القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله Empty
مُساهمةموضوع: العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله   العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله Emptyالجمعة مارس 02, 2018 7:47 am

۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞

العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله 1500004597_4422
العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله 1500004602_8737
العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله 1500004614_3441
العقيدة من مفهوم القران والسنة - الدرس ( 10) : الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله
من مسلمات هذا الدين :
أيها الأخوة الكرام, مع الدرس الخامس عشر من دروس العقيدة، وقد كان الموضوع السابق: هنالك مسلمات في ديننا لا يمكن نكرانها أو التشكيك بها
مقتضيات الإيمان بأن محمداً رسول الله, ثم تحدثنا عن نواقض شهادة أن محمداً رسول الله, واليوم ننتقل إلى الأدلة البينة على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
أيها الأخوة الكرام, هناك مسلمات في هذا الدين: المسلمة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى واحد في خلقه, واحد في أفعاله, واحد في صفاته، شهادة أن لا إله إلا الله, وقد تحدثنا عنها كثيراً، المسلمة الثانية: أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله, تحدثنا عن مقتضياتها, وعن نواقضها .

هل تقبل دعوة محمد بن عبد الله على أنه رسول الله من دون دليل؟ :
اليوم ننتقل إلى أدلتها. الله عز وجل يقول:
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾
[سورة الحديد الآية: 25]
لا يمكن أن يقبل الناس دعوى إنسان, أنه رسول الله, من دون أدلة قطعية جامعة مانعة, فالله عز وجل ما كان له أن يرسل رسولاً بلا بينات, لأن هذه الرسالة مصيرية, تتعلق بها سعادة الإنسان الأبدية, فإنسان يمثل خالق السموات والأرض, مبعوث العناية الإلهية, ما في معه دليل, ما في معه بينة, هذا مستحيل .

من دلائل نبوة محمد عليه الصلاة والسلام :
1-المعجزة القرآنية :
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾
[سورة الحديد الآية: 25]
القرآن الكريم معجزة رسول الله المستمرة
هذه البينات أولها: المعجزة القرآنية, وأهم شيء في هذه المعجزة: أن الله حفظها من أي تعديل, أو تغيير, أو انتحال, أو تزوير, قال تعالى:
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾
[سورة الحجر الآية: 9]
يعني النبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام, معجزته شيء, وبيانه شيء آخر, حفظت المعجزة, وقعت ولم تقع مرةً ثانية, معجزة حسية, ليس هناك ارتباط بين المعجزة والبيان, كذلك سيدنا موسى معجزته العصا وبيانه التوراة, إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام معجزته تنطبق على بيانه، بيانه القرآن الكريم وحي الله عز وجل, ومعجزته القرآن الكريم, لأن القرآن الكريم معجزة النبي المستمرة، لماذا هي مستمرة؟ لأن النبي خاتم الأنبياء, ولأن رسالته خاتمة الرسالات, إذاً: ينبغي أن تكون معجزته مستمرة, ولم تكن مستمرة إلا إذا كانت علمية بيانية .
وقالوا:
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 50-51]
إليكم أدلة الإيمان بالله وبرسوله :
في ثلاثة أشياء مهمة جداً: يمكن أن تؤمن عن طريق العقل إيماناً قطعياً بوجود الله من خلال الكون؛ بوجود الله ووحدانيته وكماله, ويمكن أن تؤمن إيماناً عقلياً قطعياً, بأن القرآن كلام الله عن طريق إعجازه, ويمكن أن تؤمن إيماناً عقلياً قطعياً, أن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن, هو رسول الله من خلال القرآن، الإيمان بالله من خلال الكون, والإيمان بالقرآن من خلال المعجزات, والإيمان بالرسول من خلال القرآن .
إذا آمنت بأن الله موجود, وواحد, وكامل, وأن كلامه كلام قديم, وحي أوحاه الله إلى النبي, هذا الذي جاء بهذا الوحي المعجز, هو قطعاً رسول الله، انتهى دور العقل, جاء دور النقل الآن, بعد أن آمنت بخالق الكون الواحد والكامل, وبعد أن آمنت بهذا القرآن أن كلام الله, وبعد أن آمنت بهذا الإنسان, أنه جاء بهذا القرآن, أنه رسول الله, وبعد أن آمنت بأن هذا الإنسان الذي جاء بالقرآن هو رسول الله, الآن هذا الإنسان الذي آمنت به رسولاً, سيتكلم, كلامه وحي, آخر كلامه وحي غير متلو, كلامه بيان لهذا القرآن .
إذاً: نحن عندنا وحي متلو من خالق الأكوان, ومعنا وحي يبين الوحي المتلو من سيد الكائنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى دور العقل, أي شيء أخبرك القرآن به, تؤمن به تبعاً, وأي شيء أخبرك النبي عليه الصلاة والسلام, تؤمن به تبعاً .
ما هما الثابتان اللذان لا يصل إليهما الشك في الدين الإسلامي؟ :
القرآن والسنة ثابتان لا يصل إليهما الشك
فنحن معنا كتاب وسنة, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((شيئان ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً؛ كتاب الله وسنة رسوله))
الكتاب وحي يوحى, والسنة بيان المعصوم، عصم النبي من أن يخطئ في أقواله, وأفعاله, وإقراره, وصفاته .
عندنا ثابتين لا يصل الشك إليهما؛ القرآن والسنة, وعندنا ثابت أول هو الكون، الثابت الأول الذي يخضع له كل الخلق هو الكون, والثابت الثاني القرآن, والثالث السنة, لأن القرآن كلام الله, ولأن القرآن منهج الأمة كلها, ومنهج شعوب الأرض كلهم, يجب أن يكون محفوظاً.
اعلم هذا :
من تمام حفظ القرآن حفظ السنة, لذلك قيض الله لهذه الأمة رجالاً, في مستوى من الإدراك, يفوق حد الخيال, واشتغلوا بعلم الحديث, حتى نقحوا أحاديث رسول الله, وأخذوا الصحيح, وأشاروا على الضعيف والموضوع .
لذلك القرآن قطعي الثبوت, بعضه قطعي الدلالة, وبعضه ظني الدلالة, والسنة ظنية الثبوت, لأن بعضها صحيح متواتر, صحيح حسن, وبعضها ضعيف وموضوع, والسنة ظنية الثبوت, وظنية الدلالة .
إليكم هذا الدليل أيضاً من الكتاب يؤكد فيه على أن محمد رسول من عند الله :
آية ثانية الأولى: أي شيء عجز العقل عن إدراكه أخبرنا الوحي به
﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 51]
يعني أولم يكفهم دليلاً على أنك رسولي .
الدليل العقلي على أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله القرآن, والدليل العقلي على أن هذا القرآن كلام الله هو الإعجاز, والدليل العقلي على أن الله عز وجل خالق الأكوان الكون, هذه الثوابت, الوحي يكمل الثوابت, أي شيء أخبرك الله به تؤمن به لا تحقيقاً ولكن تصديقاً, أخبرك أن هناك يوماً آخر, أخبرك أن هناك حوضاً, وصراطاً, وميزاناً, أخبرك أن هناك جنةً وناراً, أخبرك أن البشرية بدأت بآدم, فأي شيء عجز العقل عن إدراكه, أخبرك الوحي به .
من معاني الميزان في هذه الآية :
قال تعالى: ينتهي دور العقل بالإيمان بالله ورسوله وكتابه
﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
[سورة الرحمن الآية: 7]
يعني من معاني كلمة ميزان: أنه العقل، أعطاك ميزان, لكن هذا الميزان استعماله محدود, شاءت حكمة الله أن يكون استعمال هذا الميزان محدوداً, يعني ميزان, في بقالية مكتوب عليه من خمسة غرامات إلى ثلاثة آلاف غرام, ما دمت تستخدمه ضمن هذين الحدين, أعطاك نتائج دقيقة جداً, لكن هذا الميزان محدود الاستعمال, لا تستطيع أن تزن به مركبتك تحطمه, إذاً: المركبة يعجز هذا الميزان عن وزنها, المركبة عليها لوحة, كتب وزنها كذا, فكل شيء عجز العقل عن إدراكه, أخبرك الله به, صار الوحي يتكامل مع العقل، بالعقل آمنت بالله موجوداً وواحداً وكاملاً, بالعقل آمنت بهذا القرآن كلام الله عز وجل, بالعقل آمنت بأن هذا الإنسان هو رسول الله, انتهى العقل .
هذا دور العقل :
مريض يبحث بعقله عن طبيب, يحمل أعلى شهادة, يتمتع بقدرات عالية, له سمعة طيبة, له اتجاه ديني, يخاف الله, يخشى الله, بحثت بحثت إلى أن وصلت إلى هذا الطبيب, وصلت إليه بعقلك, دخلت على عنده, قال لك: ممنوع استعمال الملح, لماذا هنا؟ ما في عقل, عقلك قادك إلى أنه أعلم الأطباء, الآن يتعطل العقل, تتلقى من تلقي, بعد أن آمنت بالله خالقاً, مربياً, مسيراً, واحداً, موجوداً, كاملاً من خلال هذا الكون وعن طريق العقل, بعد أن آمنت بأن هذا القرآن كلامه من خلال إعجازه وعن طريق العقل, بعد أن آمنت بأن هذا الإنسان رسوله من خلال قرآنه, وعن طريق العقل, انتهى دور العقل .
إليك دور النقل :
صدق المصدر دليل قطعي على صدق ما ورد عنه
قال لك: في جن, أين؟ ما في, أين؟ هذا دليل, اسمه دليل إخباري, له اسم ثان: دليل سمعي, دليل نقلي, أو سمعي, أو إخباري, هذا دليل قطعي, لأنه بقدر ثقتك بالمتكلم, ثقتك بكلامه, هذا أخبرك الله به, أخبرك أن هذه البشرية بدأت من آدم، آدم انتهى, قال دارون: قرد أصله، أنا معي دليل نقلي قطعي, أخبرك الله أن الله لا يظلم, إذاً لا يظلم, لو رأيت حرباً أهلية, لو رأيت اجتياحاً, لو رأيت مجاعات في العالم, لو رأيت شعوباً ينكل بها, هناك حكمة لا أعلمها, لكن الله أخبرني, وهو الصادق, أنه لا يظلم أحداً .
ما تميز به النبي عن أخوانه من الأنبياء :
يقول عليه الصلاة والسلام فيما ورد في الصحيحين: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا لَيْثٌ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ, إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ, آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ, وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ, فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))
يعني ما في نبي إلا معه أدلة قطعية بينات معجزات, تكون أدلةً كافيةً للناس, ليصدقوا أنهم نبي, وإنما كان الذي أوتي به سيدنا موسى العصا, سيدنا عيسى إكماه الأبره والأبرص, وسيدنا إبراهيم ألقي في النار .
((وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ, فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))
يعني بنص حديث رسول الله بتصريح النبي, أنا معجزتي الوحي, والوحي بين أيدينا, وهذه نعمة لا تعدلها نعمة .
2-تحدي العرب أن يأتوا بمثل هذا القرآن :
لو اجتمع العرب جميعاً لن يأتوا بآية كآيات القرآن الكريم
أول شيء في هذا القرآن فصاحته, كما تعلمنا في الجامعة: أفصح كلام في اللغة العربية على الإطلاق, وأفصح كلام بعده كلام سيدنا محمد, هذا الكلام المعجز الفصيح, من حروف بين أيدينا, ألف لام ميم, حروف بين أيدينا, الحروف العربية, ثمانية وعشرين بين أيدي كل العرب, هل يستطيع العرب ولو اجتمعوا أن يأتوا بآية كآيات القرآن الكريم؟ الجواب: لا, ولو كان الوقت يسمح, لقرأت لكم الذين ادعوا النبوة, وكيف نظموا كلاماً يبعث على الضحك ليس غير, ككلام مسيلمة وما إلى ذلك ......
3- كلما قرأته وجدت فيه معاني جديدة لم تكن من قبل :
شيء آخر: هذا بالحقيقة بين أيديكم, تسمع خطبة مرة مرتين ثلاثة حفظتها كلما قرأت القرآن ازددت قرباً من الله عز وجل
تسمع نشيد للمرة الخامسة, طلعت من جلدك منه تسمع, محاضرة تسمع ... لكن تسمع السورة مئة ألف مرة في حياتك لا ترتوي منها, جرب, اسمع قرآن بسيارتك, اقرأ قرآن في بيتك, كل ما تقرأه, تحس أن هناك شيئاً جديداً, أحياناً كلمة لا تنتبه لها, أحياناً حرف أحياناً, وقف معين لا تنتبه له, ينطوي على معنى كبير, لذلك: فضل كلام الله على كلام خلقه, كفضل الله على خلقه لا يبلى على كثرة الرد, لو قرأته ليلاً ونهاراً, وصباحاً ومساءً, كلما قرأته, ازددت قرباً من الله عز وجل .
أول بينة قرآنية: أنه أفصح كلام في هذه اللغة, وثانياً: كلما قرأته وجدت فيه معاني جديدة لم تكن من قبل :
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾
[سورة البقرة الآية: 23-24]
فصاحته وجدته .
4- إخبار القرآن بالغيب :
الآن: القرآن أخبرك بالغيب, الغيب لا يعلمه إلا الله, قال تعالى:
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾
[سورة الروم الآية: 2-3]
وقد أجمع المؤرخون على هذه المعركة تمت في غور فلسطين .
ما اكتشف أخيراً :
اكتشف أخيراً: أن أدنى نقطة في الأرض إطلاقاً غور فلسطين, قبل أن تحتل الضفة الغربية .
زرتها, اتجهنا من أريحا إلى البحر الميت, في منتصف الطريق لوحة, كتب عليها مستوى سطح البحر، تابعنا إلى ستمئة متر تحت سطح البحر, هذه أعمق نقطة في الأرض, أعمق نقطة يابسة, أما أعمق نقطة تحت البحر, خليج مريانة في المحيط الهادي, اثنا عشر ألف متر تحت سطح البحر, وأعلى نقطة جبال هيمالايا, اثنا عشر ألف متر .
جاؤوا بكرة قطرها متر, مثلوا أعلى نقطة عليها, وأخفض نقطة عليها, فكانت سنتيمتر بسنتيمتر, يعني أعلى نقطة في الأرض جبال هيمالايا, وأخفض نقطة في الأرض خليج مريانة, مثلت على كرة قطرها متر سنتيمتر نحو الأعلى, وسنتيمتر نحو الأسفل .
من الغيبيات :
فالله عز وجل يقول:
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾
[سورة الروم الآية: 2-3]
وقصة طويلة جرت بين سيدنا الصديق وبين كفار قريش, وتحدى كل منهم الطرف الآخر, وفي العام السابع انتصر الروم على الفرس, هذا اسمه غيب المستقبل .
في القرآن غيب الماضي, وغيب الحاضر, وغيب المستقبل, غيب الماضي بعده زمن, وغيب المستقبل بعده زماني, وغيب الحاضر بعده مكاني .
هذا ما أخبرنا به النبي :
القرآن أخبرنا بالغيب
أنا حينما تقول لي: جرى في حلب الساعة الثامنة مساءً كذا وكذا, أنا في دمشق، حلب بالنسبة إلي غيب, هذا غيب الحاضر البعد مكاني, أما غيب المستقبل: وهم من بعد غلبهم سيغلبون، غيب الماضي :
﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية: 44]
فالنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا عن غيب الماضي, وعن غيب الحاضر, وعن غيب المستقبل, إذاً: الدليل الثاني: إخبار القرآن بالغيب .

انظر إلى ثقة النبي بربه :
إنسان يدعي النبوة, يتورط مع الخلق جميعاً, أن الروم سيغلبون, وهو فرد مضطهد ملاحق, وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً, لولا أنه واثق أن الله جل جلاله لا يخيبه :
﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾
[سورة الروم الآية: 3-4]
5-حماية الله لنبيه من أن يقتل :
الآن: حماية الله لنبيه من أن يقتل, قال تعالى:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾
[سورة الإسراء الآية: 60]
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾
[سورة المائدة الآية: 67]
لأن النبي عليه الصلاة والسلام واثق أشد الثقة أن الله لا يخزيه, صرف حراسه, واعتمد على الله, استثناءً هنا, ما في اعقل وتوكل, هنا معه وحي, والوحي زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعده لنبيه, صرف حراسه, والله يعصمك من الناس, يعني يعصمك من أن تقتل، نبي معه رسالة إذا قتل, أين الله؟ .
سؤال :
قد يقول أحدكم: ماذا نفعل بقوله تعالى:
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾
[سورة آل عمران الآية: 144]
دخل احتمال قتله, كيف نوفق بين هذه الآية وبين هذه الآية؟ :
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾
[سورة المائدة الآية: 67]
في أثناء التبليغ لا يمكن أن يقتل, إذا انتهى التبليغ موضوع ثان، الآية الثانية: لو أن التبليغ قد انتهى:
﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾
[سورة آل عمران الآية: 144]
كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرس حتى نزلت هذه الآية, والله يعصمك من الناس, فأخرج النبي عليه الصلاة والسلام رأسه من القبة, فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله .
6-أن الرسل تعاقبوا قبل مجيئه لكن بعد مجيئه لا رسول بعد رسول الله ولا نبي
أيضاً من أدلة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: أن الرسل تعاقبوا قبل مجيئه, لكن بعد مجيئه لا رسول بعد رسول الله, ولا نبي بعد نبي الله :
﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾
[سورة الأحزاب الآية: 40]
7-الإعجاز العلمي :
أيها الأخوة, ومن أدلة القرآن الكريم على أن هذا القرآن كلام الله, وعلى أن النبي عليه الصلاة والسلام هو رسوله: الإعجاز العلمي, هذا الموضوع موضوع واسع جداً, وأرجو الله سبحانه وتعالى, أن يكون كتب موسوعة العلمي عن قريب بين أيديكم, كتاب واسع جداً, أكثر من ثمانمئة صفحة, إن شاء الله سوف تكون بين أيدي الأخوة بعد حين, يعني:
﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾
[سورة فصلت الآية: 53]
أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد؟ .
