۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من
هَمْزِهِ،
ونَفْثِهِ،
ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله
وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
صَيْحَةُ تَحْذِير وَصَرْخَةُ نَذِيرٍ
الحمد لله العليم بخلقه، القائل في محكم كتابه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. الرحيم بهم، ون رحمته أنزل شريعته ناصحة لهم، ومُصلحة لمفاسدهم، ومُقوّمة لاعوجاجهم، ومن ذلك ما شرع من التدابير الوقائية، والإجراءات العلاجية التي تقطع دابر الفتنة بين الرجال والنساء، وتُعين على اجتناب المُوبقات رحمةً بهم، وصيانة لأعراضهم، وحماية لهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
وبيَّن لهم أن غايةَ الشيطان في هذا الباب أن يُوقع النوعين في حضيض الفحشاء!!، لكنه يسلك في تزيينها، والإغراء بها مسلك التدرج, عن طريق خطوات يقود بعضها إلى بعض، وتُسلم الواحدة منها إلى الأخرى، وهي المعنيَّة بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} [النور: 21].
والصلاة والسلام على الصادق الأمين, المبعوث رحمةً للعالمين، القائل: «ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء» [رواه مسلم].
والقائل: «فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» [رواه مسلم]، الذي حذرنا من خطوات الشيطان إلى إشاعة الفساد, خصوصًا ما أضلَّ به كثيراً من العباد من تزيين التبرج، وإشاعة الفاحشة، وإطلاق البصر إلى ما حـرَّم الله، ومصافحة النساء الأجنبيات، وسفر المرأة بدون مَحرَم، وخروجها متطيبة متعطرة, وخضوعها بالقول للرجال، وخلوتها بهم واختلاطها معهم.
وحول هاتين الأخريين: الخُلوة، والاختلاط تدور هذه الرسالة تذكرةً لمن كان له قلب, أو ألقى السمعَ وهو شهيد, وتبصرة لمن خاف عذاب الآخرة، {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُود} [سورة هود: 103].
أولاً: الخلوة:
ما هي الخلوة المحرمة؟
هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه، في غيبة عن أعين الناس، وهي من أفعال الجاهلية, وكبائر الذنوب.
ما هو الدليل على تحريمها؟
ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «لا يخلُونَّ رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم» [رواه مسلم].
وما رواه عامر بن ربيعة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا لاَ يخلُونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» [صححه الألباني]، وهذا يعم جميع الرجال, ولو كانوا صالحين أو مسنين, وجميع النساء, ولو كنَّ صالحات أو عجائز.
وعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها, فإن ثالثهما الشيطان» [صححه الألباني].
وعنه -رضي الله عنه- أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلجُو على المغيبات, فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
أي: لا تدخلوا على النساء اللاتي غاب أزواجهن, بسفر ونحوه.
وقد تكون القرابة إلى المرأة أو زوجها سبيلاً إلى سهولة الدخول عليها أو الخلوة بها, كابن العم وابن الخال مثلاً, ولذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لأنه من مداخل الشيطان, ومسارب الفساد.
فعن عقبة بن عامر-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء», فقال رجل من الأنصار: "يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟"، قال: «الحمو الموت» [رواه البخاري ومسلم].
والحمو هو قريب الزوج الذي لا يحل للمرأة, كأخيه وابن عمه, فبينَّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفسد الحياة الزوجية, كما يُفسد الموت البدن.
قال الأبِّي-رحمه الله-: "لا تُعرِّضُ المرأةُ نفسَها بالخلوة مع أحد, وإن قلّ الزمن, لعدم الأمن لاسيما مع فساد الزمن, والمرأة فتنة, إلا فيما جُبلت عليه النفوس من النفرة من محارم النسب" ا.هـ.
فالحمكة من تحريم الخلوة هي: سد الذّريعة إلى الفاحشة أو الاقتراب منها , حتى يظل المرء واقفاً على مسافة بعيدة قبل أن يفضي إلى حدود الجريمة الأصلية, {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187].
ثانياً: الاختلاط:
ماهو الاختلاط؟
هو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم له اجتماعاً يؤدي إلى ريبة, أو: هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد, يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر, أو الإشارة, أو الكلام, أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد.
ما هي أدلة تحريم الاختلاط؟
أولاً: من القرآن الكريم:
قول الله سبحانه وتعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33], فخير حجاب للمرأة بيتها.
وقوله جلَّ وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
ثانياً: من السنة الشريفة:
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة, فإذا خرجت استشرفها الشيطان, وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها» [رواه ابن خزيمة وصححه الألباني].
وعن أبي أسيد, مالك بن ربيعة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول وهو خارج من المسجد, وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: «استأخِرن, فليس لكنّ أن تَحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق», فكانت المرأة تلصقُ بالجدار, حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به" [رواه أبو داود وقال الألباني حسن صحيح].
ومعنى تَحْقُقْنَ: أي تذهبن في حاق الطريق, وهو الوسط, كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس للنساء وسط الطريق» [السلسلة الصحيحة وقال الألباني حسن بشواهده].
وقد أفرد صلى الله عليه وسلم في المسجد باباً خاصًّا للنساء يدخلن, ويخَرجن منه, لا يُخالطهن, ولا يُشاركهن فيه الرجال.
فعن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو تركنا هذا الباب للنساء؟» ، قال نافع: "فلم يدخل منه ابنُ عمر حتى مات" [رواه أبو داود].
وعن نافع مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ينهى أن يُدخَل المسجد من باب النساء".
ومن ذلك: تشريعه للرجال إماماً ومؤتمين ألاَّ يخرجوا فور التسليم من الصلاة, إذا كان بالصفوف الأخيرة بالمسجد نساء, حتى يخرجن, وينصرفن إلى دورهن قبل الرجال, لكي لا يحصل الاختلاط بين الجنسين -ولو بدون قصد- إذا خرجوا جميعاً.
قال أبو داود في "سننه": (باب إنصراف النساء قبل الرجال من الصلاة), ثم ساق حديث أم سلمة -رضي الله عنها-قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم, إذا سلم مكث قليلاً, وكانوا يرون أن ذلك كيما يَنفذ النساء قبل الرجال".
ورواه البخاري أيضاً, وفيه:
قال ابن شهاب: "فُترى -والله أعلم-لكي ينفذ من ينصرف من النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم" أي الرجال.
وعن أم سلمة-رضي الله عنها- قالت: "كانَ يُسلِّم فينصرفُ النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وروي النسائي: "أن نساء كنَّ إذا سلّمن قمنَ, وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومن صلى من الرجال ما شاء الله, فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم , قام الرجال".
قال الحافظ ابن حجر: "وفي الحديث... كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات, فضلاً عن البيوت" اهـ.
وعن أم حميد الساعدية, أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إني أحبُّ الصلاة معك"، فقال: «قد علمت أنكِ تُحبّين الصلاة معي, وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك, وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك, وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك, وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي» [حسنه الألباني].
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد, وبيوتهن خير لهن» [مسند أحمد].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسم: «خير صفوف الرجال أولها, وشرّها آخرها, وخير صفوف النساء آخرها, وشرّها أولها» [رواه مسلم].
وهذا كله في حال العبادة والصلاة التي يكون فيها المسلم أو المسلمة أبعد ما يكون عن وسوسة الشيطان وإغوائه, فكيف بما عداها؟!
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "شهدت الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم, وأبي بكر, وعمر, وعثمان -رضي الله عنهم- يصلون قبل الخطبة, ثم يخطب بعد, خرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يُجَلِّسُ بيده, ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء". الحديث .
وفي رواية مسلم: "يُجَلِّسُ الرجال بيده", وذلك كي لا يختلطوا بالنساء.
ولقد حرصت الصحابيات على عدم الاختلاط حتى في أشدّ المساجد زحاماً, وفي أشد الأوقات زحامًا, موسم الحجبالمسجد الحرام.
فلقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تطوف محجوزاً بينها وبين الرجال بثوب, لا تخالطهم, فقالت لها امرأة: "انطلقي نستلم يا أم المؤمنين"، تعني: هيَّا نقبل الحجر الأسود, فقالت لها: "عنكِ" وأبت, يعني حتى لا تخالط الرجال.
وكانت النساء في عهده صلى الله عليه وسلم إذا أردن دخول الكعبة المشرفة, يقفن إلى أن يخرج الرجال, ثم يدخلن إذا خرجوا.
ودخلت على عائشة -رضي الله عنها- مولاة لها, فقالت لها: "يا أمّ المؤمنين, طُفْتُ بالبيت سبعاً, واستلمتُ الركن مرتين أو ثلاثاً", فقالت لها عائشة -رضي الله عنها- : "لا آجَرَكِ الله, تدافعين الرجال؟! ألا كبَّرتِ, ومررتِ؟!".
وعن إبراهيم النخعي, قال: "نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء, قال: فرأى رجلاً معهن فضربه بالدِّرِّة", والدِّرِّة: التي يُضربُ بها.
ولقد حطَّ الله عن النساء الجمعة, والجماعة, والجهاد, وجعل جهادهن لا شوكة فيه, وهو الحج المبرور, من أجل أن أفضل أحوالهن الستر والقرار في البيوت, وأداء رسالتهن السامية من وراءِ الحجاب.
من ثمرات الاختلاط:
قال الإمام ابن القيم الجوزية -رحمه الله-:
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشرّ, وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة, كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة, واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا, وهو من أسباب الموت العام, والطواعين المتصلة" اهـ.
أضف إلى هذا شيوع الطّلاق, وتفشّي التبرّج بالزينة, وانعدام الغيرة, واضمحلال الحياء, وفساد الأخلاق, وتعسير غضّ البصر, وتيسير زنا العين, والتسبب في بلاء العشق الذي يتلف الدنيا والدين.
من صور الاختلاط الحرم:
1- اختلاط الأولاد الذكور والإناث ولو كانوا إخوة بعد التمييز في المضاجع، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بالتفريق بينهم في المضاجع.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع» [حسنه الألباني].
2- اتخاذ الخدم الرجال، واختلاطهم بالنساء وحصول الخلوة بهن، رُوى في بعض الآثار أن فاطمة-عليها السلام- لما ناولت ابنها أنسًا قال: "رأيت كفًّا" يعني أنه لم يَرَ وجهًا، وقد كان أنس -رضي الله عنه- خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم وكان يعيش عنده كأحد من أهله.
3- اتخاذ الخادمات اللائي يبقين بدون محارم، وقد تحصل بهن الخلوة.
4- السماح للخطيبين بالمصاحبة والمخالطة التي تجر إلى الخلوة، ثم إلى ما لا تحمده عقباه، فيقع العبث بأعراض الناس بحجة التعارف ومدارسة بعضهم بعضًا.
5- استقبال المرأة أقارب زوجها الأجانب، أو أصدقائه في حال غيابه، ومجالستهم.
6- الاختلاط في دور التعليم، كالمدراس والجامعات والمعاهد والدروس الخصوصية.
7- الاختلاط في الوظائف، والأندية، والموصلات، والأسواق، والمستشفيات، والزيارات بين الجيران، والأعراس، والحفلات.
8- الخلوة في أي مكان ولو بصفة مؤقتة كالمصاعد، والمكاتب، والعيادات وغيرها.
فيا أولياء النساء والزوجات والبنات:
تذكروا: أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غداً، ومسؤولون عنهن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته» [رواه البخاري].
احذروا: "الخلوة، والاختلاط، والتبرج"، فإنها والزنى رفيقان لا يفترقان، وصنوان لا ينفصمان غالباً.
واعلموا: أن الستر والصيانة هما أعظم عون على العفاف والحصانة، وأن احترام القيود التي شرعها الإسلام في علاقة الجنسين هو صمام الأمن من الفتنة والعار، والفضيحة والخزي.
احذروا: أجهزة الفساد السمعية منها والبصرية التي تغزوكم في عقر داركم، وهي تدعو نسائكم وأبناءكم إلى الافتتان، وتُضعفُ منهم الإيمان، وقد قيل: حسبك من شرٍّ سماعُه، فكيف رؤيته؟! صونوا بناتكم وزوجاتكم ولا تتهاونوا فتعرضوهن للأجانب.
إن الرجال الناظرين إلى النســـا *** مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها *** أُكـلت بلا عوضٍ ولا أثمان
إن الأعراض إذا لم تُصنْ بهذه الحصون والقلاع، ولم تحصن بالأسوار والسدود ، فتسقط -لا محالة- أمام هذه الهجمة الشرسة، ويقع المحظور، ولا ينفع حينئذ بكاء ولا ندم، والتبعة كل التبعة، واللوم أولاً وأخيراً على وليِّ البنت الذي ألقى الحبل على غاربه، وأرخى لابنته العنان، فيداه أوكتا، وفوه نفخ:
نعبَ الغرابُ بما كرهـ ولا إزالـة للقـــدر
تبكي وأنـت قتلتهـا اصبرو إلا فانتحـــر
أتبكـي على لبنى وأنت قتلتها لقد ذهبت لبنى فما أنت صانع؟!
فتش عن الثغرة:
إن جعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية، والفضائح المشينة، التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين.
وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي فيها الاختلاط ناطقة بل صارخة بخطر الاختلاط على الدنيا والدين، لخصها العلامة/ أحمد وفيق باشا العثماني، الذي كان سريع الخاطر، حاضر الجواب عندما سأله بعض عُشَرائه من رجال السياسة في أوربا، في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلاً: "لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال، ويغشين مجامعهن؟"..
فأجابه في الحال قائلاً: "لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن"!!!
وكان هذا الجواب كصب ماء بارد على رأس هذا السائل، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر.
ولما وفعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين، ولما سئل "طه حسين" عن رأيه في هذا، قال: "لابد من ضحايا (1)!!، ولكنه لم يبين: "بماذا" تكون التضحية؟ و" في سبيل ماذا" لابد من ضحايا؟!
وأي ثمرة ممكن أن تكون أغلى وأعز وأثمن من أعراض المسلمين.
فتبًّا لهؤلاء المستغربين، وسحقاً سحقاً لعبيد المدنية الزائفة الذين أطلقوا لبناتهم ونسائهم العنان يسافرون دون محرم، ويخلون بالرجال الأجانب، مُدَّعين أن الظروف تغيرت، وأن ما اكتسبته المرأة من التعليم، وما أخذته من الحرية يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها، فما هذا إلا فكر خبيث دَلَفَ إلينا ليفسد حياتنا، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين يتهاونون في الخلوة والاختلاط الآثم بدعوى أنهم رُبُّوا على الاستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق، مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقدة، ثم ادعوا أن الانفجار لا يكون لأن على البارود تحذيراً من الاشتعال والاحتراق... إن هذا خيال بعيد عن الواقع، ومغالطة للنفس، وطبيعة الحياة وأحداثها.
والآن نستطيع -بكل قوة- أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها، وهي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض، وذبح العفاف، وأهدر الشرف، ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي نسجت الجريمة، وسهَّلت سبيلها، فإنك حتمًا ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة الإسلامية بين الرجال والنساء، ومن خلال هذه الثغرة... دخل الشيطان! وصدق الله العظيم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 27-28].
تمت الرسالة والحمد لله رب العالمين.
وجزى الله خيراً كلَّ من نشرها، وأذاعها نصيحة للمسلمين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدال على الخير كفاعله» [صححه الألباني].
" آداب تلاوة القرآن الكريم "
1- الوضوء .
2- تنظيف الفم بالسواك .
3- القراءة فى مكان نظيف .
4- أن يجلس مستقبلاً القبلة بخشوع وسكينة ووقار، مطرقاً رأسه .
5- التعوذ فى ابتداء القراءة جهراً .
6- الترتيل .
7- التدبر .
8- البكاء والتباكي .
9- تحسين الصوت بالقراءة .
10 – الجهر بالقراءة إذا لم يؤذ مصلياً أو نائماً أو قارئاً .
11- القراءة فى المصحف، لأن النظر فيه عبادة .
12- أن لا يتكلم فى أثناء القراءة مع أحد إلا لضرورة ملحة .
13- أن لا يضحك ولا يعبث ولا ينظر إلى ما يلهي .
" آداب الدعاء "
1- الثناء على الله – تعالى – قبل الدعاء والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - : وذلك لأنك تطلب منه العطاء والرحمة والغفران، فمن الأولى أن تقدم بمقدمة فيها ثناء وتمجيد تليق بمقامه – سبحانه .
عن فضالة بن عبيد قال : بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قاعداً إذ دخل رجل فصلى، فقال : اللهم اغفر لي وارحمني , فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : «عجلت أيها المصلي , إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصلِّ علي ثم ادعه» فقال : ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال له النبى – صلـى الله عليه وسلم - : «أيها المصلي ادعُ تُجَبْ» (رواه الترمذي وهو حديث صحيح) .
2- حسن الظن بالله – تعالى :
قال تعالى : "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَـادِي عَنّـِي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " (البقرة :186)فالله – سبحانه – قريب منا وهو معنا بعلمه وإحاطته وحفظه، ولقد أمرنا النبى – صلى الله عليه وسلم – أن نسلم أمر الإجابة لله – تعالى – ونتيقن بحصول المأمول، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»(رواه الترمذى وهو حديث حسن صحيح ) أي وأنتم تعتقدون أن الله لا يخيبكم لسعة كرمه وعظم فضله، متى ما حصل من الداعي صدق الرجاء وإخلاص الدعاء، لأن الداعي إن لم يكن رجاؤه واثقاً لم يكن دعاؤه صادقاً)
3- الاعتراف بالذنب :
وهذا العمل كمال العبودية لله – تعالى، عن علي بن أبى طالب – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : «إن الله ليعجب من العبد إذا قال : لا إله إلا أنت إنى قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال : عبدي عرف أن له رباً يغفر ويعاقب» (رواه الحاكم وهو صحيح ) .
4- العزم في المسألة :
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : «إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له» (رواه البخاري ومسلم والترمذي ) .
والمقصود بالعزم فى المسألة: الإلحاح في الطلب، وسؤال الله – تعالى – بشدة .
5- الشدة في الدعاء :
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : «سُرقـت ملحفـة لها فجعلـت تدعو على من سرقها، فجعل النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : لا تُسَبِّخِي عنه» (رواه أبو داود وهو صحيح ) أي لا تخففي عنه بدعائك، عليه الإثم الذي استحقه بالسرقة .
6- الدعاء ثلاثاً :
ثبت فى السنة كما فى حديث مسلم الطويل عن ابن مسعود – رضي الله عنه - : «فلما قضى النبي – صلى الله عليه وسلم – صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، ثم قال : اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش» (رواه مسلم ) .
7- الدعاء بالجوامع من الدعاء :
أي الكلام المختصر المفيد الذي يدل على أكبر المعاني بأقل الألفاظ والوصول إلى المطلوب بأقصر الطرق وأوجزها، وفي سنن أبي داود ومسند أحمد عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : «كان – صلى الله عليه وسلم – يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك» (رواه أبو داود وأحمد وهو صحيح ) .
ومن هذه الأدعية ما جاء عن فروة بن نوفل قال : سألت عائشة عن دعاء كان يدعو به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : كان يقول : «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل» (رواه مسلم وأبو داود )، وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم – أنــه كان يدعو بهذا الدعاء : «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فى أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به منى، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شىء قدير» (رواه مسلم ) .
8- أن يبدأ الداعي بنفسه :
كما جاء فى قوله تعالى : "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ " (الحشر : 10 ) وقوله :"قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ " (الأعراف : 151 ) , وقوله: "رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ " (إبراهيم : 41 )، وعن ابن عباس عن أبي كعب : «أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان إذا ذكر أحداً فدعا له بدأ بنفسه»(رواه الترمذى ، وهو صحيح ) ولكن ذلك لم يكن من عادة الرسول – صلى الله عليه وسلم – اللازمة إذ صحَّ عنه إنه دعا لغيره ولم يدع لنفسه كقوله – صلى الله عليه وسلم – فى قصة هاجر : «يرحم الله أم إسماعيل، ولو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً» .
9- تحري الأوقات المستحبة :
ومنها جوف الليل، وبين الأذان والإقامة، وفى السجود وعند النداء، وعند البأس، وبعد عصر يوم الجمعة، ويوم عرفة، وعند نزول المطر، والعشر الأواخر من رمضان " الدعاء " لعبد الله الخضري" .
" آداب الزوجين "
1- أن يتزين كل واحد من الزوجين للآخر .
2- على الزوج أن يحرص على سنن الفطرة وهي " الختان والاستحداد وقص الشارب، وقلم الأظافر، ونتف الإبط " وكذا الزوجة، وأن لا يُترك ذلك أكثر من أربعين ليلة. وعلى الزوجة أن تجتنب مشابهة الكافرات في إطالة الأظافر وصبغها .
3- أن تتجنب الزوجة الوشم وهي تنقيط الجسم بالسواد، والنمص وهو حف الحاجب كله أو بعضه، أو الوجه، وكذا التفلج وهو تفريق الأسنان لتباعد بعضها عن بعض، فكل ذلك حرام، وملعون من فعله على لسان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما فى حديث: «لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله» (متفق عليه ) .
4- أن يصلي الزوجان معاً ركعتين لما جاء عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه أمر أبا حريز إذا أتته امرأته أن تصلي وراءه ركعتين (رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والطبراني) وفي ذلك تذكير للزوجين بأنهما إذا أرادا فلاحهما في الدنيا والآخرة فليقيما حياتهما على التقوى .
5- أن يضع الزوج يده على مقدمة رأسها ثم يسمي الله، ويدعو بالبركة، ويقول ما ذكر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه» (رواه البخاري ).
6- أن لا ينسى الزوج إذا أراد أن يأتي أهله أن يقول: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا»(رواه البخاري ) .
7- يجوز للزوجين أن ينظر كل منهما لعورة الآخر لحديث عائشة : «كنت أغتسل أنا ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – من إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه، فيبادرني حتى أقول : دع لي، دع لي، قالت: وهما جنبان» (متفق عليه ) .
8- يستحب للجنب الوضوء عند النوم، والاغتسال أفضل، لحديث عبد الله بن قيس قال: سألت عائشة – رضي الله عنها – قلتُ: كيف كان – صلى الله عليه وسلم – يصنع من الجنابة ؟ أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل ؟ قالت : كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام، ربما توضأ فنام، قلت : الحمد لله الذي جعل فى الأمر سعة»(رواه مسلم) .
9- عدم التفريط فى كثرة الوطء، لما فى ذلك من المفاسد، وضياع كثير من المصالح الدنيوية والأخروية ("توجيه الخاطبين وهدية المتزوجين" لـ: عبد الواحد المهيدب) .
" آداب الأكل والشرب "
أ – آداب ما قبل الأكل :
1- أن يستطيب طعامه وشرابه بأن يعدهما من الحلال الطيب الخالي من شوائب الحرام لقوله – تعالى - : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْالبقرة : 272 ) . )"
2- أنه ينوي بأكله وشربه التقوية على العبادة، ليثاب على ما أكله وشربه.
3- أن يغسل يديه قبل الأكل إن كان بهما أذى، أو لم يتأكد من نظافتهما.
4- أن يضع طعامه على سفرة فوق الأرض لا على مائدة، إذ هذا أقرب إلى التواضع، ولقول أنس – رضي الله عنه: «ما أكل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على خوان، ولا في سكرجة» (رواه البخاري ) .
5- أن يجلس متواضعاً بأن يجثو على ركبتيه، ويجلس على ظهر قدميه، أوينصب رجله اليمنى، ويجلس على اليسرى، كما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجلس، ولقوله – صلى الله عليه وسلم : «لا آكل متكئاً إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» (رواه البخاري ) .
6- أن يرضى بالموجود من الطعام، وأن لا يعيبه، فإن أعجبه أكل، وإن لم يعجبه ترك، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه - : «ما عاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طعاماً قط، إن اشتهاه أكل، وإن كرهه ترك» (رواه أبو داود ) .
7- أن يأكل مع غيره من ضيف وأهل أو ولد أو خادم لخبر: «اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه» (رواه أبو داود والترمذي وصححه ) .
ب- آداب الأكل أثناءه :
1 - أن يبدأه ببسم الله لقوله – صلى الله عليه وسلم - - : «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله – تعالى -، فإن نسي أن يذكر اسم الله – تعالى – في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره» (رواه أبو داود والترمذي وصححه ) .
2- أن يختمه بحمد الله – تعالى – لحديث: «من أكل طعاماً وقال: الحمد لله الذى أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غُفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه ) .
3- أن يأكل بثلاثة أصابع من يده اليمنى، وأن يصغِّر اللقمة، ويجيد المضغ، ويأكل مما يليه لا من وسط القصعة لحديث: «يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» (متفق عليه) ولحديث : «البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه» (متفق عليه) .
4- أن يلعق أصابعه قبل مسحها بالمنديل أو غسلها بالماء لحديث «إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يُلعقها» (رواه أبو داود والترمذي وحسّنه ) .
5- إذا سقط منه شىء مما يأكل أزال عنه الأذى وأكله لحديث : «إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، ولُيمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان» (رواه مسلم ) .
6- أن لا ينفخ فى الطعام الحار، وأن لا يطعمه حتى يبرد وأن لا ينفخ فى الماء حال الشرب، وليتنفس خارج الإناء ثلاثاً لحديث أنس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - «كان يتنفس في الشراب ثلاثاً» (متفق عليه ) ، ولحديث أبي سعيدأن النبى – صلى الله عليه وسلم - «نهى عن النفخ فى الشراب»، ولحديث ابن عباس أن النبى – صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يتنفس فى الإناء أو ينفخ فيه» (رواه الترمذي وصححه) .
7- أن يتجنب الشبع المفرط لحديث : «ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يُقمن صُلبه، فإن لم يفعل فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» (رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وهو حديث حسن ) .
8- أن لا يبدأ بتناول الطعام أو الشراب، وفى المجلس من هو أولى منه بالتقديم لكبر سن، أو زيادة فضل، لأن ذلك مخل بالآداب، معرض صاحبه لوصف الجشع المذموم .
9- أن لا ينظر إلى الرفقاء أثناء الأكل، وأن لا يراقبهم فيستحيوا منه، بل عليه أن يغض بصره عن الأكلة حوله، وأن لا يتطلع إليهم إذ ذلك يؤذيهم .
10 –أن لا يفعل ما يستقذره الناس عادة، فلا ينفض يده فى القصعة، ولا يدني رأسه منها عند الأكل والتناول لئلا يسقط من فيه شىء فيقع فيها، وعليه أن لا يتكلم بالألفاظ الدالة على القاذورات والأوساخ، إذ ربما تأذى بذلك أحد الرفقاء، وأذية المسلم محرمة .
11 – أن يكون أكله مع الفقير قائماً على إيثاره، ومع الإخوان قائماً على الانبساط والمداعبة المرحة، ومع ذوى الرتب والهيئات على الأدب والاحترام .
جـ آداب ما بعد الأكل :
1- يمسك عن الأكل قبل الشبع اقتداء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحتى لا يقع فى التخمة المهلكة، والبطنة المذهبة للفطنة .
2- أن يلعق يده ثم يمسحها أو يغسلها، وغسلها أولى وأحسن .
3- أن يلتقط ما تساقط من طعامه أثناء الأكل لما ورد من الترغيب قي ذلك لأنه من باب الشكر للنعمة .
4- أن يخلل أسنانه ويتمضمض تطييباً لفمه، إذ به يذكر الله – تعالى – ويخاطب الإخوان .
5- أن يحمد الله – تعالى – عقب أكله وشربه، وأن يقول إذا شرب لبناً : اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه .
وإن أفطر عند قوم قال : أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلَّت عليكم الملائكة .
" آداب الضيافة "
أ – آداب الدعوة إليها :
1- أن يدعو لضيافته الأتقياء دون الفساق والفجرة لحديث «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي» (رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وهو صحيح ) .
2- أن لا يخص بضيافته الأغنياء دون الفقراء لحديث : «شر الطعام طعام الوليمة. يدعى إليها الأغنياء دون الفقراء» (متفق عليه) .
3- أن لا يقصد بضيافته التفاخر والمباهاة، بل يقصد الاستنان بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – والأنبياء قبله كإبراهيم – عليه السلام – والذى كان يلقب بأبى الضيفان، كما ينوى بها إدخال السرور على المؤمنين، وإشاعة الغبطة والبهجة فى قلوب الإخوان .
4- أن لا يدعو إليها من بعلم أنه يشق عليه الحضور، أو أنه يتأذى ببعض الحاضرين، تجنباً لأذية المسلم المحرمة.
ب- آداب إجابتها :
1- أن يجيب الدعوة ولا يتأخر عنها إلا من عذر كأن يخشى ضرراً فى دينه أو بدنه لحديث: «من دُعي فليجب» (رواه مسلم ) وحديث : «لو دُعيت إلى كراع شاة لأجبت، ولو أهدى إلىَّ ذراع لقبلت» (رواه البخارى) .
2- أن لا يميز فى الإجابة بين الفقير والغني، لأن في عدم إجابة الفقير كسر لخاطره، كما أن فى ذلك نوعاً من الكبر، والكبر ممقوت، ومما يروى في إجابة دعوة الفقراء أن الحسن بن علي – رضي الله عنهما – مرَّ بمساكين وقد نشروا كسراً من الخبز على الأرض وهم يأكلون، فقالوا له هلم إلى الغداء با ابن بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : نعم، إن الله لا يحب المتكبرين، ونزل من بغلته وأكل معهم .
3- أن لا يفرق في الإجابة بين بعيد المسافة وقريبها : وإن وجهت إليه دعوتان أجاب السابقة منهما، واعتذر للآخرة .
4- أن لا يتأخر من أجل صومه بل يحضر، فإن كان صاحبه يُسرُّ بأكله أفطر، لأن إدخال السرور على قلب المؤمن من القرب، وإلا دعا لهم بخير الحديث : «إذا دُعيَ أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل (المراد بالصلاة هنا الدعاء )، وإن كان مفطراً فليطعم» (رواه مسلم ) .
5- أن ينوى بإجابته إكرام أخيه المسلم ليثاب عليه .
ج – أداب حضورها :
1- أن لا يطيل الانتظار عليهم فيقلقهم، وأن لا يعجل المجيء فيفاجئهم قبل الاستعداد لما في ذلك من أذيتهم.
2- إذا دخل فلا يتصدر المجلس بل يتواضع في المجلس، وإذا أشار عليه صاحب المحل بالجلوس في مكان جلس فيه، ولا يفارقه .
3- أن يعجل بتقديم الطعام للضيف، لأن في تعجيله إكراماً له، وقد أمر الشارع بإكرامه .
4- أن لا يبادر في رفع الطعام قبل أن ترفع الأيدي عنه ويتم فراغ الجميع من الأكل .
5- أن يقدم لضيفه قدر الكفاية، إذ التقليل نقص فى المروءة، والزيادة تصنع ومراءاة، وكلا الأمرين مذموم .
6- إذا نزل ضيفاً على أحد فلا يزيدن على ثلاثة أيام إلا أن يلح عليه مضيفه فى الإقامة أكثر، وإذا انصرف استأذن لانصرافه .
7- أن يشيع الضيف بالخروج من وإلى خارج المنزل .
8- أن ينصرف الضيف طيب النفس، وإن جرى فى حقه تقصير ما، لأن ذلك من حسن الخلق الذي يدرك به العبد درجة الصائم القائم (" منهاج المسلم " لأبى بكر الجزائري ) .
" آداب السفر"
أ - آداب قبل السفر :
1- تقديم الاستخارة، وهى صلاة ركعتين من غير المفروضة ثم يدعو بدعاء الاستخارة، عن جابر – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب , اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى – أو قال : عاجل أمري وآجله – فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه , وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي فى ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال : - عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني , قال ويسمي حاجته» (رواه البخاري ) .
2- أن يتوب إلى الله – تعالى – من كل معصية عملها، ويستغفر من كل ذنب اقترفه فإنه لا يدري ماذا وراء سفره، وماذا تخبىءُ له الأقدار .
وأن يبدأ برد المظالم، وقضاء الديون، ويعد النفقة لمن تلزمه نفقته، وأن يستحل من كانت بينه وبينه مماطلة فى أي شيء، ويكتب وصيته، ويشهد عليها ويترك لأهله ومن يلزمه نفقتهم ومؤنتهم ما يكفيهم ولا يأخذ لزاده إلا الحلال الطيب .
3- أن يسافر مع اثنين فأكثر لحديث : «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركْب» (رواه الترمذي وأبو داود) .
4- اختيار الرفقة الصالحة، ممن يعينه على الدين، فيذكره إذا نسي، ويساعده إذا ذكر، ويعلمه إذا جهل .
5- التأمير : وهو تأمير الأمير على المجموعة إذا كانوا في سفر لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : «إذا كان ثلاثة فى سفر فليؤمروا أحدهم...»(رواه أبو داود) وليكن الأمير أحسنهم أخلاقاً، وأرفقهم بالأصحاب، وأسرعهم إلى الإيثار وطلب الموافقة .
6- سفر الخميس والتبكير في السفر :
لما صح عن كعب بن مالك – رضي الله عنه – أن النبى صلى الله عليه وسلم – خرج يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس، وفي روايـة : «لقلما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخرج إذا خرج فى سفر إلا يوم الخميس» (رواه البخاري) .
وأما التبكير فلحديث : «اللهم بار ك لأمتي في بكورها» (رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن) ومعنى "فى بكورها" أي صباحها وأول نهارها. ويستحب السير بالدُّلجة : وهي السير أول الليل، وقيل سير الليل كله لحديث : «عليكم بالدُّلجة فإن الأرض تطوى بالليل» (رواه أبو داود) .
7- توديع الأهل والأصحاب :
فقد كان النبى – صلى الله عليه وسلم – إذا ودع أصحابه فى السفر يقول لأحدهم : «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك» (رواه الترمذي) .
ومعنى : «أستودع الله دينك» أسأله أن يحفظ دينك .
والمراد بالأمانة: الأهل ومن يخلفه منهم، وماله الذى يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله ومن فى معناها .
ومعنى " وخواتيم عملك " الدعاء له بحسن الخاتمة لأن المدار عليها فى الآخرة، والتقصير فيما قبلها مجبور بحسنها (آداب السفر لأم عبد الله) .
ب- آداب أثناء السفر :
1- ركوب الدابة ودعاء السفر فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال : «سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهون هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة فى الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب فى المال والأهل»، وفى حديث آخـــر : «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحوار بعد الكور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال» (رواه مسلم).
2- التكبير والتسبيح : لحديث جابر بن عبد الله – رضى الله عنهمـا – قال : «كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبَّحنا» وفي رواية عنه : «كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا تصوبنا سبحنا» (رواه البخاري) .
3- الدعاء، لحديث : «ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده» (رواه البخاري) .
4- الحداء والرجز، لحديث سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – قال : خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى خيبر، فسرنا ليلاً، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك، وكان عامر رجلاً شاعراً، فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا، ولا صلينا
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من هذا السائق ؟فقالوا : عامر بن الأكوع ، فقال : يرحمه الله..» (رواه البخاري ومسلم) .
5- الاستراحة في السفر، لما فى ذلك من الرفق بالدابة، وللنوم والراحة مع التنبه حال النزول لتجنب الطرق – فى الليل خاصة – لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع تمشي فى الليل على الطرق، لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، فإذا عرس الإنسان في الطريق ربما مر به منها ما يؤذيه، فينبغى أن يتباعد عن الطريق .
جـ - آداب بعد السفر :
1- فى دعاء ركوب الدابة يقول ما سبق ذكره ثم يزيد «آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون» وإذا قفل راجعاً وأوفى على ثنيه أو فرقد (الفرقد : الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع) كبر ثلاثاً ثم قال : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير، آيبون تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» (رواه البخاري ومسلم) .
ويستحب تكرار هذا الدعاء : «آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون» لقول أنس : «فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة»(رواه مسلم) .
2- إخبار الأهل بقرب وصوله، وكراهة قدومه بالليل بدون إخبارهم. وقد نهى النبى – صلى الله عليه وسلم – أن يطرق أهله إلا غدوة أوعشياً (رواه البخاري) .
وبين النبي – صلى الله عليه وسلم – الحكمة من النهــي فقال: «كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة» (رواه البخاري ومسلم) .
3- الصلاة في المسجد ركعتين عند القدوم من السفر :
لحديث : «كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قدم من سفر ضحى دخل المسجد فصلَّى ركعتين قبل أن يجلس» (رواه البخاري ومسلم)، وفي حديث جابر – رضي الله عنه – قال : «كنت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفر، فلما قدمنا المدينة قال لي: ادخل فصلِّ ركعتين» .
" آداب السلام "
1- إذا لاقى الصاحب صاحبه اكتفى المصافحة – مع السلام – ويترك المعانقة إلا عند القدوم من السفر، فإن معانقته مستحبة لما ثبت عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – من قوله : «كان أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا» (رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي في المجمع : رجاله رجال الصحيح).
2- المشروع في السلام الكامل هو قول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لحديث عمران بن حصين – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: السلام عليكم. فردَّ عليه، ثم جلس فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – " عشر " ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرَدَّ عليه، فجلس. فقال: " عشرون " ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه. فجلس ، فقال " ثلاثون " (أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي بسند قوي ) .
3- لا يشرع السلام بلفظ : " السلام على من اتبع الهدى " إذا كان المُسلَّم عليه مسلماً، بل هو خاص بغير المسلمين، ففي كتاب النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى هرقل، «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى» .
والحكمة من ابتداء هؤلاء بهذه الصيغة – والله أعلم – استمالة قلوبهم، وإشعارهم بالأمان بشرطه، وهو الاهتداء ، وهذا منتفٍ فى حق المؤمن، فإنه من المهتدين قطعاً، فلم يجز إلقاء هذا اللفظ المحتمل عليه .
4- يكره السلام بلفظ " عليك السلام " لما روي عن أبى تميمة الهجيمي عن رجل من قومه – هو كما في الروايات الأخرى : أبو جُرَى الهجيمي – قال : طلبت النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم أقدر عليه، فجلست، فإذا نفر هو فيهم ولا أعرفه، وهو يصلح بينهم فلما فرغ قام معه بعضهم فقالوا : يا رسول الله، عليك السلام يا رسول الله، عليك السلام يا رسول الله ، قال : «إن عليك السلام تحية الموتى، إن عليك السلام تحية الموتى إن عليك السلام تحية الموتى» ثم أقبــل عليَ فقال : «إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل : السلام عليكم ورحمة الله» ثم ردَّ على النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «وعليك ورحمة الله ، وعليك ورحمة الله ، وعليك ورحمة الله» (رواه الترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم ، واللفظ للترمذي) .
5- يجوز القيام عند السلام للتهنئة أو التعزية، والقيام لإعانة العاجز، وقيام الابن لأبيه والزوجة لزوجها والعكس، وكذا القيام للقادم من سفر، وكذا قيام الشخص من مجلسه لاستقبال إنسان قادم عليه، وذلك للأدلة الــواردة في ذلك مما لا يتسع المجال لذكره .
ولا يجوز أن يقوم شخص أو أكثر على شخص آخر جالس كما هو حال الملوك والجبابرة، ويستشنى من ذلك إذا كان القيام لفائدة كقيام معقل بن يسار يرفع غصناً من شجرة عن رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقت البيعة (رواه مسلم) ، وأما القيام عند رؤية الرجل، كأن يكون الناس في مجلس فيدخل واحد فيقوموا له ويسلموا عليه فالراجح فيها التحريم لما روي عن معاوية أنه دخل بيتاً فيها ابن عامر وابن الزبير فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاوية – رضي الله عنه - : اجلس، فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : «من سره أن يتمثل له العباد قياماً فليتبوأ مقعده من النار» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم) .
6- لا يكتفى بالسلام بالإشارة من غير أن تقرن الإشارة بلفظ السلام لحديث جابر – رضي الله عنه - : «لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة» (رواه النسائي ، وإسناده جيِّد)، وهذا خاص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً وإلا فهي مشروعة لمن يكون فى شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم .
7- الحرص على إفشاء السلام، وعدم البخل به لحديث : «أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم»(رواه مسلم) وقد أمرنا بإفشاء السلام ليفشو الخير، وتتآلف القلوب، وتتحد الصفوف .
8- لا ينبغي ترك السلام على الصبيان لما رُوي عن أنس – رضي الله عنه – أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال : كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفعله (متفق عليه) وهذا من خلقه – صلى الله عليه وسلم – العظيم، وأدبه الشريف، وفيه تدريب الصبيان على تعلم السنن، ورياضة لهم بآداب الشريعة، ليبلغوا متأدبين بآدابها (الإعلام ببعض أحكام السلام " لـ : عبد السلام العبد الكريم) .
9- لا ينبغي ترك السلام عند الإنصراف من المجلس لحديث: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم. فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام والقوم جلوس : فليسلِّم، فليست الأولى بأحق من الآخرة» (رواه أحمد وغيره وهو صحيح) .
10- لا ينبغي بداءة الكافر بالسلام لحديث : «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه» (رواه مسلم وغيره) .