(9)
نشاط المنتسبين إلى الإسلام في أوروبا
إذا رجعنا إلى الأصناف المنتسبة إلى الإسلام عدلت عن كلمة (المسلمين) إلى كلمة (المنتسبين إلى الإسلام) لأن بعض الجماعات التي تدعي الإسلام ليست من المسلمين كالقاديانيين الذين أفتى علماء المسلمين بأنهم فرقة خارجة عن الإسلام.
التي وفدت إلى أوروبا أمكننا معرفة اتجاهاتها، وهي تختلف اختلافا كثيرا، ويمكن حصرهم التقريبي في الأصناف الآتية:
1 - الجاليات الإسلامية.
فالجاليات الإسلامية التي وفدت إلى الغرب، من أجل اكتساب لقمة العيش، كما مضى، أغلب أفرادها جهلة غير ملتزمين بالإسلام، ولهذا فهم أحوج إلى من يدعوهم إلى العودة دينهم والتمسك به، وكثير منهم شوهوا صورة الإسلام، بسبب تصرفاتهم المخالفة له، وللأخلاق التي جاء بها وتواضع الناس على حسنها، كالصدق والأمانة.
فتجد بعضهم يحتالون على القوانين الغربية، بالكذب والغش، يتمارضون بدون مرض، ويحاولون أن يرشوا الأطباء ليأخذوا منهم تقارير تثبت ذلك، ليتخلصوا من القيام بأعمالهم الوظيفية، وقد اشتهر ذلك عند الأوربيين وأصبحوا لا يثقون في كثير من المسلمين، كما أنهم يتعاطون-مع زعمهم الإسلام-ما حرمه الله عليهم، ويتركون ما أوجبه، فصاروا بذلك فتنة للذين كفروا، لأنهم رأوا فيهم قدوة سيئة، بدلا من القدوة الحسنة، وقد ذاب كثير من أبناء الجاليات الإسلامية في المجتمعات الغربية.
ولكن عدد الذين عادوا إلى الإسلام والتمسك به من أفراد الجاليات الإسلامية، قد زاد في الفترة الخيرة، بسبب وجود بعض المراكز الإسلامية النشطة وبعض الدعاة المتجولين والمستقرين.
ويدخل في حكم الجاليات الإسلامية العاملة، اللاجئون السياسيون والذين شردتهم الحروب في بلدانهم، أو ظلم حكامهم، إلا أن هؤلاء قد يوجد من بينهم مثقفون بحسب تخصصاتهم.
2 - الجماعات الحركية.
المقصود بالجماعات الحركية: الهيئات المنظمة ذات المناهج الشاملة، الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مستقية ذلك من فهمها الشامل للإسلام بأنه منهج لحياة البشر كلها.
وأبرز هذه الجماعات:
1- جماعة الإخوان المسلمين.
وهي التي أسسها الإمام الداعية /حسن البنا / رحمه الله في مصر، ثم انتشرت في كل أنحاء الأرض.
2 - الجماعة الإسلامية في الباكستان.
وهي التي أسسها الإمام/ أبو الأعلى المودودي / رحمه الله في شبه القارة الهندية، ولها فروع مستقلة من الناحية الإدارية والتنظيمية في الهند وبنغلادش وغيرهما.
وهاتان الجماعتان متقاربتان في الأفكار والمناهج في الجملة، ومنتشرتان في أوروبا والبلدان الغربية كلها، إلا أن جماعة الإخوان أكثر انتشارا، وأتباعها من كل فئات المجتمع: أي من حملة كل التخصصات، ومن العمال والتجار وغيرهم، وكثير من المسلمين يتعاطفون معها ويستفيدون من نشاطاتها في المحافظة على دينهم وتربية أبنائهم، ويشاركون في تلك النشاطات بما يقدرون عليه، وإن لم ينخرطوا في سلكها من الناحية التنظيمية.
ولما كانت هاتان الجماعتان-الإخوان المسلمون، والجماعة الإسلامية-أنشط الجماعات الإسلامية، و تدعوان إلى تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا شاملا في حياة الأمة الإسلامية، وتقوم مناهجهما على التربية العملية في كل طبقات الأمة، وتدعوان إلى الإسلام بالطرق السلمية التي لا تستعمل العنف، وتتغلغلان عن طريق العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي في الأمة، فإن تأثيرهما قد انتشر في أقطار الأرض، وأصبح أتباعهما في كل الشعوب الإسلامية وغيرهما في تنام مستمر، وفي ذلك ما يجعل وصولهما إلى حكم الشعوب الإسلامية بالإسلام الذي حرمها منه محاربوه، قريب المنال، لما كان الأمر كذلك بالنسبة لهاتين الجماعتين، اشتد ت محاربتهما من قبل العلمانيين في الشعوب الإسلامية، ومن قبل قادة الغرب على حد سواء، وأعانهم على ذلك ذوو الأهواء والذين ضاقت آفاق عقولهم من المنتسبين إلى العلم عن مصالح الأمة العليا التي تحقق لهم العزة والكرامة، فرموهم جميعا عن قوس واحدة، كل في مجاله، ولكن الدعوة سائرة، رغم كل العقبات، ورغم تنوع محاربيها!
وقريب من هاتين الجماعتين-في الجملة-أعضاء حزب السلامة التركي، وأعضاء حزب ماشومي الإندونيسي، أتباع الدكتور محمد ناصر (رحمه الله) ولكن عددهم قليل نسبيا، وكذلك حزب التحرير، وهم قليلون أيضا.
وقد ذكرت نبذة عن كل من الأستاذ حسن البنا، والأستاذ المودودي في كتاب الجهاد في سبيل الله-حقيقته وغايته-في مبحث: نماذج يقتدي بها السائرون، وذكرت معلومات واسعة عن الدكتور محمد ناصر في الكتاب الثالث من هذه السلسة، وقد أخذت تلك المعلومات في لقاءات متكررة معه رحمه الله.
وغالب أعضاء الجماعات الحركية، هم من الطلاب الذين تخرجوا في جامعات الغرب وبقوا في الدول الأوربية، أو الذين مازالوا طلابا وكونوا لهم اتحادات طلابية في الجامعات أو في مراكز إسلامية، ويوجد بينهم أعضاء من أفراد الجاليات الإسلامية أيضا.
وتمتاز هذه الجماعات واتحاداتها بدقة التنظيم وقوة الانضباط والتعاون، والقدرة على استيعاب الشباب بأنواع النشاطات التي تجذبهم، كالمخيمات والنوادي الرياضية والثقافية والاجتماعية والإعلامية وغيرها.
مجالات نشاط الجماعات الحركية.
ويحاولون أن يقوموا بواجباتهم في الدعوة إلى الإسلام-مع كثرة ارتباطاتهم وأعمالهم الوظيفية والدراسية والأسرية- في ثلاثة مجالات:
المجال الأول: التوعية والتربية الداخلية، أي في أسرهم وأعضاء جماعتهم، في المراكز والمساجد والمخيمات والمساكن.
المجال الثاني: التوعية في صفوف الجاليات الإسلامية كذلك.
المجال الثالث: نشر مبادئ الإسلام بين غير المسلمين.
والذي ينقص هذه الجماعات أربعة أمور:
الأمر الأول: قلة العلماء وبخاصة المتفرغين لهم، وهذا يؤثر عليهم من وجهين:
الوجه الأول: ضعف تقدمهم في التفقه في الدين، تفقها مبنيا على قواعد علمية.
الوجه الثاني: الجهد الذي يضطرون إلى بذله في القراءة بأنفسهم في بعض الكتب ليفهموا الإسلام، ولكن كثيرا منهم أصبحوا عندهم معلومات جيدة بسبب الممارسة والاجتهاد، وبسبب الدورات التي يقيمونها في أوقات مختلفة، يقدم لهم فيها بعض العلماء الذين يستقدمونهم من البلدان العربية وغيرها، دراسات قوية في العلوم الشرعية.
الأمر الثاني: قلة المراجع الإسلامية الميسرة المفيدة التي تمكنهم من استيعاب مبادئ الإسلام، ويشكون من عدم تجاوب بعض المؤسسات الإسلامية التي يطلبون منها مدهم بالمراجع الإسلامية.
الأمر الثالث: قلة وجود أماكن يستقرون فيها لمزاولة نشاطهم، فأغلب الجماعات تستأجر شققا صغيرة من أقوات أسرهم، ومع كون ذلك يجحف بهم من الناحية المادية، فإنه يحول بينهم وبين الاستقرار، إذ يضطرون إلى الانتقال من مكان إلى آخر، إما لقلة المال الذي يضطرهم إلى استئجار شقق أرخص في أماكن أبعد من المكان الأول، وإما لضيق المكان وحصولهم على مكان أنسب منه، وذلك يسبب لهم عدم الاستقرار.
وقد لا تتمكن بعض الجماعات من إيجاد مقر لنشاطها، لغلاء الأماكن وقلة ذات اليد، وقد وجدت جمعية إسلامية أنشئت في عام 1987م في مدينة (هلسنكي) عاصمة (فنلندا) لا يوجد لها مقر، ولذلك تزاول نشاطها وتعقد اجتماعاتها في منازل أعضائها، والمنازل هناك ضيقة، أو في بعض المطاعم التي يديرها بعض المسلمين.
ومما يؤسف له ما بلغني من أن هذه الجماعة قد وجد بين أفرادها نزاع بعد عام واحد من إنشائها، مع قلة المسلمين في هذا البلد وحاجتهم الماسة إلى تربية أولادهم الذين ذاب غالبهم في المجتمع الكافر ، ولعل الله قد وقاهم شر الخلاف .
الأمر الرابع: قلة العاملين في حقل الدعوة والتربية الإسلامية، وذلك يجعل العبء ثقيلا على أفراد ترهقهم الأعمال، وتبدد نشاطهم وتضعفه، وقد يصاب بعضهم بالملل والسآمة بسبب ذلك، ولهذا تكون أبواب العمل مفتوحة أمامهم، فلا يستطيعون سد استغلالها، سواء فيما يتعلق بعملهم الداخلي، أو بالعمل الخارجي، وأغلب العاملين متطوعون من الطلاب أو من الموظفين،ومع ذلك ينفقون على نشاطهم من نفقاتهم الخاصة.
3 - جماعة التبليغ.
وهذه الجماعة منتشرة-أيضا-في كل أنحاء المعمورة، وأعضاؤها أكثر صبرا وتحملا لمشقات السفر وشظف العيش، وأذى الناس، وهم متقشفون ينفقون على أنفسهم من جيوبهم مع فقر كثير منهم، ويختلطون بالناس: مسلمين وغير مسلمين، يطرقون أبوابهم ليبلغوهم ما فهموه من الإسلام ، و طرق أبواب المنازل لتبليغ أهلها الإسلام، قد يكون مستساغا في بعض البلدان، وقد يكون مكروها غير مستساغ في بلدان أخرى، فينبغي مراعاة ذلك، وهو يدخل في معنى الحكمة في الدعوة ويتابعون فساق المسلمين في الأسواق والمقاهي والبارات، محاولين انتشالهم من حمأة الفسوق والفجور والعصيان، شعارهم الخروج في سبيل الله ، وهو لا يعني مصطلح القرآن والسنة، الذي تكرر بمعنى الخروج للجهاد في سبيل الله، وإنما المقصود الخروج لدعوة الناس إلى الإسلام والتمسك به، والتجول في الأرض من أجل ذلك، مع المبيت في المساجد ... وهو نوع من الجهاد بمعناه العام ، يسيحون في الأرض وينزلون في المساجد وفيها ينامون، فإن لم يجدوا مساجد نزلوا في أي مكان تيسر لهم النزول فيه، يقصدون المدن والقرى الصغيرة والبوادي ، وقد وجدتهم في كل بلد زرته في العالم، ومن ذلك بعض البوادي النائية في جنوب كوريا الجنوبية، سنة 1406هـ-وفي بعض الغابات بين القبائل البدوية في كينيا، سنة 1415هـ وغيرها. يتناولون ما تيسر من الطعام، ولهم تأثير طيب جدا في إصلاح أبناء المسلمين الذين يذوب أكثرهم في المجتمعات الغربية.
ولكن أكثر هذه الجماعة غير متعلمين، وعندهم منهج معين، يكرره أفرادهم-غالبا-على الناس، وهو ما يسمى بالبيان، وقد يتوسع بعضهم-أحيانا-في شرحه، بحسب ما عند المتكلم من معلومات، وقد يوجد مع كل مجموعة منهم من عنده شيء من العلم الذي يفيد مجموعته به، فيدر سهم كتاب رياض الصالحين للإمام النووي، ويملى عليهم ما تيسر من حياة الصحابة العبا دية والسلوكية، ويعلمهم بعض الأذكار ويحثهم على كثرة التطوع -صلاة وصياما وإنفاقا-ولا شك أن في ذلك أثرا طيبا في حياتهم.
والفائدة التي تعود إلى الناس الذين يتأثرون بهم تكمن في محبة الله ومحبة عبادته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة الإسلام، والشعور بالمسئولية أمام الله في إنقاذ الناس من الضلال والتواضع.
ما الذي يؤخذ على جماعة التبليغ؟
والذي يؤخذ عليهم، أنهم مع انتشار هم في الأرض، ووصول دعوتهم إلى أكبر عدد من الناس، وكثرة جموعهم في المؤتمرات التي يعقدونها . و قد يصل عددهم في بعض مؤتمراتهم التي يعقدونها في الأرض الفضاء، إلى أكثر من مليون شخص، وقد رأيت ذلك في بنغلادش سنة: 1400هـ، عندما حضرت مخيما أقامته الندوة العالمية للشباب الإسلامي، كان المشرف عليه الأستاذ محمد عاكف مندوبا من الندوة في الرياض ، حيث اضطر رئيس الجمهورية (ضياء الرحمن الذي اغتيل فيما بعد) إلى ترك الطريق المؤدي إلى مخيمنا لاختتام أعمال المخيم لعدم وجود ممر لسيارته بسبب اجتماع هذه الجماعة في تلك المنطقة، وحوَّل موكبه إلى طريق آخر أبعد مسافة، ولذلك تأخر أكثر من ساعتين عن الموعد المحدد.
ويقرؤون في تلك المؤتمرات بعض الأحاديث، وشيئا من القرآن الكريم، وشيئا من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، مع بعض المدائح التي قد يكون في بعضها شيء من الغلو، وبعض سير الصحابة، أقول: الذي يؤخذ عليهم مع ذلك، أنهم يحصرون دعوتهم في موضوعات معينة من الإسلام، لا يخرجون منها إلى سواها، مما هو من مقتضيات (لا إله إلا الله) من الشمول لكل نشاط الإنسان، إضافة إلى تحاشيهم الصدع بالحق في كثير من قضايا الإسلام المحددة التي لا يجوز التهاون فيها، فلا يتعرضون لها إلا بالتعميمات في الغالب، كالحث على الإخلاص الذي لو فصل الكلام فيه لشمل أمورا عملية كثيرة في العقيدة كالنهي عن الاستغاثة بغير الله التي يتعاطاها كثير من الجهلة أو الغلاة ، وكذلك لا يجهرون بالنهي عن كثير من المنكرات، حرصا منهم-حسب زعمهم-على عدم إثارة الخلاف، واعتمادا على أن الشخص إذا استجاب للعمل بمنهاجهم سيدع تلك الأمور المنكرة من ذات نفسه.
والذي يظهر لي أن من أهم أسباب حصر نشاطهم على ما ذكر ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أنهم ربوا أساسا على ذلك.
الأمر الثاني: أن معلومات كثير منهم لا تؤهلهم للدخول في حوار مع الناس في غير ما دربوا عليه، وفاقد الشيء لا يعطيه.
الأمر الثالث: إيثار السلامة مما يتعرض له الدعاة الآخرون الذين يدعون إلى تطبيق منهج الإسلام الشامل لحياة البشر، من أذى وتضييق وعدم تمكينهم من النشاط الدعوي في كثير من البلدان.
ومما يؤخذ عليهم حرمان بعض طلاب الجامعات من مواصلة دراستهم، عندما يتأثرون بدعوتهم، حيث تغلبهم عاطفتهم، فيخرجون معهم ويدعون دراستهم، وقد يندمون على ذلك بعد فترة من الزمن، لعدم وجود الجديد الذي يشبع رغبتهم الفكرية والعلمية في منهج الجماعة، وفي ذلك حرمان للمسلمين من الطاقات المؤهلة التي تسهم في تحقيق مصالحهم في هذا العصر، وكان ينبغي أن ينتشلوا الفاسق من فسقه مع حثه على مواصلة دراسته بدلا من تركها الذي قد يكون سببا في تحسره وتندمه عندما يفيق، على ضياع جهده الذي كان يستطيع أن ينفع نفسه وينفع المسلمين بتخصصه فيه، وكذلك قد يخرجون معهم – لمدة طويلة - من يترك أهله بدون عائل ، وفي هذا ما فيه من ضياع الأسر . مع العلم أن تأثير هذه الجماعة في الناس ملموس في كل مكان.
ولست هنا في مقام المدح أو الجرح، ولكن في مقام الإرشاد و النصح، والذي دعاني إلى التصريح بهذه المؤاخذة أنني سمعت من بعض أئمتهم في بعض البلدان الأوربية قوله: إن الدعوة الصحيحة هي دعوتهم، وأن كل ما عداها من الدعوات قاصرة، وأهداف أهلها أهداف دنيوية.
والواجب أن تعرف كل جماعة-مهما كانت أعمالها ونشاطها وإخلاصها ومناهجها مرضية لها-أنها إحدى جماعات المسلمين القائمة بالدعوة إلى الله، وأنه يوجد عند غيرها من موضوعات الإسلام الواجبة التبليغ مالا يوجد عندها، وأنه ينبغي أن تستفيد كل جماعة من تجارب وإيجابيات غيرها، وأن تتلافى ما عندها من سلبيات، بدلا من دعاوى الكمال لنفسها والتجريح لغيرها الذي لا تكون نتيجته إلا زيادة الخلاف والشقاق بين المسلمين.
وأقول-من باب الإنصاف-أن ما ذكر وما لم يذكر من سلبيات، قد توجد في هذه الجماعة، ليس شاملا لكل أفرادها، بل هم يختلفون من بلد إلى آخر، فكل بلد يتأثر أفراده فيه بعلمائه غالبا، وإن كان أسلوبهم في الدعوة والممارسة متقاربا في الغالب.
ويحتاج الناس الذين يستفيدون من منهج هذه الجماعة ويهتدون على أيديهم، إلى من يتابعهم من الدعاة ذوي المنهج الشامل، لزيادة تفقيههم وتوعيتهم حتى يفهموا الإسلام فهما شاملا، ويتعلموا بعض أساليب الدعوة التي تفقدها هذه الجماعة.
4 - المتفرغون للدعوة برواتب حكومية أو مؤسسات خيرية.
وهذا الصنف ليس أفراده كلهم أعضاء في جماعة معينة من الجماعات، بل قد لا يكون عضوا في جماعة البتة، وإنما يعمل مستقلا بمفرده، وقد يكون متأثرا في فكره بمنهج بعض الجماعات متعاطفا معها، وبعضهم قد يكون عضوا في بعض الجماعات أيضا.
وإنما يجمعهم كلهم أنهم متفرغون للدعوة إلى الله، هيأ الله لهم من يكفيهم مؤونة العمل من أجل كسب الرزق المعيشي، من قبل مؤسسات حكومية أو مؤسسات خيرية شعبية، بصرف رواتب تعينهم على التفرغ للدعوة، وإن كانت تلك الرواتب غير كافية لهم في بعض البلدان التي ترتفع فيها كلف المعيشة، كبعض بلدان أوروبا واليابان وغيرها.
وأكثر هؤلاء هم من الذين درسوا في بعض الجامعات أو المعاهد الإسلامية، في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وبعض البلدان الأخرى، كالهند والباكستان والكويت وليبيا والسودان والمغرب ….
وكثير منهم عندهم معلومات إسلامية جيدة، مع تفاوت في سعة الاطلاع على المراجع الإسلامية، والأفكار المعاصرة، والمذاهب الهدامة، والشبهات التي يوردها أعداء الإسلام عليه وما يدحضها.
ويمكن تقسيم هذا الصنف قسمين:
القسم الأول: لم يسبق له أن مارس الدعوة عمليا، قبل أن يندب للقيام بها في بلدان أوروبا، بل هو حديث عهد بهذا الميدان، وإن كان بعضهم قد درس مادة الدعوة من الناحية النظرية وأدى امتحانها ونجح بتفوق، فنجاح الحبر على الورق غير نجاح الداعية بين البشر.
وهذا القسم يحتاج إلى فترة طويلة يتمرن فيها ويفهم عادات الناس الذين يمارس الدعوة بينهم ونفسيا تهم، وما يقبلونه وما ينفرون منه.
وقد يجد هذا القسم بعض الجاليات الإسلامية من أبناء وطنه، فينسجم معهم بسبب الاشتراك في اللغة والتناسب في العادات، فينزوي بينهم و يدع من سواهم، وقد يكون بين بعض الجاليات من جنسية واحدة أو من جنسيات متعددة خلافات، فينحاز هو إلى إحدى الطائفتين، أو يكون قد بعث أساسا للعمل مع طائفة معينة، فتحاول التحكم في نشاطه وتصرفاته كما تريد، لأن إقامته تكون على كفالتها، فإذا لم ينفذ رغبتها عادته وهددته بالطرد، فيضطر وهو في حاجة إليها إلى مجاراتها، فتحرم من الاستفادة منه الجماعات الأخر، بل قد تلزمه الجماعة التي كفلته بنشاط معين فتحد بذلك فائدته وتهدر طاقته، وقد لا يجيد إلا لغة إحدى الجماعات، فلا يستطيع أن يتحرك بدعوته إلا بين أعضائها.
ويتنافس بعض الجاليات الإسلامية في الحصول أئمة لاتخاذهم وسيلة للسيطرة على الآخرين، لحاجتهم إليهم في الإمامة أو في تعليم أولادهم، أوفي عقود الزواج، أو غسل الموتى وتكفينهم، وقلما يستفيد الأوربيون مسلمين أو غير مسلمين من أمثال هؤلاء.
القسم الثاني: -من الدعاة المتفرغين-من ينتسبون إلى جماعات معينة من الجماعات الإسلامية، فيذهبون إليهم ويكون نشاطهم مقصورا على جماعتهم، لتعليم أبنائهم وإمامتهم في الصلاة، وتوعيتهم، وهؤلاء يفيدون جماعتهم كثيرا، وقد يفيدون غيرها من الجماعات، إذا سنحت لهم الفرص وكانت عندهم رغبة في تعميم فائدة الدعوة على الجماعات كلها، ولكن جماعته قد تعارضه في ذلك فيضطر إلى التقليل من الاتصال بالآخرين، وهذا القسم قد يكون أكثر اطلاعا على السنة وأكثر تمسكا بها، ولكن وعيهم بأحوال الناس والأفكار المعاصرة عندهم، أقل من اتحادات الطلاب الذين يكون تأثيرهم في الناس أعمق وأشمل.
ويوجد عدد-قليل-من هذا القسم ضعيف الإيمان، لم يأخذ حظا كافيا من التربية الإسلامية الربانية، فتجده يحاول أن يعيش على التفريق بين الجماعات وإثارة الفتن والنزاع والعداوات، ويمارس بينهم النميمة والتجسس لبعض الجهات على بعض، من أجل أن ينال شيئا من حطام الدنيا، وهؤلاء هم أسوأ من يحشر نفسه في زمرة الدعاة.
5- غلاة الطرق الصوفية.
وهم دعاة البدع والخرافات، الذين قد تصل خرافاتهم إلى الشرك بالله، من الدعاء والاستغاثة بغير الله، فيما لا يدعى ولا يستغاث فيه إلا بالله، بل بلغ بهم الأمر إلى الاعتقاد بأن محمدا عليه الصلاة والسلام ليس بشرا وأن من اعتقد أنه بشر فقد كفر، وهم يعادون كل من يخالفهم في معتقدهم هذا أو ينصحهم. ومن أمثلة هذا القسم جماعة البرلويين الهندية.
ويجب التنبيه-هنا-على أن كثيرا من أفراد هذه الطائفة جهلة، وإذا بين لهم الحق رجع بعضهم عن تلك المعتقدات الفاسدة إلى الصواب، والذين يعاندون ويصدون عن الحق على علم به، هم علماؤهم الذين يتحملون وزرهم ووزر أتباعهم، بسبب إضلالهم.
وهم جادون في نشر معتقداتهم ويحاولون أن يؤثروا بها في غير جماعتهم، ويجدون لنشاطهم وانحرافهم دعما من بعض الدول الأوربية، كما جرت عادة هذه الدول في دعم الجماعات المنحرفة عن خط الإسلام الصحيح، كالقاديانية وغلاة الصوفية وغيرهم، رغبة في التقليل من تأثيره في نفوس المسلمين المقيمين في أوروبا، أومن دخل في الإسلام من الأوربيين أنفسهم.
وهكذا يفعل أعداء تطبيق الشريعة الإسلامية في البلدان الإسلامية (العلمانيون) يشجعون الجماعات التي تحصر الإسلام في طقوس معينة، كالطرق الصوفية التي تهتم بالطواف بالقبور والتمسح بها ودعاء أهلها والاستغاثة بهم، وضرب الطبول والزمر و الرقص والتمايل عند الذكر، والاحتفالات بموالد من يسمون بالأولياء، وهم مع تشجيعهم لأمثال هؤلاء، يضايقون من يدعو إلى تحكيم شرع الله في حياة البشر في أعمالهم ومعيشتهم وأسرهم، بل قد يصل بهم الأمر إلى استحلال دمائهم بغير حق.
6– طائفة الشيعة.
وهم الذين يتزعمهم الآن الإيرانيون غالبا، ولهم نشاط في كل مكان ينشرون به أفكارهم ومعتقداتهم، بكل وسيلة ممكنة، ولكن الاستجابة لهم بين الجماعات الإسلامية قلت كثيرا، وأكثر من يستجيب لهم أفراد يجهلون حقيقة مذهبهم، أو من يريد الاستفادة المادية منهم.
وأخطر وسيلة يؤثرون بها في الشباب المسلم الجاهل بمعتقداتهم، المنح الدراسية في الجامعات الإيرانية، وبخاصة الدينية، أو في الجامعات الغربية، لأن حاجة الطالب إليهم تجعله يحتك بهم كثيرا ويقرأ بعض كتبهم وقد يتأثر بها.
وتأثيرهم في أوروبا موجود، ولكنه في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا أكثر، وإذا لم يسرع أهل السنة إلى نشر عقيدتهم بكل وسيلة ممكنة ويبينوا للناس عقيدة الرفض التي من أسوئها سب الصحابة، بل تكفير أكثرهم، فإن خطرهم سيستفحل ويتفاقم.
7 - طائفة القاديانية.
وهذه الطائفة ليست من الفرق إسلامية كما أفتى بذلك علماء الإسلام في باكستان وغيرها، وإنما ذكرتها هنا، بسبب نشاطها القوي وزعمها أنها تدعو إلى الإسلام.
ونشاط هذه الطائفة قوي جدا، وإمكاناتهم واسعة، من المرافق والأموال والأئمة، ولهم كتب مترجمة بلغات البلدان الأوربية كلها تقريبا، تنشر فكرهم ومعتقداتهم وتدعو إليهما، ولهم نشاط إعلامي وتعليمي واقتصادي وسياسي، ويجدون دعما ماديا ومعنويا من الدول الأوربية، وبخاصة بريطانيا التي صُنِعُوا على عينها، ولديهم إمكانات يساعدون بها من يلجأ إليهم مضطرا من المسلمين الأوربيين وغيرهم، ممن تسوء ظروفهم المادية ويجدون ضيقا في حياتهم في أوروبا، وهم يستغلون ذلك لنشر معتقداتهم، كما يفعل النصارى مع المسلمين الجهال المحتاجين في بعض البلدان.
(10)
الإمكانات المتاحة لنشر الإسلام في أوروبا
( نظرا لكون هذه العجالة تلخيصا فقد اختصرت موضوعاتها، وبخاصة هذا الفصل الذي يحتاج إلى مراجعة مواضع متعددة من الكتاب السادس من سلسلة: (المشارق والمغارب) ولم يتم طبعه إلى الآن، وكتابي (حوارات مع مسلمين أوربيين، وحوارات مع أوربيين غير مسلمين) وهما مأخوذان من الكتاب السابق، وقد طبعا.)
توجد إمكانات قانونية وواقعية في الغرب تسهل للمسلمين أن ينشروا دينهم، بوسائل كثيرة، ويعلموا أولادهم مبادئ الإسلام ولغات شعوبهم، وعلى رأسها اللغة العربية ويربوهم على هذا الدين، ويدعوا غير المسلمين إليه.
الوسائل المتاحة كثيرة.
وأذكر من تلك الوسائل ما يأتي:
الوسيلة الأولى: حرية الكلمة والمعتقد، وما يسمى بالحريات الشخصية، فلكل إنسان أن ينشر بين الناس ما يعتقده بالدعوة المباشرة: محاضرات أو ندوات، أو اتصالا شخصيا، أو توزيع نشرات مطبوعة في أماكن التجمعات، كالمصانع والمطارات ومحطات المواصلات، كالقطارات والحافلات والأسواق، والنوادي الرياضية والثقافية والاجتماعية، ودور السينما، والكنائس، والاتصالات كصناديق البريد العامة أو المنازل، والهاتف، ودور التعليم، كالمدارس والمعاهد والجامعات...... وغيرها.
الوسيلة الثانية: طبع الكتب بجميع اللغات، ونشرها، وتوزيعها بيعا أو مجانا.
الوسيلة الثالثة: تسجيل الموضوعات في شرائط (كاسيت) أو (فيديو) ونشرها بيعا أو مجانا.
الوسيلة الرابعة: استئجار محطات إذاعية محلية أو شراؤها، بشروط ميسرة لا تمنع صاحبها من نشر ما يريد من عقيدة أو فكر أو تعليم،كما يستطيع-من يريد-أن يذيع موضوعات معينة في الإذاعات العامة، وإن كانت محدودة.
الوسيلة الخامسة: إمكان الاستفادة المحدودة من التلفاز العام (الحكومي) كما يمكن تملك قنوات تلفزيونية والبث عليها (حتى الفضائية).
الوسيلة السادسة: إمكان إصدار جرائد ومجلات تتضمن شتى الموضوعات: (عقدية وأخلاقية وشرعية، واجتماعية وسياسية).
الوسيلة السابعة: إمكان إنشاء مدارس خاصة كاملة (تجمع بين منهج الدولة والمنهج الإسلامي، بلغة البلد ولغة الْمُنْشِئين) معترف بها تشارك فيها الدولة بخمسة وثمانين في المائة من التكاليف، وقد تتحمل كل تكاليفها، وبخاصة البلدان التي اعترفت بالإسلام دينا رسميا، كالنمسا وبلجيكا.
وقد أنشئت الكلية الإسلامية في فرنسا، برغم مواقفها المتشددة من المسلمين وتدخلها حتى في الحريات الشخصية، كحجاب المرأة المسلمة. وجامعة إسلامية في هولندا ( ولكني لا أدري عن تفاصيل هذه الجامعة )
الوسيلة الثامنة: إمكان إنشاء نوادي اجتماعية وثقافية ورياضية خاصة أو تجارية، واستغلالها في الدعوة إلى الإسلام، وتربية شباب المسلمين من أبناء الحالية الإسلامية وغيرها، لوقايتهم من النوادي الأوربية التي تفسد دينهم وسلوكهم، وتجعلهم يذوبون في المجتمع الأوربي، كما هو حاصل الآن.
الوسيلة التاسعة: إمكان إنشاء مساجد جديدة أو شراء مبان قائمة سكنية، أو كنائس وتحويلها إلى مساجد، وهاهي قد أقيمت مساجد كثيرة في كل بلدان أوروبا، بل في كل مدنها-غالبا-، وبعضها جوامع كبيرة: كما في مدر يد بأسبانيا، وفي روما بجوار الفاتيكان، ويمكن أن تكون هذه المساجد منارات هدى تجمع بين إقامة الصلوات ومدارس التعليم ونوادي الشباب البناءة، ومحطات إذاعة وقنوات تلفاز، وقاعات مؤتمرات وندوات، لو حصل اهتمام بمعانيها كما يحصل الاهتمام بمبانيها!
الوسيلة العاشرة: إمكان القيام بإلقاء دروس إسلامية لأبنائهم في المدارس الحكومية الرسمية، في وقت الدوام الرسمي وخارجه، فأين من يمدهم بالمدرسين الصالحين الأكفاء؟
بل يمكنهم إقامة مدارس خاصة تجمع بين المنهجين: الإسلامي والحكومي، مع الاعتراف بها رسميا، إذا استوفت الشروط المطلوبة، وقد أصبح الآن للمسلمين في بلجيكا-التي اعترفت بالدين الإسلامي رسميا-مجلس خاص ينتخبونه ويشرف على كل مصالحهم في حدود القانون، كما أن بعض الدول الأوربية الأخرى قد اعترفت بالإسلام رسميا، مثل النمسا، وبعضها في الطريق إلى الاعتراف به، بسبب تزايد المسلمين في تلك البلدان وما يحتمل من قوة تأثيرهم في المجتمعات الأوربية… وقد اعترفت بريطانيا مؤخرا ببعض المدارس الإسلامية بع جهاد طويل بذله أهلها ، ومنهم الأخ يوسف إسلام وفقه الله .
الوسيلة الحادية عشرة: إمكان المسلمين استثمار أموالهم في شركات خاصة، ويكون لهم وزن اقتصادي وسياسي، ويمكنهم أن يحبسوا عقارات ومباني وأسواقا ينفق من أرباحها على العمل الإسلامي.
ومن أهم الوسائل لنشر الدعوة الإسلامية وتعليم الناس مبادئ الإسلام هذه الوسيلة العظيمة ( الإنترنت ) التي تصل إلى كل بيت حجر ومدر في نفس اللحظة التي يرسل الداعية أو المعلم رسالته .
وإن هذه الوسيلة وغيرهما لحجة أقامها الله على القادرين من المسلمين : علماء ومفكرين وأغنياء وحكاما ، وسيسألنا الله عنها إذا لم نستغلها لنشر دين الله .
كل هذه الأمور وغيرها متاحة بدرجات متفاوتة في الدول الأوربية، بعضها موجود فعلا، في حدود طاقة المسلمين.
وأستطيع أن أقول: إن الفرص المتاحة للدعوة الإسلامية في البلدان الأوربية، أكثر من إتاحتها في بلدان المسلمين في الوقت الحاضر.
(احترزت بقولي: في الوقت الحاضر، لسببين:
السبب الأول: أنني لمست في رحلتي تلك أن بعض الدول الأوربية أصبحت تضيق ذرعا بوجود المسلمين، وبخاصة الذين يتمسكون بدينهم ولا يذوبون في المجتمعات الغربية، وفي ذلك خطر عليها من ناحيتين:
الأولى: تكاثر المسلمين الوافدين الذين قد يصبحون يوما من الأيام لهم وزنهم السياسي والاجتماعي والثقافي، فيكون لهم تأثيرهم على الأحزاب الأوربية والاتجاهات الفكرية.
الناحية الثانية: الخوف الشديد من تأثر الأوربيين أنفسهم بالإسلام، حيث بدأ يتصاعد دخولهم في الإسلام من فئات متنوعة: كبارا وصغارا، رجالا ونساء، وذوي تخصصات متعددة.
وكنت أحس أن هذه الدول قد تغير مواقفها من المسلمين عندما يتزايد شعورها بخطر انتشار الإسلام الصادق.!
السبب الثاني: أن ما تلقاه الدعوة الإسلامية والدعاة من مضايقة في الشعوب الإسلامية من الحكام العلمانيين المحاربين لتطبيق الشريعة الإسلامية، قد يغيره الله من هذا الحال إلى حال أحسن، وما ذلك على الله بعزيز.! )
(11)
عقبات في طريق الدعوة إلى الإسلام في أوروبا
1 - تمهيد:
إن الإمكانات المتوافرة في أوروبا، وفي الغرب بصفة عامة، مغرية لمن يريد أن يدعو إلى الله تعالى هناك، ولو أن المسلمين تكاتفوا دعاة وعلماء وساسة وأغنياء وغيرهم، كل فيما يقدر عليه، ونسقوا فيما بينهم للدعوة إلى الله في الغرب لآتى ذلك ثماره بإذن الله!
ولكن تلك الإمكانات المتاحة التي لم يستغلها المسلمون تقابلها عقبات، كل واحدة منها تحتاج إلى عمل جاد وإخلاص فيه لله وعزم وتصميم على دكها وتحطيمها.
والذين يتفاءلون كثيرا بتلك الإمكانات، ولا يحسبون حسابا لهذه العقبات، يرون أن الإسلام سينطلق من أوروبا كما انطلق قبل من دولة آل عثمان، ويرون كذلك صعوبة انطلاقه من البلدان الإسلامية، وبخاصة الدول العربية التي ابتعد أكثر حكامها عن الإسلام، بل حارب تطبيقه أكثرهم. هذه نظرة المتفائلين.!
2 - سببان وموقفان.
وقبل أن أسرد أهم العقبات التي تعترض الإسلام وانتشاره في الغرب، لا بد من الإشارة إلى السبب الرئيس الذي جعل أهل الغرب يعطون المسلمين شيئا من الحرية في الدعوة إلى دينهم ومحاولة المحافظة عليه فيما بينهم وتعليم أولادهم إذا استطاعوا.
وكذلك لا بد من الإشارة إلى السبب الرئيس الذي جعل أعداء الإسلام من العلمانيين في الشعوب الإسلامية يكممون أفواه الدعاة إلى الله، ويحرمون المسلمين من سماع كلمة الحق، وصب أنواع الإذى على دعاة الإسلام، من الاضطهاد والسجن والتشريد والقتل، فإن بيان هذين السببين: السبب الذي جعل زعماء الكفر في الدول الأوربية يعطون شيئا من الحرية للمسلمين ليدعوا إلى الإسلام، مع شدة بغضهم له ومحاربتهم له في عقر داره، والسبب الذي جعل أعداء الإسلام من ذرا ري المسلمين يحاربونه في مسقط رأسه، أقول: إن بيان هذين السببين يزيل ما قد علق بأذهان بعض الناس من الحيرة والعجب من موقفين: أحدهما يجري هنا والآخر يجري هناك!
سبب منح الغرب الحرية لدعوة المسلمين إلى دينهم.
فسبب إعطاء أهل الغرب شيئا من الحرية للمسلمين ليدعوا إلى الإسلام في بلادهم، يعود إلى أمرين:
الأمر الأول: أن أهل الغرب كانت عندهم ثقة أن المجتمعات الغربية، لها عقائدها وعاداتها وسلوكها وتاريخها وحضارتها التي تختلف كل الاختلاف عن مبادئ الإسلام وأخلاق المسلمين وعاداتهم وحضاراتهم-إن اعترفوا بأن لهم حضارة-وأن المسلمين مهما تمسكوا بدينهم ودعوا إليه، فهم أقلية ضعيفة يحيط بهم المجتمع الأوربي ويحاصرهم في كل مكان وجدوا فيه: السكن، ومكان العمل، والشارع، والسوق، والجامعة والمدرسة، والمصنع والقطار والطائرة والحافلة.... فهم كنقطة عطر فواح تلقى في محيط من القاذورات والأوساخ، فَأَنَّى لتلك القطرة أن تحافظ على نفسها ورائحتها في ذلك المحيط القذر؟!
وقد أخبرني بعض المسلمين أن البابا الحالي قال للنصارى في حشد عظيم في هولندا: (لا تخافوا من الإسلام في أوروبا، ولا يهولنكم بناء المساجد وانتشار المراكز الإسلامية فيها، فأبناء المسلمين بين أيديكم وتحت إشرافكم وتوجيهكم، في المدارس والجامعات وغيرها، فاجتهدوا في تربيتهم التي تجعلهم ينسجمون مع المجتمع المسيحي، وسينقرض آباؤهم وتفنى مساجدهم ومراكزهم وتندثر، ويبقى أبناؤهم في صفكم.)
الأمر الثاني: أن أهل أوروبا-والغرب بصفة عامة-استقبلوا في أول الأمر مسلمين بالاسم، وفدوا أفرادا وهم يجهلون حقيقة دينهم، كثير منهم غير متمسكين به، يلتمسون في اغترابهم لقمة العيش فحسب، ليس عندهم ثقافة تحميهم، ولا مؤهلات ترفع شأنهم، وكان نصيبهم من الوظائف تلك المهن البدنية المرهقة، كحمل الأثقال والبناء في المصانع ونحوها، أو الأعمال الحقيرة كتنظيف الشوارع والمصانع والمنازل، وما أشبه ذلك، وأمثال هؤلاء لا يرجى لهم التمسك بدينهم، فضلا عن أن يؤثروا في غيرهم من أهل البلاد الذين هم أعلى منهم منزلة، وأرقى منهم حضارة، وأكثر منهم مالا، بل مصيرهم الذوبان في المجتمع الأوربي، وهذا ما حصل فعلا لكثير من الوافدين إلى أوروبا في الأفواج الأولى.
ولو أن الدول الأوربية علمت في وقت من الأوقات، أن الإسلام الحق سينتشر في بلدانهم، ويهدد العقائد الغربية والفكر الغربي، لما تردد أساطين الغرب ودعاة حقوق الإنسان وحرية الأديان وحرية الرأي، في طرد المسلمين في يوم واحد-إذا استطاعوا-من كل أنحاء أوروبا.
راجع مجلة المجلة: عدد 737، ص 36، 21/ شوال، مقال لفهمي هو يدي بعنوان: (دور أوروبا قادم في الاشتباك مع الحالة الإسلامية) هذا مع العلم أن كتابتي هذه كانت في سنة 1407هـ و مقال حسن هو يدي كتب سنة 1414 هـ أي بعد سبع سنوات من يوم من قيامي بهذه الرحلة التي لخصت منها هذه الصفحات، وقد اشتدت الأمور الآن أكثر ، ولكن الدعوة في طريقها إلى الانتشار ، والمهم قيام المسلمين بواجبهم كل في موقعه .
لا، بل قد بدأ الخوف والقلق يساور الأوربيين من وجود المسلمين الآن، وهاهي بعض دول أوروبا-ومنها فرنسا وألمانيا-تعرض على المسلمين مبالغ مالية في مقابل أن يعودوا إلى بلدانهم،وبدأت أجهزة الإعلام تحذر زعماء أوروبا من خطر بقاء المسلمين فيها، وقد أسفر كثير من زعماء الأحزاب عن وجوههم، فدعوا إلى طرد المسلمين من بلدانهم، بحجة أنهم لا يريدون أن يتأقلموا مع المجتمعات الأوربية، وأنهم يعتبرون نشازا في هذه المجتمعات، حيث يحرمون على أنفسهم ما يراه الأوربي مباحا، بل هو من لوازم التحضر والتقدم في أوروبا، من الطعام والشراب والنكاح واللباس وغير ذلك
ذلك هو السبب الذي من أجله أعطى الغربيون المسلمين شيئا من الحرية المؤقتة للتمسك بدينهم والدعوة إليه، وهذا هو موقفهم المبني على ذلك السبب.
وقد بدأت مضايقات المسلمين من الآن بأساليب غير رسمية، ولكنها تحت سمع وبصر الأجهزة الرسمية!
هذا الكلام كان وقت كتابة هذا الموضوع سنة 1407هـ ـ أما الآن ونحن في سنة 1420هـ أي بعد ثلاث عشرة من تلك الرحلة، فقد تغيرت الأمور، وأصبحت بعض الحكومات الأوربية نفسها تضايق المسلمين وتحاول التخلص منهم.
سبب مضايقة دعاة الإسلام في بلادهم.
أما السبب الذي يعكس القضية، فيجعل أعداء الإسلام في الشعوب الإسلامية يضايقون الدعاة إلى الله، ويحاربون تمكن الإسلام من السيطرة على أبناء المسلمين وتوجيه حياتهم، فيعود إلى أمر واحد وهو: أن العلمانيين من ذرا ري المسلمين يعلمون أن الشعوب الإسلامية مهما ابتعد كثير من أبنائها عن الإسلام، فإن الفطرة الكامنة في نفوسهم قابلة للعودة إلى الله والاستجابة لداعي الإيمان إذا أتيحت له الفرصة.
وأن الجهد القليل الصادق المؤثر يجد استجابة سريعة في الشعوب الإسلامية، لأن الدعوة الإلهية تلتقي مع الفطرة الربانية، فَتَلْقَف عصى موسى حبال وعصي فرعون.
ولهذا نجد الطاغية الذي يحكم بلدا إسلاميا يمكث ما يقارب عشرين سنة أو أكثر، يحارب الإسلام ويقتل دعاته ويعتقلهم ويعذبهم، ويُمَكِّنُ للكفر والإلحاد والفسوق والعصيان والانحلال ولكل مذهب هدام، فإذا أدبر غير مأسوف عليه، عاد الإسلام من جديد، وانتشرت الدعوة إليه في كل بيت، وساد النشاط الإسلامي في المدارس والجامعات والمصانع والنقابات وغيرها، في فترة قصيرة من الزمن، ولهذا يتكاتف أعداء الله من اليهود والنصارى والملحدين والوثنيين، مع أعداء الله من طغاة العلمانية في الشعوب الإسلامية لضرب الحركات الإسلامية.
فالجهود الكبيرة بالإمكانات الهائلة التي تملها الدولة وتبذلها لضرب الإسلام في الشعوب الإسلامية، يمكن أن تقضي عليها جهود أقل منها بكثير، تبذلها جماعات فقيرة قليلة الإمكانات لإقامة دين الله، والسبب في ذلك أن الشعوب الإسلامية تحن بفطرتها إلى عودة الإسلام وهيمنته في الأرض، ولولا قوة تأثير الإسلام في المسلمين، لكان قد محي من على وجه الأرض، لما يلقى من الكيد والمكر والطغيان، وهذا بخلاف الغرب، فإن الجهود القوية التي تبذل فيه لنشر الإسلام، يضعفها المجتمع الغربي بما يواجهها به من عقائد وعادات وتقاليد وانحراف فطر، ووسائل توجيه، وتشويه لحقائق الإسلام والتنفير منه وغير ذلك من العقبات القوية.
(12)
العقبات التي تعترض الدعوة في أوربا وأقسامها.
وبعد هذا أعود لأسرد العقبات التي تعترض انتشار الإسلام وتقلل من تأثير الدعوة إليه في الغرب، وهذه العقبات قسمان:
القسم الأول: يعود إلى المسلمين أنفسهم.
وألخصه في النقاط الخمس الآتية:
النقطة الأولى: القدوة السيئة التي يراها الأوربي في كثير من المسلمين في البلدان الأوربية نفسها، حيث إن الجاليات يغلب عليها الجهل بالإسلام غير ملتزم كثير من أفرادها وأسرها بآدابه، بل بعضهم لا يقر بمبادئه ولا يؤدي شيئا منها، إضافة إلى صفات سيئة يتصفون بها ينفر منها الأوربي، مثل خلف الوعد والكذب والغش.
وكذلك ما يرون وما يسمعون من القدوة السيئة في المسلمين في بلدانهم التي هي معدن الإسلام ومنبعه، وعدم وجود نموذج صحيح يؤكد لهم في عالم الواقع ما يدعيه المسلمون من المبادئ السامية في الإسلام: الإيمانية والعبا دية والاجتماعية والسياسية والإدارية وغيرها.
ولقد قال لي أحد المسلمين الجدد: إننا نأسف عندما نرى الرجل يأتي من البلدان الإسلامية، وهو يمسك السبحة بيمينه وكأس الخمر بشماله أمام فندق هلتن
النقطة الثانية: ندرة الدعاة المؤهلين: علما وعملا وقدرة على التأثير، ومعرفة أحوال العصر وأحوال الناس وعاداتهم وإجادة لغتهم، والصبر على ما قد يلاقيه من صعاب، والتجرد لله تعالى في دعوته.
النقطة الثالثة: قلة الكتب الإسلامية المؤلفة بلغة القوم في كل بلد، أو المترجمة إلى لغاتهم، مع سلامة المعنى وحسن الصياغة وجودة الأسلوب، وبخاصة ترجمة معاني القرآن الكريم التي أول ما يسأل الباحث عن حقيقة الإسلام عنها.
وأكثر الترجمات التي توجد في أيدي الناس ترجمات بعض المستشرقين، من اليهود والنصارى، أو ترجمات بعض الطوائف المنحرفة المنتسبة إلى الإسلام زورا وبهتانا، كالقاديانية.
النقطة الرابعة: قلة الإمكانات المادية، وبخاصة المال الذي يعين بعض الدعاة المؤهلين على القيام بالدعوة، لتنقلاتهم، أو طبع كتب ونشرها، أو طبع نشرات وتوزيعها، أو استئجار مكان مناسب لإقامة ندوات أو محاضرات عامة، يدعى إليها الأوربيون وغيرهم مسلمين أو غير مسلمين....
النقطة الخامسة: كثرة التنازع بين المسلمين في أوروبا، امتدادا لخلافاتهم الموجودة في بلدانهم، حيث يرى الأوربيون الصراع يحتدم بين المسلمين في مساجدهم ومدارسهم ومراكزهم، إلى درجة تقتضي تدخل أجهزة الأمن الأوربية بينهم، لفصل النزاع الذي إذا بحثت في أسبابه وجدتها في الغالب التنافس في الزعامات والأمور المادية، وليست من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين، وإن زعم كل فريق حرصه على تلك المصلحة، هذا مع أن هؤلاء المسلمين يقيمون بين الأوربيين الذين تتنافس أحزابهم على الزعامات بالطرق السلمية المسماة بالديمقراطية: الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية....
هذه أهم العقبات فيما بدا لي، وهنك عقبات أخرى قد يدخل كثير منها في بعض النقاط السابقة.
القسم الثاني: يعود إلى لأوربيين.
وألخصها في النقاط الثلاث الآتية:
النقطة الأولى: نفور الأوربيين من الدين من حيث هو، قياسا على الدين النصراني الكنسي الذي أراحوا أنفسهم من هيمنته التي حالت بينهم وبين التقدم الحضاري المادي الحالي، وهو قياس فاسد، يشبه من احترق منزله فهام على وجهه في الأرض رافضا بناء منزل آخر خشية احتراقه، وكان يمكنهم أن يحققوا سعادتهم في الدارين بالدخول في هذا الدين، ولكنهم يكرهونه أشد من كراهيتهم بقية الأديان، ولعل في النقاط الآتية ما يوضح السبب.
النقطة الثانية: الجو المادي الذي يسيطر على عقول الأوربيين واهتمامهم بملإذ الجسد ومتع الحياة الدنيا، والهرب من الإيمان وما يتعلق به، فرارا من التقيد بحلال أو حرام، برغم إحساسهم بالخواء الروحي المقلق لحياتهم.
النقطة الثالثة: الحملات الشديدة المتواصلة لتشويه الإسلام والتنفير منه من الجهات الآتية:
الجهة الأولى: المستشرقون في القديم والحديث، وأساليبهم في تشويه الإسلام معروفة، وإن كان بعض المستشرقين في الوقت الحاضر أكثر إنصافا من المستشرقين السابقين الذين كانوا يخدمون الاستعمار والتنصير…
فهم يحرفون معانيه، ويشككون فيه ويتصيدون بعض المعلومات الدخيلة، في كتب التاريخ أو كتب التفسير المليئة بالإسرائيليات، ليلصقوها بالإسلام، ويتبعون المتشابه ويتركون المحكم، ليلبسوا الحق بالباطل، ويفسرون الإسلام بتصرفات بعض المسلمين المخالفة له، ولو كان أهل هذه التصرفات أعداء للإسلام محاربين له.
وقد التقيت عددا من المستشرقين في البلدان الأوربية التي زرتها وحاورتهم في بعض هذه الأمور، ووجدت الكثير منهم سائرين في خط أساتذتهم السابقين.
ومن عجائب الأمور أنهم يقولون للناس: إن تصرفات حكام المسلمين، مهما اختلفت وجهات نظرهم، هي اجتهادات في إطارا لإسلام.
وعندما سألتهم عن تصرفات حكام الشعوب الإسلامية الذين يحاربون الإسلام، كالشيوعيين وغيرهم من العلمانيين وأمثالهم، هل تعدون تصرفاتهم من الإسلام الذي يحاربونه؟ قالوا: نعم!، وبعضهم أظهر الاقتناع بأن تصرفات المسلمين التي تخالف الإسلام ليست منه، بعد نقاش طويل.
ويشوه المستشرقون الإسلام في ساحات واسعة من أوروبا وفي قطاعات كبيرة أكثر من غيرهم، ومن وسائلهم في ذلك الإذاعة، والتلفاز، والجريدة والمجلة والكتاب، والمحاضرات، ومراكز البحث، والندوات والمؤتمرات...
الجهة الثانية: المنصرون من القسس وغيرهم، ولهم كذلك وسائلهم المتنوعة التي يشوهون عن طريقا الإسلام في كل مكان.
الجهة الثالثة: دور التعليم من المدارس الابتدائية إلى المعاهد العليا والجامعات، عن طريق المناهج والمواد المقررة والكتب والمدرسين.. وقد حاول بعض المسلمين مع بعض المسؤولين في بعض الدول الأوربية، تصحيح ما في الكتب المدرسية من أكاذيب على الإسلام وتشويه له، وأظهروا احتجاجهم على ذلك، وكتبوا كل الأخطاء التي ظهرت لهم وسلموها لأولئك المسؤولين ووعدوهم بإعادة النظر فيها.
الجهة الرابعة: التشويه المستمر الماكر المتعمد، من أجهزة الإعلام الغربية كلها يوميا، وهي لا تفتأ تقول للناس: إن كل المشكلات التي تنزل بالمسلمين، من خلافات وحروب وفقر وتأخر، إنما سببها الإسلام، يفعلون ذلك بأساليب خبيثة، فقد يتحدثون عن بعض موضوعات الإسلام، كالصلاة أو غيرها، ثم يعرضون صورة من صور المعارك بين إيران والعراق، ليثبتوا في إذهان الناس أن هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المصلون، وقد يجدون بعض الفسقة أو الملحدين أو العلمانيين من المنتسبين إلى الإسلام، فيعدون لهم برامج إعلامية يفسرون بها الإسلام بحسب أهوائهم، للقدح في هذا الدين، ونفي ما فيه من محاسن، وكثيرا ما يكون ذلك عن طريق الحوار الذي يجذب السامع ويجعله يخرج بنتيجة سيئة عن الإسلام والمسلمين، وبخاصة إذا كان الحوار عن طريق التلفاز، ولليهود دور كبير في تشويه صورة الإسلام عن طريق وسائل الإعلام.
وليس للمسلمين في مقابل ذلك أي وسيلة توصل حقائق الإسلام إلى الناس أو تدفع عنه تلك الأكاذيب!
وجدت في الآونة الأخيرة بعض القنوات الفضائية تعد برامج خاصة بنشر حقائق الإسلام والرد على الشبهات، نرجو أن توفق في الجد في ذلك، وفي القدرة على أداء وظيفتها وعلى الاستمرار في ذلك، وأن لا تنحرف عن الطريق الصحيح في القيام بالبلاغ المبين.
الجهة الخامسة: الدول الأوربية التي تدعم المستشرقين والمنصرين وكل الجهات السابقة وغيرها، بكل إمكاناتها لتشويه الإسلام والمسلمين والتنفير منه.