ما توصل إليه العلماء من الاكتشافات العلمية :
الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة أكثر أن يحصى, بأدنى الأرض واحدة, لم يكن يعرف قبل اكتشاف أشعة الليزر, أن غور فلسطين أخفض مكان في الأرض:
﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[سورة الرحمن الآية: 19-21]
الإعجاز العلمي في القرآن دليل على مصداقيته
بعد أن اكتشفت سفن الفضاء, أن بين كل بحرين حاجزاً برزخاً, وحجراً محجورا, فسرت هذه الآية .
بعد أن اكتشفت مجرة تبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية وشكلها كالوردة, قال تعالى:
﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[سورة الرحمن الآية: 37-38]
عرف أن هذا مما يؤكد كلام الله .
بعد أن قال الله عز وجل:
﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾
[سورة الأنعام الآية: 125]
بعد أن ركب الإنسان الطائرة ونقص الأوكسجين, شعر بضيق لا يوصف .
بعد أن اكتشف أن الذكر والأنثى لا علاقة للبويضة بهما, وقد قال الله عز وجل:
﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾
[سورة النجم الآية: 45-46]
تبين أن العامل الحاسم في كون المولود ذكراً أو أنثى, هو النطفة وليس البويضة .
بعد أن قال الله عز وجل:
﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
[سورة يس الآية: 40]
اكتشف أن كل شيء يدور حول نواة من الذرة وإلى المجرة .
بعد أن ثبت أن الأرض تسير حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو متر في الثانية, الآن لنا نصف ساعة تقريباً, ثلاثين بالثانية بالدقيقة ألف, وثمانمئة بعشر دقائق ثمانية عشر ألف, بالعشرين دقيقة ستة وثلاثين ألف, بثلاثين دقيقة ثمانية وأربعين ألف كيلو متر ماشين من أول الدرس وإلى الآن، قال تعالى:
﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾
[سورة النمل الآية: 88]
بعد أن اكتشف أن كل نجم في الكون, يدور حول نجم آخر في مسار مغلق, قال تعالى:
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾
[سورة الطارق الآية: 11]
من المستحيل :
حديث طويل، آيات الله في المجرات, وفي الشمس والقمر, وفي الليل والنهار, وفي الجبال وفي السهول, وفي الصحارى وفي الوديان, وفي البحار وفي الأنهار, وفي الأسماك, وفي الأطيار, وفي الحيوانات، وفي خلق الإنسان, وفي خلق الطعام والشراب:
﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾
[سورة فصلت الآية: 53]
أي مستحيل, وألف ألف مستحيل أن يأتي النبي بحقائق لم تكن معروفة, ولا إلى مئة عام ألف وثلاثمائة عام لم تكن معروفة، الآن عرفت .
إذاً: إعجاز القرآن الكريم أكبر دليل قطعي على أنه كلام الله، هذا موضوع واسع جداً جداً، أنا من فضل الله عز وجل, أي من خمس وعشرين سنة, في كل خطبة القسم الثاني موضوع في الإعجاز العلمي، فهذا موضوع إن شاء الله, سوف ترون تفاصيله في القريب العاجل .
8-الإسراء والمعراج :
الإسراء والمعراج أيضاً مما يؤكد نبوة النبي عليه الصلاة والسلام الإسراء والمعراج يؤكدان نبوة النبي عليه الصلاة والسلام
ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام انتقل من مكة إلى بيت المقدس, ثم عرج من بيت المقدس إلى السماء, إلى سدرة المنتهى, وعاد إلى بيته في مكة, وكأن الله طوى له المكان والزمان، وحينما قال الله:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾
[سورة الإسراء الآية: 1]
أي أن هذه القصة, أو أن هذا الإسراء والمعراج, لا يخضع لقوانين الكون, إنما هو استثناء, لأن الذي خلق المكان والزمان, اختصر المكان واختصر الزمان لسيد الأنام، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أكرمه الله بالإسراء والمعراج, وأعلمه أنه سيد الأنبياء والمرسلين ، عقب وقوفه بالطائف, حينما قال: إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي, ولك العتبى حتى ترضى, لكن عافيتك أوسع لي .

ما معنى الإعجاز؟ :
أيها الأخوة المؤمنون, ولا زلنا في أدلة أن محمد رسول الله.
تحدثنا في درس سابق عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة, واليوم ننتقل إلى الإعجاز العملي, ومعنى الإعجاز أن يأتي النبي بشيء لا يستطيع البشر جميعاً أن يأتوا به, إلا أن يكون هذا عن طريق الله عز وجل.

من المعجزات العملية :
1-معجزة الإسراء والمعراج :
لعل من أبرز معجزات النبي صلى الله عليه وسلم العملية: الإسراء والمعراج, فأنت حينما تقرأ سورة الإسراء وسورة النجم، في الأولى حديث عن الإسراء, وفي الثانية حديث عن المعراج.
أنت في هاتين السورتين, تطالع أحداث خارقة للعادة, لا ينبغي أن تحللها وفق قوانين الأرض، إن أردت أن تحللها وفق قوانين الأرض, لن تصل إلى نتيجة, لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
[سورة الإسراء الآية: 1]
فهذه الآيات له، لم يقل: ليريكم من آياتنا، قال: لنريه من آياتنا, إذاً: هذا خرق لقوانين الأرض, أن ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، ثم يعرج إلى السماء إلى سدرة المنتهى, ويعود إلى الأرض, ثم يعود إلى مكة, دون أن يكون للزمن حساب في هذه الرحلة.
سؤال دقيق :
أيها الأخوة, هناك سؤال دقيق: لو أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج إلى السماء من مكة, هذا ممكن, ما الذي يحصل؟ لا يستطيع أحد أن يعرف المكان الذي عرج إليه النبي عليه الصلاة والسلام, يبقى هذا العروج في إدراك النبي وحده، أما حينما أسري به إلى بيت المقدس، وسئل: صف لنا بيت المقدس، وهو في علم قريش لم يسافر إليه قبل هذا التاريخ, فجاء وصفه مطابقاً تماماً لوصف بيت المقدس، ثم قيل له: هل رأيت من قوافل في الطريق؟ فوصف قافلة أو عدة قوافل, وجاء وصفه مطابقاً تماماً لما حدث, فاستطاع النبي من خلال الإسراء: أن يثبت لهم أنه وصل إلى بيت المقدس، وأنه رأى قافلة حينما عادت إلى مكة المكرمة, وسألوها, جاء وصف النبي صلى الله عليه وسلم مطابقاً لها تماماً.
إذاً: الإسراء في إدراك النبي, وفي إدراك من حول النبي من المشركين والمؤمنين، فصار يقين الإسراء دليلاً إلى يقين المعراج، إذاً: هذه حكمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من مكة إلى بيت المقدس, وهناك أدلة قطعية جاء بها من وصف دقيق لبيت المقدس, ولمن كان في الطريق, أما العروج إلى السماء فيبنى على الإسراء.
ما حكم من كذب بالإسراء والمعراج؟ :
من كذب بالإسراء فقد كفر، لكن من كذب بالمعراج فقد فسق وعصى، الدليل القطعي في الإسراء، أما ليس في طاقة البشر, أن يتأكدوا من عروجه صلى الله عليه وسلم إلى السماء, إلا بالدليل الإخباري الذي أخبرنا الله به, وهذا دليل عند المؤمنين قطعي الدلالة.
هناك دليل حسي، وهناك دليل عقلي، وهناك دليل إخباري، فالدليل العقلي للإسراء قائم، بينما الدليل العقلي للمعراج غير قائم, إلا أن الدليل القطعي للمعراج إخبار الله لنا, أنه عرج به إلى السماء:
﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾
[سورة النجم الآية: 1-18]
إليك الدليل القرآني الذي يبين فيه بأن الإسراء والمعراج تمت بالروح والجسد :
أيها الأخوة, ينبغي في موضوع الإسراء والمعراج: أن ننفي روايات ضعيفة لا تقوم على حال، أن الإسراء كان مرة أو مرتين هذه روايات غير صحيحة، أو أنه كان في المنام، فإذا كان في المنام لا يمكن أن يكون خرقاً للعادات, لأن أي إنسان يرى في المنام ما يشاء، فليس بالمنام، وليس مرات عديدة، إنه مرة واحدة بالجسم وبالروح، والدليل بالجسم أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾
والعبد جسم والعبد روح:
﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾
وهو في السماء أوحى إلى عبده, فالدليل القرآني على أن العروج, تم بالروح وبالجسد، أنه أوحى إلى عبده, والعبد يشمل الجسم ويشمل الروح.
إليكم هذه الحقائق التي تتحدث عن تفاصيل الإسراء والمعراج :
أيها الأخوة, هناك أحاديث صحيحة تتحدث عن تفاصيل الإسراء والمعراج, ولكن الذي يعنينا من هذه الأحاديث الحقائق التالية:
أن النبي صلى الله عليه وسلم في أصح الروايات, لم ير ربه, لأن الله سبحانه وتعالى أنبأنا أننا في الجنة, سوف نرى الله عز وجل:
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾
[سورة القيامة الآية: 22-23]
أما في الدنيا يقول الله عز وجل:
﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾
[سورة الأنعام الآية: 103]
أما الرؤية التي وردت في المعراج:
﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾
وفي قوله تعالى:
﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾
هذه كلها تعني جبريل عليه السلام.
أيها الأخوة, يقول عليه الصلاة والسلام مما أخرجه مسلم في صحيحه, أنه قال:
((لقد رأيتني في الحجر, وقريش تسألني عن مسراي, فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها, فكربت كربة ما كربت مثله قط, قال: فرفعه الله لي أنظر إليه, ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به))
أيها الأخوة, في المعراج نزلت خواتيم سورة البقرة أيضاً في الإسراء والمعراج، وفي المعراج فرضت الصلاة على المسلمين خمس صلوات على حديث طويل يصف هذه التفاصيل.
إيمان النبي بالجنة والنار إيمان شهودي :
الشيء الدقيق: أن كل أهل الأرض من دون استثناء إيمانهم بالجنة والنار إيمان تصديقي, لأن الله أخبرنا أن هناك جنة وأن هناك ناراً، إلا النبي عليه الصلاة والسلام فإيمانه بالجنة والنار إيمان شهودي، النبي وحده إذا حدثنا عن الجنة أو عن النار حديث المشاهد، حديث اليقين، نحن نؤمن بأشياء نراها إيماناًً حسياًًَ، ونؤمن بأشياء لا نراها, لكن نرى آثارها إيمان عقلياً، ونؤمن بأشياء لا نراها ولا نرى آثارها, إلا أن الله أخبرنا بها فهذا إيمان إخباري ، إلا أن النبي وحده صلى الله عليه وسلم في المعراج, أطلعه الله على أهل الجنة, وأطلعه الله على أهل النار، فإيمانه بالجنة والنار إيمان شهودي.
من تكريم الله لنبيه :
أخرج البخاري في صحيحه, عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال:
((بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ, إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ, حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ, قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ, فَإِذَا طِيبُهُ -أو طينه- مِسْكٌ أَذْفَرُ))
[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]
هذا حديث صحيح يبين: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل إلى الجنة, ورآها رأي العين, وهذا تكريم عظيم له.
ما سبب حادثة الإسراء والمعراج؟ :
أيها الأخوة, أنه يوم كان في الطائف, وقد بالغ أهل الطائف في الإساءة إليه تكذيباً, وسخرية, ورشقاً بالحجارة، فالتجأ إلى حائط, وقال: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي, وقلة حيلتي, وهواني على الناس، يا رب المستضعفين إلى من تكلني، إلى صديق يتجهمني, أو إلى عدو ملكته أمري، اللهم إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي, ولك العتبى حتى ترضى, لكن عافيتك أوسع لي.
يعني إذا كان للدعوة خط بياني, وصل هذا الخط إلى النهاية الصغرى, في أصعب أوقات النبي تكذيب, وسخرية, وإساءة بالغة، فقال: يا رب, إن كانت هذه الشدة التي لحقت بي تعبيراً عن غضبك علي, لك العتبى حتى ترضى، وإن كنت راضياً عني فلا أبالي، لك العتبى حتى ترضى, وكان أديباً من الله عز وجل إذا قال: لكن عافيتك أوسع لي.
أيها الأخوة, تأكدوا: أنه ما من محنة إلا بعدها منحة، وما من شِدة إلا بعدها شَدة إلى الله عز وجل، رد الإلهي العظيم, الكريم, الشكور, على هذا الموقف الصعب, الذي وقفه النبي صلى الله عليه وسلم في الطائف, هو قوله تعالى:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
يعني رد الإله على صبر النبي في سبيل هداية قومه, أنه أسري به إلى بيت المقدس, وعرج به إلى السماء, أنه سيد الأنبياء والمرسلين, وأنه سيد ولد آدم.
تعقيب :
من قرأ الآيات الأولى في سورة الإسراء, ولم يكن متقناً لحفظها, فإذا قال:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّه -لو لم يكن حفظه دقيقاً, التعقيب المناسب لهذه الآيات, إنه على كل شيء قدير، لا!- إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
يعني يا محمد لقد سمعناك بالطائف، سمعنا دعاءك، ورأينا تحملك، ورأينا صبرك، ورأينا جهادك في سبيل نشر هذا الحق، فهذه المكافأة، أنك سيد الأنبياء والمرسلين، وأن الذي أُطلعت عليه لم يتح لأحد من العالمين، لقد رأى من آيات ربه الكبرى: أن الذي أطلعت عليه لم يتح لأحد من العالمين.
﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾
أيها الأخوة, إذاً: الإسراء والمعراج مكافأة بعد محنة، وشَدة إلى الله بعد شِدة، وإعلام لنبيه الصابر أنه سيد ولد آدم.
هذا ما رآه النبي يوم المعراج :
في المعراج: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عذاب الذين يغتابون الناس, ويقعون في أعراضهم.
فقد قال عليه الصلاة والسلام:
((لما عرج بي ربي عز وجل, مررت بقوم لهم أظفار من نحاس, يخمشون وجوههم وصدورهم, فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس, ويقعون في أعراضهم))
وفي المعراج: رأى النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتكلمون كلاماً صحيحاً, لكن لا يطبقون كلامهم, رآهم في النار.
فقال:
((أتيت ليلة أسري بي على قوم, تقرض شفاههم بمقاريض من نار, كلما قرضت وفت -أي نمت- فقلت: يا جبريل, من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون, ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون به))
وسيدنا رسول الله وهو في الجنة، طبعاً: هذا موضوع في العقيدة, لا يمكن إلا أن يكون مأخوذاً من آية قطعية الدلالة, ومن حديث صحيح، قضية عقيدة خطيرة جداً.
فقد أخرج البخاري في صحيحه, من حديث أنس:
((فلما علونا السماء الدنيا, فإذا رجل عن يمينه أسودة -يعني سواد كثيف- وعن يساره أسودة, فإذا نظر قبل يمينه ضحك, وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح, قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا آدم, وهذه الأسودة عن يمينه, وعن شماله نسم بنيه -يعني ذريته- فأهل اليمين أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى))
[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح]
تعقيب آخر :
أيها الأخوة الكرام, أريد أن أعقب على حديث الإسراء والمعراج: أنه ما من مؤمن, وهذه قاعدة أصيلة, ما من مؤمن مستقيم على أمر الله, صابر على قضائه وقدره, تصيبه محنة, إلا ينبغي أن يعلم علم اليقين, إنه إذا استقبلها بالرضا وبالصبر, جاء بعدها منحة، وما من مؤمن مستقيم على أمر الله, حافظ لعهوده ومواثيقه, تصيبه شدة, إلا ينبغي أن يعلم علم اليقين أن بعدها شَدةً إليه، هذه حقيقة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدوة، والله عز وجل يمتحننا ثم يفرج عنا، ففي الامتحان دليل على قوة إيمان الممتحن, وفي الفرج الذي يعقب هذه الشدة, دليل على كرم الله عز وجل.
المعجزة لا تخضع لقوانين الأرض ولا لمقاييس العقل وإنما هي خرق لنواميس الأرض
أيها الأخوة, لا شك أن المعجزات العملية التي هي خرق لقوانين الأرض ونواميس الكون، والتي لا تخضع لقواعد الحياة التي نحياها, هي معجزة, وهي دليل على أن الذي جاء بها نبي مرسل، ومن أولى المعجزات العملية الإسراء والمعراج.
طبعاً: بسذاجة ما بعدها سذاجة, لو قلت: كيف يصعد النبي إلى السماء، أو إلى أعلى طبقات السماء، أو إلى سدرة المنتهى؟ بالقوانين الأرضية هذا مستحيل، لكن كما أنك تؤمن أن الله سبحانه وتعالى, جعل إبراهيم في النار, والنار لم تحرقه، وكما تؤمن أن الأرض أصبح طريقاً يبساً، وكما تؤمن أن الجبل خرج منه ناقة لسيدنا صالح، وكما تؤمن أن العصا أصبحت ثعباناً مبيناً، هذه كلها معجزات لا يمكن أن تخضعها لقوانين الأرض ولا لمقاييس العقل، إنها خرق لنواميس الأرض وقوانين الكون، أول هذه المعجزات العملية كما قلت الإسراء والمعراج.
