۞بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۞
۞ٱلْسَلآمّ ٍعَلْيّكَمُ وٍرٍحَمُةٌ اللَّــْـْہ ۆبُركَاته۞
۞أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ من
هَمْزِهِ،
ونَفْثِهِ،
ونَفْخِهِ۞
۞الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ۞
۞أَشْهَدُ أَنّ لَّا إِلَٰهَ إِلَّإ الله
وأَشْهَدُ ان محمداً رسول الله۞
۞تحية من عند الله طيبة مباركة۞
" تعريف الاستهزاء "
قال ابن منظور (لسان العرب ) :
هَزَأ الشيئ يهزؤه هُزْءًا : كسَرَه... وهزأ الرجل : مات .
قال الأخفش : « سخرت منه، وسخرت به، وضحكت منه، وضحكت به، وهزئت منه، وهزئت به، كُلٌّ يقال، والاسم : السخرية » .
والاستهزاء كلمة تشمل: السخرية، والاستنقاص، والضحك، والاستخفاف .
والاستهزاء خُلقٌ ذميم، تخلَّقَ به أعداء هذا الدين من يهود ونصارى ومنافقين، فأصبح همُّهُم الكيد للإسلام وأهله، والبحث عن الفرص لِبَثّ سمومهم ضد المؤمنين، فانتشر هذا الوباء الخطير انتشار النار في الهشيم، وتلقَّفَه بعض المسلمين – هدانا الله وإياهم – مُتناسين حُرمته، وآثاره المترتبة عليه في الدنيا والآخرة .
لذا.. لّزم التنبيه والتحذير، ذلك أنها ظاهرة لا تُبشِّر بخير أبدًا، بل هي مُنذرة بعذابٍ عظيم لمن سار في هذا الطريق المُشين .
" أنواع الاستهزاء " :
1- الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله: ومن وقع منه هذا النوع فهو كافرٌ بنص الآية الكريمة التالية، سواءً قصد ذلك أم لم يقصده، أكان مازحًا أم جادًا، قال الله تعالى : " قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " [التوبة: 65، 66] وسبب نزول هذه ألآية ما رواه ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره، وابن أبي حاتم بإسناد لا بأس به، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رجل في غزوة تبوك، في مجلس : ما رأينا مثل قُرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء , فقال رجل في المجلس : كذبت، ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن : قال عبد الله بن عمر : فأنا رأيته مُتعلِّقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تنكبه الحجارة، وهو يقول : يا رسول الله، إنما كُنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ".
2- الاستهزاء بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم : «ولقد تفنن البعض من المستهزئين في هذا المجال، وتطاولوا على الصحابة الكرام، وقَدَحُوا في البعض منهم».
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-: «وبهذا يُعرف أن من يسبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كافر، لأن الطعن فيهم طعن في الله ورسوله وشريعته» ( القول المفيد ) .
3- الاستهزاء بعباد الله المؤمنين : لتمسُّكِهِم بأحكام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كإعفاء اللحية، ورفع الثوب فوق الكعبين .
قال الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " [المطففين: 29، 30] .
فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه : كفر، ولا يتأتَّى هذا من مسلمٍ أبدًا...، ومن هذا الباب -أيضًا- مُعاداتُه لأجل تدينه، وفتنه ليرجع عن دينه، وهذا كفر وصدٌّ عن سبيل الله تبارك وتعالى...»( الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ) .
4- الاستهزاء بعموم الناس : سواءً المؤمن أو الفاسق، ونبزهم بالألقاب والسخرية بهم، ومحاكاة خلقتهم وأفعالهم .
قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ " [الحجرات: 11] .
و قال صلى الله عليه وسلم : «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»(رواه مسلم) .
كما يُخشى على المستهزئ أن تعود عليه تلك الخصلةُ التي سخر من غيره بها، فيتصف بها ويُبتلى بفعلها، لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تُظهر الشماته لأخيك فيرحمه الله ويبتليك»(رواه الترمذي. وقال: حديث حسن) .
وهذا الاستهزاء فيه نوع أذية، قال الله تعالى : " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ..." [الأحزاب: 58] فالاستهزاء أمره عظيم للغاية، ولا يعني المحافظة على الواجبات ترك العنان للسان ليقول ما شاء، ويقع فيمن شاء؟ فكثير من الناس يرى المحافظة على الصلاة سببًا كافيًا للنجاة من عذاب الله – عز وجل -، وهذا الأمر جدُّ خطير يلزم تنبيه الناس إليه، فاللسان من أسباب دخول النار، وأكثر الجوارح جمعًا للخطايا , قال صلى الله عليه وسلم : «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه»( صحيح الجامع )، ورأينا في آية التوبة السالفة الذكر كيف أثبت الله – عز وجل – للمستهزئين الإيمان قبل أن يُطلق عليهم الكفر، وذلك لكلمة يظنها البعض عابرة وأن أمرها ليس بالأمر العظيم .
" أقوال العلماء في الاستهزاء "
تصدى كثير من علماء المسلمين للمستهزئين، كما بينوا حكم الاستهزاء، ودرجاته وصوره، وحذروا من الوقوع فيه .
وهذه جملة من أقوالهم، نسوقُها للقارئ الكريم ليقف على حكم هذه المصيبة، والتي ابتُلى بها كثير من المسلمين :
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : إن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه» (الفتاوى) .
* جاء في كتاب (روضة الطالبين) للإمام النووي – رحمه الله تعالى - : «ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يُقْدم على الزنا : بسم الله تعالى، استخفافًا بالله، كفر»( روضة الطالبين ) .
* قال ابن قدامة المقدسي : - رحمه الله تعالى - : « من سبَّ الله تعالى كفر، سواءً كان مازحًا أو جادًا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه، قال الله تعالى : " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ " [التوبة : 65، 66] وينبغي أن لا يُكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام حتى يؤدَّب أدبًا يزجره عن ذلك » (المغنى) .
* وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى : الذي يبغض اللحية ويقول: وساخة هل هو مرتد ؟فأجاب : «إن كان يعلم أنه ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا استهزاء بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيُحرى أن يُحكم عليه بذلك» (فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم) .
* ويقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في تفسيره : «إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين، لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسوله، والاستهزاء بشيء من ذلك منافٍ لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة»(تفسير السعدي) .
* وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – عن حكم الاستهزاء بأهل الخير والصلاح، فأجاب : «هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المُنفِّذين لأوامر الله، فيهم نوع نفاق، لأن الله قال عن المنافقين : " الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [التوبة: 79] ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع، فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كان يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيِّهم بقطع النظر عمَّا هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك، لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله، لكنهم على خطر عظيم، والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعاونته وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ، حتى يستقيم على الأمر المطلوب (المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين) .
" دوافع الاستهزاء "
هناك دوافع كثيرة تقود الإنسان إلى الوقوع في هذا الخُلُقِ المُشين، نُورد لك شيئًا منها بإيجاز :
1- ضعف الإيمان، وقلة الخوف من الله – عز وجل -، وهذا من أهم الأسباب وأقواها .
2- كثرة المجالس التي لا نفع فيها، وهذا ظاهر في كثير من مجتمعات المسلمين في الوقت الحاضر، وكذلك الفراغ الكبير الذي يعيشه معظمهم .
3- حُبُّ الثناء، وللأسف أصبح الثناء في وقتنا الحاضر لمن يسخر ويكذب وينقل الأخبار الباطلة على سبيل الإضحاك، وإن تطاول على شرع الله وعباده المؤمنين , وغالبًا ما يكون هذا المستهزئ مُنشرحَ الصدر عند سماعه ثناء الناس عليه !! .
4-حب الكفار، وتقليدهم، فالاستهزاء خُلُق من أخلاق أعداء هذا الدين، ثم إن البعض عند ذكر المعجزات النبوية يقع منه شيء من الغمز واللمز والاستهزاء، ولكن عند ذكر المخترعات الغربية، تجده يقف مبهورًا معجبًا !! .
" أحاديث وآثار في حفظ اللسان "
1- * عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليسكت» (رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم) .
قال النووي – رحمة الله عليه : «هذا صريح أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكَّلم» (رياض الصالحين) .
وعن أبي موسى رضى الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! أيُّ المسلمين أفضل ؟ قال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» (متفق عليه) .
وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» (متفق عليه) .
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزلُّ بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب» (متفق عليه) .
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم» (رواه البخاري) .
2- * كان أبو بكر رضى الله عنه يشير إلى لسانه ويقول: «هذا الذي أوردني الموارد» (أخرجه أبو يعلى وأحمد).
وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : « والله الذي لا إله إلا هو، ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان » (أخرجه ابن أبي عاصم) .
وقال أبو الدرداء رضى الله عنه : (أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به) (رواه أحمد) .
وقال ابن مسعود رضى الله عنه: «إن أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل»(أخرجه أحمد والطبراني).
وقال طاوس : «لساني سَبُعُ، إن أرسلته أكلني» (رواه ابن أبي الدنيا) .
وقال الحسن : «ما عقل دينه من لم يحفظه لسانه» (أخرجه ابن المبارك وابن أبي الدنيا) .
قال مخلد بن الحسين : «ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها» (مختصر منهاج القاصدين) .
وعن يزيد بن حيان التميمي قال : « كان يقال : ينبغي للرجل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدميه » ( رواه ابن أبي الدنيا ) .
3- * تحذير : « ومن هزل بالله أو بآياته الكونية أو الشرعية أو برسله فهو كافر ؛ لأن منافاة الاستهزاء للإيمان منافاة عظيمة .
كيف يسخر ويستهزئ بأمر يؤمن به ؟ فالمؤمن بالشيء لا بد أن يعظمه وأن يكون في قلبه من تعظيمه ما يليق به .
والكفر كفران : كفر إعراض وكفر معارضة .
والمستهزئ كافر كفر معارضة، فهو أعظم ممن يسجد لصنم فقط، وهذه المسألة خطيرة جدًا، ورُبَّ كلمة أوقعت بصاحبها البلاء والهلاك وهو لا يشعر، فقد يتكلم الإنسان بالكلمة من سخط الله – عز وجل – لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار» ( القول المفيد على كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ) .
" نماذج من الاستهزاء "
* جاء أبي بن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده رميم وهو يُفتِّته ويذريه في الهواء، وهو يقول: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال: «نعم، يميتك الله ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار»( تفسير القرآن العظيم ) .
* يُروى أن أبا داوود السجستاني – صاحب السنن – كان يسير مع طلابه إلى مجلس العلم، فرآهم رجل خليع مستهزئ، فقال ساخرًا بهم : ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها، استهزاءً بحديث : «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم» قال النووي : «فما زال في موضعه حتى جفَّت رجلاه، وسقط ومات» (بستان العارفين) .
* حكى ابن خلكان قال : بلغنا أن رجلاً يدعى أبا سلامة من ناحية بصرى، كان فيه مجون واستهتار، فذُكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال : والله لا أستاك إلا في المخرج (يعني دبره)، فأخذ سواكًا ووضعه في مخرجه ثم أخرجه، فمكث بعد تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج، فوضع ولدًا على صفة الجرذان، له أربعة قوائم، ورأسه كرأس السمكة، وله أربعة أنياب بارزة، وذنب طويل، وأربعة أصابع، وله دبر كدبر الأرنب، ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأس الحيوان الغريب، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ومات في الثالث , وكان يقول : هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي .
وقال ابن كثير: «وقد شاهد ذلك جماعةٌ من أهل تلك الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيًا، ومنهم من رآه بعد موته»( البداية والنهاية ) .
* يُروى أن رجلاً قرأ قوله تعالى : " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ " [الملك: 30] فقال : تأتي به الفؤوس والدراهم ، فجمد ماء عينه , وهذا يُفيد أن لفظ الماء عام في الآية لكافة أنواع المياه التي لها تعلق بحياة الإنسان ومنها ماء العين والمُبصرة .
* ومن نماذج الاستهزاء في عصرنا الحاضر ما يقع من بعض المستهزئين، من سخرية باللحية وبمن يعفيها، وكذلك بمن يرفع ثوبه اقتداءً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك أيضًا السخرية بعلماء المسلمين، وطلبة العلم، ورجال الحسبة .
وواجبنا نحو هؤلاء نصحهم بالحُسنى، وبيان حرمة هذا الفعل، والدعاء لهم بظهر الغيب، وتحذيرهم من عقوبة صنيعهم هذا في الدنيا والآخرة، لئلا يكونوا عبرةً لغيرهم كما تقدم في الأخبار السابقة .
" الفرق بين السخرية بالقرآن والاستشهاد به "
إن الهدف من إنزال القرآن هو تلاوته، وتدبُّره، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وبهذا يرقى العبد أعلى الدرجات، ويبلغ أرفع المنازل، فالاستشهاد ببعض الآيات على وجه التذكير في بعض المواقف أمر طيب، وهو دالٌّ على تعلُّق القلب بكتاب الله – تبارك وتعالى -، وتأثره به، وحبه لتلاوته، وأن لسانه رطب به، فسرعان ما ترى ظهوره عليه، رغبة في تلاوته، فيقرأ الآية أو الآيات وهو متلذِّذٌ بها، معظم لها، لا سخرية في كلامه ولا ضحك ولا تحريف في كلمة من كلماته، وهو جادٌّ بها، وأنها في محلها المناسب الصحيح .
فلو أصابه ابتلاء فقال لأصحابه الذين سألوه عن حاله : " إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ " [يوسف: 86]، أو قال : " فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " [يوسف: 18]، كما قالت عائشة – رضي الله عنها – في حادثة الإفك ، فلا شيء عليه .
أو قدَّم لأخيه خدمة فعرض عليه أخوه الأجر فقال : " لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " [الإنسان: 9]، فكذلك .
أو يرى مجموعة تترك حلقة العلم أو القرآن، وتذهب إلى المقهى للجلوس واللهو وإضاعة الوقت، فيقول لهم : " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " [البقرة: 61] فكذلك .
فشتان بين الحق والباطل ، وبين التذكير بالقرآن ، والسخرية من القرآن وإضحاك الناس على آيات الله – سبحانه وتعالى - .
كان أحد السلف يقول : لا تأتوني بمَثَل إلا جئتكم به من القرآن , فقال أحدهم : ما تقول في هذا المثل : (أعطه ثمرة فإن لم يقبلها فأعطه جمرة) فقال : هو في قوله تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا " [طه: 124] .
فشتان بين الحالتين لمن عقل .
تكلَّم وسدِّد ما استطعت فإنما كلاُمك حيٌّ والسكوت جمادُ
فإن لم تجد قولاً سديدًا تقوله فصمتُك عن غير السَّداد سدادُ
" عـلاج الاستهـزاء "
أخي المسلم : اعلم وفقنا الله وإياك – أنَّ لكل داء دواء، وأنَّ الاستهزاء من الأمراض الخطيرة، بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، وهو سبب في ارتداد المسلم عن دينه، ودخوله في زمرة الكافرين والعياذ بالله .
وهناك أسباب قد تُعين بفضل من الله على اجتناب مثل هذا الخُلُق المشين، ومنها :
1- معرفة أن الاستهزاء من كبائر الذنوب، وأن كلمة واحدة كفيلة بإخراج المرء من دينه .
2- مراقبة اللسان، وعدم إطلاق العنان له في كل شاردة وواردة، فيلزم محاسبته والمحافظة عليه، فهو سلاح ذو حدين، إن استُعمل في الخير فهو خير، وبالعكس .
3- الابتعاد – قدر الإمكان- عن مجالس الضحك والهزل وما لا نفع فيه، واستبدالها بمجالس الذكر والخير .
4- تعظيم هذا الدين – وهذا من أهم الأسباب , والقاعدة : أنه متى حصل التعظيم للشيء وقع الاهتمام به .
5- إشاعة حكم الاستهزاء في المجالس ، وبيان خطره وأنه سببٌ عظيم في كفر المسلم وردَّته .
دَع عْنك ذكر فَلانةٍ وفلانٍ واجنب لما يُلهي عن الرحمنِ
واعلم بأن الموت يأتي بغتةً وجميعُ ما فوق البسيطة فان
فإلى متى تلهو، وقلبك غافل عن ذكر يوم الحشر والميزانِ
•
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
••
•
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ
سُبْحَانَ اللَّهِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاللهُ أَكْبَرُ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ،
وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،
كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ،
وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ،
وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ،
وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،
كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ،
وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،
فِي الْعَالَمِينَ
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ
الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ،
الحَيُّ القَيُّومُ،
وَأتُوبُ إلَيهِ
حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
حسبنا الله
ونعم الوكيل
نعم المولى
ونعم النصير
اللَّهُمَّ انصر واعز الاسلام والمسلمين
واعلي بفضلك كلمتي الحق والدين
*۞ اللَّهُمَّ إجعل ما كتبناهُ وما قلناهُ وما نقلناه
حُجة ً لنا لا علينا
يوم ان نلقاك *
وأنا مُلْتَمِسٌ من قارئ حازَ من هذا السِّفر نَفْعَاً ألا ينساني بدعوة صالحة خالصة في السَّحَر ، وليعلم أن ما في هذا الكتاب مِن غُنْم فحلال زُلال له ولغيره ، وما كان مِن غرم فهو عَلَى كاهلي وظهري ، وأبرأ إلى الله من كل خطأ مقصود ، وأستعيذه من كل مأثم ومغرم .
فدونك أيها القارئ هذا الكتاب ، اقرأه واعمل بما فيه ، فإن عجزت فَأَقْرِأْهُ غيرَك وادْعُه أن يعمل بما فيه ، فإن عجزتَ – وما إِخَالُكَ بِعَاجِزٍ – فبطْن الأرض حينئذ خيرٌ لك من ظاهرها .
ومن سويداء قلبي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بما فيه وأن يقوّيَك على العمل بما انتفعت به ، وأن يرزقك الصبر على ما قد يلحقك من عَنَتٍ وأذى ، وأن يتقبل منك سعيك في خدمة الدين ، وعند الله اللقاء ، وعند الله الجزاء
ونقله لكم الْأَمَةُ الْفَقِيرَةَ الى عفو الله ومرضاته . غفر الله لها ولوالديها ولاخواتها وذرياتها ولاهلها ولأُمّة نبينا محمد صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجمعين ويجعلنا من عباده الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَالْمُحْسِنِينَ والْمُتَّقِينَ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ويجمعنا اجمعين فى اعلى درجات الجنة مع نبينا محمد وجميع النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
تحققت الآمال و توفر لهم كل شئ فلم يبق إلا الثناء
وأخيرًا أسأل الله أن يتقبلني انا وذريتى ووالداى واخواتى واهلى والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وامة محمد اجمعين صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاحياء منهم والاموات شهيدًا في سبيله وأن يلحقناويسكنا الفردوس الاعلى من الجنة مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا أسألكم أن تسامحوني وتغفروا لي زلاتي وأخطــائي وأن يرضى الله عنا وترضــوا عنــا وتهتمــوا وأسال الله العظيم ان ينفع بمانقلت للمسلمين والمسلمات
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
آميــٍـِـِـٍـٍـٍنْ يـــآرّبْ العآلميــــن
۞ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَىَ وأَعْلَمُ وأَحكَمُ، ورَدُّ العلمِ إليه أَسلَمُ