۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من
هَمْزِهِ،
ونَفْثِهِ،
ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله
وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
العقيدة من مفهوم القران والسنة - الدرس ( 6) : نواقض الإسلام
موضوع الدرس اليوم :
أيها الأخوة الكرام, مع درس من دروس العقيدة الإسلامية, وصلنا في موضوعات العقيدة إلى موضوعٍ ينبغي أن ندقق في فهمه، ألا وهو نواقض الإسلام، لو أن إنساناً معه ورقة مالية بمليون أو بمئة مليون، وهي ورقةٌ مزورة، الأَولى أن يعلم أو لا يعلم؟ الأولى أن يعلم، لماذا؟ من أجل ألا يبني آمالاً من دون أسباب، من أجل ألا يبني أحلاماً من دون أسس، فالحقيقة المرة دائماً وأبداً هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح.
الحقيقة: كل واحد من المسلمين راضٍ عن إيمانه، لكنه ليس راضياً عن رزقه، والأولى ألا ترضى على ما تتوهم ما هو إيمان، فلذلك باب نواقض الإسلام بابٌ خطيرٌ وأساسيٌ في العقيدة الإسلامية، فالشرك ينقض الإسلام، وقد قال الله عز وجل:
﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾
[سورة يوسف الآية: 106]
احفظ هذه المعادلة :
لو تصورنا أن عقيدة التوحيد راسخة في الإنسان، هناك آلاف الأمراض يشفى منها، أمراض القلق، وأمراض الخوف، وأمراض النفاق، وأمراض الخنوع والخضوع، هذه الصفات التي تزري بالإنسان, والتي تحبط به عن أن يكون عزيزاً، كل هذه الأمراض بسبب ضعف التوحيد، لأن الإنسان إذا أيقن أن الذي وهبه الحياة, لا يمكن أن يسمح لأحد أن يأخذها منه إلا الذي وهبه إياها، وأن الله سبحانه وتعالى تكفل بأرزاق العباد، وكلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرب أجلاً، لذلك تقوى شخصيته ويتفاءل ويطمئن إلى عهد الله عز وجل، فالصحة النفسية تساوي التوحيد، والأمراض النفسية تساوي الشرك:
﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾
[سورة يوسف الآية: 106]
متى يحبط العمل؟ :
قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 65]
إذا أشركت يحبط العمل، كيف؟ لو كان العملُ مقبولاً عند الناس، لكنك لم تقدم عليه ابتغاء وجه الله، بل ابتغاء أن يرضى الناس عنك، إذاً هذا شرك، بل ابتغاء السمعة، إذاً هذا شرك، ابتغاء الثناء العطر هذا شرك، ابتغاء أن تعلو في الأرض هذا شرك، فهذا العمل على أنه عمل عظيم, لا وزن له في الآخرة.
يا رب قرأت القرآن في سبيلك، فيقال له: كذبت، قرأت القرآن ليقال: قارئ، وقد قيل: يا رب علمت العلم في سبيلك، فيقال له يوم القيامة: كذبت، علمت العلم ليقال: عالم، وقد قيل: يا رب قاتلت في سبيلك، فيقال له: كذبت، قاتلت ليقال عنك شجاع، وقد قيل، هكذا فحوى الحديث.
إذاً: إذا أشرك الإنسان حبط عمله، يعني سقطت قيمة العمل، لا قيمة له، هذا إذا كان عملاً عظيماً.
المعنى الآخر للإحباط: أن الإنسان حينما يشرك, يصبح عمله ساكناً، يرتكب أبشع الأعمال، يسلك أضيق الطرق، ينحط انحطاطاً لا حدود له، فإحباط العمل إما بذهاب قيمته أو بهبوط مستواه:
﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 65]
من المعلوم :
ومعلوم إليكم: أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر أن يشرك به، هناك ذنبٌ يغفر، وهناك ذنبٌ لا يغفر، وهناك ذنبٌ لا يترك، ما كان بينك وبين العباد لا يترك، وما كان بينك وبين الله يغفر، وما كان شركاً لا يغفر إلا أن تتوب:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾
[سورة النساء الآية: 48]
الحق واحد والباطل متعدد :
الطريق المستقيم أسهل الطرق
الحقيقة: الشرك أنواع، أنواع منوعة, الباطل متعدد، أما الحق واحد:
﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾
[سورة الأنعام الآية: 153]
السبل جاءت جمعاً، أما الصراط المستقيم فجاء مفردا، يخرجهم من الظلمات جمع, إلى النور مفرد، الحق لا يتعدد.
بالمناسبة: من السهل جداً أن تستوعب الحق، لأنه واحد، ويكفي أن تستوعبه ليكون ميزاناً لك، لكن من المستحيل، ومن أشد أنواع الاستحالات، مستحيل وألف مستحيل أن تستطيع في عمر محدود أن تستوعب الباطل، الباطل لتعدده وكثرته لا يستوعب، فمن سلك في هذا الطريق فهو طريق مسدود، من أجل أن تستوعب عقيدة فئة ضالة تحتاج إلى أعوام مديدة ، فلو أردت أن تستوعب كل الضلالات, لا تكفي أعمار أمة لاستيعابها، ففرق كبير بين أن تستوعب الحق فيكون مقياساً تقيس به كل شيء، وبين أن تخوض في الباطل فتمضي الأعمار ، ولا تصل إلى مبتغاك.
من أنواع الشرك :
1- أن تجعل لله شريكاً في الملك والتصرف :
أيها الأخوة, هناك من يؤمن بالله، ولكن يجعل لله شريكاً في التصرف, في الملك, وفي التصرف؛ أي خلقاً, وحياةً, ورزقاً, وموتاً, وضراً, ونفعاً.
يعني نحن في هذه الأحداث: لمجرد أن تعتقد أن وحيد القرن بإمكانه أن يدمر أمة كما فعل في العراق، لمجرد أن تعتقد أن الله لا علاقة له بهذا، إلا أن هذا القوي دمر أمة, هذا الكلام هو عين الشرك، حينما تعتقد أن لهذا الكون مالكاً غير الله، وحينما تعتقد أن لهذا الكون متسلطاً غير الله، فهذا الشرك بعينه.
أحد أنواع الشرك: أن تعتقد أن لهذا الكون مالكاً غير الله، وأن لهذا الكون متصرفاً غير الله، هذا شرك دون أن تشعر، حينما تستمع إلى الأخبار، وقد تكون الأخبار قاسية جداً، شعب مسلم يدمر، حينما تتوهم أن الله لا علاقة له بهذا، ولكن هذا القوي الجبار استطاع أن يفعل هذا، هذا هو الشرك بعينه.
من نتائج الشرك :
الشرك من نتائجه: الانقباض, الضيق, والقلق، ثم الإحباط، الشرك أن تؤمن بالله، وأن تؤمن مع إيمانك بالله: أن في الأرض أقوياء يفعلون ما يريدون، ويدمرون ما يشاؤون، ويفقرون ويغنون، فالخلق بيد الله، والحياة بيد الله، والرزق بيد الله، والموت بيد الله، والضر بيد الله، والنفع بيد الله، هذا هو الإيمان، مع الإيمان راحة نفسية، مع الشرك عذاب نفسي، والدليل:
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 213]
أحد أكبر أسباب العذاب النفسي: أن تدعو مع الله إلهاً آخر.
قف هنا :
يقول النبي عليه الصلاة والسلام, فيما يرويه عن ربه, في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
((كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَذِّبَنِي, وَشَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتُمَنِي, أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: إِنِّي لَا أُعِيدُهُ كَمَا بَدَأْتُهُ, وَلَيْسَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَعَزَّ عَلَيَّ مِنْ أَوَّلِهِ, وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا, وَأَنَا اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ, لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ, وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ))
الآن كلام الناس دون أن يشعروا: الدهر قلب لي ظهر المجن، ما هو الدهر؟ الدهر إله ، الآخر يقول: سخر القدر منك، ثالث يقول: دارت الأيام عليه، كلمة أيام لا معنى لها، وكلمة دهر لا معنى لها، وكلمة فلان ليس له حظ لا معنى لها، لا حظ ولا قدر بالمفهوم الشركي، ولا دهر إلا الله، فأنت حينما تعتقد أن في الأرض شيئاً ظاهراً أو مخفياً، هو الذي يفعل كل شيء, والله لا علاقة له بذلك، فهذا عين الشرك أيضاً.
2-من يصف نفسه بصفات هي لله عز وجل :
الآن هناك نوع آخر من الشرك: من يصف نفسه بصفات هي لله عز وجل، ماذا قال فرعون؟:
﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾
[سورة النازعات الآية: 24]
﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾
[سورة القصص الآية: 38]
من الأقوال التي نعتقد فيها الشرك :
إقامة السد لا تغني عن رحمة الله
وبعضهم قال: عقب سنوات القحط، وعقب التوهم الساذج, أن بالإمكان أن تنزل الأمطار بطريقة أو بأخرى، فقال: استغنينا عن رحمة السماء، هذا شرك، فإذا أقمنا سداً لا نستغني عن رحمة السماء، لأن مياه السد من السماء، فحينما تدعي أنك فعلت شيئاً هو فعل الله عز وجل, من هو الرزاق؟ هو الله.
حينما شحت الأمطار في هذه البلاد في سنوات مضت, والمياه الجوفية هبطت وكادت تغور, والمزروعات هددت والقلق عم، والناس جأروا بالدعاء، ألا تستطيع جهة أرضية أن تستصدر قراراً بإنزال الماء، من الذي يهب الحياة؟ من الذي يهب أسباب الحياة؟ الله عز وجل تفضل علينا في هذا العام بأمطار عالية النسب، بمستويات في التهاطل, تكاد تصل إلى الضعف في معظم المناطق، لولا أن الله تفضل علينا ماذا نفعل؟:
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾
[سورة الملك الآية: 30]
ما قيمة هذه المدينة دون ماء؟ والله عز وجل يرينا في بعض المناطق أثر الجفاف وانعدام الأمطار، يموت النبات، ويموت الحيوان، يرحل الإنسان.
مرت أيام كنا مهددين بكأس الماء، من ثلاثة وثلاثين متراً في الثانية إلى نصف متر مياه عين الفيجة، حينما تقول: أنا بهذا السد أستغني عن رحمة السماء، وأنا ربكم الأعلى كما قال فرعون، وبيدي أن أعطي وأن أمنع، هذا نوع آخر من الشرك، أي أن تلبس لبوساً ليس لك.
عاقبة المستكبر على الله :
ورد في بعض الأحاديث الشريفة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ اللَّهُ تعالى: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي, وَالْعِزَّةُ إِزَارِي, فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا, قذفتهِ فِي النَّارِ))
[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه]
وأنا أسأل الله أن يلهم أعداءنا أن يتكبروا، وهم يتكبرون، لأن تكبرهم سينتهي إلى أن يقصمهم الله عز وجل.
قيل قبل أسابيع: من يستطيع في العالم أن يجبرنا على أن نفي بعهودنا ومواثيقنا؟ الحقيقة لا أحد، ما أهلك الله قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هم أشد منهم قوة إلا عاداً، لما أهلكها قال:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾
[سورة فصلت الآية: 15]
ما كان فوق عاد إلا الله.
حديث آخر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي, وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي, فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا, قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ))
[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود وابن ماجه في سننهما، وأحمد في مسنده]
حديث ثالث:
((الكبرياء ردائي, فمن نازعني في ردائي قصمته))
3-أن تعبد غير الله :
هناك شرك من نوع آخر: شرك من يعبد غير الله، بأي لون من ألوان العبادة، لئلا نتوهم أننا لا نعبد غير الله.
قد يقول قائل: من منا يقول: أنا أعبد غير الله؟ لا أحد يقول، ولكن حينما تطيع مخلوقاً وتعصي خالقاً شئت أم أبيت، علمت أم لم تعلم، أنت تعبد هذا الإنسان، إذا أطعت إنساناً وعصيت خالقاً, فهذا نوع من العبادة، قال تعالى:
﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾
[سورة الزمر الآية: 64]
﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 65 - 66]
متى يدخل العبد في الشرك حسب نص هذا الحديث؟ :
أيها الأخوة, ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((سمعت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ, مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))
[أخرجه مسلم في الصحيح]
أنا أبتغي وجه الله، وأبتغي السمعة بين الناس، دخل الشرك، أنا أبتغي وجه الله, لكن كنت أتوقع من هذا المريض الذي أجريت له عملية ناجحة, أن يكتب كلمة في إحدى الصحف, يثني على مهارتي في إجراء العملية، الإنسان أحياناً يعمل عملاً، ثم يستجدي مديحاً، لو أنه سكت لكان أحسن له، إذا قدم لك إنسان شيئاً، وهذا الإنسان الذي قدم له الشيء بقي ساكتاً ينبهه: كيف وجدت هذه الهدية؟ هل أعجبتك؟ هو يسألك أن تثني عليه، دون أن يشعر الإنسان ، كلما عمل عملاً يحب أن يظهر، هذا مما يجرح إخلاص العمل:
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً﴾
[سورة الإنسان الآية: 9]
مقياس دقيق :
المقياس الذي أقوله لكم دائماً: إذا ازداد عملك بالثناء، وقلَّ بعدم الثناء, فهناك مشكلةٌ في الإخلاص، وأن عملك إذا ازداد أمام الناس، وضعف بينك وبين الله، هذا مؤشر آخر، ليس في صالحك، وأنك إذا عملت عملاً صالحاً، ولم تشعر بشيء إطلاقاً, أيضاً هذا مؤشر ثالث.
ما العبرة من هذا الحديث؟ :
في حديث آخر: عن أبي الدرداء, يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه:
((يا بن آدم, مهما عبدتني ورجوتني, ولم تشرك بي شيئاً, غفرت لك على ما كان منك، وإن استقبلتني بملء السماء والأرض خطايا وذنوباً, استقبلتك بملئهن من المغفرة, وأغفر لك ولا أبالي))
العبرة ألا تشرك.
أيها الأخوة, هذه بعض أنواع الشرك؛ أن تجعل لله شريكاً في الملك والتصرف, أو أن تتخذ لنفسك صفات كصفات الله، أو أن تطيع مخلوقاً وتعصي خالقاً، هذه أنواع الشرك، وكل نوع في آيات واضحة جلية وفي أحاديث واضحة جلية.
مصطلحات فيها شرك :
أخواننا الكرام, هذه المصطلحات في الإسلام ينبغي أن تكون واضحةً في أذهاننا، الشيء المألوف: أن المصطلح إذا كثر ترداده ضعف مدلوله الشرك، أي قد يشرك الإنسان وهو في المسجد، مثلاً: إذا شعر أن الشيخ راضٍ عنه، وهو يفعل الموبقات فيما بينه وبين نفسه، هذا شرك، ماذا يفعل الشيخ؟ هل يستطيع أن يمنع الله منك؟
والي البصرة قال للحسن البصري بعد أن جاءه توجيه من يزيد: إن نفذ هذا التوجيه أغضب الله، وإن لم ينفذ هذا التوجيه أغضب يزيد، فقال له الحسن البصري: إن الله يمنعك من يزيد، لكن يزيد لا يمنعك من الله.
حينما يبتسم لك إنسان فتطمئن، وأنت مع الله على غير ما يرام هذا شرك، حينما تتوهم أنه يكفي أن يرضى عنك والداك، وأنت لا تتقيد بأمر الله إطلاقاً، هذا نوع من الشرك، ترضي ما سوى الله، ترجو ما سوى الله, تطمئن لوعد ما سوى الله، تخاف من وعيد ما سوى الله، هذا شرك.
من أنواع الكفر :
1-كفر التكذيب :
أيها الأخوة, أما الكفر فهناك كفر التكذيب:
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾
[سورة آل عمران الآية: 184]
تكذيب الرسول أحد أنواع الكفر، الكفر تكذيب, الشرك مع الإيمان في شريك، الكفر تكذيب.
يقول عليه الصلاة والسلام كما ورد في الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ, كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ, وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ, فَالنَّجَاءَ, فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا, فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا, وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ, فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ, فَصَبَّحَهُمْ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ, فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ, وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنْ الْحَقِّ))
النبي جاء بالقرآن، والقرآن يصف أهل النيران، والقرآن يصف أهل الجنان، إن صدقت نجوت، وإن لم تصدق لا أحد يجبرك أن تصدق، لكن ادفع الثمن، هذا متى يخشى؟ عند مغادرة الدنيا:
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
[سورة الفجر الآية: 24]
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
[سورة الفجر الآية:24]
خيارك مع الإيمان خيار وقت :
أخواننا الكرام, خيارك مع الإيمان خيار وقت، أكثر كفار الأرض الذي قال: أنا ربكم الأعلى, حينما أدركه الغرق قال: آمنت بالذي آمنت به آل إسرائيل، يجب أن تعتقد أن كفار الأرض من دون استثناء, عندما يأتيهم الموت, يصدقون بما جاء به الأنبياء، ولكنهم صدقوا بعد فوات الأوان، ما قيمة الإيمان في غير أوانه؟ لا قيمة له، والدليل:
﴿لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾
[سورة الأنعام الآية: 158]
2-كفر الإباء والاستكبار :
هناك كفر الإباء والاستكبار، هو قانع أن هذا هو الحق، ولكن مكانته الاجتماعية، ومنصبه الرسمي، ودرجته العلمية, تأبى أن يصلي في مكتبه، تأبى أن يخضع للدين، تأبى أن ينصاع لأهل الحق، هو أكبر من ذلك، هذا كفر الاستكبار، من زعيم الاستكبار؟ إبليس، هو الذي عصى استكباراً:
﴿أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً﴾
[سورة الإسراء الآية: 61]
﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾
[سورة ص الآية: 75]
إبليس ما جحد أمر الله، ولا قابله بالإنكار بل قال:
﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 14]
ولكن الذي أهلكه استكباره، أبى أن يسجد لآدم، أبى واستكبر، لذلك معصية الاستكبار يصعب أن يتوب الإنسان منها، لكن معصية الغلبة من السهل جداً أن تتوب منها.
قال تعالى:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾
[سورة البقرة الآية: 34]
من مواطن الكبر :
في صحيح مسلم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))
نقطة من البترول إذا وضعتها في مئة كيلو من الحليب تفسدها، واللبن قد تمزجه بخمسة أضعافه ماء, فيكون شراباً سائغاً للإنسان، فالكبر آفة الآفات.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ, فقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً, قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ, الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ))
[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]
هذه الكلمة التي يقولها الناس دائماً, تقال في هذا الموطن، لا في موطن أنك تملأُ عينيك من الحرام، فإذا عوتبت على ذلك قلت: إن الله جميل يحب الجمال، هذه الكلمة لا تناسب هذا الموقف، هذه معصية، أما حينما تعتني بثيابك، وتعتني بنظافة بيتك، وتكون أنيقاً، ولك مظهر حسن، إن سُئلت: لمَ تفعل هذا فالدنيا فانية؟ قل له: إن الله جميل يحب الجمال.
أيها الأخوة, أما الكبر: فبطر الحق وغمط النفس، البطر: رد الحق، بمجرد أن ترفع امرأة مسلمة دعوى تفريق أمام قاض غير مسلم في بلد أجنبي, لتأخذ نصف ثروة زوجها، مع أن الشرع يعطيها المهر فقط، حينما ترد الحق, لا تريد حكم الله في هذا الموضوع، تريد تشريعاً أرضياً، هذا بطر الحق وغمط النفس، لا يحتمل أن يكون إنساناً متفوقاً، يطعن به، لا يحب أن يمدح أحد أمامه، هو محور العالم.
من علامات قيام الساعة :
من علامات قيام الساعة الحرص على المال
ومن علامات قيام الساعة:
((إذا رأيت شحاً مطاعاً, وهوى متبعاً
-أي مادية مفرطة، حرص على المال شديد.
واحد فقير جداً, أصيب بمرض في يديه, بسبب تيار كهربائي, فدل على طبيب, لعله يجري له عملية جراحية، لكنه لا يملك ثمن المعالجة, ففي محسن تبرع له بمبلغ, زار هذا الطبيب, قال له: هل يمكن أن تجرى عملية لما أنا فيه؟ قال له: لا، هذه العملية يحسنها طبيبٌ مقيم في بريطانيا، ربما أتى إلى القطر في الصيف، قال له: شكراً, كم تريد؟ سبعمئة ليرة، أقسم بالله على سؤال وجواب ومبلغ أخذه من محسن، هذه مادية شديدة جداً, تعالج، وخرج، نسي أن يسأل ماذا يأكل؟ أصبحت معالجة جديدة.
هناك مادية شديدة الآن، المادية الشديدة عبر عنها النبي بالشح المطاع، والهوى المتبع، الجنس كل شيء في حياة الناس-.
وإعجاب كل ذي رأي برأيه الكبر: -كل واحد محور العالم يقول: أنا لا أرى ذلك من حضرتك.
يقولون هذا عندنا غير جائز قلت: فمن أنتم حتى يكون لكم عند؟
يقول: أنا لا أرى ذلك، ويكون فيه نص شرعي، يكون هناك آية قرآنية، بكل بساطة يرفض الآية، يرفض الحديث، يرفض كلام للنبي عليه الصلاة والسلام اعتزازًا بالنفس-.
توجيه نبوي :
إذا رأيتم شحاً مطاعًا، وهوىً متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه -إذا بلغت هذا الزمان, هناك توجيه نبوي: -فالزم بيتك -وليس معناها ألا تخرج أبداً، أي من بيتك إلى عملك، أي ارجع إلى البيت، بيتك جنتك، المؤمن جنته بيته, اعتن بأولادك، خالط المؤمنين فقط- فالزم بيتك، وأمسك لسانك -لا تخض في أحاديث لا تعنيك- وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، ودع عنك أمر العامة، وعليك بخاصة نفسك))
أخوانك في المسجد، جيرانك المخلصين، أقرباءك الأوفياء، زملاءك الطاهرين، هؤلاء من زميل، إلى جار، إلى قريب، إلى أخ في المسجد، هذا معنى خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة، الإنسان الآن لغم، لا نعرف متى ينفجر؟ .
ما معنى هذا الحديث؟ :
وفي حديث آخر عن الكبر: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ))
[أخرجه مسلم في الصحيح، والترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم، وأحمد في مسنده]
إياكم أن تظنوا أنه لا يدخله أبداً، بمعنى لا يبقى فيها الإنسان، قد يبقى ملايين السنين إلى أن يطهر، إذا كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
((لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ, وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كبر))
[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]
3-كفر الإعراض :
هذا كفر التكذيب، وكفر الاستكبار، الآن هناك كفر الإعراض، لا كذب ولا استكبر، الأستاذ يلقي الدرس، وهو ملء السمع والبصر، لو فرضنا أستاذ ضخم الهيئة, وصوته نحاسي ، يرن رناً، والطالب ينشغل عن سماع المحاضرة برسومات فارغة على ورق، ما احتقر، ولا استكبر، ولا كذب عليه، ولكن مشغول عنه، هذا اسمه كفر الإعراض، أعرض:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾
[سورة طه الآية: 124]
السعادة في القلب وليست في المال:
قبل أن آتي إليكم, كنت عند أخ كريم في زيارة حدثني وهو عندي صادق, قال: زار رجل في هذا البلد، وهو يعلم علم اليقين: أنه يملك على ما يزيد عن أربعة مليارات, شكا له بيته، شكا له أولاده، قال: أسافر إلى هذا المكان فلا أرتاح, سافرت إلى سويسرا, إلى أمريكا, لا تعجبني زوجتي، لا يعجبني أولادي، قال لي: والله بركت من شدة الشكوى.
جاءته امرأةٌ محجبة تطلب مساعدة ألف ليرة في الشهر، ذهب إلى بيتها في قرية من قرى دمشق، ليس معقولا، البيت تحت درج، بيت مستحيل أن يسكن، تقول: الحمد لله نحن سعداء، والله ينقصنا أجرة البيت ألف ليرة، لها زوج دخله يكفي للطعام والشراب, فقال لرئيس الجمعية الخيرية: أعطها ألفين، قالت: لا، يكفينا ألف، إنسان يسكن تحت الدرج وهو سعيد، وإنسان يتكلم بأربعة مليارات، وهو شقي:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
[سورة طه الآية: 124]
مستحيل وألف مستحيل أن تعرض عن الله وتسعد, ولو كنت غنياً، ولو كنت قوياً, وأساساً العلماء سألوا: ما بال الأغنياء والملوك؟ قال: ضيق القلب في قلبه, قلق, وخوف, ما لو يوزع على أهل بلدٍ إلا كفاهم.
ما موضع الشاهد في هذا الحديث؟ :
يروي البخاري رحمه الله في صحيحه, عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ, وَالنَّاسُ مَعَهُ, إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ, فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَذَهَبَ وَاحِدٌ, قَالَ:
((فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا, وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ, وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا, فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ, وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ, وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ))
أنت حينما تأوي إلى الله يقبلك الله، وحينما تقول: الله, يتولاك الله، وحينما تلجأ إلى الله, يجيبك الله عز وجل، فالمعرض أعرض الله عنه.
واقعة :
قال لي أخ صديق: سافر إلى بلد بعيد بمركبته، والمؤذن يؤذن, وبإمكانه أن يصلي طبعاً يوم جمعة, فأعرض عن الصلاة، دخل إلى استراحة ليرتاح قليلاً، ثم تابع السفر، نسي في الاستراحة أوراقه الرسمية، سار مئة وثمانين كيلو مترًا، واضطر أن يرجع مئة وثمانين كيلو مترًا ليأخذ أوراقه.
أنت حينما تقتطع من وقتك وقتاً لعبادة الله عز وجل, يحفظ لك وقتك، كيف أنك تؤدي زكاة مالك، أيضاً ينبغي أن تؤدي زكاة وقتك، أداء العبادات, وحضور مجالس العلم، واقتطع وقتاً من وقتك الثمين لعمل صالح, هذا زكاة وقتك، عندئذ يحفظ الله لك وقتك، عندئذ يحفظ الله لك وقتك.
قد يمرض الابن، من طبيب إلى طبيب، من تحليل إلى تحليل، إلى إيكو، بعد ذلك يشفى، يكون قد ذهب أربعون أو خمسون ساعة، وعشرة آلاف ليرة، وكان من الممكن أن لا يمرض الإبن، فإذا ضن الإنسان بوقته لعبادة ربه، أو ضن بوقته لطلب العلم، ضن بوقته لعمل صالح, قد يتلف وقته بشكل مزعج.
حديث
عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ, وَالنَّاسُ مَعَهُ, إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ, فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَذَهَبَ وَاحِدٌ, قَالَ:
((فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا, وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ, وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا, فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ, وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ, وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ))
أيها الأخوة, في درس قادم إن شاء الله, ننتقل إلى كفر الشك، بقية أنواع الكفر من كفر الجحود أيضاً.
ما ذكر سابقاً :
تحدثت بفضل الله تعالى عن أن الشرك أول ناقض للإسلام، وهو أنواع منوعة، هناك من يشرك في عبادة الله إلهاً آخراً، هناك من يصف نفسه بما لا ينبغي أن يصفها به، وهذا نوع من الشرك، والكفر أيضاً من نواقض الإسلام، فهناك كفر التكذيب، وهناك كفر الاستكبار، وهناك كفر الإعراض، ووصلنا إلى كفر الشك.
من خصائص هذا الدين :
من خصائص هذا الدين أنه يقيني، ودرجات الصحة تتراوح بين اليقين القطعي, وبين غلبة الظن، والظن، والشك، والوهم، من وهم إلى شك إلى ظن إلى غلبة ظن إلى قطع.
أعلى مستويات اليقين القطع مئة بالمئة، لأن الدين دين الله، ولأن الدين من عند الله، و لأن الله كماله مطلق, لا يقبل دين الله عز وجل أن يكون فيه خلل، أي شيء يمكن أن يكون فيه خلل إلا دين الله عز وجل:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾
[سورة المائدة الآية: 3]
هذه نعمة لا تعدلها نعمة، أنت مع الحق الصرف، أنت مع الحق المطلق، دين الله عز وجل من عند خالق السموات والأرض.
من بديهيات الإيمان :
الإيمان بالله كرؤية الشمس
قد يصدر قاض من بني البشر ألف حكم عدلاً، خمسة أحكام منها لم يكن الحكم فيها دقيقاً، هو عند الناس جميعاً قاض عادل، فكل أحكام بني البشر أحكام نسبية، أما لو أن الله عز وجل ظلم مخلوقاً من آدم إلى يوم القيامة، مخلوقًا واحدًا، ولأن أسماء الله وصفاته مطلقة لا يعد عدلاً، الإله له شأن، والعباد لهم شأن، شأن العباد أن أحكامهم نسبية، لكن شأن الله عز وجل أن أحكامه قطعية مطلقة، والله في أفعاله عدل ورحيم.
أيها الأخوة, قضية الإيمان لا تحتمل الشك، قضية الإيمان لا تحتمل النسبية، أي الله عز وجل واحد ربما، لا يوجد ربما، الله عز و جل رحيم إلى حد ما، لا يوجد إلى حد ما، هذه عبارات الناس؛ إلى حد ما، وبما، ولعله كذلك، هذه تصح مع البشر، أما مع خالق البشر فديننا كله يقين، فالذي لا يجزم بصدق هذا القرآن وثبوته أنه من الواحد الديان، والذي لا يعتقد أن كلام النبي الذي قاله فعلاً حق لا يساوره شك فليس مؤمناً، وهذا من بديهيات الإيمان.
هل يوجد في حياة المسلم ظنيات؟ :
﴿وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 9]
يوجد شك، أي لم يكفروا كفراً قطعياً، ولم يكذبوا تكذيباً قطعياً:
﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾
[سورة هود الآية: 62]
ليس في حياة المسلم ظنيات.
ابحث عن اليقينيات :
أيها الأخوة, مسلمون كثيرون مترددون، هل أنت مؤمن إيماناً قطعياً أن هذا الدين حق ؟ هل أنت مؤمن أن هذه المعصية سوف تعاقب عليها؟ هل أنت مؤمن أن هناك آخرة؟ هل أنت مؤمن أن هناك جنة ونار؟ فكيف تفعل فعلاً يستوجب النار؟ معنى ذلك أنك لست متأكداً، لا يوجد حل وسط، بالدين لا يوجد حل وسط، إما أن تؤمن بكل ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام من كتاب ومن سنة، أو أن إيمانك ببعض ما جاء به وعدم إيمانك بالبعض الآخر ليس ديناً، ولا ينطوي على إيمان دقيق، ولا يمكن أن تقطف ثمار الدين بهذه الطريقة، لذلك قال بعض الشعراء وأظنه المعري:
زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قــلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
أي هناك من يتندر، ويقول: أخي إن كان هناك جنة فنحن عملنا لها، وإذا لم يكن ثمة جنة, فنحن كسبنا في الدنيا سمعة طيبة، هذا ليس إيماناً، لا يمكن أن يقبل إيمان بهذه الطريقة، هذا إيمان الشك:
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾
[سورة الحجرات الآية: 15]
لذلك ابحث عن اليقينيات.
قصة فيها مغزى :
قصة قديمة من عشر سنوات، مرة قال لي شخص: أنا أتمنى أن أحضر درسك، لكن أخاف أن يأخذوا اسمي، قلت له: الإله الذي تعبده إن لم تكن واثقاً أنه يحميك لا تعبده، أنت في حمى الله عز وجل، أنت في طاعته، أنت في طلب العلم، أنت فيما يرضيه، ويسلمك لغيره، أهكذا تظن بالله عز وجل؟ وأنت في قمة الطاعة يسلمك إلى أعدائه؟ هذا مستحيل.
أيها الأخوة, كفر الشك أن تكون متردداً في قبول بعض الحقائق الإيمانية أو بعض الإخبارات الربانية.
سألني سائل :
سألني أخ, قال لي: يوجد سؤال كبير جداً سُئِلته وأنا في مجلس، ولم أستطع أن أجيب عليه، قلت: ما هو؟ قال: يقول الله عز وجل:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾
[سورة الفيل الآية: 1]
ما أحد رأى هذا الذي حدث، أي بشكل دقيق: من منكم رأى ما فعل أبرهة بالكعبة؟ ما أحد رأى ذلك، ما معنى هذه الآية؟ قلت له: معنى هذه الآية: أنه كمؤمن ينبغي أن تستقبل خبر الله عز وجل الذي أخبرك به، وكأنك تراه بعينيك، يقتضي إيمانك بالله أنه إذا أخبرك عن شيء تستقبل هذا الشيء، وكأنك تراه بعينك.
هذا الصحابي وصل إلى ذروة الإيمان :
أحد أصحاب رسول الله قال للنبي عليه الصلاة و السلام: أصبحت وكأني أرى أهل النار يتعذبون، وأهل الجنة يتنعمون.
الله عز وجل أخبرنا عن نعيم أهل الجنة، وعن عذاب أهل النار، فقال: كأنني أرى أهل النار يعذبون، وأرى أهل الجنة يتنعمون.
يقاس على ذلك إنسان ماله حرام، وهو يتنعم بدنيا عريضة؛ بيت فخم، ومركبات، ومكانة، وولائم، وإنفاق، المؤمن الصادق يرى أن هذا المال سوف يتلف، وكأنه يعلم الغيب، هو لا يعلم الغيب أبداً، لكن يعلم قوانين الله عز وجل، المتكبر سوف يذله الله، هو لا يعلم الغيب، ولكنه يعلم قوانين الله عز وجل، أي مثلاً إذا كنت عالم فيزياء، وأنشِئ بناء، ولم يترك فيه فواصل تمدد، ماذا تتنبأ لهذا البناء في فصل الصيف؟ أن يتصدع، هذا ليس علماً بالغيب، ولكن علم بالقوانين، ما دام البناء أنشئ، ولم يؤخذ بفواصل التمدد، لم يؤخذ بقانون تمدد المعادن, فلا بد من أن تتصدع أركان هذا البناء.
نحن في صحن هذا المسجد، بلِّط هذا الصحن ببلاط متلاصق إلى أقصى درجة، في الصيف تكسر هذا البلاط، وانتفخ، فسألت: فقال: بفعل التمدد، لم تترك فواصل، مع أنه حجر، وآخر شيء يتمدد هو الحجر، الذي يعلم قوانين التمدد، ثم يتنبأ بانهيار بناء, لم يؤخذ في أثناء بنائه لهذه القوانين، هذا ليس علماً بالغيب، ولكنه علم بالقوانين، أما حينما أرى إنساناً غارقاً في المعصية أقول: أمامه حياة ضنك، هذا ليس علماً بالغيب، أما حينما أرى شاباً مستقيماً يخشى الله عز وجل, أتنبأ له بكل مستقبل زاهر، وليس علماً بالغيب، ولكنه علم بالقوانين، فلذلك يجب أن تؤمن أن قوانين الله عز وجل كالقوانين الفيزيائية شاملة ومطّردة.
من سنن الله في عباده :
الحياة الطيبة للمؤمن الصالح
أيها الأخوة, أكبر ضمانة لك كلام الله، أكبر ضمانة لأي شاب مستقيم:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
[سورة النحل الآية: 97]
أكبر تهديد للعصاة:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
[سورة طه الآية: 124]
أكبر عطاء من الله للذي يتبع هدى الله عز وجل:
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾
[سورة طه الآية: 123]
لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه:
﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
[سورة البقرة الآية: 38]
ما الذي يُثَبت المؤمن؟ القرآن، قال تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 27]
أنت معك آية لصالحك:
﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
[سورة التوبة الآية: 51]
هذه البشارة لك أيها المؤمن:
﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾
[سورة سبأ الآية: 17]
رجل له ثقة بالله :
مرة أخ استيقظ صباحاً، فإذا ابنته مشلولة، فصرخت الزوجة بويلها، هو رجل مؤمن، وشاب مؤمن، ومنضبط انضباطًا تامًّا، أعرفه, ولا أزكي على الله أحداً، فصرخ، وقال: هذا المرض ما كان الله ليبتليني به، له ثقة بالله عز وجل، ثم اكتشف بعد حين, أن هناك مرضاً مشابهاً تماماً لمرض شلل الأطفال يزول بعد يومين، وبعد يومين شفيت ابنته من هذا المرض ، المؤمن له ثقة بالله عز وجل, هناك ابتلاء لا شك، لكن يوجد بلاء ماحق، والمؤمن يطمئن إلى أن الله يحفظه.
سمعت كثيراً من أناس كسبوا مالاً حلالاً محدوداً، ولم يتركوا لأولادهم شيئاً، وكانوا كلما عوتبوا على ذلك: لمَ لمْ تترك لأولادك شيئاً؟ لمَ لمْ تدع لأولادك شيئاً؟ يقول: الله يحفظهم.
شيء خطير :
مر معي بالأثر القدسي قولاً:
((إن الله يوقف عبداً يوم القيامة يقول له: يا عبدي, أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه؟ يقول: يا ربي لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي من بعدي، فيقول الله له: ألم تعلم بأني أنا الرزاق ذو القوة المتين؟ إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم، ويسأل عبداً آخراً يقول له: يا عبدي, أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه؟ فيقول: يا ربي أنفقته على كل محتاج ومسكين, لثقتي بأنك خير حافظاً, وأنت أرحم الراحمين، فيقول الله لهذا العبد: عبدي أنا الحافظ لأولادك من بعدك))
إذا كان دخل الإنسان حلالاً، أطعم أولاده الطعام الحلال، الله عز وجل يتولى أولاده من بعده، وتجد أناساً كثيرين اتقوا ربهم في كسب أموالهم، وأطعموا أهلهم اللقمة الحلال، أولادهم من بعدهم في أعلى مقام، تولاهم الله بالحفظ والرعاية.
﴿وَاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
من التنبؤات :
أيها الأخوة، أقسم بالله مرة ثانية: إنني أتنبأ لكل شاب مستقيم يحب الله، ويخشاه، ويطيع أمره، ويتجنب معصيته، ويخطب وده بمستقبل في الدنيا باهر، ليس معنى كلامي أنه سيكون مليونيراً؟ لا، سيعيش حياة طيبة، وقد تعيش حياة طيبة بدخل محدود، وقد تكون أسعد الناس في بيت متر متواضع، وقد تكون أسعد الأزواج بزوجة عادية, وليست بارعة الجمال، لكن الله إذا ألقى السكينة على قلب المؤمن, سعد بها ولو فَقَدَ كل شيء، وإذا حجب عنه السكينة, شقي بها ولو ملك كل شيء.