2-نصرته الرياح يوم الخندق :
من هذه المعجزات العملية: أن العرب حينما أحدقت بالمسلمين في معركة الخندق, وأرادوا استئصالهم, وإبادتهم, وجمعوا جمعاً لم يجمع مثله في تاريخ الجزيرة، جاءت كل القبائل لتحارب النبي عليه الصلاة والسلام, فحينما قال الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً﴾
[سورة الأحزاب الآية: 9]
أيها الأخوة, هذه الرياح الشديدة أطفأت نيرانهم، وكفأت قدورهم، وهدمت أبنيتهم، واقتلعت خيامهم، وشردت خيلهم وجمالهم، وعاد المشركون من حيث أتوا، فهذه الرياح أيضاً إحدى معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك من أدعية النبي عقب هذه الغزوة:
لا إله إلا الله وحده, نصر عبده, وأعز جنده, وهزم الأحزاب وحده, لا شيء قبله ولا شيء بعده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله   العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله Emptyالجمعة مارس 02, 2018 7:47 am

من المعجزات الحسية :
1- أن النعاس والمطر والملائكة نزلت لتأييد المسلمين يوم بدر :
أيها الأخوة, ومن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية: أن النعاس والمطر والملائكة نزلت لتأييد المسلمين يوم بدر، قال تعالى:
﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾
[سورة الأنفال الآية: 11-12]
يقول عليه الصلاة والسلام فيما أورده الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح, عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال:
((لقد رأيتنا يوم بدر, وما منا إلا نائم, إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, -هذا النعاس الذي يطفي الأمن على النائم-, فإنه كان يصلي إلى شجرة, ويدعو, حتى أصبح, ثم إنه أصابنا من الليل طش -أي قليل من المطر- فانطلقنا تحت الشجر, نستظل تحتها من المطر, وبات النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه, ويقول: اللهم إن تهلك هذه الفئة فلن تعبد بعد اليوم، فلما طلع الفجر, نادى: الصلاة عباد الله, فجاء الناس من تحت الشجر, فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم, وحرضنا على القتال))
وقوله تعالى:
﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ -أي أنصركم- فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾
في شرح النووي على صحيح مسلم, قال ابن عباس:
((بينما رجل من المسلمين يومئذٍ, يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه, إذ سمع ضربة بالصوت فوقه, وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم, -وهو اسم فرس الملك- إذ نظر إلى المشرك أمامه, خر مستلقياً، فنظر إليه, فإذا هو قد خطم أنفه, وشق وجهه كضربة السوط, فاخضر ذلك أجمع, فجاء الأنصاري, فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقت ذاك مدد من السماء))
[أخرجه مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]
قرآن:
﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾
يعني إذا كنا مع الله, كان الله معنا, وأرسل جنوداً لا نراها, لكنها تحسم المعركة.
2-ما وقع يوم الهجرة :
أيها الأخوة الكرام, ومن المعجزات الحسية, يقول الله عز وجل حينما وقعت الهجرة:
﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
[سورة التوبة الآية: 40]
سيدنا الصديق وهو في الغار يقول:
((قُلْتُ للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ونحْنُ في الْغَارِ: لَوْ أَنّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ, فقالَ: يَا أَبا بَكْرٍ, مَا ظَنّكَ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا؟))
3-خيبة أمل سراقة بالنيل من النبي :
ومن المعجزات الحسية: أن النبي في أثناء الهجرة, تبعه سراقة لينال مئة ناقة, لمن يأتي بالنبي حياً أو ميتاً, فساخت قدما فرسه في الرمال, حتى لامست بطن الفرس الأرض, وسقط من فوق فرسه، فأخذ سراقة يطلب من رسول الله الأمان.
ففي صحيح البخاري, عن أنس قال:
((فالتفت أبو بكر, فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا, فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم, فقال: اللهم اصرعه فصرعه الفرس، ثم قامت تحمحم، فقال: يا نبي الله، مرني بما شئت، قال: فقف مكانك، لا تتركن أحدا يلحق بنا, قال: فكان أول النهار جاهدا على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مسلحة له))
طبعاً: ثقة النبي بالله لا حدود لها، هو مهدور دمه، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً, ويقول لسراقة: كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟.
أي أنني سأصل، وسأنشئ دولة، وسأحارب أعظم دولتين في الأرض، وسأنتصر، وستأتي الغنائم من كسرى, ويا سراقة سوف تلبس سواري كسرى, ليس إلا الله:
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ﴾
[سورة الأنفال الآية: 10]
إذا كان الله معك فمن عليك وإذا كان عليك فمن معك؟ :
إذا كنا مع الله كان الله معنا، نحن أمام عدو كبير، وعدو قوي، وعدو ذكي, وعدو غني، لكن أين الله؟ الله موجود، ولكن هان أمر الله علينا فهنا على الله، الله عز وجل وعد المسلمين في القرآن أن يمدهم بالملائكة، ما معنى أن ينتصر 300 إنسان, لا رواحل لهم, ولا أسلحة في أيديهم، على أضخم جيش في مكة, كله مدعم بالأسلحة والأبطال بالصناديد؟.
إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ هذه المعجزات تعطي الأمل، الله عز وجل بقدرته أن يفعل كل شيء:
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾
﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾
[سورة محمد الآية: 7 ]
هان أمر الله علينا فهنا على الله :
﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾
فأيدوا الذين آمنوا، أين التأييد؟ والله موجود، والله الذي نصر أصحاب رسول الله ينصرنا، والإله الذي أيدهم يأيدينا، والله الذي حفظهم يحفظنا، والإله الذي أحبط مسعى أعدائهم يحبط مسعى أعدائنا، ولكن أمر الله هان علينا فهنا على الله.
ونحن بين المسلمين في خصومات، وفي عدوان على الأموال والأعراض, ما يعلمه إلا الله، هذه أمة تستحق النصر؟! سبعة آلاف دعوى في قصر العدل كلها كيدية, وكلها ظلم وعدوان، هذا المسلم الذي يحضر مجالس العلم, ليس كهذا الصحابي الكريم الذي كان متألقاً.
هذه أمة الإسلام اليوم :
سمعت من أحد الشعراء, الذين كانوا مقيمين في الشام, هو من العراق, يقول:
أكاد أومن من شك ومن عجب هذه الملايين ليست أمة العرب
ما هؤلاء عرب؟
لا بحسب تاريخهم قبل الإسلام, شجاعتهم, نخوتهم, إكرامهم للضيف، نجدتهم، ولا بحسب قيم الإسلام, كأن هذه الأمة لا هوية لها، ما هويتها؟ أنتم من؟ مع الشرق؟! مع الغرب المتقدم؟! في قيم حضارية ليست عندنا، مع التاريخ المسلم؟! في قيم إسلامية ليست عندنا، نحن مع من؟ المسلمون مع شهواتهم، ومع أهوائهم، ومع حظوظهم، وكلما رأيت من سقطات المسلمين، ومن انهيار القيم عندهم، ومن انكبابهم على سفاسف الأمور, هذه أمة تستحق النصر؟! هذه أمة ينظر لها؟!:
﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً﴾
[سورة الكهف الآية: 105]
لهم:
﴿صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾
[سورة الأنعام الآية: 124]
كهف المؤمن في آخر الزمان :
أيها الأخوة, نحن بحاجة إلى كهف نأوي إليه، كهفنا مسجدنا وبيتنا.
((إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فالزم بيتك، وأمسك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، ودع عنك أمر العامة))
هذه آية الوقت:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 105]
عليكم أنفسكم، أنا أحاول أن أصلح الناس, فإن لم أستطع أصلح نفسي، أحاول أن أعين الناس على أن يتصلوا بالله، فإن لم أستطع أتصل أنا بالله عز وجل، أحاول أن تكون دعوتي عامة, فإن لم أستطع, أجعلها خاصة لأهل بيتي, ولمن يلوذ بي:
﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 214]
قف هنا :
أيها الأخوة الكرام, والله ليس من باب التشاؤم, والله هؤلاء المسلمون الغارقون بالشهوات, البعيدون عن ربهم، المتبعون لغرائزهم، المؤثرون لمصالحهم، الذين يعبدون المال من دون الله.
((إذا رأيت شحاً مطاعاً:
-مادية مقيتة.
يقسم بالله وبالكعبة وبالقرآن, أن رأس مالها أكثر من هذا السعر يكون ربحان بها بالمئة مئة، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل-.
إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً.
-يعبدون الجنس من دون الله، الناس هجروا القرآن, والتفتوا إلى الشهوات, أينما ذهبت في الطريق، على الشاشة، في الإنترنت، في المجلة، في الجريدة، في أي مكان-.
إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً.
-الجنس يعبد من دون الله-.
وإعجاب كل ذي رأي برأيه))
كل إنسان قطب العالم، أنا أرى، من حضرتك؟ أنت من؟ في إله مشرع، في قرآن منزل, في حديث من المعصوم، أنت من؟ يقولون: عندنا هذا ليس جائز.
من أنت؟!! :
أنا أرى أن قطع اليد همجية, من أنت؟ شيء نزل من السماء لقطع دابر السرقة.
يد بخـمس مئين عـسجد وديت  مـا بالــها قطعت في ربـــع دينار
عز الأمانـــة أغلاها وأرخصها  ذل الخيانـــة فافــهم حكمة الباري
يقولون: هذا عندنا غير جائز!
يقول الشاعر:
فمن أنتم حتى يكون لكم عند؟.
من أنت؟ إذا كان سيد الخلق الذي بلغ سدرة المنتهى:
﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾
قال: إنما أنا متبع:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾
[سورة الأعراف الآية: 203]
إذا سيد الخلق متبع, أنت مبتدع, رأي كذا، رأي أن المال لا بد له من أن يستثمر في بنك ربوي، هذا المال قوة كبيرة، أيعقل أن يجمد من دون استثمار؟ المرجع رأيه وعقله, فمثل هذه الأمة التي عبدت شهواتها, والتي ألهت مصالحها، والتي هبطت في سقوط مريع مثل هذه الأمة, لا تستحق وعد الله بالنصر, مع أن زوال الكون أهون على الله, من ألا يحقق وعوده للمؤمنين.
من فوائد المعجزات الحسية :
أيها الأخوة الكرام, من فوائد المعجزات الحسية: أنك إذا كنت مع الله كان الله معك:
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[سورة المائدة الآية: 40]
سيدنا إبراهيم كسر الأصنام, أليس من الممكن: أن يختفي؟ ما اختفى، تم القبض عليه، أليس من الممكن: وقد أشعلت النار, أن تأتي أمطار تطفئها؟ نعم، لكن أراد الله أن تشتعل النار، أليس من الممكن: أنهم إذا قذفوه جمدوا, وماتوا فجأة؟ ممكن، لكن سمح الله لهم أن يقذفوه بالنار، سمح الله لهم أن يقبضوا عليه، وسمح الله لهم أن يضرموا النار، وسمح الله لهم أن تتأجج النار، ثم ألقوه في النار، كلمتين:
﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾
[سورة الأنبياء الآية: 69]
في مفسرين جزاهم الله خيراً حللوا هذه الكلمات، قال: لو أن الله قال: يا نار كوني برداً, لمات إبراهيم من البرد، لو أن الله قال: يا نار كوني برداً وسلاماً, انتهى مفعول النار إلى يوم القيامة، لم يعد هناك نار، تطبق عليه, لأنه قال: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا, برد غير مميت, عَلَى إِبْرَاهِيمَ بالذات.
الله معك، الله معنا دائماً، فإذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك.
خاتمة القول :
في فائدة للمعجزات: يجب أن تطمئن أن الله قد يخرق هذه العادات التي تظنها لا تخرق، إن خرقها لمؤمن فهي كرامة، وإن خرقها لنبي فهي معجزة، وإن رأيت شيئاً غير مألوف عادة, من ضال مضل فهي ضلالة، من إنسان ضال ضلالة، من إنسان مؤمن كرامة، من نبي معجزة.
من المعجزات التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام :
أيها الأخوة المؤمنون,تحدثناعن الأدلة التي تؤكد رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الدرس السابق المعجزات العملية التي تمت على يديه صلى الله عليه وسلم, وقد وردت فيها آيات كريمة قطعاً، وهناك معجزات أيضاً وردت فيها أحاديث شريفة, من هذه المعجزات:
تكثير الماء القليل بين يديه، وتكثير الطعام القليل بين يديه، وحنين جزع النخلة إليه، وتسبيح الطعام، وحماية النبي صلى الله عليه وسلم من أعدائه وكشف مؤامراتهم .
تعليق :
أيها الأخوة, لكن لا بد من تعليق حول المعجزات أو الدلالات، الله عز وجل خالق السموات والأرض، الله عز وجل مقنن القوانين، فالذي قنن القوانين قادر في أية لحظة أن يقنن غيرها, والذي قنن القوانين قادر في أية لحظة أن يعطلها، أو أن يلغي وجودها إما بالإلغاء أو بالتعطيل، فالقوانين التي قننها الله عز وجل في أية لحظة قادر على أن يغيرها، فلذلك حينما نتحدث عن معجزات عملية تمت على يد النبي صلى الله عليه وسلم, ينبغي نعلم أن خرق العادات مقبول عقلاً, لكن قد لا نقبله عادة، هنا الإشكال .
عامة الناس غير المتعلمين قد يستغربون خرق هذه القوانين، لكن العلماء الراسخين يؤمنون أن الذي خلق الجامد والغاز والمائع, قادر أن يبدل طبيعة كل شيء، لو سألتم أحد علماء الفيزياء، ولو سألتموه عن بعض أبحاث الذرة, لهالكم أن كل شيء ترونه بأعينكم, إنما هو ذرات, والذرة فيها نواة، وفيها كهارب, وفيها مسارات، وفي حركة دائبة، وهذه الحركة تتوافق مع حركة المجرات في الاتجاه نفسه, وأن لكل ذرة عدد من الكهارب, على مسارات متعددة، فبين عنصر هو غازي، وعنصر هو صلب, كهروب واحد، زيادة كهروب أصبح العنصر صلباً، فإذا ضرب سيدنا موسى البحر بعصاه, فأصبح طريقاً يبساً, هذا شيء هين على قدرة الله عز وجل, تعديل طفيف في عدد الإلكترونات أو الكهارب, تنقلب المادة من غاز إلى صلب.
كيف تتعامل مع الأسباب؟ :
الله عز وجل أراد أن نصل إليه بلطف، فجعل لكل شيء سبباً، لكن ضيقو الأفق يظنون: أن السبب خالق النتيجة، لا السبب ترافق مع النتيجة، لكن الذي يخلق النتيجة هو الله, وتأكيداً لهذه الحقيقة, أنه قد يوجد السبب ولا تأتي النتيجة، قد يقترن شاب بشابة ولا ينجبان, وقد يأتي السيد المسيح من السيدة مريم ولم يمسها بشر، ففي الحالة الأولى عطل السبب, وفي الحالة الثانية ألغي السبب، عطل وألغي، ولكن المؤمن يعبد الله ولا يعبد السبب، أهل الغرب أخذوا بالأسباب، واعتمدوا عليها, وألهوها, وعبدوها من دون الله، وأهل الشرق في حقب تخلفهم لم يأخذوا بالأسباب، أهل الغرب وقعوا في الشرك، وأهل الشرق وقعوا في المعصية، بينما الموقف الكامل: أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
ما وراء هذا الدليل من السنة :
من أوضح الأدلة على هذا الكلام: أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما هاجر إلى المدينة, أخذ بكل الأسباب وكأنها كل شيء، الطريق نحو الشمال الشرقي, هو اتجه نحو الغرب, تضليلاً للمطاردين، وكمن في غار ثور أياماً ثلاثة، وهيأ من يأتيه بالأخبار، وهيأ من يمحو الآثار، ثم اختار خبيراً في الطريق, رجح فيه الخبرة على الولاء، أخذ بكل الأسباب, لكنه متوكل على الله، فلما وصل المطاردون إلى غار ثور, بقي النبي هادئاً، أخذ بالأسباب تنفيذاً لأمر الله, لكنه معتمد على الله .
فقال سيدنا الصديق:
((يا رسول الله لقد رأونا، لو نظر أحد لموطئ قدمه لرآنا, قال يا أبا بكر: ما ظنك باثنين الله ثالثهم))
لو أن النبي عليه الصلاة والسلام أخذ بالأسباب, واعتمد عليها, ثم وصلوا إليه, لانهارت نفسه، أليس كذلك؟ أما الإنسان الآن قد يأخذ بالأسباب ويعتمد عليها, فإن لم تحقق هذه الأهداف هدفه, يصاب بخيبة أمل، فالذي لا يأخذ بالأسباب عاصٍ لله عز وجل .
قال له: أأعقلها أو أتوكل؟ قال له: اعقل وتوكل .
والذي يأخذ بها ويعتمد عليها فقد أشرك, والبطولة: أن تأخذ بها وكأنها كل شيء, وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
هذه البطولة
يعني مثل من حياتنا اليومية: عندك سفر إلى مكان بعيد، ومعك مركبة، الدين الإسلامي يأمرك أن تراجع المركبة مراجعة تامة؛ المكابح، الزيت، كل شيء فيها، وبعد أن تراجعها مراجعة تامة, تتوجه إلى الله مفتقراً يا ربي احفظني، يا رب سهل لي هذا السفر، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، هل تستطيع أن تأخذ بالأسباب بشكل تام وأن تفتقر إلى الله؟ هنا البطولة، لكن الذي يحدث أن الذي يأخذ بالأسباب يعتمد عليها دون أن يشعر، وينسى الله، والذي لا يأخذ بالأسباب, يعتمد على الله بخلاف ما أراد الله، يتواكل, كلاهما في خطأ كبير .
هذه عقيدة المسلمين :
أيها الأخوة, السبب يرافق النتيجة، وليس خالقاً للنتيجة، هذه عقيدة المسلمين، فلذلك الذي خلق الأسباب يعطلها أو يلغيها، والذي قنن القوانين يعطلها أو يقنن غيرها، شيء طبيعي جداً .
نحن وجدنا كوناً؛ في سموات, وفي أرض، وفي مجرات، وفي شمس، وفي قمر، وفي ليل, وفي نهار، لو أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض مكعباً، ثم قيل: سوف تصبح كرة, مستحيل, لماذا مستحيل؟ الذي خلقها مكعبة يخلقها كرةً، والذي خلق الماء سائلاً يجعله جامداً، فما دام الله هو المقنن, إلغاء القوانين أو تعديلها، أو الإضافة عليها، أو إلغاؤها, أمر على الله يسير، هذه عقيدة المسلم .
إليكم الفرق بين المعجزة والكرامة :
بالمناسبة: خرق القوانين هذه تكون للأنبياء معجزات، والأنبياء لأنهم معصومون, مكلفون أن يتحدوا بها الناس، فإذا خرقت لولي فهي كرامة، والأولى أن يصمت، هي لك أيها الولي, لا تتاجر بها، ولا تتحدى بها، لأنك لو تحديت بها, وأنت لست معصوماً، كُذبت, يتكلم بالنصوص، بالقواعد، بالقوانين، أما هذه الكرامة التي أكرمه الله بها بينه وبين الله, وأروع ما قرأت في هذا الموضوع: أن أعظم كرامة هي كرامة العلم، هذه كرامة عالية جداً, ولا تحتاج إلى خرق القواعد والقوانين :
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
[سورة النساء الآية: 113]
نصيحة :
أنا حينما ألتقي بإنسان لم يؤمن بالله, بعد أنا أنصح كل أخ داعية, أن يبتعد عن خرق العادات والقوانين، لأن فكر هذا الإنسان الشارد غير مهيأ لقبول خرق العادات والقوانين، تكون قد أوقعته في مطب كبير، تكون قد أعنته على أن رفض هذا الدين، أنا أنصح كل داعية, ولو كان شاباً ناشئاً, أن يبتعد لمن يدعوهم عن خرق القوانين والعادات إطلاقاً, ابقَ بالتشريع، ابقَ بالقواعد الثابتة .
أنا لا أصدق أن إنساناً يخطب ود الله عز وجل، ويرجو رحمته، ويطيعه، ويتقرب إليه، دون أن يريه الله تكريماً وخرقاً لبعض القواعد والعادات, هذه كرامة لك وحدك، اشكر الله عليها وازدد محبةً له، وازدد اعتقاداً بأنه إله في السماء وفي الأرض, وانتهى الأمر، أما أن تتاجر بهذه الكرامة, هذا يسبب للناس اضطراباً, ولاسيما بعصر كثرت فيه الفتن، وشاعت فيه الضلالات، وصار الحق متهماً، والباطل مسيطراً, فمن باب الحكمة: ابتعد عن خرق العادات التي قد تستمع إليها من بعض الناس .
من المسلمات عند المؤمنين :
نحن كمؤمنين: خرق القوانين التي وردت بها نصوص, نسلم بها مئة بالمئة بكل قطرة في دمنا، وبكل خلية في جسمنا، أما أنا لست مستعد أن أصدق كرامة بلا دليل، لو صدقتها, لدخلنا في متاهة لا تنتهي، ولانتهى الدين، أما المعجزات التي وردت فيها نصوص هذه, نؤمن بها إيماناً قطعياًَ, لأن الله ذكرها في القرآن الكريم .
أنا ذكرت لكم في الدرس الماضي، المعجزات العملية التي تمت على يد النبي صلى الله عليه وسلم, والتي ورد بها نص قطعي الدلالة وقطعي الثبوت، والمعجزات الأخر وردت بها أحاديث شريفة صحيحة في أصح الكتب .
هذا ما يتعلق بخرق العادات، وقلت لكم: أن أفضل كرامة تركم بها أيها المؤمن كرامة العلم، والآية الكريمة:
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾
هذا بند من بنود معجزات النبي العملية، نصدقها بكل قطرة في دمنا، وبكل خلية في أجسامنا .
من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام :
9-أن وصفه ورد في كتب سماوية سابقة :
شيء آخر: من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: أن وصفه ورد في كتب سماوية سابقة, فقد قال الله عز وجل:
﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 196]
أي إن ذكر هذا النبي الكريم ورد في الكتب السابقة:
﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾

إليكم ما ورد في التوراة والإنجيل عن ذكر النبي محمد عليه الصلاة والسلام
1-في التوراة :
ففي التوراة مثلاً: جاء أن نبياً سيظهر في مكة، ومكة شرحت الديار التي سكنها قيدار، وهو أحد أبناء إسماعيل، وقيدار سكن مكة، كما تحكي التوراة، وإن اسمه يرتفع فيها، وأنه يركب الجمل، وأنه يحارب بالسيف، وأنه ينتصر هو وأصحابه، وأنه يبارك عليه كل يوم ، وأن ملوك اليمن تأتيه بالقرابين، وأن علامة سلطانه على كتفه بقدر بيضة الحمام، هذا ما جاء في التوراة، فالذي جاء في التوارة دليل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، وفي دليل يؤكد هذا الدليل:
﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾
[سورة البقرة الآية: 146]
هل في الأرض معرفة من أن تعرف ابنك؟ هل تجدون أباً في الأرض يقول لابنه: ما اسمك يا بني؟ ابنه يعرفه:
﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾
كما جاء في التوراة: أن الله تجلى على الناس في أماكن ثلاث؛ هي سيناء, حيث أعطي موسى عليه السلام التوراة، وساعير جبال فلسطين، حيث أعطي الإنجيل لعيسى عليه السلام، ومكة اسمها أيضاً بالتوراة فاران، حيث نزل القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام.
وجاء في التوراة أيضاً: أنه جاء الرب من سيناء, وأشرق لنا من ساعير، وتلألأ يعني في سيناء, وفي فلسطين, وفي مكة:
﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾
[سورة التين الآية: 1]
فلسطين:
﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾
[سورة التين الآية: 2]
سيناء:
﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾
[سورة التين الآية: 3]
مكة .
هذه أماكن نزول الوحي في الأماكن الثلاثة، إذاً: ما في التوراة يؤكد نبوة النبي عليه الصلاة والسلام .
2-في الإنجيل :
أما في الإنجيل: في إنجيل برنابا، في الباب 220, أن عيسى عليه السلام قال لأتباعه: وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله, التي متى جاء, كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله، هذا في إنجيل برنابا .
وفي إنجيل يوحنا: إن لي أموراً كثيرة أيضاً, لا أقول لكم, ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا, وأما متى جاء ذلك روح الحق, فهو يرشدكم إلى جميع الحق, لأنه لا يتكلم من نفسه, بل كل ما يسمع يتكلم, ويخبركم بأمور آتية، هذا ما جاءنا النبي به من أشراط قيام الساعة :
﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾
[سورة الصف الآية: 6]
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى))
[أخرجه الحاكم في مستدركه]
إذاً: ما جاء في التوراة، وما جاء في الإنجيل, يؤكد نبوة النبي عليه الصلاة والسلام .
10-أن أعداء النبي يشهدون له بالصدق :
أيها الأخوة, بقي أدلة دقيقة لنبوة النبي عليه الصلاة والسلام وهي: أن الذين حول النبي بل أعداء النبي, يشهدون له بالصدق, والصدق من أولى صفات الأنبياء، حتى إنه كان يلقب بالصادق الأمين .
وقد قال سيدنا جعفر للنجاشي: أيها الملك, كنا أهل جاهلية, نعبد الأصنام, ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الرحم، ونسيء الجوار, حتى بعث الله فينا رجلاً؛ نعرف أمانته وصدقه, وعفافه ونسبه, فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده, ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان, وأمرنا بصدق الحديث, وأداء الأمانة, وصلة الرحم, وحسن الجوار, والكف عن المحارم والدماء .
فأعداء النبي عليه الصلاة والسلام يشهدون له بالصدق، حتى قال أبو جهل: إنا لا نكذبك, ولكن نكذب ما جئت به، فأنزل الله قوله تعالى:
﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية: 33]
11-كان صادقاً في أفعاله :
بعد الصدق في الأقوال, كان صادقاً في أفعاله، فما من شيء دعا إليه النبي عليه الصلاة والسلام إلا طبقه في حياته .
فقد أخرج البخاري ومسلم, عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:
((صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخَتْ قدماهُ, فقيلَ لهُ: أتَتَكلفُ هذا, وقد غُفِرَ لك ما تقدمَ من ذنبكَ وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً))
((كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم -أو تنتفخ- قدماه))
وفي صحيح أبي داود, ورد من شمائله صلى الله عليه وسلم, عن عبد الله:
((رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلّي, وفي صَدْرِهِ أزِيزٌ, كأزِيزِ الرّحَى مِنَ الْبُكَاءِ))
وكانت تقول السيدة عائشة: كان عليه الصلاة والسلام كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه .
يعني ما في شيء دعا إليه إلا كان سباقاً إليه، أما سهل جداً: أن تدعو الناس إلى شيء وأنت مقصر فيه، من السهولة بمكان: أن تدعو الناس إلى شيء وأنت مقصر فيه، هذا في الصدق القولي والعملي .
أما في الشجاعة: روى مسلم, عن البراء قال:
((كنا إذا احمر البأس, نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الشجاع للذي يحاذي به))
يعني يحاذي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يؤكد أقواله بأفعاله، فقد قال مرةً:
((لَوْ أنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))
[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]
12-النبي قدوة للمسلمين :
من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: كانت أقواله تبليغاً, وكانت أفعاله قدوة، والله عز وجل أمرنا أن تأخذ من أقواله, وأن نتأسى بأفعاله، فقال:
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
[سورة الحشر الآية: 7]
وأمرنا أن يكون قدوة لنا، إذ يقول:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾
[سورة الأحزاب الآية: 21]
بل كان عليه الصلاة والسلام مثلاً أعلى في كل شيء, كأنه جمع الكمالات في البشرية، واصطفاه الله من كل خلقه، وأمرنا أن نتبعه، وقد بين هذا في قوله تعالى:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾
[سورة القلم الآية: 4]
13-نفذ النبي ما أمره الله به :
الآن: النبي عليه الصلاة والسلام نفذ قول الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾
[سورة المائدة الآية: 67 ]
فبلغ أصحابه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة, وجاهد في الله حق الجهاد، وهدى العباد إلى سبيل الرشاد، إما باتصالاته الشخصية، أو بدعوة الناس إلى طعام، أو بعرض نفسه على القبائل، أو بالاجتماع إلى الناس، أو بالتصدي للناس، أو بإرسال الدعاة من أصحابه، أو بإرسال الرسل إلى الملوك والأمراء، أو بالجهاد القتالي، وتعرض هو وأصحابه للأذى أكثر من مرة .
فقال:
((قد أخفت في الله عز وجل وما يخاف أحد, ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد, ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يوم وليلة, ومالي ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد, إلا شيء يواريه إبط بلال))
وحينما وقف في حجة الوداع, قال بعض أن خطب خطبته الشهيرة:
((اللّهُمّ هَلْ بَلّغْتُ؟ قالُوا: نَعَمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ، قالَ: اللّهُمّ اشْهَدْ ثَلاَثَ مَرّات))
[أخرجه أبو داود في سننه]
ونحن إذا زرنا مقامه الشريف, بعد السلام عليه نقول: أشهد أنك بلغت الرسالة, وأديت الأمانة, ونصحت الأمة, وكشفت الغمة, وجاهدت في الله حق الجهاد, وهديت العباد إلى سبيل الرشاد .
14- أن هذا التشريع الذي جاء به يصلح لكل زمان ومكان:
من دلائل نبوة النبي: أن هذا التشريع الذي جاء به, يصلح لكل زمان ومكان, وقد لا تصدقون للمفاجئة: أن القوانين الدولية اعتمدت الشريعة الإسلامية كأحد المصادر قوانين دولية، وهناك أقوال كثيرة تؤكد هذا, وشواهد كثيرة .
القرآن معجزة مستمرة إلى يوم القيامة :
أيها الأخوة الكرام, الأدلة على نبوة النبي لا تنتهي ولا تنقضي, ولكن يكفي أن هذا القرآن الكريم المعجز الذي جاء به, يعد أكبر دليل على نبوة النبي عليه الصلاة والسلام، وأبرز ما في القرآن الكريم آيات الإعجاز فيه .
ففي القرآن الكريم 1300 آية, تتحدث عن الكون, وعن خلق الإنسان والحيوان والنبات، وهذه الآيات كلما تقدم العلم, كشف جانباً من جوانبها، وكأن هذا القرآن معجزة مستمرة, تنطق بأن هذا الإنسان الذي جاء بهذا القرآن, هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ما مهمة الشبهات التي تلقى على المسلمين من هنا وهناك؟ :
أنا حينما أفصل في هذه الموضوعات, أتمنى أن الأخ الكريم المسلم فيما بينه وبين المسلمين, لا يوجد هناك مشكلة، لكن لو أنه جلس في جلسة, وكان فيها أحد من ينكر بعثة النبي، وقال له: هذا ليس نبياً، هل يزلزلك أو تزلزله؟ هنا البطولة، البطولة أن تزلزله, لا أن يزلزلك، لذلك الاعتراضات التي نسمعها من حين لآخر, هذه سمح الله بها، من أجل أن ترفع حرارة الإيمان, من أجل أن ينطلق الناس للتثبت من حقائق هذا الدين .
يعني: قد يقول لك قائل: هذا القرآن ليس كلام الله تتزلزل، تستنجد بالعلماء والدعاة إلى الله, يعطونك الأدلة القوية, هذا الذي قال لك: ليس كلام الله, ماذا فعل معك؟ ثبت إيمانك، دفعك إلى التثبت مما تعتقد .
لقاح قد لا يخطر في بالك :
قال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية: 112]
كيف أنه بالضبط الجرثوم, حينما يدخل إلى الجسم, يحرك أجهزته، وتتصدى له الكريات البيضاء، وتأخذ شيفرته، وتنقلها إلى الغدد اللمفاوية, ويصنع المصل, ويقضى عليه, ويودع في ملف، فإذا عاد ثانية أطاحت به هذه الكريات، كذلك الشبهات التي تلقى على المسلمين هذه كاللقاح تماماً، هي مواد تتناقض مع الصحة لكن مضعفة، فالجسم عنده مصل مضاد لها .
الشك طريق اليقين :
حينما يأتي إنسان, ويزعم أن هذا القرآن ليس كلام الله عز وجل, هو من حيث لا يريد ولا يشعر, دفع طلاب العلم إلى التأكد من أدلة أن هذا القرآن كلام الله، إذاً: هو يفعل شيئاً ما أراده, ولكن الله سمح به, أن يقوي إيمان المؤمنين، لذلك الشك طريق اليقين، فإذا الإنسان تطاول على القرآن, أو على النبي العدنان، وتكلم كلاماً ولا سيما في هذه الأيام, فهذا سمح الله به, من أجل أن يقوي إيمان المؤمنين، وأن يدفعهم إلى أن ينتقلوا من إيمان تصديقي إلى إيمان تحقيقي، والإيمان التحقيقي يصمد أمام الإغراءات وأمام الضغوط، أما الإيمان التصديقي هش, ينخرق أمام أي ضغط, وينخرق أمام أي إغراء, هذا معنى قول الله عز وجل :
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾
أنت في الأعماق, وهذا معنى قول الله عز وجل:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾
[سورة الأحزاب الآية: 23]
هذا الذي حصل عقب أحداث العراق :
أيها الأخوة, عقب أحداث العراق, هناك من ترك الصلاة، إيمانه هش، فلما رأى المسلمين لم ينتصروا، وأن الله وعدهم بالنصر, ترك الصلاة، فلما عاتبه أبوه، قال له: لا تقل لي كلمة واحدة: لمَ لم ينصرنا؟ إيمانه هش .
فحينما تأتي الشبهات والضلالات هذه كاللقاحات تماماً, مهمتها أن تهيىء مصلاً مضاداً لهذه الجراثيم، فإذا سمح الله لبعض المضلين أن يضلوا, فمن أن يتقوى إيمان المؤمنين ، ومن حين لآخر يطلع علينا مؤلف بكتاب عجيب, فماذا فعل هؤلاء؟ قدموا خدمة للمؤمنين .
فأسأل الله جل جلاله أن يهدينا لصالح الأعمال, وأن يرشدنا إلى سواء السبيل .
والحمد لله رب العالمين



منقول من مواقع موسوعة النابلسي
http://www.nabulsi.com/
http://www.nabulsi.com/blue/ar/sss_cat.php?id=55&sid=56&ssid=66&sssid=79
♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞  اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء  
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
العقيدة من مفهوم القران والسنة -الأدلة على صدق رسالة محمدرسول الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العقيدة من مفهوم القران والسنة -شروط لا إله إلا الله
» العقيدة من مفهوم القران والسنة -رؤية الله يوم القيامة
» العقيدة من مفهوم القران والسنة -آداب وأركان شهادة أن محمد رسول الله
» العقيدة من مفهوم القران والسنة - مفهوم الإيمان
» العقيدة من مفهوم القران والسنة - الربوبية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام الفقه والعقيدة الإسلامي ))♥ :: العقيدة الإسلامية واصولها-
انتقل الى: