتاب، أي: التوراة.
وهنا يتكلم الحق سبحانه عن آيات موسى عليه السلام مع فرعون فيقول: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [هود: 96].
أي: سلطان محيط لا يدع للخصم مكاناً أو فكاكاً.
ثم يقول الحق سبحانه: {إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:33 pm


.تفسير الآية رقم (97):

{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)}
والملأ: هم القوم الذين يملأون العيون، ويتصدرون المجالس. ويقال: (فلان ملء العين) أي: لا تقتحمه العيون؛ لأنه واضح ظاهر.
فالملأ إذن هم أشراف القوم، وهم عادة الذين يزينون للطاغية الاستخفاف بالرعية.
والحق سبحانه يقول: {فاستخف قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
وحين يتكلم الحق سبحانه عن فرعون والملأ والقوم، نجده يبيِّن ويفصل بين الملأ من جهة، وفرعون من جهة أخرى، وكذلك يفصل بين الفرعون والملأ من جهة، والقوم من جهة أخرى.. فلكل طرف من تلك الأطراف الثلاثة أسلوب يعامله الحق سبحانه به.
وهنا يبيِّن لنا الله سبحانه أن الملأ قد اتبعوا أمر فرعون، هذا الأمر الذي يصفه الحق سبحانه بقوله: {وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97].
والرشد يقابله الغيُّ، وهذا القول يدلنا على أن الملأ من قوم فرعون لم يتدارسوا أمر فرعون بتأنٍّ، ولم تستقبله عقولهم بالبحث، وهم لو فعلوا ذلك لما اتبعوا أمر فرعون.
ويبيِّن الحق سبحانه لنا عدم رشد أمر فرعون، فهو يذكر لنا ما يحدث له يوم القيامة هو وقومه، فيقول تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

  تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي      تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي	 Emptyالإثنين فبراير 12, 2018 8:34 pm


♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞ اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
تفسير سورة هود صفحة 232 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة هود صفحة 233 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة هود صفحة 234 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة هود صفحة 235 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
» تفسير سورة هود صفحة 222 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة هود صفحة 223 من القرآن الكريم للشيخ الشعراوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام القرآن الكريم ))♥ :: القرآن الكريم وعلم التفسير-
انتقل الى: