موضوع: التداوى فى الأسلام الأربعاء فبراير 28, 2018 6:58 am
۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞ ۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞ ۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من هَمْزِهِ، ونَفْثِهِ،ونَفْخِهِ۞ ۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞ ۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞ ۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
المداواة في الإسلام لقد قَرَّرَ الإسلامُ مبدأَ التَّداوي، بل وأمرَ به، كما جاءَ في الحَديث الصَّحيح الذي رواه أبو داوود عن أُسامَة بن شَريك رضي اللهُ عنهما: [تداووا !] وفي رواية التِّرمِذي: [نَعم يا عبادَ الله تداووا !]. وفتحَ بابَ الأمل واسِعاً أمامَ المرضى في إمكانيَّة الشِّفاء من كلِّ مَرضٍ كما في حَديث أبي هُرَيرة الذي رواه البُخاري: [ما أنزلَ اللهُ من داء إلاَّ وأنزلَ له شَفاء].
كما حثَّ الإسلامُ الأطبَّاءَ على التَّفتيش عن الدَّواء وإجراء البحث العِلمي الذي يُوصِلهم إليه، بقوله عليه الصَّلاة والسَّلام في الحَديث الذي رواه مسلمٌ وأحمد عن جابِر: [لكلِّ داءٍ دَواءٌ، فإذا أَصابَ دواءٌ الدَّاءَ، بَرِئ بإذن الله]، وكأنَّ النبيَّ بذلك يريد من أطبَّاء المسلمين أن يُحدِّدوا الدواء لكلِّ مرض، ومقداره ونوعه وكمِّيته أو جرعاته، حتَّى يصيل المرضَ تَماماً؛ وفي رواية أحمد: [إنَّ اللهَ لم يُنـزِل داءً إلاَّ أنزلَ له شفاءً: عَلِمَه من عَلِمه، وجَهِله من جَهِله]. وليسَ أدلَّ على دفع الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام الناس إلى الإصرار على التَّداوي بدلاً من انتظار الشَّفاء من دون طلب للعِلاج ما رواه البُخاري عن خالِد بن سَعد، قال: خَرجنا ومعنا غالب بن أَبجر، فمَرض في الطَّريق، فقَدمنا المدينةَ وهو مَريضٌ، فعاده ابنُ أبِي عتيق فقال لنا: عليكم بهذه الحُبَيبة السَّوداء فخُذوا منها خَمساً أو سبعاً فاسحقوها، ثمَّ اقطروها في أنفه بقطراتِ زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب، فإنَّ عائشةَ حدَّثتني أنَّها سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم يقول: [إنَّ هذه الحبَّة السَّوداء شفاءٌ من كلِّ داء إلاَّ من السَّام، قلُت وما السَّام قال: الموت].
والمهمُّ في مَوضوع المُداواة أنَّ النبيَّ عليه الصَّلاة والسَّلام وضعَ للنَّاس قضيَّةَ التَّداوي في مَوضِعها الصَّحيح يومَ قيلَ له، فيما رَواه التِّرمذي عن أبِي خُزامَة، [أرأيت رُقىً نَستَرقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقاةً نتَّقيها، هل تَردُّ من قَدر الله شيئاً؟ فقال صلَّى الله عليه وسَلَّم: هي من قَدَر الله]، مبيِّناً بذلك أنَّ أقدارَ الله تُدفَع بأقدار الله؛ فلا مكانَ في الإسلام للتَّواكُل باسم التوكُّل، بل إنَّ المسلمَ مأمورٌ بأن يدفعَ قدرَ الله بقدرِ الله، مُتوكِّلاً في ذلك على ربِّ العالمين.
لكنَّ التَّداوي بالاعتِماد على الله تعالى، بعدَ الأَخذ بالأَسباب وطلب مَشورة الطَّبيب، هو أعلى دَرجات التَّداوي على الإطلاق؛ فإذا كان الشخصُ الصَّحيح لا غنى له على التوكُّل على الله عزَّ وجل، والاعتِماد عليه في حفظ صِحَّته وعافيته فكيف بالمريض الذي يَكون في أمسِّ الحاجة لعَون خالِقه؟ وقد بيَّن الإمامُ ابنُ القيِّم ـ رحمه الله تعالى ـ أثرَ التوكُّل على الله تعالى في دفع المرض بأحسن ممَّا تدفعه الأدويةُ مهما قيل في نَفعها، وذكر في ذلك: (اعتماد القلب على الله، والتوكُّل عليه، والالتِجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلُّل له، والصَّدقة، والدُّعاء والتَّوبة والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف والتَّفريج عن المكروب؛ فإنَّ هذه الأدوية قد جَرَّبتها الأممُ على اختِلاف أديانِها ومِلَلها، فوجدوا لها من التَّأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علمُ الأطبَّاء. وقد جَرَّبنا نحن وغيرنا من هذا أموراً كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدويةُ الحسِّية)؛ ثم قال رحمَه الله: (فإنَّ القلبَ إذا اتَّصل برب العالمين، وخالق الدَّاء والدواء، ومدبِّر الطبيعة ومُصرِّفها على ما يشاء، كانت له أدويةٌ أخرى غير الأدوية التي يُعانيها القلبُ البَعيد منه المُعرِض عنه ... وقد عُلِم أنَّ الأرواحَ متى قويت وقويت النفسُ والطَّبيعة تعاونا على دفع الدَّاء وقهره، فكيف يُنكَر لمن قَويت طبيعتُه ونفسه وفرحت بقُربِها من بارئها وأُنسِها به وتوكُّلها عليه أن يكونَ ذلك له من أكبر الأدوية، وتُوجِب له هذه القوَّة دفعَ الألم بالكلِّية؟!.
ولكنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قاومَ ما يُسمَّى "الطبَّ الرُّوحانِي"، واحترمَ الطبَّ القائمَ على الملاحظَة والتَّجربة والأَسباب والمسبِّبات، وأبطلَ كلَّ مظهرٍ وثني في التَّداوي، كالاعتِماد على التَّمائم والقوى الخفيَّة، وما إلى ذلك من عَمَل السَّحرة والمشعوذين والدجَّالين، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد عن عقبة بن عامِر: [من علَّقَ تَميمةً فقد أشركَ]، وفي روايةٍ عنه لأبِي داوود والنِّسائي وابن ماجَة والحاكِم: [من علَّقَ تَميمةً فلا أتمَّ اللهُ له، ومن علَّقَ ودعةً فلا وَدَعَ اللهُ له]، أي لا تركه اللهُ في دَعةٍ وسُكون.
وبناءً على ذلك فإنَّ الجمعَ ما بين الأخذ بالأسباب وتَناوُل الدَّواء الذي وصفه الطَّبيب، والاعتماد على الله، مُسبِّب الأسباب ومسيِّر الأكوان، الشَّافي المعافِي، لهو الكَفيل بإذن الله بتَحقيق الشَّفاء والمنفعة من العِلاج، يقول تعالى: {وَإِذَا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفِينِ} [الشُّعَراء، 80].
مسألة: ما حكم التداوي؟ فهذه المسألة قد اُختلف فيها على أقوال ثلاثة:
القول الأول: تركه أفضل، وهو المنصوص عليه في مذهب الحنابلة، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال أحب لمن اعتقد التوكل وسلك هذا الطريق ترك التداوي من شرب الدواء وغيره)، وقد كانت تكون به علل فلا يخبر الطبيب بها إذا سأله(1). وفي رواية المروزي: العلاج رخصة وتركه درجة أعلى منه، وبنحو هذا قال النووي(2). وقد عللوا رأيهم: بأن تركه تفضلًا واختيارًا لما اختاره الله، ورضاً بما قدر وتسليمًا له. واستدلوا لذلك بأدلة منها: 1- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:« عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ قِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ. قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَالَ: عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«نَعَمْ». فَقَامَ آخَرُ فقال: أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ:«سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ»(3). 2- عن عطاء بن أبي رباح - رضي الله عنه - قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما - أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي؛ قَالَ:« إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ »؛ فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا(4). 3- كما استدلوا بأن خَلقاً من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون، بل فيهم من اختار المرض، كأبي بن كعب، وأبي ذر - رضي الله عنهما -، ومع هذا فلم ينكر عليهم ترك التداوي(5).
القول الثاني: لا يجوز التداوي وقال به غلاة الصوفية(6). وعللوا رأيهم: بأن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، فالواجب على المؤمن أن يترك التداوي اعتصامًا بالله وتوكلًا عليه وثقة به، وانقطاعًا إليه، فإن الله قد علم أيام المرض وأيام الصحة فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا، قال تعالى:] مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [ [الحديد:22]. فما دام كل شيء بقضاء وقدر فلا حاجة إلى التداوي(7). واستدلوا على هذا بما يلي: 1- عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:« مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ »(. 2- وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:« لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اسْتَرْقَى وَاكْتَوَى »(9). 3- وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:« إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ »(10). وقد أجاب العلماء عن هذه الأحاديث بعدة أجوبة منها: أن هذا فيمن فعل معتمدًا عليه لا على الله - تعالى -، أو لخطر الاكتواء، أو يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - قصد إلى نوع معين من الكي مكروه بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كوى أبيًّا يوم الأحزاب على أكحله لما رمي، أو يقصد به كي الصحيح لئلا يعتل، ويرد عليهم أيضاً بأدلة القائلين بالمشروعية كما سيأتي.
القول الثالث: أنه مشروع، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والعملية، ولما فيه من (حفظ النفس) الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع؛ واختار القاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وابن الجوزي أن فعل الدواء أفضل من تركه. واختلفوا في مشروعيته على قائل بالوجوب وقائل بعدم الوجوب: أ- فذهب جمهور العلماء إلى عدم الوجوب؛ قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - ليس بواجب عند جماهير الأئمة، إنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد)( 11). وقال الوادياشي الأندلسي ونقل عياض الإجماع على عدم وجوبه، واعتُرض بأن لنا وجهاً بوجوبه إذا كان به جرح يخاف منه التلف)( 12). ب- وذهب جماعة منهم إلى أنه مباح، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية(13). أما إذا خشي الإنسان على نفسه التلف بتركه فإنه حينئذٍ يجب، وقد أخذ مجمع الفقه الإسلامي بالقول بوجوب التداوي إذا كان تركه يفضي إلى تلف النفس أو أحد الأعضاء أو العجز، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية(14). وهذا يؤخذ منه أن الدواء إذا تُيقن نفعه وكان المرض مما يخشى منه التلف، وجب التداوي، فيدخل في ذلك إيقاف النزيف، وخياطة الجروح، وبتر العضو التالف المؤدي إلى تلف بقية البدن، ونحو ذلك مما يجزم الأطباء بنفعه وضرورته، وأن تركه يؤدي إلى التلف أو الهلاك.
الأدلة على مشروعية التداوي: 1- قال الله تعالى عن العسل:] فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ [[النحل:69] فهو دليل على جواز التداوي بشرب الدواء. 2- عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:« إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ »(15). 3- عن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال:« نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً أَوْ قَالَ دَوَاءً إِلاَّ دَاءً وَاحِدًا ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ قَالَ:«الْهَرَمُ»(16). 4- عن أم قيس بنت محصن قالت سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:« عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ»(17). الْعُودِ الْهِنْدِيِّ: خشب طيب الرائحة يؤتى به من الهند قابض فيه مرارة يسيرة وقشره كأنه جلد مواشي. أَشْفِيَةٍ: جمع شفاء أي دواء. الْعُذْرَةِ: وجع بالحلق يهيج من الدم، وقيل قرحة تخرج بين الأنف والحلق، ولعله ما يسمى بالتهاب اللوزاتين. يُلَدُّ: من اللدود وهو ما يصب في أحد جانبي الفم من الدواء. ذَاتِ الْجَنْبِ: هو ورم الغشاء المستبطن للأضلاع. 5- الأدلة على احتجام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتداوى بالحجامة. 6- ولما سئلت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عن علمها بالطب قالت: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسقم عند آخر عمره فكانت تقدم إليه وفود العرب من كل وجه فينعت لهم الإنعات، فكنت أعالجه)( 18).
الراجح: وبعد عرض تلك الأدلة يتبين لنا رجحان قول القائلين بوجوب التداوي أو على الأقل باستحبابه لورود الأمر بذلك وأقل مراتب الأمر الاستحباب؛ قال العز بن عبد السلام - رحمه الله تعالى - الطب كالشرع، وضع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام)( 19). ولا يمكن الأخذ بما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من القول بعدم جواز التداوي لأنه يخالف ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من عموم الأمر بالتداوي، وترغيبه في ذلك في مواضع كثيرة، وأن الأخذ بالتداوي هو من باب الأخذ بالأسباب وحصول الشفاء بالدواء كدفع الجوع بالأكل وكدفع العطش بالشرب، وأن التداوي لا ينافي التوكل على الله - تعالى - لأن المسلم حين يتناول الدواء فإنه يعتقد بقلبه أن الشفاء لا يكون إلا بإذن الله - تعالى - وبتقديره، وإن الأدوية لا تنفع بذاتها بل بما قدره الله تعالى فيها، وإلا فكم من مريض انقلب دواؤه داء؟. وقد يكون مرد القائلين بأولوية ترك التداوي إلى ما عهدوه في عصرهم حيث كان التداوي بالوسائل البدائية والطرق التقليدية التي لم تصل إلى مستوى يثق به الناس، بل أغلبها كانت ظنية، لذا جاء التردد عنهم في الأخذ بها، وكذا ما ورد عن بعض السلف في تركه التداوي يعود إلى ظنه أنه وصل إلى مرحلة لا تجدي معها الأدوية، أو لعلمه أن هذا المرض لم يصل فيه الطب بعد إلى دواء ناجع، أو تحمل أقوالهم على أنها قيلت كرد على من اعتقد الشفاء في الأدوية وعلق قلبه بها، وتناسى الشافي الحقيقي وهو الله فجاءت أقوالهم تذكيرًا لأمثال هؤلاء. وها هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كمال التوكل على الله، لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب، فقد ظاهر بين درعين، ولبس على رأسه المغفر(20)، وخندق حول المدينة، وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم، ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء وهو أحق الخلق أن يحصل له ذلك، فبين بسنته القولية والفعلية أن الاحتراز لا يدفع التوكل. ونجد الأمر بالتداوي والمحافظة على البدن واضحًا في قوله - صلى الله عليه وسلم -:« تَدَاوَوْا » لما فيه من الأخذ بالأسباب واقتداء به - صلى الله عليه وسلم - ويتأكد الأمر أكثر في حق من يقومون على مصالح العباد. ولذا قال المباركفوري بعد إيراده لحديث:« تَدَاوَوْا» فيه إثبات الطب والعلاج وأن التداوي مباح غير مكروه كما ذهب إليه بعض الناس، ونقل عن العيني قوله: فيه إباحة التداوي وجواز الطب وهو رد على الصوفية: أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء ولا يجوز له مداواته، وهو خلاف ما أباحه الشارع، إذ إنه لم يخلق داء إلا وضع له شفاء أو دواء، وإنزال الدواء أمارة جواز التداوي.
ملخص: أحكام التداوي يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص: 1- فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية. 2- ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق في الحالة الأولى. 3- ويكون مباحاً إذا لم يندرج في الحالتين السابقتين. 4- ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها. والله تعالى أعلم وأحكم
Admin Admin
المساهمات : 4240 تاريخ التسجيل : 20/01/2018
موضوع: رد: التداوى فى الأسلام الأربعاء فبراير 28, 2018 6:59 am
منهج الإسلام في علاج الأمراض العادية والمعدية إن الإسلام ينطلق في مسألة العلاج والتداوي والجوانب الصحية بصورة عامة من منطلق أن الحفاظ على النفس والبدن والعقل والفكر من الضروريات الأساسية التي جاءت الشريعة لأجل الحفاظ عليها، وحمايتها وتنميتها، ولذلك أمر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالتداوي، فقال: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ?لتَّهْلُكَةِ)[1] وقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُو?اْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ?للَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)[2]، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة أمرت بالتداوي مثل حديث أسامة بن شريك قال: (أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت، ثم قعدت، فجاء الأعراب من ههنا وههنا، فقالوا: يا رسول الله أنتداوى ؟ فقال: تداووا فإن الله تعالى لم يضع داءً إلاّ وضع له دواء غير داء واحد الهرم )[3].
موقف الاسلام من الطب والمرض: الاعجاز القرآني في مجال الإنسان والطب: فالإنسان في نظر الإسلام أعظم وأكرم وأشرف مخلوق على وجه الأرض، فقال تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنسَـ?نَ فِى? أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)[4]، وهو عجيب في تكونيه الجسماني، وغريب في تكوينه الروحاني، وفيه من الأسرار العظيمة ما لا تعدّ ولا تحصى حتى قال الشاعر: وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ولذلك أمرنا الله تعالى بالنظر إلى أنفسنا فقال تعالى: (وَفِى? أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)[5] بل إن الله تعالى بيّن بأنه سيُري الناس آياته في الآفاق والأنفس حتى يتحقق لهم اليقين بأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حق فقال تعالى: (سَنُرِيهِمْ ءَايَـ?تِنَا فِى ?لأَْفَاقِ وَفِى? أَنفُسِهِمْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ?لْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى? كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ مُّحِيطُ)[6]. ونجد في القرآن الكريم مجموعة كثيرة من الآيات الكريمة تتحدث عن الإنسان والجوانب الخاصة به من حيث النشأة والتكوين، ومن حيث المسيرة الطويلة التي تبدأ بالحياة بعد تلقيح البويضة (مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ)[7] إلى الموت، والحياة البرزخية، ثم إلى البعث والحشر والحساب، فالجنة أو النار. فالآيات المتعلقة بعلم الأجنة ومراحل خلق الإنسان لا شك أنها معجرزة، لأن فيها أوصافاً دقيقة لم تكشف إلاّ في عصر الحديث من خلال التقنيات العلمية الدقيقة المعاصرة، فقال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنْسَـ?نَ مِن سُلَـ?لَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَـ?هُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ?لنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ?لْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ?لْمُضْغَةَ عِظَـ?ماً فَكَسَوْنَا ?لْعِظَـ?مَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَـ?هُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ?للَّهُ أَحْسَنُ ?لْخَـ?لِقِينَ)[8] حيث ذكرت مراحل وأدوار وتطور الجنين، من النطفة إلى العلقة، ثم إلى المضغة، ثم العظام، ثم طور إكساء العظام لحماً، ثم طور الحركة الذاتية للجنين، ثم تطوره بأمر الله إلى الخلق المتكامل إضافة إلى الدخول في تفاصيل النطفة الأمشاج التي تتكون من الحيوان المنوي، والبويضة وغير ذلك. وإذا قمنا بنظرة فاحصة نجد أن الآيات الصريحة في هذا المجال أو التي يمكن استنباط ما يتعلق بالطب منها يبلغ عددها في الطب النفسي 130 آية، وفي وظائف الأعضاء 59 آية، وفي علم الأجنة 36 آية، وفي ما يخص النساء 21 آية، وفي العيون 10 آيات، وفي طب المجتمع 43 آية، وفي التشريح 19 آية، وفي الأنف والأذن والحنجرة 15 آية، وفي علم الوراثة 15 آية، وفي الطب الغذائي 18 آية، وفي العناية بالمريض 10 آيات، وفي الجلدية 9 آيات، وفي الطب العلاجي 8 آيات، وفي الجراحة 8 آيات، وفي الشيخوخة 6 آيات، والأطفال 5 آيات، وفي الطب الشرعي 4 آيات، فالمجموع النهائي لعدد الآيات التي تناولت هذه القضايا بصورة مفصلة، أو إجمالية، وبصورة واضحة، أو أنها يفهم منها هي 416 آية مع المكرر[9]. ومن الضروري التنبيه عليه أن القرآن الكريم ليس كتاب طب، وإنما هو كتاب هداية، ولكنه تناول هذه الموضوعات من خلال الاستدلال على عظمة الله تعالى وعلمه وقدرته، أو من خلال ذكر القصص أو من خلال بيان خصائص الإنسان، أو نحو ذلك، كما أن هذه الآيات ليست جميعها على سنن واحد من حيث الدلالة على الموضوعات الطبية، وإنما غالبها يؤخذ منها بالاستنباط في الأمور الطبية.
خلاصة المنهج الإسلامي في العلاج: نستطيع أن نلخص المنهج الإسلامي في الطب والعلاج في النقاط الآتية: أولاً: العلاج من خلال الإيمان بالله تعالى وبالقضاء والقدر، وإرجاع الأمر كله إلى الله تعالى مع الأخذ بجميع الأسباب المتاحة لدفع المرض، والأخذ بالحيطة والوقاية قبل الوقوع والإصابة، ثم الأخذ بجميع الأسباب المتاحة للعلاج والشفاء. ثانياً: يغرس الإسلام في نفوس أتباعه الرضا والقناعة، والصبر والمصابرة على ما أصابه. ثالثاً: يأمره الإسلام بالوقاية والحماية، سيأتي تفصيله في الطب النبوي والوقائي. رابعاً: يأمر الإسلام بعد ذلك المسلم بالتداوي ـ كما سبق ـ. خامساً: يوسع الإسلام دائرة التداوي بالأدوية والعلاج الطبي والعمليات ونحوها. سادساً: يبين الإسلام للناس جميعاً بأن لكل داء دواء ولكل مرض شفاء علمه من علمه، وجهله من جهله، يختلف ذلك حسب العصور والأزمان وتطور الأدوية والعلاج والوسائل الطبية، حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن الله لم ينزل داءً، ـ أو لم يخلق داءً ـ إلاّ أنزل ـ أو خلق ـ له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله إلاّ السام، قالوا: يا رسول الله، وما السام ؟ قال: الموت)[10]. وهذ الحديث الصحيح يعطي أملاً ـ ما بعده أمل ـ لكل مريض حيث قضى بأنه لكل داء دواء، ولكل مرض شفاء، وبذلك لا يفقد الأمل مهما كان مرضه خطيراً على عكس ما هو الحال اليوم حيث تصنف بعض الأمراض على أنه لا شفاء لها وأخيراً فمنهج الإسلام منهج قائم على الزوجية (أي الطب الروحي والنفسي والطب المادي) وليس على الأحادية أي الاعتماد على الجانب المادي فقط، أو الجانب الروحي فقط، وهكذا الإسلام في كل شيء حيث يجمع بين الدين والدنيا، وبين المادة والروح، وفي ذلك وغيره ذلك جمع للخيرين.
العلاقة المتبادلة بين الفقه والطب: إن العلاقة بين الفقه والطب علاقة وثيقة في مجالات متعددة، نذكر أهمها بإيجاز شديد، وهي: أولاً: أن جميع مسائل الطب تخضع في الإسلام لأحكام الشريعة من حيث الحل والحرمة، ومن حيث الالتزام بالأخلاق والآداب المطلوبة. ثانياً: يحتاج الفقه الإسلامي إلى الطب للوصول إلى الحكم الشرعي لجميع المسائل الطبية، لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره.
وكذلك يحتاج الفقيه إلى الطب في كثير من مسائله، منها: 1. معرفة كون الشيء ضاراً أو خبيثاً حتى يحكم عليه في الفقه بالحرمة إذا كان الضرر كبيراً، وبالكراهة إذا كان قليلاً. ولذلك قال الإمام الشافعي في الماء المشمس (الذي وضع أمام الشمس في أواني منطبعة وفي بلاد حارة): (لا أكره المشمس، إلاّ أن يكره من جهة الطب)[11]. 2. في مسألة كون الإنسان مريضاً فيرخص له الرخص الشرعية في الطهارة، والصلوات، والحج والصيام ونحوها، وكذلك في كونه مختل العقل، أو مجنوناً إذا اشتبه الأمر حيث يترتب على ذلك الحجر عليه، ومنعه من التصرفات. 3. في إثبات النسب في حالات معينة. 4. في إثبات الجرائم من خلال الطب الشرعي. 5. في أحكام الزواج، وثبوت بعض العيوب الموجبة للفسخ مثل العنة. وغير ذلك كثير، ولذلك لام فقهاؤنا السابقون بعض علماء عصرهم في عدم عنايتهم بالطب الذي هو فرض كفاية ـ كما سبق ـ. وأخيراً فإن المستجدات الطبية يحتاج حلها من الناحية الشرعية إلى تعاون الفقهاء مع الأطباء، فالأطباء يكشفون عن حقائقها وتفاصيلها، والشرعيون يصدرون عن فهم ورؤية أحكامها، وبذبك يتحقق التكامل والدقة.
ضوابط وآداب الطبيب: فقد وضعت الشريعة مجموعة من الضوابط والأحكام، والآداب للمعالج الذي يعالج الإنسان أي معالجة كانت سواء كانت معالجة للجانب البدني، أو النفسسي، أو غير ذلك، نذكرها هنا بإيجاز: أولاً: أن يكون المعالج ذا علم وخبرة وحذق بمهنته الطبية، وفي وقتنا الحاضر: ضرورة الحصول على الشهادة الطبية، والإذن ببمارسة المهنة الطبية من الدولة، وهو أمر معتبر أيضاً في الشرع. ثانياً: أن تكون أعماله على وفق الرسم المعتاد. ثالثاً: أن يكون مخلصاً لعمله أميناً محافظاً على حقوق الآخرين يسعى بكل ما في وسعه للإتقان والإبداع[12]. رابعاً: أن يعرف الأحكام الشرعية الخاصة بالطب والمريض. خامساًَ: أن يتسم بالأخلاق الإسلامية الراقية. سادساً: احترام تخصصه الطبي بمزيد من الاهتمام و الدراسة والإبداع، مع احترام تخصص الآخرين. سابعاً: أن يلتزم بأسرار المهنة وقيمها الأخلاقية الإنسانية التي أقرها الإسلام. ثامناً: أن يكون حريصاً على استشفاء المريض. تاسعاً: ان لا يقوم بإجراء التجارب على مرضاه إلاّ بعد الحصول على إذنهم، وعلى موافقة جهة الاختصاص. عاشراً: أن يلتزم بالقوانين والأنظمة واللوائح والقرارات الصحية التي تصدر من السلطات المختصة.
موقف الإسلام من الأمراض المعدية: إن موقف الإسلام من الأمراض المعدية فعلاً يمكن تلخيصه فيما يأتي: أولاً: الجانب العملي الذي يتثمل فيما يجب على المريض، وما يجب على غيره. فيجب على المريض أن يسعى جاهداً للعلاج إن كان ذلك ممكناً، ويكون آثماً إذا تركه، وعليه كذلك أن يبذل كل جهده لعدم انتشار مرضه وتعديته إلى غيره، من خلال عدم الاختلاط، وعدم الخروج إلاّ للضرورة، وذلك لأن إيذاءه للآخر محرم وإضراره بالآخر ـ بأي طريق كان ـ ممنوع شرعاً، حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار ) إضافة إلى الأدلة الدالة على منع الضرر والإيذاء ـ كما سبق ـ. وأما غير المريض فيجب عليه أيضاً أن لا يقترب من المريض المصاب بمرض معد، ولكن بلطف ولباقة دون إيذاء لمشاعره. وإذا كانت هناك وسائل لعدم عدوى المرض إليه فينبغي الاستفادة منها، وبالتالي يكون تعامله مع المريض طبيعياً.
ثانياً: الحانب العقدي: حيث يجب على المريض أن يكون راضياً بقضاء الله تعالى صابراً على مرضه محتسباً لله تعالى الأجر العظيم لكل مصاب بقدر مصيبته. وأما غير المريض فيجب عليه التوكل على الله تعالى وأن لا يكون خائفاً. ومع هذه العقيدة الصحيحة العميقة القوية يأخذ بالأسباب بلطف دون إيذاء لمشاعر الآخرين، وهذا هو المقصود بقول الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والكلمة الحسنة)[13] أي لا يسري المرض إلى الغير بذاته، بل بقدر الله وسنته. والإسلام يقصد من خلال ذلك ان يدفع الإنسان نحو الاطمئنان الداخلي من خلال إرجاع الأمر كله إلى الله تعالى، ونحو الأخذ بالأسباب التي هي سنة من سنن الله تعالى، وبذلك يجمع بين الخيرين. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين قوله: (لا عدوى) وبين قوله: (وفرّ المجذوم كما تفر من الأسد) حيث قال: ( لا عدوى ولا طيرة.... وفرّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد)[14] للتأكيد على هذين الأمرين، امر بالإيمان بقدر الله تعالى، وأمر الأخذ بالأسباب، وان كليهما من قدر الله، وأننا نفرّ من قدر الله الخاص بالتوكل إلى قدر الله الخاص بالأسباب، وأنه لا تناقض بينهما.
والله الموفق وهو أعلم بالصواب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-------------------- ([1])سورة البقرة / الآية 195 ([2])سورة النساء / الآية 29 ([3])رواه أبو داود في سننه مع عون المعبود ( 10/334 )، والترمذي وقال: حسن صحيح، تحفة الأحوذي ( 6/190 ) ورواه النسائي، وابن ماجه، والحاكم وصححه ([4]) سورة التين / الآية 4 ([5]) سورة الذاريات / الآية 21 ([6]) سورة فصلت / الآية 53 ([7]) سورة الإنسان / الآية 2 ([8]) سورة االمؤمنون / الآية 12 – 14 ([9]) انظر إلى هذه الآحصائيات في: د. محمد جميل الحبال، ود. وميض العمري: الموضوعات الطبية في القرآن الكريم ط. مكتبة الأرقم بالعراق 1995م ([10]) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/401) وسكت عنه، ورواه أحمد (1/446) رواه النسائي مختصراً (2/64) وابن حيان الحديث رقم 1398، والحديث صححه الألباني في سلسلة الأحاديث رقم 1650 (4/207) ([11]) الأم ط. دار االمعرفة / بيروت (1/3) والمجموع للنووي ط. شركة االعلماء بالقاهرة (1/78) ([12]) يراجع لمزيد من التفصيل: البحوث المقدمة حول هذا الموضوع من الأساتذة الدكاترة: علي داود، وأحمد رجائي الجندي، وعبدالستار أبو غدة، ومحمد عطا السيد، ومحمد علي البار، ومصطفى عبدالرؤوف، وسعود الثبيتي، المنشورة في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد 8، الجزء 3، ص 10 ـ 407، والموسوعة الطبية ص 651 ـ 655 ([13]) الحديث رواه البخاري في صحيحه، الحديث رقم 1957، 5278، 5312، 5316، 5328، ومسلم الأحاديث رقم 4123، 4116، 4117، 4118، 4119، 4120، 4121، 4123، وسنن الترمذي الأحاديث رقم 923، 1540، 2069، وأبو داود الأحاديث رقم 3412، 3413، 3415، 3420 ([14]) صحيح البخاري، باب الجذام ـ مع الفتح ـ (10/158) الحديث رقم 5707
*۞ اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه حُجة ً لنا لا علينا يوم ان نلقاك *
وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم . فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها . ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن ۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