القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز

القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز كنز ورسالة لمنهج حياة للعالم الإسلامي اجمع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:21 am


۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من ♥️هَمْزِهِ، ♥️ونَفْثِهِ،♥️ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله ♥️وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  115
 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  28

.سورة البقرة:

.تفسير الآية رقم (182):

{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)}
إن الحق يريد العدل للجميع فإذا كانت الوصية زائغة عن العدل وعن الصراط المستقيم وكان فيها حرمان للفقير وزيادة في ثراء الغني أو ترك للأقربين، فهذا ضياع للاستطراق الذي أراده الله، فإذا جاء من يسعى في سبيل الخير ليرد الوصية للصواب فلا إثم عليه في التغيير الذي يحدثه في الوصية ليبدلها على الوجه الصحيح لها الذي يرتضيه الله؛ لأن الله غفور رحيم.
وقد يخاف الإنسان من صاحب الوصية أن يكون جنفاً، والجنف يفسر بأنه الحيف والجور، وقد يخلق الله الإنسان بجنف أي على هيئة يكون جانب منه أوطى من الجانب الآخر، ونحن نعرف من علماء التشريح أن كل نصف في الإنسان مختلف عن النصف الآخر وقد يكون ذلك واضحا في بعض الخلق، وقد لا يكون واضحاً إلا للمدقق الفاحص.
والإنسان قد لا يكون له خيار في أن يكون أجنف، ولكن الإثم يأتي باختيار الإنسان أي أن يعلم الإنسان الذنب ومع ذلك يرتكبه إذن فمن خاف من موص جنفاً أي حيفاً وظلماً من غير تعمد فهذا أمر لا خيار للموصي فيه، فإصلاح ذلك الحيف والظلم فيه خير للموصي. أما إذا كان صاحب الوصية قد تعمد أن يكون آثما فإصلاح ذلك الإثم أمر واجب. وهذه هي دقة التشريع القرآني الذي يشحذ كل ملكات الإنسان لتتلقى العدل الكامل.
والحق عالج قضية التشريع للبشر في أمر القصاص باستثمار كل ملكات الخير في الإنسان حين قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فاتباع بالمعروف}. إنه ليس تشريعا جافاً كتشريع البشر. إنه تشريع من الخالق الرحيم العليم بخبايا البشر. ويستثير الحق في البشر كل نوازع الخير، ويعالج كذلك قضية تبديل الوصية التي وصى بها الميت بنفسه، فمن خالف الوصية التي أقيمت على عدالة فله عقاب.
أما الذي يتدخل لإصلاح أمر الوصية بما يحقق النجاة للميت من الجنف أي الحيف غير المقصود ولكنه يسبب ألماً، أو يصلح من أمر وصية فيها إثم فهذا أمر يريده الله ولا إثم فيه ويحقق الله به المغفرة والرحمة. وهكذا يعلمنا الحق أن الذي يسمع أو يقرأ وصية فلابد أن يقيسها على منطق الحق والعدل وتشريع الله، فإن كان فيه مخالفة فلابد أن يراجع صاحبها. ولنا أن نلحظ أن الحق قد عبر عن إحساس الإنسان بالخوف من وقوع الظلم بغير قصد أو بقصد حين قال: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم}.
إن كلمة {خَافَ} عندما تأتي في هذا الموضع تدل على الوحدة الإيمانية في نفوس المسلمين. إن المؤمن الذي يتصدى لإصلاح من هذا النوع قد يكون غير وارث، ولا هو من الموصي لهم، ولا هو الموصي، إنما هو مجرد شاهد، وهذه الشهادة تجعله يسعى إلى التكافل الإيماني؛ فكل قضية تمس المؤمن إنما تمس كل المؤمنين، فإن حدث جنف فهذا يثير الخوف في المؤمن لأن نتيجته قد تصيب غيره من المؤمنين ولو بغير قصد، وهكذا نرى الوحدة الإيمانية.
إن الإيمان يمزج المؤمنين بعضهم ببعض حتى يصيروا كالجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
ولهذا فعندما يتدخل المؤمن الذي لا مصلحة مباشرة له في أمر الإرث أو الوصية ليصلح من هذا الأمر فإن الحق يثيبه بخير الجزاء.
والحق سبحانه قال: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم}، وهذا القول يلفتنا إلى أن الإنسان إذا ما عزم على اتخاذ أمر في مسألة الوصية فعليه أن يستشير من حوله، وأن يستقبل كل مشورة من أهل العلم والحكمة، وذلك حتى لا تنشأ الضغائن بعد أن يبرم أمر الوصية إبراماً نهائياً. أي بعد وفاته، والحق قد وضع الاحتياطات اللازمة لإصلاح أمر الوصية إن جاء بها ما يورث المشاكل؛ لأن الحق يريد أن يتكاتف المؤمنون في وحدة إيمانية، لذلك فلابد من معالجة الانحراف بالوقاية منه وقبل أن يقع. ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوْا ونجوْا جميعاً».
والحديث الشريف يضرب المثل على ضرورة التآزر والتواصي بين المؤمنين حماية لهم. فهؤلاء قوم اقتسموا سفينة بالقرعة، والاستهام هو قرعة لا هوى لها، وسكن بعضهم أسفل السفينة حسب ما جاء من نتيجة الاستهام، وسكن بعضهم أعلى السفينة. لكن الذين سكنوا أسفل السفينة أرادوا بعضاً من الماء، واقترح بعضهم أن يخرقوا السفينة للحصول على الماء، وبرروا ذلك بأن مثل هذا الأمر لن يؤذي من يسكنون في النصف الأعلى من السفينة، ولو أنهم فعلوا ذلك، ولم يمنعهم الذين يسكنون في النصف الأعلى من السفينة لغرقوا جميعاً، لكن لو تدخل الذين يسكنون في النصف الأعلى من السفينة لمنعوا الغرق، وكذلك حدود الله، فعلى المؤمنين أن يتكاتفوا بالتواصي في تطبيقها، فلا يقولن أحد: (إن ما يحدث من الآخرين لا شأن لي به) لأن أمر المسلمين يهم كل مسلم، ولذلك جاءت آية قال فيها سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: (هناك آية تقرأونها على غير وجهها) أي تفهمونها على غير معناها.
والآية هي قول الحق: {واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب} [الأنفال: 25].
ويقول شيخنا (حسنين مخلوف) مفتي الديار المصرية الأسبق في شرح هذه الآية: أي احذروا ابتلاء الله في محن قد تنزل بكم، تعم المسيء وغيرهم، كالبلاء والقحط والغلاء، وتسلط الجبابرة وغير ذلك، والمراد تحذير من الذنوب التي هي أسباب الابتلاء، كإقرار المنكرات والبدع والرضا بها، والمداهنة في الأمر بالمعروف، وافتراق الكلمة في الحق، وتعطيل الحدود، وفشو المعاصي، ونحو ذلك. وفيما رواه البخاري: عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل للعرب من شر قد اقترب.فقيل له: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث».
إذن فلا يعتقد مسلم أنه غير مسئول عن الفساد الذي يستشري في المجتمع، بل عليه أن يُحذر وأن يُنبه. ولذلك نجد أن حكمة الحق قد فرضت الدية على العاقلة، أي على أهل القاتل، لأنهم قد يرون هذا القاتل وهو يمارس الفساد ابتداء، فلم يردعه أحد منهم، لكنهم لو ضربوا على يده من البداية لما جاءهم الغرم بدفع الدية، لذلك فعندما تسمع قول الله عز وجل: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً} إياك أن تقول: لا شأن لي بهذا الأمر لا، إن الأمر يخصك وعليك أن تحاول الإصلاح بين الموصي له، وبين الورثة. وقوله الحق: {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} يعني إدخاله في دائرة الذين يبدلون القول والتي تناولناها بالخواطر قبل هذه الآية، بل لك ثواب على تدخلك؛ فأنت لم تبدل حقا بباطل، بل تزحزح باطلاً لتؤسس حقاً، وبذلك تُرَطبُ قلب الوارث على ما نقص منه، وتقيم ميزان العدل بالنصيحة، وتُسخي نفسه ليقبل الوصية بعد تعديلها بما يرضي شريعة الله. إن الله يريد إقامة ميزان العدل وأن يتأكد الاستطراق الصفائي بين المؤمنين فلا تورث الوصية شروراً.
ويقول الحق بعد ذلك: {ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:21 am


.تفسير الآية رقم (183):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}
والحق سبحانه يبدأ هذه الآية الكريمة بترقيق الحكم الصادر بالتكليف القادم وهو الصيام فكأنه يقول: (يا من آمنتم بي وأحببتموني لقد كتبت عليكم الصيام). وعندما يأتي الحكم ممن آمنت به فأنت تثق أنه يخصك بتكليف تأتي منه فائدة لك. واضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى هب أنك تُخاطب ابنك في أمر فيه مشقة، لكن نتائجه مفيدة، فأنت لا تقول له: (يا ابني افعل كذا) لكنك تقول له: (يا بُنَيَّ افعل كذا) وكأنك تقول له: (يا صغيري لا تأخذ العمل الذي أكلفك به بما فيه من مشقة بمقاييس عقلك غير الناضج، ولكن خذ هذا التكليف بمقاييس عقل وتجربة والدك).
والمؤمنون يأخذون خطاب الحق لهم {ياأيها الذين آمَنُواْ} بمقياس المحبة لكل ما يأتي منه سبحانه من تكليف حتى وإن كان فيه مشقة، والمؤمنون بقبولهم للإيمان إنما يكونون مع الحق في التعاقد الإيماني، وهو سبحانه لم يكتب الصيام على من لا يؤمن به؛ لأنه لا يدخل في دائرة التعاقد الإيماني وسيلقي سعيرا. والصيام هو لون من الإمساك؛ لأن معنى (صام) هو (أمسك) والحق يقول: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً فقولي إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليوم إِنسِيّاً} [مريم: 26].
وهذا إمساك عن الكلام. إذن فالصوم معناه الإمساك، لكن الصوم التشريعي يعني الصوم عن شهوتي البطن والفرج من الفجر وحتى الغروب. ومبدأ الصوم لا يختلف من زمن إلى آخر، فقد كان الصيام الركن التعبدي موجوداً في الديانات السابقة على الإسلام، لكنه كان إما إمساكاً مطلقاً عن الطعام. وإما إمساكا عن ألوان معينة من الطعام كصيام النصارى، فالصيام إذن هو منهج لتربية الإنسان في الأديان، وإن اختلفت الأيام عدداً، وإن اختلفت كيفية الصوم ويذيل الحق الآية الكريمة بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. ونعرف أن معنى التقوى هو أن نجعل بيننا وبين صفات الجلال وقاية، وأن نتقي بطش الله، ونتقي النار وهي من آثار صفات الجلال. وقوله الحق: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي أن نهذب ونشذب سلوكنا فنبتعد عن المعاصي، والمعاصي في النفس إنما تنشأ من شره ماديتها إلى أمر ما. والصيام كما نعلم يضعف شره المادية وحدتها وتسلطها في الجسد، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم للشباب المراهق وغيره: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
وكأن الصوم يشذب شِرَّة المادية في الجسم الشاب. وإن تقليل الطعام يعني تقليل وقود المادة، فيقل السعار الذي يدفع الإنسان لارتكاب المعاصي. والصيام في رمضان يعطي الإنسان الاستقامة لمدة شهر، ويلحظ الإنسان حلاوة الاستقامة فيستمر بها بعد رمضان.
والحق لا يطلب منك الاستقامة في رمضان فقط، إنما هو سبحانه قد اصطفى رمضان كزمن تتدرب فيه على الاستقامة لتشيع من بعد ذلك في كل حياتك؛ لأن اصطفاء الله لزمان أو اصطفاء الله لمكان أو لإنسان ليس لتدليل الزمان، ولا لتدليل المكان، ولا لتدليل الإنسان، وإنما يريد الله من اصطفائه لرسول أن يشيع أثر اصطفاء الرسول في كل الناس. ولذلك نجد تاريخ الرسل مليئا بالمشقة والتعب، وهذا دليل على أن مشقة الرسالة يتحملها الرسول وتعبها يقع عليه هو. فالله لم يصطفه ليدلله، وإنما اصطفاه ليجعله أسوة.
وكذلك يصطفي الله من الزمان أياما لا ليدللها على بقية الأزمنة، ولكن لأنه سبحانه وتعالى يريد أن يشيع اصطفاء هذا الزمان في كل الأزمنة، كاصطفائه لأيام رمضان، والحق سبحانه وتعالى يصطفي الأمكنة ليشيع اصطفاؤها في كل الأمكنة. وعندما نسمع من يقول: (زرت مكة والمدينة وذقت حلاوة الشفافية والإشراق والتنوير، ونسيت كل شيء). إن من يقول ذلك يظن أنه يمدح المكان، وينسى أن المكان يفرح عندما يشيع اصطفاؤه في بقية الأمكنة؛ فأنت إذا ذهبت إلى مكة لتزور البيت الحرام، وإذا ذهبت إلى المدينة لتزور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلماذا لا تتذكر في كل الأمكنة أن الله موجود في كل الوجود، وأن قيامك بأركان الإسلام وسلوك الإسلام هو تقرب من الله ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح إن تعبدك وأنت في جوار بيت الله، يتميز بالدقة وحسن النية. كأنك وأنت في جوار بيت الله وفي حضرة رسول الله تستحي أن تفعل معصية. وساعة تسمع (الله أكبر) تنهض للصلاة وتخشع، ولا تؤذي أحداً، إذن لماذا لا يشيع هذا السلوك منك في كل وقت وفي كل مكان؟ إنك تستطيع أن تستحضر النية التعبدية في أي مكان، وستجد الصفاء النفسي العالي.
إذن فحين يصطفي الله زماناً أو مكاناً أو يصطفي إنساناً إنما يشاء الحق سبحانه وتعالى أن يشيع اصطفاء الإنسان في كل الناس، واصطفاء المكان في كل الأمكنة واصطفاء الزمان في كل الأزمنة، ولذلك أتعجب عندما أجد الناس تستقبل رمضان بالتسبيح وبآيات القرآن وبعد أن ينتهي رمضان ينسون ذلك. وأقول هل جاء رمضان ليحرس لنا الدين، أم أن رمضان يجيء ليدربنا على أن نعيش بخلق الصفاء في كل الأزمنة؟
وقوله الحق: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ} يدلنا على أن المسلمين ليسوا بدعاً في مسألة الصوم، بل سبقهم أناس من قبل إلى الصيام وإن اختلفت شكلية الصوم. وساعة يقول الحق: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} فهذا تقرير للمبدأ، مبدأ الصوم، ويُفَصّلُ الحق سبحانه المبدأ من بعد ذلك فيقول: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:25 am



.تفسير الآية رقم (184):

{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)}
وكلمة {أَيَّاماً} تدل على الزمن وتأتي مجملة، وقوله الحق عن تلك الأيام: إنها {مَّعْدُودَاتٍ} يعني أنها أيام قليلة ومعروفة. ومن بعد ذلك يوضح الحق لنا مدة الصيام فيقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:25 am


.تفسير الآية رقم (185):

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}
إذن، فمدة الصيام هي شهر رمضان، ولأنه سبحانه العليم بالضرورات التي تطرأ على هذا التكليف فهو يشرع لهذه الضرورات، وتشريع الله لرخص الضرورة إعلام لنا بأنه لا يصح مطلقاً لأي إنسان أن يخرج عن إطار الضرورة التي شرعها الله، فبعض من الذين يتفلسفون من السطحيين يحبون أن يزينوا لأنفسهم الضرورات التي تبيح لهم الخروج عن شرع الله، ويقول الواحد منهم: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: 286].
ونقول: إنك تفهم وتحدد الوُسعَ على قدر عقلك ثم تقيس التكليف عليه، برغم أن الذي خلقك هو الذي يُكلف ويعلم أنك تَسَعُ التكليف، وهو سبحانه لا يكلف إلا بما في وسعك؛ بدليل أن المشرع سبحانه يعطي الرخصة عندما يكون التكليف ليس في الوسع. ولنر رحمة الحق وهو يقول: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وكلمة {مَرِيضاً} كلمة عامة، وأنت فيها حجة على نفسك وبأمر طبيب مسلم حاذق يقول لك: (إن صمت فأنت تتعب) والمرض مشقته مزمنة في بعض الأحيان، ولذلك تلزم الفدية بإطعام مسكين.
وكذلك يرخص الله لك عندما تكون {على سَفَرٍ}. وكلمة {سَفَرٍ} هذه مأخوذة من المادة التي تفيد الظهور والانكشاف، ومثل ذلك قولنا: (أسفر الصبح). وكلمة (سفر) تفيد الانتقال من مكان تقيم فيه إلى مكان جديد، وكأنك كلما مشيت خطوة تنكشف لك أشياء جديدة، والمكان الذي تنتقل إليه هو جديد بالنسبة لك، حتى ولو كنت قد اعتدت أن تسافر إليه؛ لأنه يصير في كل مرة جديداً لما ينشأ عنه من ظروف عدم استقرار في الزمن، صحيح أن شيئاً من المباني والشوارع لم يتغير، ولكن الذي يتغير هو الظروف التي تقابلها، صحيح أن ظروف السفر في زماننا قد اختلفت عن السفر من قديم الزمان.
إن المشقة في الانتقال قديماً كانت عالية، ولكن لنقارن سفر الأمس مع سفر اليوم من ناحية الإقامة. وستجد أن سفر الآن بإقامة الآن فيه مشقة، ومن العجب أن الذين يناقشون هذه الرخصة يناقشونها ليمنعوا الرخصة، ونقول لهم: اعلموا أن تشريع الله للرخص ينقلها إلى حكم شرعي مطلوب؛ وفي ذلك يروي لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلّل عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصوم في السفر).
وعندما تقرأ النص القرآني تجده يقول: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي أن مجرد وجود في السفر يقتضي الفطر والقضاء في أيام أخر، ومعنى ذلك أن الله لا يقبل منك الصيام، صحيح أنه سبحانه لم يقل لك: افطر. ولكن مجرد أن تكون مريضاً مرضاً مؤقتا أو مسافراً فعليك الصوم في عدة أيام أخر وأنت لن تشرع لنفسك.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد نهى عن صوم يوم عيد الفطر، لأن عيد الفطر سُمي كذلك، لأنه يحقق بهجة المشاركة بنهاية الصوم واجتياز الاختبار، فلا يصح فيه الصوم، والصوم في أول أيام العيد إثم، لكن الصوم في ثاني أيام العيد جائز، لحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى).
وقد يقول قائل: ولكن الصيام في رمضان يختلف عن الصوم في أيام أخر؛ لأن رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن. وأقول: إن الصوم هو الذي يتشرف بمجيئه في شهر القرآن، ثم إن الذي أنزل القرآن وفرض الصوم في رمضان هو سبحانه الذي وهب الترخيص بالفطر للمريض أو المسافر ونقله إلى أيام أخر في غير رمضان، وسبحانه لا يعجز عن أن يهب الأيام الأخر نفسها التجليات الصفائية التي يهبها للعبد الصائم في رمضان.
إن الحق سبحانه حين شرع الصوم في رمضان إنما أراد أن يشيع الزمن الضيق زمن رمضان في الزمن المتسع وهو مدار العام. ونحن نصوم رمضان في الصيف ونصومه في الشتاء وفي الخريف والربيع، إذن فرمضان يمر على كل العام.
ويقول الحق: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} والطوق هو القدرة فيطيقونه أي يدخل في قدرتهم وفي قولهم، والفدية هي إطعام مسكين.
ويتساءل الإنسان: كيف يطيق الإنسان الصوم ثم يؤذن له بالفطر مقابل فدية هي إطعام مسكين؟ وأقول: إن هذه الآية دلت على أن فريضة الصوم قد جاءت بتدرج، كما تدرج الحق في قضية الميراث، فجعل الأمر بالوصية، وبعد ذلك نقلها إلى الثابت بالتوريث؛ كذلك أراد الله أن يُخرج أمة محمد صلى الله عليه وسلم من دائرة أنهم لا يصومون إلى أن يصوموا صياماً يُخيّرهُم فيه لأنهم كانوا لا يصومون ثم جاء الأمر بعد ذلك بصيام لا خيار فيه، فكأن الصوم قد فرض أولا باختيار، وبعد أن اعتاد المسلمون وألفوا الصوم جاء القول الحق: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وفي هذه الآية لم يذكر الحق الفدية أو غيرها. إذن كانت فريضة الصوم القرار الارتقائي، فصار الصوم فريضة محددة المدة وهي شهر رمضان {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وبذلك انتهت مسألة الفدية بالنسبة لِمَنْ يطيق الصوم، أما الذي لا يطيق أصلاً بأن يكون مريضاً أو شيخاً، فإن قال الأطباء المسلمون: إن هذا مرض (لا يُرجى شفاؤه) نقول له: أنت لن تصوم أياما أخر وعليك أن تفدي.
لقد جاء تشريع الصوم تدريجياً ككثير من التشريعات التي تتعلق بنقل المكلفين من إلف العادات، كالخمر مثلاً والميسر والميراث، وهذه أمور أراد الله أن يتدرج فيها. ويقول قائل: مادام فرض الصيام كان اختيارياً فلماذا قال الحق بعد الحديث عن الفدية {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ}؟
وأقول: عندما كان الصوم اختيارياً كان لابد أيضا من فتح باب الخير والاجتهاد فيه، فمَنْ صام وأطعم مسكيناً فهذا أمر مقبول منه، ومن صام وأطعم مسكينين، فذاك أمر أكثر قبولا. ومَنْ يدخل مع الله من غير حساب يؤتيه الله من غير حساب، ومن يدخل على الله بحساب، يعطيه الحق بحساب، وقول الحق: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} هو خطوة في الطريق لتأكيد فرضية الصيام، وقد تأكد ذلك الفرض بقوله الحق: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ولم يأت في هذه الآية بقوله: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} لأن المسألة قد انتقلت من الاختيار إلى الفرض.
إذن فالصيام هو منهج لتربية الإنسان، وكان موجوداً قبل أن يبعث الحق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم دخل الصوم على المسلمين اختيارياً في البداية، ثم فريضة من بعد ذلك. وقد شرع الله الصوم في الإسلام بداية بأيام معدودة ثم شرح لنا الأيام المعدودة بشهر رمضان.
والذي يطمئن إليه خاطري أن الله بدأ مشروعية الصوم بالأيام المعدودة، ثلاثة أيام من كل شهر وهو اليوم العاشر والعشرون، والثلاثون من أيام الشهر، وكانت تلك هي الأيام المعدودة التي شرع الله فيها أن نصوم؛ وكان الإنسان مخيراً في تلك الأيام المعدودة: إن كان مطيقا للصوم أن يصوم أو أن يفتدي، أما حين شرع الله الصوم في رمضان فقد أصبح الصوم فريضة تعبدية وركناً من أركان الإسلام، وبعد ذلك جاءنا الاستثناء للمريض والمسافر.
إذن لنا أن نلحظ أن الصوم في الإسلام كان على مرحلتين: المرحلة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى شرع صيام أيام معدودة، وقد شرحنا أحكامها، والمرحلة الثانية هي تشريع الصوم في زمن محدود.. شهر رمضان، والعلماء الذين ذهبوا إلى جواز رفض إفطار المريض وإفطار المسافر لأنهم لم يرغبوا أن يردوا حكمة الله في التشريع، أقول لهم: إن الحق سبحانه وتعالى حين يرخص لابد أن تكون له حكمة أعلى من مستوى تفكيرنا، وأن الذي يؤكد هذا أن الحق سبحانه وتعالى قال: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
الحكم هنا هو الصوم عدة أيام أخر، ولم يقل فمن أفطر فعليه عدة من أيام أخر، أي أن صوم المريض والمسافر قد انتقل إلى وقت الإقامة بعد السفر، والشفاء من المرض، فالذين قالوا من العلماء: هي رخصة، إن شاء الإنسان فعلها وإن شاء تركها، لابد أن يقدر في النص القرآني {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ}، فأفطر، {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
ونقول: ما لا يحتاج إلى تأويل في النص أولى في الفهم مما يحتاج إلى تأويل، وليكن أدبنا في التعبير ليس أدب ذوق، بل أدب طاعة؛ لأن الطاعة فوق الأدب.
إذن فالذين يقولون هذا لا يلحظون أن الله يريد أن يخفف عنا، ثم ما الذي يمنعنا أن نفهم أن الحق سبحانه وتعالى أراد للمريض وللمسافر رخصة واضحة، فجعل صيام أي منهما في عدة من الأيام الأخر. فإن صام في رمضان وهو مريض أو على سفر فليس له صيام، أي أن صيامه لا يعتد به ولا يقبل منه، وهذا ما أرتاح إليه، ولكن علينا أن ندخل في اعتبارنا أن المراد من المرض والسفر هنا، هو ما يخرج مجموع ملكات الإنسان عن سويّتها.
وما معنى كلمة (شهر) التي جاءت في قوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}؟. إن كلمة (شهر) مأخوذة من الإعلام والإظهار، وما زلنا نستخدمها في الصفقات فنقول مثلا: لقد سجلنا البيع في (الشهر العقاري) أي نحن نعلم الشهر العقاري بوجود صفقة، حتى لا يأتي بعد ذلك وجود صفقة على صفقة، فكلمة (شهر) معناها الإعلام والإظهار، وسُميت الفترة الزمنية (شهراً) لماذا؟ لأن لها علامة تُظهرها، ونحن نعرف أننا لا نستطيع أن نعرف الشهر عن طريق الشمس؛ فالشمس هي سمة لمعرفة تحديد اليوم، فاليوم من مشرق الشمس إلى مشرق آخر وله ليل ونهار.
ولكن الشمس ليست فيها علامة مميزة سطحية ظاهرة واضحة تحدد لنا بدء الشهر، إنما القمر هو الذي يحدد تلك السمة والعلامة بالهلال الذي يأتي في أول الشهر، ويظهر هكذا كالعرجون القديم، إذن فالهلال جاء لتمييز الشهر، والشمس لتمييز النهار، ونحن نحتاج لهما معا في تحديد الزمن.
إن الحق سبحانه وتعالى يربط الأعمال العبادية بآيات كونية ظاهرة التي هي الهلال، وبعد ذلك نأخذ من الشمس اليوم فقط؛ لأن الهلال لا يعطيك اليوم، فكأن ظهور الهلال على شكل خاص بعدما يأتي المحاق وينتهي، فميلاد الهلال بداية إعلام وإعلان وإظهار أن الشهر قد بدأ، ولذلك تبدأ العبادات منذ الليلة الأولى في رمضان؛ لأن العلامة الهلال مرتبطة بالليل، فنحن نستطلع الهلال في المغرب، فإن رأيناه نقل شهر رمضان بدأ. ولم تختلف هذه المسألة لأن النهار لا يسبق الليل، إلا في عبادة واحدة وهي الوقوف بعرفة، فالليل الذي يجئ بعدها هو الملحق بيوم عرفة.
وكلمة {رَمَضَانَ} مأخوذة من مادة (الراء والميم والضاد)، وكلها تدل على الحرارة وتدل على القيظ (ورمض الإنسان) أي حر جوفه من شدة العطش، و(الرمضاء) أي الرمل الحار، وعندما يقال: (رمضت الماشية) أي أن الحر أصاب خفها فلم تعد تقوى أن تضع رجلها على الأرض، إذن فرمضان مأخوذ من الحر ومن القيظ، وكأن الناس حينما أرادوا أن يضعوا أسماء للشهور جاءت التسمية لرمضان في وقت كان حاراً، فسموه رمضان كما أنهم ساعة سموا مثلا (ربيعاً الأول وربيعاً الآخر) أن الزمن متفقاً مع وجود الربيع، وعندما سموا جمادى الأولى وجمادى الآخرة كان الماء يجمد في هذه الأيام. فكأنهم لاحظوا الأوصاف في الشهور ساعة التسمية، ثم دار الزمن العربي الخاص المحدد بالشهور القمرية في الزمن العام للشمس. فجاء رمضان في صيف، وجاء في خريف، لكن ساعة التسمية كان الوقت حاراً.
وهب أن إنسانا جاءه ولد جميل الشكل، فسماه (جميلاً). وبعد ذلك مرض والعياذ بالله بمرض الجدري فشوه وجهه، فيكون الاسم قد لوحظ ساعة التسمية، وإن طرأ عليه فيما بعد ذلك ما يناقض هذه التسمية، وكأن الحق سبحانه وتعالى حينما هيأ للعقول البشرية الواضعة للألفاظ أن يضعوا لهذا الشهر ذلك الاسم، دل على المشقة التي تعتري الصائم في شهر رمضان، وبعد ذلك يعطي له سبحانه منزلة تؤكد لماذا سُمي، إنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، والقرآن إنما جاء منهج هداية للقيم، والصوم امتناع عن الاقتيات، فمنزلة الشهر الكريم أنه يربي البدن ويربي النفس، فناسب أن يوجد التشريع في تربية البدن وتربية القيم مع الزمن الذي جاء فيه القرآن بالقيم، {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن}. وإذا سمعت {أُنْزِلَ فِيهِ القرآن} فافهم أن هناك كلمات (أنزل) و(نَزّل) و(نزل)، فإذا سمعت كلمة (أنزل) تجدها منسوبة إلى الله دائما: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1].
أما في كلمة (نَزَلَ) فهو سبحانه يقول: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193].
وقال الحق: {تَنَزَّلُ الملائكة} [القدر: 4].
إذن فكلمة (أنزل) مقصورة على الله، إنما كلمة (نَزّلَ) تأتي من الملائكة، و(نَزَلَ) تأتي من الروح الأمين الذي هو (جبريل)، فكأن كلمة (أنزل) بهمزة التعدية، عدت القرآن من وجوده مسطوراً في اللوح المحفوظ إلى أن يبرز إلى الوجود الإنساني ليباشر مهمته.
وكلمة (نَزَلَ) و(نَزَّلَ) نفهمهما أن الحق أنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا مناسباً للأحداث ومناسباً للظروف، فكان الإنزال في رمضان جاء مرة واحدة، والناس الذين يهاجموننا يقولون كيف تقولون: إن رمضان أنزل فيه القرآن مع أنكم تشيعون القرآن في كل زمن، فينزل هنا وينزل هناك وقد نزل في مدة الرسالة المحمدية؟
نقول لهم: نحن لم نقل إنه (نزل) ولكننا قلنا (أنزل)، فأنزل: تعدي من العِلم الأعلى إلى أن يباشر مهمته في الوجود.
وحين يباشر مهمته في الوجود ينزل منه (النَّجْم) يعني القسط القرآني موافقا للحدث الأرضي ليجيء الحكم وقت حاجتك، فيستقر في الأرض، إنما لو جاءنا القرآن مكتملاً مرة واحدة فقد يجوز أن يكون عندنا الحكم ولا نعرفه، لكن حينما لا يجيء الحكم إلا ساعة نحتاجه، فهو يستقر في نفوسنا.
وأضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى أنت مثلاً تريد أن تُجهز صيدلية للطوارئ في المنزل، وأنت تضع فيها كل ما يخص الطوارئ التي تتخيلها، ومن الجائز أن يكون عندك الدواء لكنك لست في حاجة له، أما ساعة تحتاج الدواء وتذهب لتصرف تذكرة الطبيب من الصيدلية، عندئذ لا يحدث لبس ولا اختلاط، فكذلك حين يريد الله حكماً من الأحكام ليعالج قضية من قضايا الوجود فهو لا ينتظر حتى ينزل فيه حكم من الملأ الأعلى من اللوح المحفوظ، إنما الحكم موجود في السماء الدنيا، فيقول للملائكة: تنزلوا به، وجبريل ينزل في أي وقت شاء له الحق أن ينزل من أوقات البعثة المحمدية، أو الوقت الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يوجد فيه الحكم الذي يغطي قضية من القضايا.
إذن فحينما يوجد من يريد أن يشككنا نقول له: لا.
نحن نملك لغة عربية دقيقة، وعندنا فرق بين (أنزل) و(نَزَّل) و(نزل) ولذلك فكلمة (نزل) تأتي للكتاب، وتأتي للنازل بالكتاب يقول تعالى: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193].
ويقول سبحانه: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ} [الإسراء: 105].
وكان بعض من المشركين قد تساءلوا؛ لماذا لم ينزل القرآن جملة واحدة؟. وانظر إلى الدقة في الهيئة التي أراد الله بها نزول القرآن فقد قال الحق: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان: 32].
وعندما نتأمل قول الحق: {كَذَلِكَ} فهي تعني أنه سبحانه أنزل القرآن على الهيئة التي نزل بها لزوماً لتثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ولو نزل مرة واحدة لكان تكليفاً واحداً، وأحداث الدعوة شتى وكل لحظة تحتاج إلى تثبيت فحين يأتي الحدث ينزل نَجْم قرآني فيعطي به الحق تثبيتا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأضرب مثلا بسيطا ولله المثل الأعلى والمنزه عن كل تشبيه أن ابناً لك يريد حُلة جديدة أتحضرها له مرة واحدة، فتصادفه فرحة واحدة، أم تحضر له في يوم رابطة العنق واليوم الذي يليه تحضر له القميص الجديد، ثم تحضر له (البدلة)؟، إذن فكل شيء يأتي له وقع وفرحة.
والحق ينزل القرآن منجماً لماذا؟ {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} ومعنى {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} أي أنك ستتعرض لمنغصات شتى، وهذه المنغصات الشتى كل منها يحتاج إلى تَرْبِيتٍ عليك وتهدئة لك، فيأتي القسط القرآني ليفعل ذلك وينير أمامك الطريق. {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} أي لم نأت به مرة واحدة بل جعلناه مرتباً على حسب ما يقتضيه من أحداث. حتى يتم العمل بكل قسط، ويهضمه المؤمن ثم نأتي بقسط آخر. ولنلحظ دقة الحق في قوله عن القرآن: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان: 33].
إن الكفار لهم اعتراضات، ويحتاجون إلى أمثلة، فلو أنه نزل جملة واحدة لأهدرَتْ هذه القضية، وكذلك حين يسأل المؤمنون يقول القرآن: يسئلونك عن كذا وعن كذا، ولو شاء الله أن يُنزل القرآن دفعة واحدة، فكيف كان يغطي هذه المسألة؟ فما داموا سوف يسألون فلينتظر حتى يسألوا ثم تأتي الإجابة بعد ذلك.
إذن فهذا هو معنى (أنزل) أي أنه أنزل من اللوح المحفوظ، ليباشر مهمته في الوجود، وبعد ذلك نزل به جبريل، أو تتنزل به الملائكة على حسب الأحداث التي جاء القرآن ليغطيها.
ويقول الحق: {أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ}. ونعرف أن كلمة {هُدًى} معناها: الشيء الموصل للغاية بأقصر طريق، فحين تضع إشارات في الطريق الملتبسة، فمعنى ذلك أننا نريد للسالك أن يصل إلى الطريق بأيسر جهد، و(هدى) تدل على علامات لنهتدي بها يضعها الخالق سبحانه، لأنه لو تركها للخلق ليضعوها لاختلفت الأهواء، وعلى فرض أننا سنسلم بأنهم لا هوى لهم ويلتمسون الحق، وعقولهم ناضجة، سنسلم بكل ذلك، ونتركهم كي يضعوا المعالم، ونتساءل: وماذا عن الذي يضع تلك العلامات، وبماذا يهتدي؟.
إذن فلابد أن يوجد له هدى من قبل أن يكون له عقل يفكر به، كما أن الذي يضع هذا الهدى لابد ألا ينتفع به، وعلى ذلك فالله سبحانه أغنى الأغنياء عن الخلق ولن ينتفع بأي شيء من العباد، أما البشر فلو وضعوا (هدى) فالواضع سينتفع به، ورأينا ذلك رأى العين؛ فالذي يريد أن يأخذ مال الأغنياء ويغتني يخترع المذهب الشيوعي، والذي يريد أن يمتص عرق الغير يضع مذهب الرأسمالية، ومذاهب نابعة من الهوى، ولا يمكن أن يُبرأ أحد من فلاسفة المذاهب نفسه من الهوى: الرأسمالي يقنن فيميل لهوى نفسه، والشيوعي يميل لنفسه، ونحن نريد مَن يُشرع لنا دون أن ينتفع بما شرع، ولا يوجد من تتطابق معه هذه المواصفات إلا الحق سبحانه وتعالى فهو الذي يشرع فقط، وهو الذي يشرع لفائدة الخلق فقط.
والذي يدلك على ذلك أنك تجد تشريعات البشر تأتي لتنقض تشريعات أخرى، لأن البشر على فرض أنهم عالمون فقد يغيب عنهم أشياء كثيرة، برغم أن الذي يضع التشريع يحاول أن يضع أمامه كل التصورات المستقبلية، ولذلك نجد التعديلات تجرى دائما على التشريعات البشرية؛ لأن المشرع غاب عنه وقت التشريع حكم لم يكن في باله، وأحداث الحياة جاءت فلفتته إليه، فيقول: التشريع فيه نقص ولم يعد ملائماً، ونعدله.
إذن فنحن نريد في من يضع الهدى والمنهج الذي يسير عليه الناس بجانب عدم الانتفاع بالمنهج لابد أيضا أن يكون عالما بكل الجزئيات التي قد يأتي بها المستقبل، وهذا لا يتأتى إلا في إله عليم حكيم، ولذلك قال تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].
ستتبعون السبل، هذا له هوى، وهذا له هوى، فتوجد القوانين الوضعية التي تبددنا كلنا في الأرض، لأننا نتبع أهواءنا التي تتغير ولا نتبع منهج من ليس له نفع في هذه المسألة، ولذلك أقول: افطنوا جيداً إلى أن الهدى الحق الذي لا أعترض عليه هو هدى الله، {هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان}. والقرآن في جملته (هدى) والفرقان هو أن يضع فارقاً في أمور يلتبس فيها الحق بالباطل، فيأتي التنزيل الحكيم ليفرق بين الحق والباطل.
ويقول الحق: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وحين تجد تعقيباً على قضية فافهم أن من شهد منكم الشهر فليصمه ولابد أن تقدر من شهد الشهر فليصمه إن كان غير مريض، وإن كان غير مسافر، لابد من هذا مادام الحق قد جاء بالحكم.
و(شهد) هذه تنقسم قسمين: {فَمَن شَهِدَ} أي من حضر الشهر وأدركه وهو غير مريض وغير مسافر أي مقيم، {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر}. ونريد أن نفهم النص بعقلية من يستقبل الكلام من إله حكيم، إن قول الله: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر}.
تعقيب على ماذا؟ تعقيب على أنه أعفى المريض وأعفى المسافر من الصيام، فكأن الله يريد بكم اليسر، فكأنك لو خالفت ذلك لأردت الله معسراً لا ميسراً والله لا يمكن أن يكون كذلك، بل أنت الذي تكون معسراً على نفسك، فإن كان الصوم له قداسة عندك، ولا تريد أن تكون أسوة فلا تفطر أمام الناس، والتزم بقول الله: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لأنك لو جنحت إلى ذلك لجعلت الحكم في نطاق التعسير، فنقول لك: لا، إن الله يريد بك اليسر، فهل أنت مع العبادة أم أنت مع المعبود؟ أنت مع المعبود بطبيعة الإيمان.
ومثال آخر نجده في حياتنا: هناك من يأتي ليؤذن ثم بعد الأذان يجهر بقول: (الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله) يقول: إن هذا حب لرسول الله، لكن هل أنت تحب الرسول إلا بما شرع؟ إنه قد قال: «إذا سمعت النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن ثم صلوا علي» فقد سمح الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يؤذن ولمن يسمع أن يصلي عليه في السر، لا أن يأتي بصوت الأذان الأصيل وبلهجة الأذان الأصيلة ونصلي على النبي، لأن الناس قد يختلط عليها، وقد يفهم بعضهم أن ذلك من أصول الأذان. إنني أقول لمن يفعل ذلك: يا أخي، ألا توجد صلاة مقبولة على النبي إلا المجهور بها؟ لا إن لك أن تصلي على النبي، لكن في سرك. وكذلك إن جاء من يفطر في رمضان لأنه مريض أو على سفر، نقول له: استتر، حتى لا تكون أسوة سيئة؛ لأن الناس لا تعرف أنك مريض أو على سفر، استتر كي لا يقول الناس: إن مسلماً أفطر. ويقول الحق: {وَلِتُكْمِلُواْ العدة} فمعناها كي لا تفوتكم أيام من الصيام.
انظروا إلى دقة الأداء القرآني في قوله: {وَلِتُكَبِّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. إن العبادة التي نفهم أن فيها مشقة هي الصيام وبعد ذلك تكبرون الله؛ لأن الحق سبحانه عالم أن عبده حين ينصاع لحكم أراده الله وفيه مشقه عليه مثل الصوم ويتحمله، وعندما يشعر بأنه قد انتهى منه إنه سبحانه عالم بأن العبد سيجد في نفسه إشراقاً يستحق أن يشكر الله الذي كلفه بالصوم ووفقه إلى أدائه؛ لأن معنى {وَلِتُكَبِّرُواْ الله} يعني أن تقول: (الله أكبر) وأن تشكره على العبادة التي كنت تعتقد أنها تضنيك، لكنك وجدت فيها تجليات وإشراقات، فتقول: الله أكبر من كل ذلك، الله أكبر؛ لأنه حين يمنعني يعطيني، وسبحانه يعطي حتى في المنع؛ فأنت تأخذ مقومات حياة ويعطيك في رمضان ما هو أكثر من مقومات الحياة والإشراقات التي تتجلى لك، وتذوق حلاوة التكليف وإن كان قد فوت عليك الاستمتاع بنعمة فإنه أعطاك نعمة أكثر منها.
وبعد ذلك فالنسق القرآني ليس نسقاً من صنع البشر، فنحن نجد أن نسق البشر يقسم الكتاب أبواباً وفصولاً ومواد كلها مع بعضها، ويُفصل كل باب بفصوله ومواده، وبعد ذلك ينتقل لباب آخر، لكن الله لا يريد الدين أبواباً، وإنما يريد الدين وحدة متكاتفة في بناء ذلك الإنسان، فيأتي بعد قوله: {وَلِتُكَبِّرُواْ الله} ب {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ومعنى ذلك أنكم سترون ما يجعلكم تنطقون ب (الله أكبر)؛ لأن الله أسدى إليكم جميلاً، وساعة يوجد الصفاء بين (العابد) وهو الإنسان و(المعبود) وهو الرب، ويثق العابد بأن المعبود لم يكلفه إلا بما يعود عليه بالخير، هنا يحسن العبد ظنه بربه، فيلجأ إليه في كل شيء، ويسأله عن كل شيء، ولذلك جاء هنا قول الحق: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:26 am


.تفسير الآية رقم (186):

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
ومادمت قد ذقت حلاوة ما أعطاك الحق من إشراقات صفائية في الصيام فأنت ستتجه إلى شكره سبحانه، وهذا يناسب أن يرد عليك الحق فيقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} ونلحظ أن (إذا) جاءت، ولم تأت (إن) فالحق يؤكد لك أنك بعدما ترى هذه الحلاوة ستشكر الله؛ لأنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: (ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين).
فما دام سبحانه سيجب الدعوة، وأنت قد تكون من العامة لا إمامة لك، وكذلك لست مظلوماً، إذن تبقى دعوة الصائم. وعندما تقرأ في كتاب الله كلمة (سأل) ستجد أن مادة السؤال بالنسبة للقرآن وردت وفي جوابها (قل). {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219].
وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} [البقرة: 219].
وقوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ} [البقرة: 215].
وكل {يَسْأَلُونَكَ} يأتي في جوابها {قُلْ} إلا آية واحدة جاءت فيها (فقل) بالفاء، وهي قول الحق: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} [طه: 105].
انظر إلى الدقة الأدائية: الأولى (قل)، وهذه (فقل)، فكأن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} يؤكد أن السؤال قد وقع بالفعل، ولكن قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال}، فالسؤال هذا ستتعرض له، فكأن الله أجاب عن أسئلة وقعت بالفعل فقال: (قل)، والسؤال الذي سيأتي من بعد ذلك جاء وجاءت إجابته ب (فقل) أي أعطاه جواباً مسبقاً، إذن ففيه فرق بين جواب عن سؤال حدث، وبين جواب عن سؤال سوف يحدث، ليدلك على أن أحداً لن يفاجئ الله بسؤال، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}.
لكن نحن الآن أمام آية جاء فيها سؤال وكانت الإجابة مباشرة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي}. فلم يقل: فقل: إني قريب؛ لأن قوله: (قل) هو عملية تطيل القرب، ويريد الله أن يجعل القرب في الجواب عن السؤال بدون وساطة {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}. لقد جعل الله الجواب منه لعباده مباشرة، وإن كان الذي سيبلغ الجواب هو رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه لها قصة: لقد سألوا رسول الله: أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟
لأن عادة البعيد أن يُنادى، أما القريب فيناجى، ولكي يبين لهم القرب، حذف كلمة (قل)، فجاء قول الحق: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} وما فائدة ذلك القرب؟ إن الحق يقول: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} ولكن ما الشروط اللازمة لذلك؟
لقد قال الحق: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} ونعرف أن فيه فرقا بين (عبيد) و(عباد)، صحيح أن مفرد كل منهما (عبد)، لكن هناك (عبيد) و(عباد)، وكل من في الأرض عبيد الله، ولكن ليس كل من في الأرض عباداً لله، لماذا؟
لأن العبيد هم الذين يُقهرون في الوجود كغيرهم بأشياء، وهناك من يختارون التمرد على الحق، لقد أخذوا اختيارهم تمرداً، لكن العباد هم الذين اختاروا الانقياد لله في كل الأمور.
إنهم منقادون مع الجميع في أن واحدا لا يتحكم متى يولد، ولا متى يموت، ولا كيف يوجد، لكن العباد يمتازون بأن الأمر الذي جعل الله لهم فيه اختياراً قالوا: صحيح يا رب أنت جعلت لنا الاختيار، وقد اخترنا منهجك، ولم نترك هوانا ليحكم فينا، أنت قلت سبحانك: (افعل كذا) و(لا تفعل كذا) ونحن قبلنا التكليف منك يا رب.
ولا يقول لك ربك: (افعل) إلا إذا كنت صالحاً للفعل ولعدم الفعل. ولا يقول لك: (لا تفعل) إلا إذا كنت صالحاً لهذه ولهذه. إذن فكلمة (افعل) و(لا تفعل) تدخل في الأمور الاختيارية، والحق قد قال: (افعل) و(لا تفعل) ثم ترك أشياء لا يقول لك فيها (افعل) و(لا تفعل)، فتكون حراً في أن تفعلها أو لا تفعلها، اسمها (منطقة الاختيار المباح)، فهناك اختيار قُيِّدَ بالتكليف بافعل ولا تفعل، واختيار بقى لك أن تفعله أو لا تفعله ولا يترتب عليه ضرر؛ فالذي أخذ الاختيار وقال: يا رب أنت وهبتني الاختيار، ولكنني تركت لك يا واهب الاختيار أن توجه هذا الاختيار كما تحب، أنا سأتنازل عن اختياري، وما تقول لي: (افعل) سأفعله، والذي تقول لي: (لا تفعله) لن أفعله.
إذن فالعباد هم الذين أخذوا منطقة الاختيار، وسلموها لمن خلق فيهم الاختيار، وقالوا لله: وإن كنت مختاراً إلا أنني أمنتك على نفسي. إن العباد هم الذين ردوا أمر الاختيار إلى من وهب الاختيار ويصفهم الحق بقوله: {وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان: 63-64].
هؤلاء هم عباد الرحمن، ولذلك يقول الحق للشيطان في شأنهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42].
إذن فللشيطان سلطان على مطلق عبيد؛ لأنه يدخل عليهم من باب الاختيار ولم تأت كلمة {عِبَادِي} لغير هؤلاء إلا حين تقوم الساعة، ويحاسب الحق الذين أضلوا العباد فيقول: {أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي} [الفرقان: 17].
ساعة تقوم الساعة لا يوجد الاختيار ويصير الكل عباداً؛ حتى الكفرة لم يعد لهم اختيار.
وحين يقول الحق: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} فالعباد الذين التزموا لله بالمنهج الإيماني لن يسألوا الله إلا بشيء لا يتنافى مع الإيمان وتكاليفه.
والحق يقول: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي}؛ لأن الدعاء يطلب جواباً، ومادمت تطلب إجابة الدعاء فتأدب مع ربك؛ فهو سبحانه قد دعاك إلى منهجه فاستجب له إن كنت تحب أن يستجيب الله لك {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي}، وبعد ذلك يتكلم الحق سبحانه وتعالى في كلمة {الداع} ولا يتركها مطلقة، فيقول: {إِذَا دَعَانِ} فكأن كلمة (دعا) تأتي ويدعو بها الإنسان، وربما اتجه بالدعوة إلى غير القادر على الإجابة، ومثال ذلك قول الحق: {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194].
وقوله الحق: {إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ..} [فاطر: 14].
فكأن الداعي قد يأخذ صفة يدعو بها غير مؤهل للإجابة، والحق هنا قال: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} أما إذا ذهب فدعا غير قادر على الوفاء فالله ليس مسئولا عن إجابة دعوته.
إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإنسان يدعو بالخير لنفسه، وأنت لا تستطيع أن تحدد هذا الخير؛ لأنك قد تنظر إلى شيء على أنه الخير وهو شر، ومادمت تدعو فأنت تظن أن ذلك هو الخير، إذن فملحظية الأصل في الدعاء هي أنك تحب الخير، ولكنك قد تخطيء الطريق إلى فهم الخير أو الوسيلة إلى الخير، أنت تحب الخير لا جدال، لذلك تكون إجابة ربك إلى دعائك هي أن يمنع إجابة دعوتك إن كانت لا تصادف الخير بالنسبة لك، ولذلك يجب ألا تفهم أنك حين لا تجاب دعوتك كما رجوت وطلبت أن الله لم يستجب لك فتقول: لماذا لم يستجب الله لي؟. لا لقد استجاب لك، ولكنه نحَّى عنك حمق الدعوة أو ما تجهل بأنه شر لك. فالذي تدعوه هو حكيم؛ فيقول: (أنا سأعطيك الخير، والخير الذي أعلمه أنا فوق الخير الذي تعلمه أنت، ولذلك فمن الخير لك ألا تجاب إلى هذه الدعوة).
وأضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى: قد يطلب منك ابنك الصغير أن تشتري له مسدساً، وهو يظن أن مسألة المسدس خير، لكنك تؤخر طلبه وتقول له: فيما بعد سأشتري لك المسدس إن شاء الله، وتماطل ولا تأتيه بالمسدس، فهل عدم مجيئك بالمسدس له على وفق ما رأى هو منع الخير عنه؟

إن منعك للمسدس عنه فائدة وصيانة وخير للابن.
إذن، فالخير يكون دائماً على مقدار الحكمة في تناول الأمور، وأنت تمنع المسدس عن ابنك، لأنك قدرت أنه طفل ويلهو مع رفاقه وقد يتعرض لأشياء تخرجه عن طوره وقد يتسبب في أن يؤذيه أحد، وقد يؤذي هو أحداً بمثل هذا المسدس.
وكذلك يكون حظك من الدعاء لا يُستجاب لأن ذلك قد يرهقك أنت.. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير وَكَانَ الإنسان عَجُولاً} [الإسراء: 11].
ولذلك يقول سبحانه: {سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37].
والعلماء يقولون: إن الدعاء إن قصدت به الذلة والعبودية يكون جميلاً، أما الإجابة فهي إرادة الله، وأنت إن قدرت حظك من الدعاء في الإجابة عليه فأنت لا تُقدر الأمر. إن حظك من الدعاء هو العبادة والذلة لله؛ لأنك لا تدعو إلا إذا اعتقدت أن أسبابك كبشر لا تقدر على هذه، ولذلك سألت من يقدر عليها، وسألت من يملك، ولذلك يقول الله في الحديث القدسي: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).
ولنتعلم ما علمه رسول الله لعائشة أم المؤمنين. لقد سألت رسول الله إذا صادفت ليلة القدر فقالت: إن أدركتني هذه الليلة بماذا أدعو؟
انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علم أم المؤمنين عائشة أن تدعو بمقاييس الخير الواسع فقال لها: (قولي: اللهم إنك تحب العفو فاعف عني).
ولا يوجد جمال أحسن من العفو، ولا يوجد خير أحسن من العفو، فلا أقول أعطني، أعطني؛ لأن هذا قد ينطبق عليه قول الحق: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير وَكَانَ الإنسان عَجُولاً} [الإسراء: 11].
فمَنْ يقول: لقد دعوت ربي فلم يستجب لي، نقول له: لا تكن قليل الفطنة فمن الخير لك أنك لا تُجاب إلى ما طلبت فالله يعطيك الخير في الوقت الذي يريده.
وبعد ذلك يترك الحق لبعض قضايا الوجود في المجتمع أن تجيبك إلى شيء ثم يتبين لك منه الشر، لتعلم أن قبض إجابته عنك كان هو عين الخير، ولذلك فإن الدعاء له شروط، فالرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الطيب من الرزق.
فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة قوله: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغُذِي بالحرام فأني يستجاب له). إن الرسول يكشف أمامنا كيف يفسد جهاز الإنسان الذي يدعو، لذلك فعدم إجابة الدعوة إما لأن جهاز الدعوة جهاز فاسد، وإما لأنك دعوت بشيء تظن أن فيه الخير لك لكن الله يعلم أنه ليس كذلك، ولهذا يأخذ بيدك إلى مجال حكمته، ويمنع عنك الأمر الذي يحمل لك الشر.
وشيء آخر، قد يحجب عنك الإجابة، لأنه إن أعطاك ما تحب فقد أعطاك في خير الدنيا الفانية، وهو يحبك فيُبقي لك الإجابة إلى خير الباقية، وهذه ارتقاءات لا ينالها إلا الخاصة، وهناك ارتقاءات أخرى تتمثل في أنه ما دام الدعاء فيه ذلة وخضوع فقد يطبق الله عليك ما جاء في الحديث القدسي: «ينزل الله تعالى في السماء الدنيا فيقول: مَنْ يدعوني فأستجيب له أو يسألني فأعطيه؟ ثم يقول: مَنْ يقرض غير عديم ولا ظلوم».
ولأن الإنسان مرتبط بمسائل يحبها، فما دامت لم تأت فهو يقول دائماً يا رب. وهذا الدعاء يحب الله أن يسمعه من مثل هذا العبد فيقول: (إن من عبادي من أحب دعاءهم فأنا أبتليهم ليقولوا: يا رب). إن الإنسان المؤمن لا يجعل حظه من الدعاء أن يجاب، إنما حظه من الدعاء ما قاله الحق: {قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ} [الفرقان: 77].
إن معنى الربوبية والمربوبية أن تقول دائما: (يا رب). واضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى الأب قد يعطي ابنه مصروف اليد كل شهر، والابن يأخذ مصروف اليد الشهري ويغيب طوال الشهر ولا يحرص على رؤية والده. لكن الأب حين يعطي مصروف اليد كل يوم، فالابن ينتظر والده، وعندما يتأخر الوالد قليلاً فإن الابن يقف لينتظر والده على الباب؛ لقد ربط الأب ابنه بالحاجة ليأنس برؤياه.
والحق سبحانه يضع شرطا للاستجابة للدعاء، وهو أن يستجيب العبد لله سبحانه وتعالى فيما دعاه إليه. عندئذ سيكون العباد أهلاً للدعاء، ولذلك قال الحق في الحديث القدسي: (مَنْ شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).
ومثال ذلك سيدنا إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، قال له جبريل: ألك حاجة؟. لم ينف أن له حاجة، فلا يوجد استكبار على البلوى، ولكنه قال لجبريل: أما إليك فلا، صحيح أن له حاجة إنما ليست لجبريل، لأنه يعلم جيداً أن نجاته من النار المطبوعة على أن تحرق وقد ألقي فيها، هي عملية ليست لخلق أن يتحكم فيها ولكنها قدرة لا يملكها إلا من خلق النار. فقال لجبريل: أما إليك فلا، وعلمه بحالي يغني عن سؤالي. لذلك جاء الأمر من الحق: {قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].
ولنتعلم من الإمام علي كرم الله وجهه حين دخل عليه إنسان يعوده وهو مريض فوجده يتأوه، فقال له: أتتأوه وأنت أبو الحسن. قال: أنا لا أشجع على الله.
إذن فقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} تعني ضرورة الاستجابة للمنهج، {وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} أي أن يؤمنوا به سبحانه إلها حكيما. وليس كل من يسأل يستجاب له بسؤاله نفسه؛ لأن الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيراً يناسب الداعي لا بمقاييسه هو ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة.
ويذيل الحق الآية بقول: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} فما معنى {يَرْشُدُونَ}؟ إنه يعني الوصول إلى طريق الخير وإلي طريق الصواب. وهذه الآية جاءت بعد آية {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ} كي تبين لنا أن الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلاً للدعاء، وقد لا يكون حظك من هذا الدعاء الإجابة، وإنما يكون حظك فيه العبادة، ولكي يبين لنا الحق بعض التكليفات الإلهية للبشر فهو يأتي بهذه الآية التي يبين بها ما يحل لنا في رمضان.
يقول الحق: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ...}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 4240
تاريخ التسجيل : 20/01/2018

 تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي     تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي  Emptyالسبت يناير 27, 2018 7:26 am




♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️••♥️
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ♥️لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ♥️سُبْحَانَ اللَّهِ ♥️وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ♥️وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ♥️وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، ♥️وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، ♥️وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ♥️كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ♥️وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،♥️فِي الْعَالَمِينَ ♥️إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ♥️صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ ♥️الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، ♥️الحَيُّ القَيُّومُ، ♥️وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ♥️عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ♥️وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله ♥️♥️ونعم الوكيل ♥️نعم المولى ♥️ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين ♥️واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين

*۞ اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه ♥️حُجة ً لنا لا علينا ♥️يوم ان نلقاك *

وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم ‏.‏
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها ‏.‏
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الامة الفقيرة الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولامة محمد اجمعين ويجعلنا من عباده وامائه الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
♥️♥️♥️۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ ♥️♥️♥️
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el-quran.ahlamontada.com
 
تفسير سورة البقرة صفحة 28 من القران الكريم للشيخ الشعراوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة البقرة صفحة 18 من القران الكريم للشيخ الشعراوي
» تفسير سورة البقرة صفحة 34 من القران الكريم للشيخ الشعراوي
» تفسير سورة البقرة صفحة 3 من القران الكريم للشيخ الشعراوي
» تفسير سورة البقرة صفحة 19 من القران الكريم للشيخ الشعراوي
»  تفسير سورة البقرة صفحة 35 من القران الكريم للشيخ الشعراوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والاعجاز :: ♥(( اقسام القرآن الكريم ))♥ :: القرآن الكريم وعلم التفسير-
انتقل الى: